محمد متولي «ميتو» الذى رحل

محمد متولي «ميتو» الذى رحل

العدد 548 صدر بتاريخ 26فبراير2018

الفنان القدير محمد متولي والذي رحل عن عالمنا يوم السبت الموافق 17 فبراير (2018) - أثر تعرضه لأزمة قلبية (حيث كان يعاني من السكر وتضخم في عضلة القلب) - فنان حقيقي وأخ أكبر وصديق عزيز ليس بالنسبة لي فقط ولكن لعدد كبير جدا من الفنانين، فقد تميز رحمه الله بخفة ظله وطيبة قلبه كرمه وحبه للحياة وحرصه على الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الصداقات. واسمه بالكامل محمد محمود متولي، وهو من مواليد مدينة “شبين الكوم” بمحافظة “المنوفية” في 11 مارس عام 1945،
انتقل خلال فترة الداراسة الجامعية للإقامة بمدينة «الإسكندرية» حيث التحق بكلية «دار العلوم»، وذلك قبل استقراره بالإقامة في مدينة «القاهرة» بعد ذلك، وبعد تخرجه في كلية «دار العلوم» أصر على صقل موهبته وهوايته للتمثيل فالتحق بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد «العالي للفنون المسرحية»، ليتخرج فيه ويحصل على درجة البكالوريوس عام 1979، وذلك ضمن دفعة ضمت عددا من الموهوبين من بينهم الفنانون: مي حسين عبد النبي، عبد السلام الدهشان، رضا حامد، مها عثمان، محمود الحفناوي، محمد جبريل، محمود زكي، لبنى محمود.
وأثناء فترة دراسته الجامعية أتيحت له فرصة اكتساب خبرات مسرحية متميزة، وذلك ليس فقط من خلال مشاركته بعروض «المسرح الجامعي» فقط، ولكن أيضا من خلال مشاركته في تجربتين متميزتين، الأولى عام 1969 حينما شارك المخرج الراحل د. هناء عبد الفتاح - كمخرج منفذ وممثل لأحد الأدوار الرئيسية - تجربته المهمة لتقديم رائعة الكاتب يوسف إدريس «ملك القطن» في بيئة طبيعية بقرية «دنشواي» وهي التجربة التي اعتمد فيها د. هناء عبد الفتاح على الخامات الطبيعية وعلى اختيار بعض أبناء القرية وتدريبهم على التمثيل، ومن بينهم على سبيل المثال: بعض الفلاحين وعمال الترحيلة وترزي وبائعة فول سوداني وسمسار وتمرجي وطالبة مهجرة من بورسعيد ومقيمة بالقرية. أما التجربة الثانية للفنان محمد متولي فكانت من خلال مشاركته بالتمثيل في العرض الرائع «البعض يأكلونها والعة» الذي قام بإخراجه الفنان القدير د. هاني مطاوع لفريق «منتخب التمثيل بجامعة القاهرة» عن نص الكاتب المتميز نبيل بدران عام 1972، وهو العرض الذي شاركه البطولة فيه نخبة من الفنانين الذين احترفوا الفن بعد ذلك، ومن بينهم الفنانون: مخلص البحيري، سامي صلاح، حياة الشيمي، طلعت فهمي، عنايات فريد.
وقد بدأ مسيرته الفنية الاحترافية منذ بدايات سبعينات القرن الماضي، وكانت أول أعماله في السينما هي فيلم: «خلي بالك من زوزو» عام 1972، ليشارك بعدها في عشرات الأعمال ما بين السينما والمسرح والتلفزيون، وهو ممثل حقيقي اتسم أداؤه بالطبيعية الذي نصفه غالبا باستخدام مصطلح: «الأداء السهل الممتنع»، ويحسب له خلال مسيرته الفنية براعته في تجسيد شخصية «الشرير الظريف» الذي يتميز بخفة الظل دون أداء مبالغ فيه أو انفعالات مفتعلة. ولعل ذلك قد تكشف بقوة في دوره «زينهم» الذي جسده بفيلم «سارق الفرح»، ويعتبره الجميع ممثلا موهوبا للغاية، ومن أهم أدواره الأخرى التي يتذكرها الجمهور دور «خوليو» صديق البطل في الفيلم الشهير «سلام يا صاحبي» مع الفنانين عادل إمام وسعيد صالح وسوسن بدر، كذلك دوره مع الفنان أحمد حلمي (ميمي) بفيلم «مطب صناعي، الذي جسد فيه شخصية المعلم الكبير إسماعيل أحد ملاك الأراضي الزراعية الذي يتاجر في بعض الأصناف الزراعية، وحينما قال له إنه لا يستطيع أن يفعل شيئا ظل يعانده وفعل ما يريده. ومن أبرز أعماله السينمائية الأخرى: تجيبها كده تجيلها كده هي كده، طالع النخل، الإمبراطور، يا تحب يا تقب، كارت أحمر، سارق الفرح، عزبة آدم.
كذلك تعددت أعماله التلفزيونية المتميزة التي حققت له مزيدا من الانتشار، ولعل من أهم تلك الأعمال تلك المسلسلات التي شارك ببطولتها مع الثنائي الفني المتميز الذي ضم المخرج إسماعيل عبد الحافظ والكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، حيث ربطت الكيمياء الإنسانية والفنية بينه وهذا المؤلف القدير، فشارك بأداء بعض الأدوار الرئيسية بمجموعة من أهم أعماله، ومن بينها: الشهد والدموع (ج1، ج2)، رحلة السيد أبو العلا البشري، ليالي الحلمية (ج1، ج2، ج3، ج4، ج5، ج6)، عصفور النار، الراية البيضا، أنا وأنت وبابا في المشمش، النوة، وما زال النيل يجري، أرابيسك، زيزينيا (ج1، ج2)، المصراوية (ج1، ج2)، أهالينا.
ويمكنني التوقف أمام بعض العلامات المضيئة في مسيرته الفنية، وبالتحديد أمام أبرز الشخصيات التي برع في تجسيدها من خلال الدراما التلفزيونية وعاشت بوجدان الجمهور، ومن بينها على سبيل المثال شخصيات: بسيوني أو بِسة بمسلسل «ليالي الحلمية» أمام القديرة سناء جميل، المحامي مصطفى بطاطا بمسلسل «أرابيسك» أمام الأساتذة صلاح السعدني وسهير المرشدي وكرم مطاوع، مرتضى البشري الذي جسده بمسلسل «أبو العلا البشري» مع الفنانين القديرين محمود مرسي وكريمة مختار، وكذلك شخصية خميس عامر في المسلسل الشهير «زيزينيا» مع الفنانين يحيى الفخراني وأبو بكر عزت ويذكر أن آخر ظهور لمحمد متولي كان في مسلسل «سابع جار»، وقدم من خلاله شخصية أحد سكان العمارة التي تدور داخلها أحداث العمل ويعمل جزارا.
جدير بالذكر أن الفنان/ محمد متولي قد تزوج من خارج الوسط الفنى، حيث تخرجت زوجته أيضا مثله في كلية “دار العلوم”، وأنجبت له ابنتين وكان دائما ما يكرر أن أحلى شيء وهبه الله له في حياتي هو ضحكة بناته. والوحيدة التي أصرت على  احتراف الفن هي ابنته/ سمر متولي، التي تخرجت في كلية “الفنون الجميلة”، ودرست “الجرافيك”، وقد بدأت حياتها كفنانة تشكيلية ولكن سرعان ما نجحت في تحقيق حلمها وطموحها واحترفت التمثيل، بعدما شاركت في عدد من  الورش الفنية للتدريب على التمثيل، وأبرز الأعمال التي شاركت فيها فيلم “كرم الكينج” مع محمود عبدالمغني، ومسلسل “فيفا أطاطا” مع الفنان محمد سعد.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله الفنية طبقا لاختلاف القنوات الفنية (الإذاعة/ المسرح/ السينما/ التلفزيون) وطبقا للتسلسل الزمني كما يلي:
أولا - أعماله السينمائية:
شارك الفنان القدير/ محمد متولي بأداء بعض الأدوار الثانوية المؤثرة في عدد كبير من الأفلام السينمائية التي يزيد عددها عن خمسة وخمسين فيلما، وتضم قائمة أعماله الأفلام التالية: خلي بالك من زوزو (1972)، مدينة الصمت (1973)، سفنكس (1981)، عصابة حمادة وتوتو، تجيبها كده تجيلها كده هي كده (1982)، مرزوقة (1983)، إستغاثة من العالم الآخر، الطوفان (1985)، سلام يا صاحبي (1987)، جواز في السر، طالع النخل، الطعم والسنارة (1988)، العقرب، الإمبراطور، تحت الصفر (1990)، غزو الأرانب، إلا ابنتي (1992)، فارس المدينة، ديسكو ديسكو، وزير في الجبس، بوابة إبليس (1993)، يا تحب يا تقب، كارت أحمر (1994)، ليلة ساخنة، سارق الفرح، إغتيال فاتن توفيق (1995)، إشارة مرور (1996)، خيال العاشق، حنحب ونقب (1997)، نور ونار، فتاة من إسرائيل (1999)، الشرف (2000)، إحنا أصحاب المطار (2001)، مطب صناعي (2006)، ورقة شفرة، حسن ومرقص (2008)، علقة موت، الفرح، عزبة آدم (2009)، مستر أند مسز عويس (2012)، زمن أبو الدهب، إعدام بريء، النبطشي، طمبولا، واحد صعيدي (2014)،  كرم الكينج (2015)، فص ملح وداخ، أبو شنب، الباب يفوت أمل (2016)، وذلك بخلاف بعض الأفلام القصيرة ومن بينها: قطار إلى المرج.
ثانيا - أعماله التلفزيونية:
شارك الفنان القدير/ محمد متولي بأداء بعض الأدوار الرئيسة وبعض الأدوار الثانوية المهمة في عدد من المسلسلات والتمثيليات والسهرات التلفزيونية، ولكن للأسف يصعب حصرها حيث يزيد عددها عن مائة وخمسين مسلسلا، وتضم قائمة أعماله المسلسلات التالية على سبيل المثال فقط: صراع الأحفاد، البخلاء، بيت الجمالية، معروف الإسكافي، الزوبعة، لمن يهمه الأمر، ضحكة كل يوم، جنة حتحوت، قلبي ليس في جيبي، زيارة ودية، اسطبل عنتر، اللعبة، جراح العمر، عيلة دودو، البريمو، أجنحة الشمس، بلاد السعادة، عباس وحكايته مع الناس، الألغاز والمغامرون الخمسة، شجرة اللبلاب، العملاق، الشوارع الخلفية، غريب في المدينة، النديم، الشهد والدموع (ج1، ج2)، غابة من الأسمنت، وأدرك شهريار الصياح، المحروسة 85، صح النوم، بوابة المتولي، رحلة السيد أبو العلا البشري، ليالي الحلمية (ج1، ج2، ج3، ج4، ج5، ج6)، عصفور النار، الراية البيضا، أهلا يا جدو العزيز، رحلة فطوطة السحرية، أنا وأنت وبابا في المشمش، عروستي (فوازير)، عالم ورق ورق (فوازير)، عجايب صندوق الدنيا (فوازير)، أم العريف (فوازير)، عمو فؤاد رئيس تحرير (فوازير)، جيران الهنا (فوازير)، بين ثلاثة، عشاق لا يعرفون الحب، النوة، ومازال النيل يجري، مغامرت زكية هانم، البحث عن زوج، أهل الطريق، العودة الأخيرة، أرابيسك، الناس الطيبين، الخروج من المأزق، الصبر في الملاحات، المال والبنون، أبو العلا 90، أحلام .. كو، سنوات الغضب، زيزينيا (ج1، ج2)، أهالينا، كلام في كلام، أوراق مصرية (ج1،ج2،ج3)، أوراق من المجهول، حرث الدنيا، أبناء تحت الشمس، طيور الحب، بيت الزعفراني، أحلام سنابل، قطة في سوق السمك، عين العقل، زمن عماد الدين، طيور الشمس، لدواعي أمنية، جائزة نوفل، 9 شارع السلام، خان القناديل، صاحبك من بختك، لقاء السحاب، زهرة في الأرض البور، دائرة الإشتباه، نصر السماء، مطعم تشي توتو، حارة الزعفراني، المصراوية (ج1، ج2)، المخبر الخاص، الدالي (ج1)، عمارة يعقوبيان، هيمة أيام الضحك والدموع، ملكة في المنفى، شيخ العرب همام، بيت الباشا، العائد، قمر، الوديعة والذئاب، وكالة عطية، هانم بنت باشا، العنيدة، بنات × بنات، شمس الأنصاري، ويأتي النهار، ربيع الغضب، الركين، ستائر الخوف، فيفا أطاطا، استيفا، الخروج، طاقة نور، وكلينها والعة، وضع أمني، سابع جار، هربانة منها، نسيم الروح، العارف بالله الإمام عبد الحليم محمود، وشارك أيضا بالتمثيل في بعض مسلسلات “السيت كوم” ومن بينها: فكك مني، بدر وبدرية، الهلالي سلالم، فندق 8 حريم، وذلك بخلاف مشاركاته أيضا بمجموعة كبيرة من التمثيليات والسهرات التلفزيونية ومن بينها: عجيبة، مين سرق مين، جدتي زوزو، 100 فرخة وديك، النور والنار، خطوات بلا طريق، أبلة نظيمة 24 نظام، المخلوع، إذا كان ولابد، أم مثالية، تحت الملاحظة، دفتر مواعيد، ولد وبنت وشايب، 24 قيراط، وطلع البدر، هبة من الله، وتمت بحمد الله.
ثالثا - أعماله الإذاعية:
للأسف الشديد أننا نفتقد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وبالتالي يصعب حصر جميع المشاركات الإذاعية لهذا الفنان القدير، والذي ساهم في إثراء الإذاعة المصرية ببعض برامج المنوعات والأعمال الدرامية على مدار مايزيد عن نصف قرن ومن بينها المسلسلات والتمثيليات التالية: القاهرة كامل العدد، واحدة بواحدة، لسان العصفور، أحلام شهرزاد.
رابعا - أعماله المسرحية:
ظل المسرح لسنوات طويلة هو المجال المحبب للفنان/ محمد متولي ومجال إبداعه الأساسي، فهو مجال عشقه وهوايته ودراسته الأكاديمية، فمن خلاله تعلق بفن التمثيل ونجح في الحصول على عدد كبير من أدوار البطولة المطلقة، وهو كذلك المجال الذي قضى بالعمل فيه كممثل محترف ما يقرب من نصف قرن، عمل خلالها بعدد كبير من فرق الدولة وأيضا بعدد كبير من الفرق الخاصة، حيث فضل منذ بداية احترافه عدم الاتباط بالقيود الوظيفة، فرفض الإنضمام والتعيين بإحدى  فرق مسارح الدولة. ويمكنني من خلال رصد مجموعة أدواره المسرحية أن أشيد بأدواره في مسرحيات: البرنسيسة، حزمني يا (بفرق القطاع الخاص)، الطيب والشرير، العدو في غرف النوم، الغرباء لا يشربون القهوة (بفرق مسارح الدولة)
هذا ويمكن تصنيف مجموعة المسرحيات التي شارك في بطولتها طبقا لإختلاف الفرق (كطبيعة الإنتاج وهوية كل فرقة) وأيضا للتتابع الزمني كما يلي:
1- فرق مسارح القطاع الخاص:
- “نعيمة وصفي: ولد وجنية (1973).
- “المسرح الجديد”: إنتهى الدرس يا غبي (1975).
- “عمر الخيام”: مين يشتري راجل (1978).
- “ثلاثي أضواء المسرح”: أهلا يا دكتور (1980).
- “كنوز” (عبد العظيم الصياد): البرنسيسة (1986)، حالة طوارئ (1988).
- “أمين يوسف غراب”: شباب امرأة (1987).
- “النيل المسرحية”: المونولجست (1993).
- “عصام إمام”: حزمني يا (1994).
وذلك بخلاف بعض المسرحيات المصورة ومن بينها: عيل وغلط (1980).
2- فرق مسارح الدولة:
- مسرح الطليعة: مشعلوا الحرائق (1985).
- أنغام الشباب: رصاصة في الكلب لولو (1993).
- المسرح الكوميدي: المرجيحة (1993)، انت فين يا جميل (2001).
- المسرح الحديث: الطيب والشرير (1998).
- مسرح الغد: أوقات عصيبة (1994)، العدو في غرف النوم (2002)، الغرباء لا يشربون القهوة (2014).
- المسرح القومي: ولاد اللذينة (2007).
- المتجول الجديد: قوم يامصري (2011).  
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تعاون من خلال المسرحيات السابقة مع نخبة من كبار مخرجي المسرح الذين يمثلون أكثر من جيل وفي مقدمتهم الأساتذة: سعد أردش، السيد راضي، جلال الشرقاوي، أحمد عبد الحليم، سمير العصفوري، هاني مطاوع، شاكر عبد اللطيف، نبيل الهجرسي، جمال منصور، محمد عمر، السيد خاطر، حمدي أبو العلا، عبد العزيز مخيون، عصام سعد، عصام الشويخ.
التكريم والجوائز:
وكان من المنطقي أن يتم تتويج تلك المسيرة العطرة لهذا الفنان القدير بحصوله على بعض مظاهر التكريم ولعل من أهمها حصوله على الجائزة الأولي تمثيل للأدوار الثانوية عن أدواره المتميزة ببعض المهرجانات السينمائية والتلفزيونية، وكذلك حصوله على درع “مهرجان المسرح العربي” في دورته العاشرة عام 2012، وأيضا التكريم من خلال المركز الكاثوليكي عن مجمل أعماله مع نخبة من كبار الفنانين، وإن ظل حب الجمهور وتقديره لأعماله هو أكبر وأهم الأوسمة التي حظى بها وأسعده الحصول عليها وظل يعتز بها ككل فنان حقيقي.
وأخيرا لا يسعني إلا المشاركة بالدعاء لهذا الفنان القدير بأن يرحمه الله ويغفر له ويدخله فسيح جناته جزاء حبه وعشقه لوطنه، وجزاء إخلاصه في عمله وحرصه على اختيار أدواره بكل دقة ليشارك في تقديم قيم الحق والخير والجمال من خلال مجموعة الأعمال القيمة التي شارك في تقديمها.
 


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏