على أعتاب تقديم مشاريع تخرجهم طلاب الاعتماد في ورش المخرجين بالثقافة الجماهيرية

على أعتاب تقديم مشاريع تخرجهم طلاب الاعتماد في ورش المخرجين بالثقافة الجماهيرية

العدد 546 صدر بتاريخ 12فبراير2018

الورش أنضجت وعينا وأصقلت مواهبنا بالثقافةمر عام على تجربة الاعتماد الجديدة التي أقرتها إدارة الورش التابعة للإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وها نحن بصدد مشاريع تخرج الدفعة الأولى من الورشة، فهل جنت هذه التجربة ثمارها، وهل - بالفعل - هي أفضل من الاعتماد في ثوبه القديم، هذا ما سنعرفه من خلال آراء بعض المخرجين الذين التحقوا بالورشة، كما سنتعرف على مشاريعهم المقدمة.
يقول المخرج علي عثمان: ورشة اعتماد المخرجين تمت على ثلاث مراحل، وقد التحقت بها في المرحلة الثانية نظرا لكوني طالبا بأكاديمية متخصصة، وهي قسم الدراسات المسرحية بكلية الآداب، وحقيقة الأمر أن هذه الورشة بمراحلها تعد بمثابة أكاديمية موازية نظرا لما تم تقديمه فيها من صقل لمواهب حقيقية بشكل أكاديمي في فنون المسرح كافة، على أيدي مجموعة من المتخصصين. أضاف: أرى أن مشروع اعتماد المخرجين المسرحيين من خلال الورش هو مستقبل مسرح الثقافة الجماهيرية، حيث يتم فيها التصفية واكتشاف المتميزين على مستوى مسرح الثقافة الجماهيرية. هو مشروع فني تنموي حقيقي قائم على أرض الواقع، ونتائجه ملموسة بشكل فعلي. تابع عثمان: السلبية الوحيدة التي أراها هي عدم تحديد مواعيد دقيقة لبدء الورش في مستوياتها المختلفة، وأعتقد أن ذلك له علاقة بالجهاز الإداري والدورة المستندية الطويلة جدا، وهي من سمات البيروقراطية الإدارية المهيمنة على أجهزة الدولة ككل.
أما عن عرضه نتاج الورشة فقال: قدمت عرض “فويتسك” تأليف جورج بوشنر، وتناولت من خلال العرض الصورة الضبابية المعتمة التي يمكن للإنسان أن يرى العالم من خلالها، من كثرة الضغوط عليه وقسوة العالم المحيط بِه، وهو ما يفعله في النهاية مستسلما لرغبات العالم الحيوانية وذلك بارتكابه لجريمة قتل أقرب الناس إليه وهي حبيبته.
أما المخرج وليد شحاتة فيقول: الاعتماد عن طريق الورش أفضل مشروع تم بالإدارة العامة للمسرح منذ أكثر من عشرين عاما، وهي الطريقة الأمثل للارتقاء بمستوى المخرج، وأفضل من الطريقة الأولى للاعتماد، حيث تضمن تخريج مخرج واعٍ ومثقف. أضاف: بالتأكيد هناك بعض العيوب في التجربة الأولى مثل أن المواعيد غير محددة، وتأخير إجراءات الإنتاج وعدم وجود مسارح نعرض عليها مشاريعنا على الأخص في القاهرة، وهي سلبيات يمكن التغاضي عنها بسبب كثرة الإيجابيات في المشروع، الذي يضمن وجود مخرج يستطيع تحمل مسئولية وأعباء فرق كبيرة في القصور والبيوت والقوميات. أما عن مشروع تخرجي فسأقدم عرض “أميديه” تأليف أوجين يونيسكو، وتدور فكرته حول الزوجين أميديه ومادلين، المقيمين في إحدى غرف شقتهما لسنوات مع جثة، تنمو الجثة حتى تملأ عليهما المكان. وهذا النص يصور مأساة الرجل والمرأة اللذين لا يعرفان كيف يحبان بعضهما، فهي مأساة الإنسانية التي انفصل نصفاها عن بعضهما البعض ولا يستطيعان الالتئام مرة أخرى.
ويقول المخرج حسن رفقي: تعد هذه الورش بمثابة أكاديمية مصغرة، وقد تم تدريبنا بطريقة فعالة، تضمن تخريج مخرجين واعدين، وأتمنى أن تستمر هذه التجربة وتظهر تجارب مماثلة لها بمسرح الثقافة الجماهيرية، حتى يتغير هذا المسرح تغيرا كليا، ولا أرى في هذه التجربة سلبيات سوى عدم وجود خطة معلنة بمواعيد الورش. أما عن تجربتي فأقدم عرض “سيد البنائين” تأليف هنريك إبسن، وتدور فكرته حول مهندس ناجح ومشهور يستولى الجيل الجديد على كل ما وصل إليه.
أما المخرج أحمد السلاموني فيقول: هذه التجربة مفيدة جدا، ومن أهم مميزاتها أن الإدارة العامة للمسرح تقوم بالمتابعة الجيدة مع كل مخرج من مخرجي الورشة، في كل مرحلة من مراحل العرض، بالإضافة إلى أن المخرج أثناء الورشة يقابل مخرجين من محافظات مختلفة، مما يؤدي إلى احتكاك حقيقي ونقل الخبرات والثقافات المختلفة، ومن أهم ما يميز المشروع أيضا وجود رؤية واضحة ومحددة وفكر جديد، أضاف: هذه الطريقة أفضل من الطريقة الأولى للاعتماد لأن بها متابعة من قبل الإدارة، ولأننا ندرس تحت أيدي كبار الأساتذة، لذلك فمن الطبيعي أن يتخرج من الورشة مخرج واعٍ يستطيع أن يتعامل مع كل الظروف التي تمر بالعرض المسرحي.
أما عن مشروع تخرجه، فقال أقدم عرض «رقصة الموت» تأليف أوجست ستراندبيرج، وترجمة لويس عوض، وتدور أحداث العرض في حجرة عتيقة وأثرية بالية داخل أحد الأبراج بقلعة بالقرب من البحر، وتبدأ الأحداث في فصل الخريف مما يعطي إرهاصا على المستوى الزمني، إلى طبيعة العلاقة بين الزوجين إدوار وأليس، اللذين مر على زواجهما خمسة وعشرون عاما.
فيما يرى المخرج سيد عيد أن التجربة أثبتت أن التطوير كان هو الحل الأمثل لمواكبة الواقع المسرحي، وأعني هنا تحديدا تطوير آلية اعتماد المخرجين التي حققت مردودا إيجابيا، يعود الفضل فيه للأسلوب الأكاديمي الذي تدار به التجربة. أما عن سلبيات التجربة، فيقول: شأنها شأن كل تجربة جديدة تشق طريقها بين مؤيد ومعارض.
أما عن مشروعه، فقال أقدم عرض “أميديه كيف نتخلص منه” وتدور فكرته حول الحروب الكثيرة التي خاضها الإنسان، والتي أفرزت علاقات غير سوية، وأثرت على الأسرة في أبسط صورها، وهي مشكلة جديرة بالتأمل رصدها يونيسكو في رائعته «أميديه».
ويقول المخرج معتز مدحت: التجربة أتت ثمارها، ومن عيوبها أنها استمرت لمدة زمنية طويلة، حيث بدأت الورشة منذ ديسمبر 2016، مشيرا إلى أن مميزاتها تغلب على سلبياتها، مؤكدا أن الورش تعمل على إخراج مخرج واعٍ ومدرك، وهو ما تحتاجه الثقافة الجماهيرية في هذه المرحلة. أضاف: في البداية، كان يتم تقييمنا من تجربة واحدة، وهذا ليس عدلا حيث لا نستطيع من خلالها تقييم مخرج يتحمل مسئولية تغيير وعي الجماهير، بينما هذه التجربة الجديدة تستطيع أن تخرج لنا خمسة مخرجين كل عامين، على الأقل، يحملون عمقا ثقافيا، يستطيعون به تنوير المجتمع.
أما عن تجربته، فقال أقدم عرض “الوحوش الزجاجية” تأليف تينسي ويليامز، تدور فكرته حول أب يقرر ترك منزله ويسافر تاركا زوجته تربي ابنيها، حتى يكبرا وتتوالى الأحداث.
المخرج أحمد سمير قال: هي تجربة جيدة للغاية، جعلتنا نتعرف على مخرجين من محافظات مختلفة، ونتعلم من مدربين أكاديميين في الديكور والدراما والنقد والإضاءة، ولكن شاب التجربة بعض العيوب من حيث التنظيم والمواعيد، وهذا شيء وارد لأنها أول تجربة، وأعتقد أن هذه العيوب ستتلاشى في الدفعات القادمة. وأضاف: في الطريقة القديمة كان هناك الكثير من المخرجين، مع الوقت، يتم اكتشاف أنهم لا يصلحون للإخراج، وهو ما لا يمكن أن يحدث مع تجربة الاعتماد الجديدة.
أما عن مشروع تخرجه، فقال: أقدم عرض “الزيارة” تأليف لولا أنا خونستاكي، ويتحدث العرض عن زوجين يتنقلون من مدينة لأخرى بحثا عن المدينة التي ولدت فيها البطلة واستعادة ذكرياتها والنَّاس التي تعرفهم، فتكتشف في النهاية أنها بلا مدينة وبلا هوية.
مدير الورش المسرحية بالإدارة العامة للمسرح خالد رسلان قال: لدينا معايير معينة لاختيار المخرجين الملتحقين بورش الاعتماد، فنحن نختار مخرجي النوادي المتميزين، كذلك مخرجي الأقاليم الذين حصلوا على جوائز، وفي الورش منذ بدايتها كنّا نركز على الموهبة والثقافة، فالموهبة دون ثقافة تجعل المخرج يقع في مشكلة التكرار، لأنه لا يستطيع توظيف موهبته، لذلك مهمتنا الأساسية هي صقل الموهبة بالثقافة، وكذلك تعليم المخرجين كيفية التعامل مع الأقاليم المختلفة، ونحن بصدد مشاهدة مشاريع الدفعة الأولى من الورش، التي تقيم من حيث الانضباط، ووعي المخرج لما يقدم، وكذلك وعيه برسالة العرض. وأضاف رسلان: هناك تغيير جذري حدث لمخرجي شباب الورشة فلم يعد همهم الأول الاعتماد بمسرح الثقافة الجماهيرية، إنما كيف يحصلون على أكبر كم من الثقافة. أما عن السلبيات التي واجهت التجربة، يقول: عدم تسليط الضوء الإعلامي على هذا المشروع الذي يعد من أهم المشاريع، فالمسئولون سواء في الهيئة العامة لقصور الثقافة أو حتى وزير الثقافة لم يلتفتوا إليه.


شيماء منصور