وداعا حازم.. إلى لقاء

وداعا حازم..  إلى لقاء

العدد 569 صدر بتاريخ 23يوليو2018

قبل شهور كنت أخطط للمشاركة في أعمال مؤتمر الفيدرالية الدولية للبحث المسرحيIFTR في بلجراد، ومما شجعني على المشاركة وجود صديقي وزميلي الدكتور حازم عزمي هناك، لكن خططي فشلت لظروف تخصني. الغريب أنه ألح علي تلك المرة بشكل غير معتاد، لكن يشاء القدر ألا أرافق صديقي حازم عزمي في رحلته الأخيرة.
سافر حازم عزمي الأسبوع الماضي مشاركا في أعمال الفيدرالية الدولية للبحث المسرحي مثلما شارك مرات كثيرة من قبل كمنسق مساعد لمجموعة بحث المسرح العربي. لكنه هذه المرة حمل معه إلى بلجراد آلاما وشجونا أثقلت قلبه.
عرفت حازم في بداية التسعينات.. بدايتنا، حيث عملنا سويا في هيئة تحرير نشرة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. وعلى الرغم من اغترابي عن مصر لأكثر من عقدين من الزمن، استمرت صداقتنا وزمالتنا. وفي الأيام التي كنت أقتنصها لزيارة مصر، كان الحديث لا ينتهي بيننا.
ربما كان أشد ما كان يؤلم حازم الإنكار والإقصاء المتعمد، كان يرى أنه تم إقصاؤه وأنه حوصر بشكل أو بآخر، لدرجة أنه قال لي في واحدة من محادثاته الأخيرة ما آلمني كثيرا: «لا تقترب مني كثيرا لكي لا تُحسب في زمرة المغضوب عليهم!» بطبيعته كان يتجنب الصراعات وخصوصا ما لا طائل تحته. كان شديد الثقة والاعتزاز بنفسه ومبادئه.
وعلى الرغم من حبه الشديد لوطنه وإيمانه بقدرات ومواهب أبناء هذا الوطن، فإنه كان في أواخر أيامه غاضبا ومتشائما من واقع المؤسسة الثقافية المريض. كان يرى - مثله مثل كثيرين - أن المثقف الجاد صاحب الرؤية يتوارى مجبرا ليفسح الطريق أمام حملة المباخر والطبول ولاعبي الأكروبات الثقافية. كان يمقت بالتأكيد صنوف المدعين والأفاقين كأي مثقف يحترم نفسه وعلمه.
كان يرى وبوضوح تلك الهوة التي تتسع بيننا والعالم المتقدم.
وقال لي: «أصبحنا بنحاور أنفسنا كعرب لأننا فقدنا أي تواصل حقيقي مع تطورات المشهد المسرحي الدولي».
ورغم غضبه وسخطه على ما يعتور الواقع المصري من تناقضات، فإنني كنت ألمس دائما في كلماته نبرة قوية تنضح بالغيرة على مصر وشعوره بالأسى والأسف جراء تراجع دورها في المحافل الدولية والإقليمية.
كان الراحل حازم يسعد ويبدي حماسا صادقا لكل موهبة حقيقية تصادفه سواء على مستوى الإبداع أو النقد، ولا يبخل أبدا بكلمات الثناء والإطراء دونما إفراط.
برحيل حازم عزمي خسر المسرحيون في مصر والعالم العربي مثقفا من طراز رفيع، ساهم بجهده في مجالات عدة وكان وجها مشرفا لمصر في محافل دولية كثيرة.
أما أنا وعلى المستوى الشخصي، فقد خسرت صديقا عزيزا ورفيقا من رفاق الدرب، طالما اتفقنا واختلفنا، لكنني بقيت وأبقى دائما أكن له كل التقدير والمودة.
ويظل اسم حازم عزمي دائما أهلا لكل التقدير، مستحِقا لكل التكريم.


سباعي السيد