«الورش» فى المسرح المصري المعاصر عرض لرسالة «تقنيات إخراج عروض الورش المسرحية في مصر»

«الورش» فى المسرح المصري المعاصر عرض لرسالة «تقنيات إخراج عروض الورش المسرحية في مصر»

العدد 537 صدر بتاريخ 11ديسمبر2017

حاز الباحث فيصل محمد عبد الله الطحان منذ أيام على درجة الماجستير من قسم علوم المسرح - شعبة التمثيل والإخراج - كلية الآداب - جامعة حلوان برسالة بعنوان “تقنيات إخراج عروض الورش المسرحية في مصر، في الفترة من 1990 حتى 2010”.

حيث تناولت الرسالة موضوع الورش المسرحية Theater workshops - عالميًا ومحليًا – بوصفها نوعا من التجريب المسرحي القائم على رفض المسرح التقليدي الأرسطي، وهو التيار الذي بدأ في أوروبا في أوائل القرن العشرين، وتزامن ذلك مع ظهور الإخراج المسرحي كوظيفة مستقلة على يد المخرج الألماني جورج الثاني (1826 - 1914) دوق مقاطعة ساكس مايننجن بألمانيا بفرقة مايننجر الخاصة عام 1874 صاحب منهج الواقعية التاريخية، وقد انطلق تأسيس تلك الورش المسرحية - في مرحلة لاحقة - بعد ظهور نظائر الورش: الاستوديوهات Studio، والمختبرات/ المعامل المسرحية Theatrical Laboratory، والأتيليه Atelier، والجماعات المسرحية Ensemble، عند كل من: (ستوديو) المخرج والممثل والمنظّر الروسي كونستانتين ستانيسلافسكي (1863 - 1938) بهدف إعداد الممثل على منهج الواقعية النفسية الاندماجية عام 1905، وهو مؤسس مسرح (الفن) بموسكو 1898 مع زميله فلاديمير نيميروفتش دانتشنكو.
وفي ما يتعلق بالورش المسرحية، رصد الباحث أولى تجاربها لدى المخرجة الإنجليزية جون ليتلود في ورشة المسرح عام 1953، والمخرج الأمريكي جوزيف تشايكن في مسرحه المفتوح.
كذلك رصد الباحث طاهرة الورش المسرحية في مصر والوطن العربي، من خلال رصد الملامح المختبرية في المرحلة الأكاديمية، حينما أسس المخرج زكي طليمات والممثل جورج أبيض معهد التمثيل الحكومي (المعهد العالي للفنون المسرحية حاليًا) عام 1930، ثم قيام المخرج سعد أردش بتأسيس مسرح الجيب (مسرح الطليعة حاليًا) عام 1963 وهو طليعة التجريب المسرحي واشتمل على ستوديو المسرح. كذلك قيام د. عبد الرحمن عرنوس بتأسيس (مختبر اليرموك) المسرحي بمدينة إربد بالأردن خلال فترة عمله بكلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك في الفترة من: 1983 حتى 1987، وكذلك (محترف بيروت) لروجيه عساف ونضال الأشقر عام 1968 بلبنان، و(ستوديو) المخرج والممثل محمد صبحي ستوديو 80 الذي أسسه مع الكاتب المسرحي لينين الرملي عام 1980، وستوديو المخرج منصور محمد ستوديو 90 بمسرح الشباب عام 1990، و(جماعة) مسرح السرادق للمخرج د.صالح سعد 1983، و(ورشة) فرقة الورشة المسرحية للمخرج حسن الجريتلي عام 1987، وورشة فرقة مسرح الحكواتي اللبناني للمخرج روجيه عساف 1978، أما (الأتيليه)، فنجد مثاله في فرقة أتيليه المسرح التي تأسست أولاً بجامعة حلوان بكلية الفنون الجميلة عام 1972 بجهود المخرج سمير العصفوري، وباعتبارها فرقة المسرح بالكلية، ثم تحولت إلى فرقة مسرحية مستقلة عام 1990 للمخرج محمد عبد الخالق، وشاركت بمهرجان فرق المسرح الحر، وانبثق عنها أيضا فرقة أتيليه المسرح الصغير (فرقة مسرح الممثل حاليًا) للمخرج شادي الدالي عام 2010.
وقد تناول الباحث هذا الموضوع من خلال فصول الرسالة المختلفة بداية بالفصل الأول الذي تناول فيه موضوع التجريب المسرحي أو المسرح التجريبي، وتتبع إرهاصات وبدايات هذا التجريب عالميا ومحليا في مصر ومراحل تطوره ووظيفته وسمات هذا التجريب، وكذلك تحديد مفهوم وتعريف الورشة المسرحية، والتي هي إحدى الأطر التي تمثل التجريب المسرحي، كما أشار إلى النماذج العالمية والمصرية التي تطبق مفهوم الورشة المسرحية وكذلك إلقاء الضوء على الارتجال ومفهومه ووظائفه وأنواعه، حيث أورد الباحث نماذج للورش المسرحية في المسرح الغربي، وأخيرًا تناول الباحث تأثير التجريب المسرحي على ظهور وانتشار الورش المسرحية في مصر، ويشمل تأثير مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي بدأ في الأول من سبتمبر 1988 واستمر 22 دورة حتى توقفه في عام 2010، ثم عودته إلى الحياة الثقافية والفنية المصرية تحت اسم (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي) عام 2016 في دورته الـ23.
أما في الفصل الثاني فقد رصد الباحث لنماذج الورش المسرحية في المسارح الحكومية، حيث قام بتصنيفها إلى: ورش مسرح الصوت، وورش مسرح الصورة، وورش تكاملية تجمع بين العنصرين، كما قام برصد نماذج الورش المسرحية في المسرح المستقل (الحر)، مثل: ورشة فرقة الورشة للمخرج حسن الجريتلي، وورشة فرقة المسحراتي للمخرجة عبير علي.. إلخ، وحاول تصنيفها مع شرح تقنيات عملها، وأخيرا رصد لنماذج الورش المسرحية في مسرح القطاع الخاص (المسرح التجاري)، مثل: ورشة المخرج والممثل محمد صبحي (ستوديو 80)، وورشة المخرج جلال الشرقاوي (مسرح الفن).
أما في الفصل الثالث والأخير فتناول فيه تحليل تقنيات الإخراج في عشرة نماذج تمثل ورشة مسرحية، سواء أكانت إبداعية تقوم على الممثل المبدع الخلاق المرتجل أثناء البروفات فيما يُعرف بـ”التأليف الجماعي”، وذلك في وجود أو عدم وحود نص مسرحي، كما في عروض مركز الإبداع الفني مثل: “قهوة سادة” للمخرج خالد جلال، أو ورشة تدريبية نوعية لرفع مهارات وأدوات الممثل في نوع مسرحي ما مثل ورش مسرح الصورة التي قادها المخرج العراقي د. قاسم محمد وسار على هداها المخرج هاني المتناوي في عرضه: “أقنعة أقمشة مصائر”، وهي: بقايا ذاكرة، للمخرج البولندي جوزيف شاينا، “غزير الليل”، إخراج حسن الجريتلي، “مخدة” إخراج د. انتصار عبد الفتاح. الطوفان، إعداد وإخراج د. عبد الرحمن عرنوس، بالإضافة لعدد آخر من النماذج.
وعبر تلك التتبع لتاريخ وتصنيفات الورش المسرحية وعلاقاتها بالتجريب المسرحي وصل فيصل الطحان في رسالته وصل الباحث لمجموعة من النتائج المتعلقة بموقع الممثل بوصفه العنصر الأساسي بالعرض المسرحي المنتج عن الورشة المسرحية على حساب بقية العناصر الأخرى حيث يقوم الممثل في أغلب تلك العروض بالارتجال والتأليف انطلاقًا من فكرة الإبداع الجماعي والممثل المبدع الخلاق، فيصبح بذلك أكثر التصاقًا بالدور المسرحي والشخصية التي يقدمها، وقد تكون الشخصية المقدمة في تماس مع شخصية الممثل الحقيقية وظروفه الاجتماعية والإنسانية، وبالتالي فلا مكان للنجم الأوحد أو البطولة المطلقة في العروض الناتجة عن ورش مسرحية.
من ناحية أخرى، توصل الباحث إلى أن هناك اختلافا في منهج الأداء التمثيلي بين العروض الورش المسرحية - هي عروض مسرحية تجريبية نوعية - وغيرها من عروض المسرح السائد التقليدية، أما بالنسبة للسينوغرافيا فقد أشار إلى أن هذه العروض المسرحية التزمت بتقنيات المسرح الفقير، حيث لا تشتمل على عناصر سينوغرافية مبهرة، ولكنها بسيطة إلى درجة التلاشي، من خلال ملابس موحدة لجميع الممثلين والممثلات، واستخدام موتيفات أو مفردات موحية، كما قلصت أو تخلت عن وحدات الديكور، ولعبت الإضاءة دورًا هامًا في تشكيل الفضاء المسرحي، كما رصد في عروض “أقنعة أقمشة مصائر” للمخرج هاني المتناوي عام 2003، و”حلو مصر” للمخرجة عبير علي عام 2006.
11 - أما عنصر الموسيقى والغناء والمؤثرات الصوتية، اعتمدت هذه العروض على العزف والغناء الحي على خشبة المسرح مثل: عرض “مخدة الكحل” للمخرج د. انتصار عبد الفتاح بفرقة المسرح الصوتي عام 1998، وعرض “حلو مصر” للمخرجة عبير علي بفرقة المسحراتي المستقلة عام 2006، وعرض “هكذا تكلم ابن عربي” للمخرج سعيد سليمان من المسرح الطقسي 2006، بينما لجأت عروض مسرحية أخرى إلى استخدام عنصر الموسيقى والغناء بطريقة الـPlay Back مثل: عرض “الدولاب” للمخرج وليد عوني بفرقة الرقص الحديث بدار الأوبرا المصرية عام 2002، وعرض “قهوة سادة” للمخرج خالد جلال وهو مشروع تخرج الدفعة الثانية بستوديو مركز الإبداع الفني عام 2008.
وعلى مستوى المناهج الإخراجية أشار الباحث إلى تنوع مناهج الإخراج المسرحي بالعروض المنتجة عن ورش مسرحية بداية بتلك التي تعتمد على منهج الواقعية الاندماجية النفسية لدى ستانيسلافسكي، أو المنهج الملحمي كذلك الأنواع المندرجة تحته من كباريه سياسي ومسرح تسجيلي، أو الانتقائية القائمة على دمج عدة مناهج إخراجية، بينما تشترك جميع العروض في استخدام تقنيات منهج المسرح الفقير للمخرج البولندي جيرزي جروتوفسكي.


كاتب عام