سابينا بيرمان: يمكننا أن نتخيل

سابينا بيرمان: يمكننا أن نتخيل

العدد 553 صدر بتاريخ 2أبريل2018

سابينا بيرمان غولدبيرغ (ولدت بمدينة مكسيكو سيتي، 21 أغسطس 1955) وهي كاتبة وصحفية، وتعتبر بيرمان الكاتب المسرحي المعاصر الأكثر نجاحا في المكسيك، وواحدة من أكثر الكتاب الأحياء إنتاجا في اللغة الإسبانية، وتتناول بيرمان في كتاباتها بشكل رئيسي مع القضايا المتعلقة بالتنوع ومعوقاته، عبر أسلوب يميل نحو الفكاهة وعدم الثقة في الخطاب الرسمي وفي الواقع، الحاجة إلى تجاوز كل من حدود اللغة والجنسية. حصلت بيرمان أربع مرات على جائزة National Playwriting Award في المكسيك، وقد فازت مرتين بجائزة National Journalism (Premio Nacional de Periodismo). تم عرض مسرحياتها في كندا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا. ترجمت روايتها، (Me La mujer que buceó en el corazón del mundo) إلى 11 لغة ونشرت في أكثر من 33 دولة، بما في ذلك إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإنجلترا.
ولدت بيرمان في مستشفى Español في مكسيكو سيتي، تميزت بداية حياة برمان بهجرة والديها إلى المكسيك، وهما من يهود بولندا، فقد والدها، الصناعي إنريكي بيرمان، جميع أفراد عائلته في الحرب العالمية الثانية ووالدتها هي المحلل النفسي راكيل غولدبيرغ، ونشأت مع شقيقين وأخت واحدة، كانت عضوا في الفريق الوطني للتنس للشباب في المكسيك. درست علم النفس والأدب المكسيكي في جامعة Iberoamericana.
في عام 1979، شاركت في تأليف La tía Alejandra، فيلم رعب من إخراج Arturo Ripstein. وقد مُنِح سيناريوها في فيلم Premio Ariel، وفي عام 1995، شاركت في إخراج فيلم Entre Pancho Villa y una mujer desnuda مع إيزابيل تاردان. كما كتبت وأنتجت فيلم Backyard، الذي مثل المكسيك في جوائز الاوسكار 2010، وفي عام 2014، كتبت فيلم «غلوريا»، وهو سيرة ذاتية للمغنية المكسيكية غلوريا تريفي، أخرجه كريستيان كيلر الذي رشح فيلم «بريميو آرييل» لأفضل سيناريو أصلي، شهد شهر نوفمبر 2015 العرض الأول لفيلمها الأخير، Macho، من إخراج أنطونيو سيرانو، ألّفت السيناريوهات السينمائية لأفلام «تاريخ الحب» للفونسو كوارون والضوء لأليخاندرو غونزاليس إيناريتو.
ومن بين مسرحياتها Pancho فيلا وامرأة عارية، الموت المفاجئ، موليير، فرويد التزلج، eXtras (التكيف) وTestosterone. وقد تم عرض أعمالها في كوستاريكا وبيرو والبرازيل وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين وإسبانيا، ترجمت روايتها، (Me La mujer que buceó en el corazón del mundo) إلى 11 لغة ونشرت في أكثر من 33 دولة، بما في ذلك إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإنجلترا، أحدث كتاب لها بعنوان «إله داروين»، يعيد النظر في بطل الرواية لي ليغمرها في فيلم إثارة رائع عن النضال من أجل إرث داروين، شاركت في إنتاج البرنامج التلفزيوني شلالا بالاشتراك مع كاتيا داريتيج، التي تم بثها على قناة Televisión Azteca، تستضيف حاليًا برنامج Berman: Otras Historias الذي يعرض يوم الأربعاء في الساعة 9:30 مساء على ADN40.
فلنتخيّل: ترمي القبيلة أحجارا صغيرة لإسقاط الطيور من السماء، في الوقت الذي يهجم فيه ماموث عملاق داخلا في المشهد ويزأر بشدة، وفي اللحظة نفسها يزأر إنسان صغير مقلّدا الماموث، ثم يهرب الجميع.
هدير الماموث ذلك الذي نطقت به الأنثى البشرية - أود أن أتخيل أنها كانت امرأة - هو أصل ما يجعلنا الأنواع الحية التي نحن عليها اليوم، نوع حي قادر على تقليد ما لسنا عليه، نوع حي قادر على تمثيل الآخر.
لنقفز عشر سنوات أو مائة سنة أو ألف سنة إلى الأمام، تعلمت القبيلة كيف تقلد الكائنات الأخرى: في أعماق الكهف وعلى ضوء النار الخافت، يلعب أربعة رجال دور الماموث بينما تلعب ثلاث نساء دور النهر، ويلعب الرجال والنساء الآخرون دور الطيور وحيوانات البونوبو والأشجار والغيوم: تمثّل القبيلة طقوس الصيد في الصباح، وبذلك يلتقطون الماضي بمواهبهم المسرحية، والأكثر إثارة للدهشة هو أن القبيلة حينها تخترع سيناريوهات محتملة للمستقبل وتكتب الطرق الممكنة لقهر الماموث، عدو القبيلة.
ثم تتطور أصوات ذلك الهدير والتصفير والتمتمة - المحاكاة الصوتية التي شكّلت مسرحنا الأول – لتصبح لغة لفظية، وتتطور اللغة المنطوقة لتصبح لغة مكتوبة، وفي المسار الآخر يتطور المسرح ليصبح شعيرة ثم سينما.
ولكن بمحاذاة هذه الأشكال الأخيرة وفي أصل كلٍّ منها، يستمر وجود المسرح دائما ليكون أبسط شكل من أشكال التمثيل، بل الشكل الحي الوحيد للتمثيل.
المسرح: كلما كان أبسط، كلما ربطنا بحميمية أكثر بالمهارة البشرية الأكثر مدعاة للإعجاب، ألا وهي تمثيل الآخر.
اليوم وفي كل مسارح العالم نحتفل بهذه المهارة البشرية المجيدة وهي الأداء، نحتفل بالتمثيل، وبالتالي نحتفل بالتقاط ماضينا - وابتداع سيناريوهات محتملة للمستقبل يمكن أن تجلب للقبيلة مزيدا من الحرية والسعادة.
ما هي حيوانات الماموث التي يجب القضاء عليها اليوم من قبل القبيلة البشرية؟ من هم أعداؤها المعاصرون؟ وهذا المسرح الذي يطمح ليكون أكثر من مجرد ترفيه، ما الذي يجب أن يمثّله؟
بالنسبة لي، أعظم ماموث هو غربة القلوب البشرية، وفقدان قدرتنا على الشعور بالآخرين، على الشعور بالتعاطف مع إخواننا من البشر ومع الأشكال الحية غير البشرية.
يا لها من مفارقة! اليوم، وعلى ضفاف الشواطئ الأخيرة للإنسانية – للحقبة الأنثروبوسينية - وفي العصر الذي أضحت فيه الكائنات البشرية هي القوة الطبيعية التي غيرت كوكب الأرض أكثر من غيرها وستستمر في القيام بذلك، أصبحت مهمة المسرح - في رأيي - عكس المهمة التي جمعت القبيلة عندما تم أداء المسرح في الجزء الخلفي من الكهف: اليوم، يتوجب علينا إنقاذ ما يربطنا بالعالم الطبيعي.
أكثر من الأدب وأكثر من السينما، يتناسب المسرح - الذي يتطلب حضور البشر أمام غيرهم من البشر - بشكل رائع مع مهمة إنقاذنا من التحول إلى خوارزميات وإلى تجريدية خالصة.
لنقم بإزالة كل الزوائد عن المسرح، لنجرّده ونتركه عاريا، لأنه كلما كان المسرح أبسط، كلما ذكرنا أكثر بالشيء الوحيد الذي لا يمكن إنكاره: أننا موجودون في الوقت المناسب، أننا موجودون الآن فقط تكسونا هذه الأجساد وهذه العظام وتنبض قلوبنا في صدورنا، أننا نحن الزمان والمكان، ولا أكثر من ذلك.
فليحيا المسرح، الفن الأكثر قدما، فن الوجود في الحاضر، الفن الأكثر إدهاشا، فليحيا المسرح.
 


ترجمة: حصه الفلاسى