كـلـمـات
  مقدمة
  اللجنة العلمية
  مناطق التمثيل
  خريطة التمثيل
  الخرائط الإدارية
  هذا الأطلس
  الأسئلة
  آلات التوقيع
  خرائط آلات النقر
  آلات النفخ
  خرائط آلات النفخ
  آلات النبر أو الجر
  خرائط آلات النبر
  المشاركين التنفيذيون
  فريق العمل الميداني
   

 

آلات الموسيقا الشعبية
"المفاهيم / ضوابط الجمع الميداني"

الملاحظ أن المفهوم السائد عن الموسيقا يحصرها في صيغ من الأصوات البشرية والآلية التي تقرها المؤسسات الرسمية، ويستوي في هذا ما يسمى منها بالموسيقا العربية، أو تلك المسمَّاة بالموسيقا الغربية أو ما يسمى موسيقا حديثة ومطورة. ويجرى تسييد هذه الأنواع من الموسيقا وإشاعتها بواسطة المؤسسات الرسمية المعنية، مما يجعل الصورة التي ترد إلى الذهن عند ذكر "الموسيقا" لا تحوى إلا المطربين المشهورين والفرق بآلاتها العديدة التي تتنوع بين شرقية وغربية. وهذه الصورة قد بلغت من قوة التأثير بحيث أنها تُخضع كل راغبى الالتحاق بعالم الموسيقا والغناء للالتزام بمعالمها وعدم التحرك إلا داخل إطارها. ولكنا إذا وسعنا مفهومنا لماهية الموسيقا ورددناها إلى أصلها البسيط باعتبار إن كل أداء صوتي منظم، ومقصود ، يتخذ صياغة محددة ، ويطرب له أعضاء مجتمع ما يعد تصويتا موسيقيا، سواء كان صادراً عن الحنجرة البشرية أو كان صادرا عن آلات مخصصة لإصدار أصوات بعينها، أو عن أدوات ومعدات وأجسام غير مخصصة لذلك".

وهذا المفهوم الرحب للموسيقا لا يغير فقط من فهمنا للموسيقا الرسمية والسائدة ولكنه يغير أيضا من فهمنا للموسيقا الشعبية أو الجانب الموسيقى في الثقافة الشعبية . وبناء على هذا المفهوم سنلاحظ إن النشاط الموسيقى يكاد يكون مصاحبا لكافة الأنشطة الحياتية الأخرى التي يقوم بها أبناء المجتمعات المحلية والشعبية خاصة عند تجمعهم. فالأداء الموسيقى يصاحب كل المناسبات التى تحدد انتقالات دورة حياة الإنسان في تلك المجموعات منذ الميلاد إلى الوفاة . والأداء الموسيقى يصاحب كل المناسبات التى تحدد دورة الفصول ، والمواسم والأعياد والمواعيد التذكارية والسنوية وغير السنوية . والأداء الموسيقى موجود في أحوال الفرح والحزن وفى مواقف الجد والهزل وعند اللعب، وفى أوقات العمل والسمر والترويح.

وبالطبع يأتي هذا التصويت الموسيقى من مصدرين : المصدر الأول وهوالانسان ؛ ذلك أن أصوات الغناء تصدر عن جهاز التصويت الانسانى ولكن نجد عند غير قليل من المجتمعات التقليدية والشعبية إمكانات لإصدار أصوات ذات طابع موسيقي مستخدمة أعضاء الجسم البشرى استخداما غير معتاد ؛ فقد تستخدم أعضاء جهاز التصويت نفسها - كالحنجرة - في إصدار أصوات بعينها ، وقد تستخدم أعضاء مثل الفخذين والساقين للخبط عليها لإصدار أصوات إيقاعية . وربما كان اقرب الشواهد لذلك استخدام الكفين للتصفيق تصفيقا إيقاعيا.

أما المصدر الثاني للتصويت الموسيقى فهو الناتج من اتخاذ آلات تم إعدادها وتهيئتها خصيصا لإصدار أصوات بعينها يعتبرها أبناء المجتمع الشعبي اصواتا موسيقية . غير أن بعض المجتمعات الشعبية تستخدم تنويعات من الأدوات والمعدات والأجسام غير المخصصة - أصلاً - للأداء الموسيقي في إصدار أصوات ذات طابع موسيقى . وربما كان أقرب الأمثلة على ذلك استخدام آنية من اوانى المنزل للتوقيع عليها بدلا من الطبلة ولهذا ، فإن دارسي الموسيقى الشعبية لا يقصرون اهتمامهم على الآلات الموسيقية المتخصصة فحسب ، وإنما يوسعون اهتمامهم ليشمل أيضا مختلف الأدوات والأجسام التى يتخذها أبناء المجتمع المحلى الشعبي وسيلة للحصول على أصوات منسقة يطربون لها لأنها توافق ذائقتهم الموسيقية ويعتبرونها ذات قيمة لحنية أو إيقاعية.

هذا المفهوم المتسع للآلات الموسيقية الشعبية هو الأساس والموجه لعمل من يجمعون البيانات والمعلومات المتعلقة بالآلات والأدوات الموسيقية في المجتمعات الشعبية. وإذا لم يلتزم الجامع بهذا المفهوم الأساسي فإن عملية الجمع الميداني تصبح ليست ناقصة فحسب، وإنما مختلة منهجيا أيضاً.

وفى الوقت نفسه ، يجب ألاُّ يغيب عن إدراك الجامع الميداني للبيانات والمعلومات المتعلقة بالآلات والأدوات الموسيقية الشعبية أن هذه الآلات والأدوات ليست موجودة لذاتها ولا تحيا في فراغ ؛ فهذه الألآت والأدوات موجودة لأنها تؤدى وظيفة وتقوم بدور فى الحياة الفنية والاجتماعية فى مجتمعنا الشعبي. ولا يتحقق وجود هذه الآلات إلا بأدائها الموسيقي المتوافق مع القيم الموسيقية والفنية التى يأخذ بها المجتمع الشعبي الموجود فيه . ولهذا فإن جمع البيانات المتعلقة بالآلات الموسيقية لا يكتمل إلاُّ بجمع المعلومات التى تبين دور كل هذه الآلات في الحياة الفنية والاجتماعية فى مجتمعها الشعبي ، من جهة ، وجمع البيانات والمعلومات التى تكشف عن القيم الموسيقية والمعايير الفنية التى يحددها المجتمع الشعبي لأداء هذه الآلات والمعدات ، من جهة أخرى.

وإجمالا، فإن:

( أ ) اتساع مفهوم الآلات الموسيقية ليشمل كل الأدوات والمعدات وحركات الأجسام التى يستخدمها أبناء المجتمع الشعبي وسيلة للحصول على الأصوات المنسقة بما يوافق ذائقتهم الموسيقية.

(ب) إدراك الرابطة الحيوية بين الآلات الموسيقية في مجتمع شعبي ما ونمط الحياة الاجتماعية والثقافية لذلك المجتمع ومعاييره الفنية ، هما المبدآن اللذان يشكلان تمايز مقاربة الآلات الموسيقية في الدراسات الشعبية واختلافها عنها فى دراسات الموسيقا الخاصة . ومن ثم ، كانت أهمية إن يتخذ الجامع الميداني هذين المبدأين منطلقين موجهين لجمعه البيانات والمعلومات المتعلقة بالآلات الموسيقية فى المجتمع الشعبي الذي يتم فيه الجمع الميداني.

وسيلاحظ مستعمل دليل الجمع الميدانى إن رؤوس موضوعاته ونقاطه راعت أن تشتمل على تساؤلات تُيسَّر إجاباتها جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالآلات الموسيقية التى تجسد الالتزام بهذين المبدئين ، ولكنه - في الوقت نفسه - راعى أن يستقصى الجوانب التقنية لتلك الآلات من جهة ، كما راعى أن يستقصى الجوانب الثقافية لوجود تلك الآلات واستعمالاتها ، من جهة أخرى.

قد يتوهم المتصفح المتعجل لهذا الدليل إن إيرادنا لتصنيف الآلات الموسيقية الشعبية ، ووضعنا لرسوم هذه الآلات وصورها يعنى أننا نعتمده تصنيفا نهائيا للآلات الموسيقية ، أو إننا نعتبره مستوفيا وشاملا لكل الآلات والأدوات الموسيقية الشعبية الموجودة في الواقع المعيشي وهذا استنتاج غير صحيح ؛ فهو فى أبسط نتائجه يفترض تخلينا عن المبدئين المؤسسين اللذين كنا نتحدث عنهما ، وهذا أمر غير وارد ، بل أننا لازلنا نشدد على المفاهيم والمبادئ الخاصة بالموسيقا الشعبية وآلاتها ، كما أننا نؤكد الطابع الثقافي الاجتماعي الشفهي الذى تتمايز به.

وواقع الحال، أننا أوردنا هذا التصنيف، وسجلنا هذه الصور والرسوم، عونا للجامع الميداني وتيسيرا عليه، بوصفها جميعا وسائل إيضاحية وتخطيطات تساعده على تكوين فكرة واضحة، عن الآلات الموسيقية الشعبية، مؤملين إن يدرسها الجامع قبل أن يشرع في عملية الجمع بحيث يكون على دراية بالموضوع الذى يجمع مادته. كما إن إطلاع الجامع الميداني على مثل هذا التصنيف ينبهه إلى التشابهات والاختلافات ، بل والتنويعات المتعددة للآلة الواحدة ، مما يساعده على الانتباه لاستقصاء البيانات والمعلومات والتدقيق فيها في كل موقع جمع ميداني محدد ، ومحاولة استيفاء تفصيلات الموجود بذلك الموقع ، سواء أكان متشابهاً أو مشتركاً أو مختلفاً أو ذا خصوصية متنوعة.

ومع هذا، فإن هذا التصنيف ليس عملاً مرسلاً ، وإنما جاء ثمرة لجهد منهجي وحصيلة لعمل ميداني متصل منذ بدايات ستينات القرن العشرين . وكان يتم عرضه على المختصين منذ ذلك الحين وتنميته وتطويره وفق الحقائق الجديدة التى يتم التوصل إليها، بحيث تتكامل وتشكل أساساً مقبولاً يمكن الرجوع إليه ؛ الأمر الذى أكده اعتماد غير قليل من الدارسين عليه وتبنى تقسيماته وتفريعاته ، حتى وإن لم يذكروا المصدر. ولهذا يجب على كل مستعمل لهذا الدليل ألا يتصفح هذا التصنيف متعجلا ، وإنما يتوجب عليه إن يقف أمامه ملياً ليدرسه ويتحقق من مبادئه ومكوناته ؛ لا للاعتبارات التى أشرنا إليها منذ قليل فقط ، وإنما أيضا لأنه يحثنا على مزيد من استقصاء جمع المادة الفلكلورية المتعلقة بالآلات الموسيقية الشعبية ، خاصةً أنه كانت لدينا فرصة ذهبية تحققت بالجمع الميداني المنهجي المتأني ، من حوالي مائتي موقع جمع ، من خلال مشروع أطلس المأثورات الشعبية المصرية.

وقد اعتمد تصنيفنا للآلات والأدوات الموسيقية الشعبية في تقسيمه للآلات إلى مجموعات رئيسية على معيار : الكيفية التى يتم بها الحصول على الصوت الموسيقي المرغوب من كل آلة - وذلك حتى يبقى تصنيفا متوافقاً مع التصنيف التقليدي المألوف للآلات الموسيقية ، سواء فى الموسيقا العربية أو فى الموسيقا الغربية . غير أننا عندما تابعنا تقسيم كل مجموعة رئيسية إلى مجموعات فرعية كان معيارنا اختلاف الخصائص الهيكلية ( المورفولوجية ) المحددة لهيئة كل آلة وأجزائها المنتجة للصوت الموسيقي المرغوب فى الآلة.

عبد الحميد حواس
الصفحة الرئيسية | دفتر الزوار | القائمة البريدية | اضفنا إلى المفضلة | اجعلنا صفحتك الرئيسية | عن مركز التصميم الجرافيكي
جميع الحقوق محفوظة للهيئة العامة لقصور الثقافة