«الثانوية العامية» في احتفالية «مشوار التحدي» على ساقية الصاوي

«الثانوية العامية» في احتفالية «مشوار التحدي» على ساقية الصاوي

العدد 540 صدر بتاريخ 1يناير2018

أقامت «جمعية مشوار التحدي» برئاسة د. منى صفوت، احتفالية اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، على مسرح ساقية الصاوي، حيث قدمت مسرحية «الثانوية العامية»، تأليف سارة محمد، وإخراج دينا البدوي، وتدور أحداثها حول ما تعانيه الأسرة المصرية والمجتمع ككل من ارتباك إثر دخول الأبناء مرحلة الثانوية العامة، والضغط الواقع على الأسرة والأبناء نتيجة ذلك.
وقالت دينا بدوي مخرجة العرض إنه يعتمد على الممثلين من ذوي الإعاقة البصرية. أضافت: إن اختيار اسم «الثانوية العامية» كان لأعضاء الفريق أنفسهم، وقد رأينا أن الأسرة المصرية عندما يكون لديها أبناء بتلك المرحلة لا يرون شيئا إلا النجاح والمذاكرة والدرجات المرتفعة، بغض النظر عن طموحات وأحلام وميول أبنائهم، فترتكز أنظارهم نحو هذه المرحلة ولا يرون أي شيء آخر.
وأضافت «البدوي» العرض المسرحي استغرق أكثر من ثلاثة أشهر في إعداد وتجهيز وتدريب الممثلين، أولاً على الحركة المسرحية من خلال ورش تدريب ممثل متخصصة تعتمد في الأساس على استخدام الأصوات وحركة الأرجل والأيدي نظرًا لظروفهم الخاصة لأن جميع الممثلين من ذوي الإعاقة البصرية، ثم بدأت بعدها ورشة للعرض التي قامت بتأليفه إحدى أبطال العرض سارة محمد. أضافت: «الثانوية العامية» ليست التجربة الإخراجية الأولى لي مع ذوي الإعاقة، فقد سبق وقدمت عرض «جنب النهر» لمتولي حامد وكان أيضا بطولة مجموعة من ذوي الإعاقة البصرية.
وقالت دينا: أغمض عيني، وأترك مشاعري وإحساسي معهم، وآخذ منهم الطاقة على العمل، فهم وإن كانوا مكفوفي البصر فإنهم مبصرو القلوب. موضحة أنها عملت على أن تكون المسرحية مجردة من كل شيء، حتى الصورة الجمالية، كما تفعل الثانوية العامة بالحياة والمجتمع فهي تجرد المجتمع من كل المشاعر الإنسانية ويصبح ارتكاز الأسرة بأسرها على الامتحان وتجاوزه، وعلى الرغم من أن جميع أعضاء الفريق من المتفوقين والحاصلين على المراكز الأولى على مستوى الجمهورية بالشهادة الثانوية، فإنهم عانوا كثيرًا من هذه المرحلة بالإضافة إلى أنهم جميعًا في السنة الرابعة بكلية الألسن قسم اللغة الإيطالية والإسبانية وكلية الإعلام.
وأشارت دينا أن العمل مع ذوي الإعاقة البصرية جعلها تغير مفهومها عن هذه الفئة فجميعهم لديهم طموحات وآمال ورغبات قادرين على تحقيقها، وأنهم تفوقوا بشكل كبير عن المبصرين في حفظ الحركة المسرحية ولم تجد أي صعوبة معهم أثناء التدريبات وحفظ النص لما لديهم من ذاكرة قوية وقدرة على اعتلاء خشبة المسرح بمجرد معرفة الخطوط الرئيسية التي سيسيرون بها.
وفي سياق متصل، أوضحت سارة محمد وهي إحدى بطلات العرض المسرحي «الثانوية العامية» ومؤلفة النص أيضًا، أنها اختارت موضوع الثانوية العامة لأنها مشكلة مجتمعية، موضحة أنها على الرغم من أن مسابقة الحلم المصري كانت تشترط أن يكون موضوع العروض المسرحية المقدمة تدور حول قضايا ذوي الإعاقة ومشكلاتهم، فإنها رفضت أن تقدم مشكلة خاصة أو تطرح قضية تهتم بذوي الإعاقة، وفضلت أن تكون مشكلة تعاني منها كل الأسر المصرية لأنهم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع وأنهم يعانون نفس المشكلات والقضايا، وهو ما نال استحسان لجنة تحكيم المسابقة وجعلها تحصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية.
وتقول سارة: «أنا أعشق المسرح والكتابة المسرحية، وأحلم أن أكون كاتبة ومؤلفة لأنني أجد نفسي أعبر بشكل جيد عمَّا بداخلي من مشاعر وأحاسيس، وأحلم أن أعمل كمترجمة للغة الإيطالية، دون النظر لنسبة 5% المقررة لتعيين ذوي الإعاقة، وأن أجتاز مراحل الاختبار للالتحاق بأي عمل مثلي مثل أي شخص في المجتمع، باختصار طموحي أكبر من الـ5%»، وتمنت أن تختفي نظرة الشفقة نحو ذوي الإعاقة، وأن تتغير.
وأشارت سارة أيضا إلى أن الثانوية العامة مشكلة مرت بها شخصيًا، وأنها أصرت على اختيار هذا الاسم «العامية» على الرغم من أنه لفظ يضايق ذوي الإعاقة البصرية، لأنها فعلاً تعمي الأشخاص، قائلة: «الثانوية العامة، تجعل الشخص لا يعرف إلى أين يذهب، أو كيف، وما هو الطريق الذي سيمشي فيه مثل الشخص الكفيف إذا ذهب لمكان لا يعرف أبعاده فيتعثر ويقع أو يتخبط في المارة، كما ناقش العرض الكثير من الإشكاليات مثل الدروس الخصوصية واستغلال المدرسين لأولياء الأمور، وضغط الآباء على أبنائهم، معبرًا عن سعادتها بالحصول على جائزة أحسن تأليف بمسابقة الحلم المصري بوزارة الشباب والرياضة.
كما قال شادي أسامة أحد أبطال العرض إن المسرح بالنسبة له حياة كاملة، فهو الوحيد القادر على إخراج المخزون الفني بداخله، ويدخل البهجة والسعادة عليه بعد كل مرة يذهب فيها إلى المسرح، أضاف: «أن تشجيع الناس لي يجعلني قادرًا على الاستمرار، وبذل جهد أكبر في التدريب، والمسرح هو بيتي الثاني، وهو الصوت الذي نعبر من خلاله إلى المجتمع، ويجعلني أشعر أنني موجود وفرد من أفراد المجتمع الفاعلين. وعن الصعوبة في الحركة المسرحية يقول أسامة: «في البداية كانت هناك صعوبة في الحركة على خشبة المسرح، ولكن بعد اجتياز فترات التدريب ومعرفة أبعاد الخشبة المسرحية أتحرك بمنتهى السهولة، مشيرًا إلى أنه يعشق التمثيل منذ صغره، فعندما كان يستمع لأي مشهد أو مسلسل أو فيلم كان يقوم بعدها بتقليد الشخصيات التي شاهدها، وأن مشاهدة الآخرين للعروض المسرحية التي يقدمها وتشجيع الناس له يجعله يشعر أنه موجود في المجتمع وليس مجرد اسم بالبطاقة الشخصية، تابع: «أنا مبسوط إن فيه ناس بتشوفني وبتشجعني وتصفيق الجمهور بيحسسني بوجودي أكثر وأكثر».
وقال شهاب محمد الطالب بالفرقة الرابعة كلية الألسن قسم اللغة الإيطالية، إن مشاركته بالعرض هي المشاركة الأولى مع الفريق، موضحًا أنه يهوى الفن من صغره وقد سبق له أن قدم عروضًا مسرحية مع المبصرين، أضاف: المسرح حياة متعددة التجارب، بحر أغوص فيه وأتعلم منه، موضحًا أنه في البداية كان يشعر بالرهبة من التمثيل، ولم يتجاوز ذلك إلا بعد أن خاض التجربة فكسرت لديه حاجز الخوف، مشيرًا إلى أنه يجب الاندماج مع المجتمع، ويتمنى ألا يقوم بالتمثيل مع فرق مكفوفين فقط، بل أن يفتح لهم الباب والمجال للعمل مع مختلف الفرق المسرحية، كما عبر شهاب عن سعادته بحصول المسرحية على أربعة جوائز بمهرجان الحلم المصري وهي جائزة أحسن عرض مسرحي، وجائزة أحسن نص مسرحي، وجائزة أحسن ممثلة لسارة محمد، وهدير محمد.
وكان فريق «مشوار التحدي» قد حصل على جائزة المركز الأول بمسابقة «الحلم المصري» التي أقيمت تحت رعاية المهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة وبتنفيذ مكتب ذوي الإعاقة وقصار القامة بوزارة الشباب، وهو بطولة هدير محمد، سارة محمد، وفاء ياسر، شهاب الدين محمد، شادي أسامة، مريم شعبان، مصطفى سعد، تأليف سارة محمد، وإخراج دينا البدوي.

 


سمية أحمد