طقوس رمضانية.. نظرات في تاريخ وفنيات حرفة الخيامية

طقوس رمضانية.. نظرات في تاريخ وفنيات حرفة الخيامية

اخر تحديث في 6/6/2020 4:09:00 PM

أسماء عبد الهادي
يعد فن صناعة القماش الملون والذي يطلق عليه الخيامية من أجمل وأهم الحرف والصناعات اليدوية ذات الموروث الثقافي الشعبي في مصر.
في بداية الأمر عرف الإنسان الخيام لتكون مأوى له، ومن هنا أطلق على هذه الحرفة الخيامية، وأراد ممتهن هذه الحرفة أن يجمل من شكل الخيامية وأضاف إليها الأقمشة الملونة مستعينا بالزخارف والتصميمات العربية القديمة ذات الطابع الديني المقتبس من المعابد والكنائس والمساجد.
عُرف قديمًا عن هذه المهنة ثقتها في قيمتها، حيث إنها لم تقبل أي حرفي لها؛ فكانت هناك طائفة للخيامين يترأسها شيخ وكانت تشكل بمثابة لجنة تجتمع لقبول أي حرفي جديد عليهم بعد فحص أعماله وتقييمها ويتم الموافقة عليه لاعتماده لممارسة الحرفة والانضمام لهم، ويقيم الخيامي الجديد مأدبة احتفالا بقبوله فرحًا بأنه نال شرف الانضمام لهذه الطائفة المميزة.
حتى الآن يوجد أحد أشهر أسواق القاهرة المسقوفة وهو شارع الخيامية أمام باب زويلة بشارع المعز، والذي اختص بهذا النوع من الحرف التراثية العريقة، وهو موجود منذ أيام الدولة الفاطمية؛ حيث كان يتم إصلاح خيام التجار التي يستخدمونها في سفرهم وترحالهم لشراء وتسويق تجارتهم في هذه المنطقة ومن هنا بدأت مهنة الخيامية.
وحتى نهاية ستينيات القرن الماضي كانت كسوة الكعبة المشرفة تصنع في مصر من الخيامية المزخرفة بخيوط ذهبية وفضية وكانت تنقل إلى الحجاز في موكب حب، وفرحا بهذا الحدث عرف باسم "المحمل"، ومنها أسست مصر أول مؤسسة لذلك وأسمتها "إدارة الكسوة" وموجودة حتى الآن. 
وتعتبر صناعة الخيامية مصرية المصدر حيث صنع المصري القديم خيمة لفرعون أثناء رحلاته لمتابعة أحوال البلاد، وذكر ماسبيرو في كتابه "المومياوات الملكية" أن هناك سرداقا من الجلد اكتشف من الأسرة الحادية والعشرين وهو يعد من القطع الفنية النادرة بطريقة الإضافة (الخيامية) التى عثر عليها فى خبيئة الدير البحري، ونجد أن رداء توت عنخ أمون الموجود بالمتحف المصرى القديم مزخرف بأشرطة من الأقمشة المطرزة بطريقة الخيامية، وهناك الكثير من الأمثلة في التاريخ المصري القديم تشهد على هذا الفن.
تنوعت صناعات الخيامية وخرجت عن نطاقها التي عرفت من أجله، حيث استخدمت في عمل السرادقات والخداديات والمفارش والستائر والمعلقات الحائطية، وصممت بأشكال هندسية كثيرة ومختلفة يتخللها بعض الآيات القرآنية والخطوط العربية والقراءات الصوفية وبعض الأمثال الشعبية والتي تبرز الواقع الشعبي، وتماشت أيضا مع موضة الأزياء حيث استخدمت في صناعة الشنط وأيضا بعض القطع من الملابس، فضلا عن أنها صنعت منها الملابس الخاصة برقصة التنورة، وارتبطت أيضا بشكل مباشر ببعض الطقوس الرمضانية المصرية فصنع منها الزينة والفوانيس والخيم الرمضانية وموائد الرحمن.
وتعد هذه المهنة ذات الهوية والأصل المصري قادرة على إحياء التراث الفني وأهمية استمرار التراث المصري وصونه من الاندثار.


اسماء نور

اسماء نور

راسل المحرر @