العدالة التقنية وحقوق ذوي الاحتياجات

العدالة التقنية وحقوق ذوي الاحتياجات

اخر تحديث في 4/23/2019 3:42:00 PM

محمد إبراهيم

أثمرت التطورات السريعة والمتلاحقة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمًا هائلاً من المعلومات في مختلف فروع المعرفة؛ وأصبح تحقيق العدالة في توزيع منافع التكنولوجيا أمراً حتمياً لجميع أفراد المجتمع بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف تنمية قدراتهم، ومهاراتهم في البحث عن المعلومات، وإشباع احتياجاتهم المعلوماتية، وكان لابد من إتقان واكتساب مهارات التعامل مع هذه المستحدثات التكنولوجية؛ ليصبحوا مؤهلين لتحديد احتياجاتهم المعلوماتية الدراسية والوصول إليها بأنفسهم.

 

وقد أوصانا الله تعالى بإقامة العدل بين الناس حيث ولّى الناس بعضهم على بعض فى فئات مختلفة فى نطاق البناء الاجتماعى أو الدور الاجتماعى أو على النطاق الوظيفى كذلك على مستوى الحاكم والمحكوم، على ضوء الآية الكريمة من سورة النساء وقراءة الأية الكريمة بشكلها الشمولى أن الله يأمرنا بأن نؤدى الأمانات إلى أهلها وأن الحكم له هو العدل وفوض لنا الجزء من شكل حكمه ممثلًا فى السبب وله الأمر {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} النساء (58).

 

تشير إحدى الإحصائيات الصادرة عن منظمة اليونسكو أن نسبة الأمية المعلوماتية في الوطن العربي تزيد عن 98%  (1) ؛ ما دفع الكثير من الباحثين في مجال المعلومات لدراسة هذه الظاهرة خاصة في البيئات التعليمية، فالثقافة المعلوماتية ليست هدفًا في حد ذاتها لكنها وسيلة إعداد جيل قادر على التنمية الثقافية والاقتصادية والتعليمية للمجتمع.    

Information Culture الثقافة المعلوماتية

يشير مصطلح الثقافة المعلوماتية (Information Culture) إلى مجموعة القدرات المطلوبة التى تمكن الأفراد من تحديد احتياجاتهم من المعلومات فى الوقت المناسب، والوصول إلى هذه المعلومات وتقييمها ومن ثم استخدامها بالكفاءة المطلوبة (2).

 

وتعرف اليونسكو الثقافة المعلوماتية بأنها "تهتم بتدريس وتعلم كافة أشكال ومصادر المعلومات، ولكى يكون الفرد ملمًّا بالثقافة المعلوماتية يلزمه أن يحدد: لماذا ومتى وكيف يستخدم كل هذه الأدوات، ويفكر بطريقة ناقدة فى المعلومات التى توفرها تلك الأدوات (3)".

 

وتعد الثقافة المعلوماتية أساسًا لا غنى عنه للتعلم فهى ضرورية لجميع الفئات، ويمكن القول بأن الشخص المثقف معلوماتيًّا من ذوى الاحتياجات البصرية  هو من تتوفر فيه سمات: كالقدرة على تعريف مدى المعلومات المطلوبة، الوصول إلى المعلومات المطلوبة بسرعة وكفاءة، التقييم الناقد للمعلومات، استخدام المعلومات بكفاءة لإنجاز المهام المطلوبة، الإلمام بالقضايا الاقتصادية والقانونية والاجتماعية المرتبطة باستخدام المعلومات ومصادرها، استخدام المعلومات بطريقة قانونية وأخلاقية. 

 

ولدينا أعلام من ذوى الإعاقات كانوا فى مصاف المشاهير ولم تكن الإعاقة حاجزًا أو رادعًا لأمالهم وطموحاتهم، فنانون مصريون عظماء كعميد الأدب العربى (طه حسين على سلامة) الأديب والناقد والمبدع ومن الذين أحدثوا نقلة نوعية للحركة الأدبية وشكل الرواية العربية والتى تثير مواقفه وأفكاره الجدل حتى يومنا هذا فهو ظاهرة تدعونا دائمًا للتأمل وزرع الأمل فى نفوسنا ونفوس كُل من يريد تحدي إعاقته.

 

 كذلك الملحن الكبير المصرى (عمار على محمد إبراهيم الشريعى) الموسيقى والمؤلف والناقد والذى له الكثير من الإنجازات التى نشهدها دائمًا فى التليفزيون المصرى بموسيقاه التصويرية البديعة التى لا يشبهها شيء على النسق الموسيقى فى هذا المجال من مسلسلات وأفلام الملحن والمطرب المصرى (سيد محمد سيد مكاوى) شيخ الملحنين والمنشد الدينى له من الأغانى والألحان ما أثرى به الغناء المصرى والعربى.

 

ومن الإنجازات التى يعكف عليها الباحثون والمخترعون فى مجالات صناعة وتطوير أجهزة مساعدة المكفوفين، إنجاز قامت به طالبة بالصف الثالث الثانوى (يمن محمد صلاح) والتى ابتكرت اختراعها و أطلقت عليه (قائد بلا عيون) والذى يساعد المكفوفين فى السير دون مساعدة مرافق وبدون عصا، وهوعبارة عن نظارة ليست منوطة بالرؤية وإنما وظيفتها إخبار المكفوف بعقبات الطريق وتشمل كاميرات ترى الطريق وتخبر من يرتديها بالشارع الذى يمشى فيه والاتجاهات المختلفة التى يتبعها لوجهته.

 

يطمح هذا المقال فى إثارة الرغبة للمعرفة عن طريق التخطيط الجيد لخدمات المعلومات بمكتباتنا المنتشرة فى محافظات مصر من قبل فريق يضم المتخصصين المعنيين بالتطورات التكنولوجية، والذين لا يشترط أن يكونوا من العاملين بتلك المكتبات ، ويمكن تأهيل عدد من الموظفين المهتمين بالمجال التكنولوجي ونشر الوعى الثقافى والتوعوى التكنولوجي وعمل قوافل ثقافية للمواقعنا بشكل دورى ومن ثم إعداد برامج تدريبية لأخصائى المكتبات والمعلومات تلبى احتياجاتهم التدريبية، واحتياجات ذوى الاحتياجات الخاصة إلى جانب خلايا مُتفاعلة فى نسيج المجتمع ودمجهم فى كافة النشاطات المتاحة، تقديم مقررات فى الثقافة المعلوماتية من خلال المكتبة لذوى الاحتياجات البصرية ، إتاحة ألواح تكنولوجية (كيبورد) بالحروف البارزة بطريقة بريل، كذلك كيبورد بحروف خاصة بارزة للأورج فى سياقات الآلات الموسيقية، كذلك توفير الكتب والمراجع العلمية لذوي الإحتياجات الخاصة بما يتناسب مع إعاقاتهم المختفلة وخاصةً المكفوفين بطريقة بريل.

 

........................................

المراجع

1-    هند عبد الرحمن إبراهيم الغانم. (2009).- مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية.- عدد1 (يناير- يونية 2009م).
2-    القرآن الكريم سورة النساء آية 58.
3-    صفاء عبد الرحمن محمد. (2013). التحول الرقمي للمعرفة وتأثيره على الثقافة المعلوماتية للمتخصصين فى العلوم البحتة رسالة ماجستير غير منشورة. كلية الآداب. جامعة القاهرة.
4-    بحث مقدم للمؤتمر للإدارة العامة للتمكين الثقافي لذوى الاحتياجات الخاصة الدورة الثامنة  ديسمبر2016.. ذوو الاحتياجات الخاصة فى التجمعات النائية والبدوية المصرية بين الانتماء والاغتراب.. د/ أحمد حسن محمد حجاج.
5-    Abid, Adbelaziz. UNESCO: Information Literacy for Lifelong Learning. Paris: UNESCO, Information Society Division, 2004.

شاهد بالصور


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @