نبيلة حسن: الارتجال يساعد الممثل على فصل العناصر ثم دمجها وبنائها مخفيا عناصر الصنعة

نبيلة حسن: الارتجال يساعد الممثل على فصل العناصر ثم دمجها وبنائها مخفيا عناصر الصنعة

العدد 571 صدر بتاريخ 6أغسطس2018

ضمن مجموعة الورش التدريبية، التي تقام ضمن فاعليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ11 دورة الكاتب محمود دياب، في الفترة من 24 إلى 30 يوليو بالمعهد العالي للفنون المسرحية، تنوعت الورش بين السينوغرافيا والإضاءة والمسرح ما بعد الدرامي، والارتجال، وقد حاضرت بورشة الارتجال، د. نبيلة حسن، أستاذ التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية طوال ستة أيام.
في اليوم الأول رحبت د. نبيلة حسن بمجموعة المتدربين المختارين من مخرجي الثقافة الجماهيرية ونوادي المسرح ووضحت أن الارتجال مهارة أساسية في التمثيل وإما أن يكون من خلال نص مكتوب أو غير مكتوب، مشيرة إلى أن مجموعة التدريبات التي يقوم بها المتدربون هي عبارة عن مجموعة مراحل يتعرف منها على مراحل تقدم العمل وما هي خواص كل مرحلة، وبالتالي يمارس الارتجال من الصفر، (بدون معطيات)، بهدف معرفة بنية العمل الدرامي ومتطلبات كل مرحلة، مضيفة أن ذلك له أثر عظيم في تحديد درجة الانفعال المطلوب العمل بها وتسخير كافة وسائله التعبيرية للتعبير عنها.
عبر هذه البنية:
(1) النشاط: الشخصية تقوم بفعل وتواجه صعوبة أثناء قيامها بالفعل
(2) الكشف: المرحلة التي تتكشف فيها ملامح الشخصية للجمهور، والمطلوب من المتدرب إيصال مجموعة من المعلومات دون أي تشويش أو مغالطات تضع الجمهور في حيرة من فهم طبيعة وقصد ونية الشخصية الدرامية، من أنا؟ أين؟ ماذا تفعل؟
(3) الصراع: ويبرز من خلاله وجهة نظر متعددة الرؤى، وقد يكون هذا الصراع مع الذات أو مع المجتمع (اجتماعي – ثقافي – سياسي) أو صراع مع قوى فوق الطبيعة
(4) الأزمة: يؤدي الصراع إلى الوقوع في أزمة الاختيار بين خيارين أو أكثر
(5) الحل: وقد يكون حل الأزمة كوميديا، أو تراجيديا، أو مفتوح
 وتوضح أن مرحلة الكشف تختلف بالضرورة عن مرحلة الصراع والأزمة، فلكل منهما درجة ولون انفعالي مختلف، ومن هنا تأتي أهمية إدراك الممثل لطبيعة البنية التي يتحرك بها وتحديد أهدافه التي يسعى لها.
مضيفة: أن ورشة الارتجال تساعد الممثل على فصل العناصر والتدريب على كل منها على حدة ثم إعادة دمجها وبنائها مرة أخرى حتى يحصل على بناء سليم قادر على اقتحام قلوب المشاهدين بتلقائية وبإخفاء عناصر الصنعة.
تدريب تمهيدي
طلبت من المتدربين المشي عشوائيا في المكان، ثم تطلب من كل متدرب التعبير عن ما يحدث في حالة إذا كان يمشي على الرمل، الماء، الزيت، الثلج، وتشير إلى أهمية استدعاء الصورة الذهنية، والبعد عن (الكلاشيهات)، ومحاولة أعمال الخيال، والتصديق، مؤكدة أن ذات الممثل هي الرقيب، وتستكمل التدريب، المشي على الرمل مرة أخرى في حين درجة حرارته تزداد تدريجيا، وكذلك الزيت الذي تزيد درجة حرارته تدريجيا ثم تهدأ تدريجيا، مؤكدة أن تعبير الوجه لا بد ألا ينفصل عن الإحساس في القدمين، ثم يستكمل المتدربون المشي، في ماء بحر يزداد ويعلو، وتخيل استنشاق نسمة هواء باردة والإحساس بها تدخل إلى الرئتين.

تدريب (2)
نضع كرسيا في منتصف قاعة التدريب، ويمر عليه كل متدرب على التوالي كما لو كان بصدد صورة فوتوغرافية وهو يعترف أو يستكمل المعنى.
• أنا أخاف من.....
 -  ثم يعيد المتدربون نفس الحركة مع تغيير الجملة إلى:
• أنا أحب...... ولكن......
• يارب.....
• يا ولا ال.... يا....
• لا أنا شايف..
تدريب (3)
يتخيل كل متدرب أنه يفتح بابا ويدخل منه، والمطلوب أن يعرّف الشخصية التي يؤديها والمكان الذي دخله.
فأدى مجموعة المتدربين هذا التمرين على التوالي، بشخصيات متنباينة وأماكن مختلفة.
تدريب (4)
الارتجال بين شخصين من خلال فرضيات مختلفة مؤكدة على ضرورة تحقيق المتدربين للعناصر (النشاط، الكشف، الصراع، الأزمة، الحل) منها: -
 -  أحدهما يقدم رشوة لموظف كبير في الدولة
 -  لبّس البوصة تبقى عروسة
 -  إن كبر ابنك خاويه
 -  جاسوس ورجل مخابرات.. إلخ
مؤكدة على أهمية النشاط والصعوبة، وأنه يعطي الفرصة للمتلقي للتعرف على الأزمة، بالإضافة إلى أهمية معرفة المتدرب بما تعتنقه الشخصية التي يجسدها من وجهة نظر.
تدريب (5(
يقوم كل متدرب بسرد حكاية يبرز فيها النشاط والكشف والصراع والأزمة والحل باستخدام خمس كلمات تحددها ليس لها علاقة وثيقة ببعضها البعض.
مثال: استخدم كلما (بلاعة – صرصار – ملاك – فانوس – قرطاس).. الخ

تدريب (6)
مشهد فردي يقوم فيه كل ممثل باختيار شخصية تحدث مجموع (شيخ، رئيس، مدرس، مذيع.. الخ)
وبعض التدريبات لتعريف المتدربين بما تعنيه الأزمة.

تدريب (7)
يمر المتدربون على التوالي كما لو كان بصدد صورة فوتوغرافية وهو يستكمل المعنى.
• إذا كان.... يبقى....
 -  ثم يعيد المتدربون نفس الحركة مع تغيير الجملة إلى:
• إما...... أو....
 -   وهكذا عدة مرات مع تغيير المتدربين والجمل شرط أن تكون معبرّة عن مرحلة الأزمة

تدريب (8)
ارتجالات فردية، حيث يقدم كل متدرب مشهدا يعبر فيه عن العناصر السابقة، ثم تفتح حوله النقاش إذا ما كان استطاع تحقيق هذه العناصر داخل المشهد من عدمه.
 -  وتناوب المتدربون عرض مشاهدهم على التوالي، بينما هي تبدي ملاحظاتها على كل مشهد مؤكدة أن الخطأ مطلوب في التدريب، فالورشة فرصة للمتدربين ليتعلموا من أخطائهم، وأن التمرين ليس الهدف منه اضحاك الجمهور، بقدر ما هو تحقيق العناصر السابقة.


تدريب (9)
مطاردة كلامية
قسمت المجموعة إلى ثنائيات ووزعت عليهم ادوارا متباينه، كمدير وسكرتيرة، وبائع وزبون، وأب وابنته... إلخ، وطلبت من كل اثنين الاتفاق على مشهد مناسب يحققان من خلاله عناصر النشاط والكشف والصراع والازمة والحل، عن طريق المطاردة الكلامية (الجمل القصيرة السريعة المعبرة).

 -  ثم عرض المتدربون مشاهدهم على التوالي، في حين تبدي ملاحظاتها على كل مشهد، وتترك الفرصة أيضا لباقي المتدربين في ابداء رأيهم إلى أي مدى حقق المتدربان ما طلب منهما.

وطلبت من كل متدرب أن يعدّ مشهدا للغد مع أحد زملائه يعبر عن سوء تفاهم (بمعنى أن يتحدث أحدهم عن شيء، في حين يتحدث الآخر عن شيء آخر)، وأن يعدّوا أيضا مشاهد معبرة عن مكانين في مكان، (بمعنى أن يستخدم أحدهم مكانا معينا في شيء، بينما آخر يستخدمه في شيء مختلف).


وفي اليوم الأخير عبرت عن سعادتها بوجودها مع مجموعة المتدربين بالورشة طوال ستة أيام، ودعت الجميع للتواصل معها بشكل خاص، ومع المؤسسة التي تقام الورشة داخلها (المعهد العالي للفنون المسرحية) التي تستحق دورا أكبر بكثير مما تلعبه، وطلبت من جميع المتدربين عمل توصيات بخصوص هذه الورشة، يوضحون فيها وجهة نظرهم تجاه ما لمسوه من هذه الورش ضمن فاعليات المهرجان، وكيفية تطويرها في العام القادم، لتحقق فائدة أكبر، ولكي تستشعر إدارة المهرجان أهمية استمرار هذا المجهود من عدمه.

ضوابط ومعايير إقامة ورشة تعبير درامي
وحول الضوابط والمعايير لإقامة ورشة تدريبية، وضحت أن الهدف من أي ورشة ليس القهر الذي يشعر المتدربين بضعفهم، فقد تجد الطالب فاقدا لكرامته بسبب تأله مدربه، وحينها يفقد الثقة، مؤكدة على ضرورة بناء جدار من الثقة حتى لا يخشى المتدرب التعبير، مضيفة أن الخطأ ليس هاما، فالخطأ وسيلة من وسائل التعلم، وأن حالة التعامل البسيط مع أخطاء المتدربين التي تتيح للمتدرب التغلب على الإحساس بالفشل إذا أخطأ، لافته إلى أنه لا يجوز للمدرب تفضيل أحد المتدربين على غيره بدرجة تباين شديدة، فالورشة من الضروري أن تمثل للمتدرب لحظة عشق/ تقابل عشاق، وليس مقابلة بين جلاد ومحكوم عليه.
مبرزة أهمية التوازن بين المدح والذم، بل من الممكن للمدرب ألا يمدح ولا يذم، حتى لا يصنع المدرب رقيبا على المتدرب، ومن ناحية أخرى وجهت نصائحها للمتدربين، بألا يضع المتدرب نفسه في حالة الإرسال بديلا عن المعايشة التلقائية (التخرين والإرسال)، وشجعت على الموضوعية لا سيما وأننا في مجتمع لايجيد التفكير، بل يعلق فشله وأخطاءه على (شماعات) الظروف وغيرها، في حين أنه يمكن إيجاد مخارج وحلول أخرى، بقصد الحث على أن يعتاد كل متدرب على مواجهة نفسه ومشكلاته بموضوعية، وأن تحرر المجموعة وتجعلها قادرة على الحديث بموضوعية، ليتحدث كل منهم بصدق عما داخله، فصناعة إنسان ناجح يؤدي لصناعة جيل ناجح وهذا أهم من صناعة عرض ناجح.
مهمة المدرب
وتستطرد مؤكدة أن مهمة المدرب التعليق ورصد ما حدث وليس إطلاق الأحكام والتسلط، والدفع في اتجاه كل ما هو متجدد وما يثير دوافعهم، ليعملوا بشكل أكثر حيوية، بتخيّر الموضوعات التي تمس الشباب كالحرية والثورة لا سيما وأن لدينا أزمة في مناقشة الحرية التي غالبا ما تكون من وجهة نظر أحادية، وأن مجموعة العمل أيضا منوطة بالرصد والتحليل ومحاولة تكوين وجهة نظر والتعلم من خطأ الغير.

أسس إقامة ورشة تعبير درامي
ثم انتقلت للحديث حول اسس إقامة ورشة تعبير درامي، مركزة على أهمية:
(1)  أن يكون موقع المدرب داخل اللعبة، وليس مراقبا عن بعد، لأن هذا له أثره، كما وضحت سابقا، في إحساس المتدرب بالرقابة وهو غير محمود، وعلى أهمية اللعب بالزمن والفراغ بعمل بعض التمرينات متنوعة الإيقاعات واستخدم فضاء التدريب بأشكال مختلفة لتحقيق حالة تواصل متجددة بعيدا عن الرتابة.

(2)  اختيار الموضوعات المعاصرة التي تهم شريحة المتدربين.
(3)  إشارة البدء ونقطة الانطلاق، التي من الضروري أن تكون بسيطة وسريعة مفجرة للطاقة.
(4)  الدفع بدم جديد، يزيد من حيوية الورشة.

مراحل الورشة
 - وعن مراحل الورشة تضيف:
(1) نقطة الانطلاق، التي تكون بالإحماء الذي يؤدي للشحن، سواء كان هذا الإحماء شديدا أو هادئا، شرط أن تتدرج التمارين من السهل للصعب.
(2) الاسترخاء، ويكون حسب تقييم المدرب للجهد في مرحلة الإحماء.
(3) التعبير.
 -  ثم بدأت بعد ذلك بمجموعة التدريبات لليوم الأخير أبرزها.

تدريب (10)
طلبت من المتدربين تخيل صورة ذهنية أثناء حركة المجموعة بشكل عشوائي في المكان، وأن يصف كل متدرب الصورة الذهنية التي يراها كما لو كانت حقيقية.
 -  يبدأ المتدرب بجملة: شايف.. شايف.. شايف
المجموعة: شايفين إيه؟
(ويبدأ في وصف الصورة)
واثناء التمرين تقوم بتغيير ايقاع المشهد متنوعا بين
(1) المشي بطيئا.
(2) المشي سريعا.
(3) المشي بطيئا جدا.
(4) المشي على طريقة شارل شابلن.. إلخ.

تدريب (11) (كرة الاتهام)
ما زالت المجموعة تتحرك عشوائيا في المكان، والمطلوب أن يلقي شخص لزميله الكرة ويتهمه اتهاما يضعه في حالة حرج، بينما الشخص الثاني يقبل الاتهام ويتكيف معه بل ويصيغ وجهة نظر المتهم في التهمة ودوافعه لهذا الفعل. وهكذا يلقي المتهم بدوره الكرة لمتدرب آخر وتهمة جديدة.
لافتة إلى أن هذا التمرين غير مناسب للأطفال والطلائع، ولكنه يخص شريحة سنية معينة.
وفي الختام، قدم مجموعة المتدربين المشهدين المطلوبين في اليوم السابق.
 

 


عماد علواني