الحادثة كوميديا سوداء عن الحب والسياسة

الحادثة كوميديا سوداء عن الحب والسياسة

العدد 563 صدر بتاريخ 11يونيو2018

في إطار فعاليات الإحتفال بشهر رمضان المبارك افتتح البيت الفنى للمسرح، العرض المسرحي “الحادثة” على مسرح الغد بالعجوزة العرض الحائز على العديد من الجوائز كأفضل إخراج وأفضل ممثلة وأفضل ممثل وأفضل دراما حركية وأفضل إضاءة ضمن فاعليات مهرجان نقابة المهن التمثيلية في دورته السابقة.
الحادثة مسرحية اجتماعية سياسية مصاغة بأسلوب الكوميديا السوداء كما يصفها مؤلفها لينين الرملي ...وترصد علاقة الرجل بالمرأة من خلال سيرة الحب والوضع الاجتماعي والسياسي .” الرملي “ في هذا النصيكشف عن الوجه الحقيقي لعلاقة الجنسيين فيمجتمعاتنا العربية. وهو وجه مريض تكسوه بثور الأنانية والتسلط وحب التملك من ناحية، وبثور العجز والإحباط والكراهية والخوف من الناحية الأخرى. ولا تقتصر آثار هذه العلاقة المرضية في الحياة الشخصية فقط بل تمتد إلى المجتمع وتلوث مؤسساته جميعها ،كما يقول بعض النقاد أن الطريق إلى الإصلاح السياسي والديمقراطي واحترام حقوق الإنسان يجب أن يبدأ بالعلاقة الإنسانية أي علاقة الرجل والمرأة كقطبي المجتمع .
استطاع عمرو حسان أن يقدم عرضا متماسكا وقويا دون الانفصال عن فكرة النص ورؤية الكاتب  الأصلية ربما كانأكثر تركيزا على الفكرة من خلال إعداده الجيد للنص ، بدأ العرض بمشهد سينمائي لحياة الفتاة بطلة العرض التي تخرج كل يوم من منزلها البسيط في رحلة ذهاب للعمل والعودة منه ليلا في وقت متأخر كالكثيرات من الفتيات اللائي تجبرهن الحياة على التضحية من أجل أسرهنراصدا كم المضايقات التي تتعرض لها في الشارع ومتابعة أحدهم لها وحمايتها إن لزم الأمر حتى ينتهي الأمر باختطافها ؛ليبدأ العرض على خشبة المسرح من هنا ؛ فنجد البطلة والبطل معا تصحو بعد انتهاء مفعول المخدر لتجد نفسها في بيت مظلم حبيسة  في مواجهة هذا الشاب الذي اختطفها والذي نكتشف أنه مريض نفسي متعدد الشخصيات بداخله صراع بين شخصية شريرة وهمجية وأخرى ضعيفة وثالثة بلا رأى ، يحاول اقناعها بأنه يحبها ويريدها زوجة له فتارة يقسو عليها وتارة يحنو بحسب صراع الشخصيات داخله  تحاول الهرب فيمنعها  وتحاول أن تدفعه لكرهها ليتركها تخرج بلا فائدة ، ثمتحاول اقناعه بأنها تحبه وتوافق على الزواج منه  كى تهرب وفي اليوم المقرر لخروجها يمنعها فتضطر في النهاية أن تلقي بالمفتاح من النافذة ليظلا حبيسان معا  تصاب باللوسة مثله وينهار الشاب عندما يشعر بالعجز فيتجرد من كل قدرته على الفعل. النص يؤكد أن الحب لا ينبت في الأسر ولا يحيا في تربة غير صالحة لانباته ولا ينمو بين جدران ضيقة وبغير الصراحة والوضوح لا تدوم المسيرة بين عنصري الحياة الرجل والمرأة ،ولا يولد الحب ويحيا إلا إذا كان حرا تماما .
الأداء التمثيلي كان البطل الأول للعرض قدمت ياسمين سمير في دور الفتاة أداءا متميزااستطاعت من خلاله الاحكام علي الشخصية من أول العرض لآخره  ممثلة تمتلك كل مقومات النجاح هى وبطل العرض مصطفي منصور الذى برع في تجسيد شخصيه المريض النفسي الذي تتصارع داخله ثلاث شخصيات تختلف كل منهم عن الأخرى وتميز أداؤه رغم ذلك بالهدوء والاتزان  كلاهما لديهما مقومات النجاح  قادران على الالمام بتفاصيل الشخصية والتعايش معها وبذل الجهد المناسب لاقناع الجماهير بما يقدمان  فلم يكن من الصعب حصولما على جائزة أفضل تمثيل  لأنهما يستحقان ذلك عن جدارة  .أماريهامأبو بكر التي أدت مشهدا وحيدا لفتاة الليل لكنها نالت استحسان الجمهور بعد ان أضافت لمحة كوميدية لها مذاقها الخاص تدل على قدرتها العالية في التمثيل أيضا .
كذلك لعبت الدراما الحركية لمصممها محمد علي بكر دورا كبيرا في  رسم الصراعات الداخلية للشخوص  أمام المشاهد كصورة حية لما يدور داخل أذهان أبطال العرض وكان الراقصون مبدعين في التعبير عن الأشباح التي تتصارع بعقل الفتاة  وكذلك الاضاءة الجيدة للعرض التي صممها عز حلمي بكفاءة وحرفية وأضافت إلى العرض  ملامحا أكثر دقة لأنهتعامل مع الحدود النفسية للشخوص .. بينما جاء ديكور العرض  كان عبارة عن منظر واحد  لبهو الفيلا التي يعيش بها البطل واستغل المخرج كل جزء في الديكور والاكسسوار أثناء العرض ليصنع ايقاعا رائعا وسريعا جذب انتباه المشاهد لكل تفاصيل العرض ،
الحادثة بطوله ياسمين سمير و مصطفي منصور و ريهام ابو بكر وعمرو عثمان ، محمد فوكس وعمرو أحمد،  و عمر أحمد ، وأحمد سيد ، ديكور محمد فتحي واضاءة عز حلمي واعداد موسيقى محمود صلاح وتصميم دراما محمد علي بكر ومكياج اسلام عباس ومخرج فيديو شادى احمد ومساعد مخرج مجدى طلبه ومخرج منفذ اسلام بشبيشي وتاليف لينين الرملي واخراج المخرج الصاعد بقوة عمرو حسان والذي حصل على جائزة أفضل مخرج عن هذاالعرض ، فهنيئا له وكل فريق العرض  وفي انتظار أعماله القادمة.
 


عفت بركات