درس عمومي المسرح يحاكم الارهاب الفكري

درس عمومي المسرح يحاكم الارهاب الفكري

العدد 550 صدر بتاريخ 12مارس2018

نص المسرحية مستوحى من مسرحيتي “طرطوف” لموليير، و “الدرس” ليوجين يونسكو، وذلك في توليفة مسرحية جعلها الكاتب والمخرج الدكتور زين الدين تحاكي بعض النفوس المريضة الجانحة نحو الجريمة واستغلال الدين من اجل الجنس والاستملاك والثروة . وقد ساعد الدكتور زين الدين في الإخراج الفنانتان مروة قرعوني وسوسن وهبي (كما اشتغلتا على هندسة الاضاءة والصوت).
الحبكة تروي حكاية أستاذ تعليم (لعب الدور علي حسام الصباح الذي ألبسه المخرج ثوبا أسود وكأنه إشارة الى معلمي الإرساليات الأجنبية) ومساعدته الخادمةالتي تخفي معالم أفعاله وأعماله وتجد المخارج لجرائمه (الممثلة سالي فواز التي قدمت امكانيات تمثيلية باهرة في خطواتها المسرحية وحضورها في الشخصية المرسومة لها.
أما الشخصيتان الضحيتان، المغلوب على أمرهما، فهما سيدة القصر (لعبت الدور الممثلة زينة الحريري وتميزت بأداء جيد وخامة صوتية متميزة) والتلميذة (الممثلة فرح كردي) التي حازت على إعجاب الحضور بتلقائية الأداء عندها وعفويتها في لبس الشخصية والتعامل معها..
لا نريد الغوص كثيرا في التفاصيل، لكن هذا العرض دفعنا إلى إثارة تساؤلات كثيرة حول هويته الفعلية، هل ينتمي الى المسرح التجريبي أو الاختباري؟ وخصوصا أن أداء الممثل علي الصباح كان يحملنا الى المدرسة اللبنانية المعروفة بمدرسة منير أبو دبس، حيث الممثل يؤدي دوره عبر صوت أجش ينبع من أعماق روحه.
اللافت عند الممثلين الأربعة، قدرتهم الكبيرة في التعبير عبر عيونهم، العيون تشارك في الأداء، تبحلق، تنبض قلقا، تخاف، تترجى،وتطل وتلمع من تحت الستار في نهاية العرض.
بعد مشاهدة العرض تخلص الى الأسئلة التالية:
- هل العرض هو “فرجة مسرحية” كما أعلن الدكتور هشام خلال الافتتاح؟
 ودار الحديث حول مفهوم “ الفرجة” وما هي شروطها كمصطلح يستخدمه المسرحيون.
- شخصية المعلم، هل ترمز إلى رجل دين؟ إذا لا، لماذا لبست الثوب الاسود مع القبعة، إضافة الى بعض ما ورد في الحوارات من عبارات دينية.
 - شخصية الخادمة، هل ترمز الى عسكريتاريا ما، أم أن بنطال الممثلة المرقط الذي لبسته خلال الافتتاح جاء صدفة، اي مع الموضة الدارجة لدى النساء ..
- أين هو موليير من العمل؟ ولماذا لم يلبس المعلم وخادمته ثيابا تهريجية مزركشة مثلا، لاضفاء الطابع الهزلي “المولييري” على الشخصيتين بدل تلك القساوة في التعبير التي اتعبت الممثلين كتيرا ..
السؤال الأكثر إلحاحا، كان حول حبكة النص التي لم تظهر للمشاهد السبب الحقيقي وراء عمليات القتل الهمجية البشعة للتلميذة، هل هو درس الحساب، أم درس التاريخ الذي لا يخلو من تلك الجرائم الإرهابية .. - أخيرا، كان يمكن أن تختم المسرحية بتعليق التلميذة على عامود سادس يضاف الى الأعمدة الخمسة الموجودة في خلفية المسرح، يكفي ان نكشف وجود الضحايا المعلقة داخل تلك الأعمدة، دون حاجة الى احضار ثيابهن وارهاق الممثلة بحمل تلك الثياب، لكن الأرجح أن المخرج يريد من جراء هذا المشهد تحميل تلك التلميذة التاريخ الأسود الذي سبقها لتنضم ايضا إلى ضحايا هذا الارهاب والموت .
أخيرا، هذا العمل، سيتطور كثيرا، أنا اتوقع ذلك، رغم ضعف الانتاج.، اذا لم نقل عدمه، لأن العمل يمول نفسه من جيوب العاملين فيه، دون أي إلتفاتة مسؤولة لدعم واستهاض هذا المسرح الناشئ، العمل سيستمر، وأتوقع أن يحصد جوائز عديدة في شارك في مهرجانات خارج لبنان ..نظرا للامكانيات الكبيرة التي قدمها الممثلون وفق الرؤية الإخراجية المرسومة له.


يوسف رقة