اخر تحديث في 12/30/2025 8:43:00 PM
فتيات "أهل مصر" من المحافظات الحدودية يتعرفن على أسرار التحنيط في جولة تثقيفية
شهد متحف التحنيط بمحافظة الأقصر، جولة تثقيفية لفتيات الملتقى الثقافي الثالث والعشرين لثقافة وفنون الفتاة والمرأة بالمحافظات الحدودية، ضمن مشروع "أهل مصر"، المقام بمحافظة الأقصر، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، تحت شعار "يهمنا الإنسان"، ويستمر حتى 4 يناير المقبل.
وخلال الزيارة، استمعت الفتيات إلى شرح مفصل قدمته إيمان محمود عبد الله، وكيل المتحف، أوضحت خلاله أن عملية التحنيط لدى المصريين القدماء انطلقت من معتقد ديني راسخ، وكانت تتم بدقة متناهية للحفاظ على الجسد وضمان استمراره في الحياة الأخرى، مشيرة إلى أن المتحف يتناول فن التحنيط بشكل حصري من خلال عرض لوحات جدارية توضح مراحله المختلفة ومراسم الدفن.
وأضافت أن الجسد كان يطهر باستخدام الماء المقدس المستخلص من البحيرة المقدسة بمعبد الكرنك، ثم تزال الأعضاء القابلة للتحلل، حيث يتم فتح الجانب الأيسر من البطن لاستخراج الأحشاء، بينما يستخرج المخ بطريقة خاصة عبر فتحتي الأنف.
وأشارت إلى أن الجسد كان يجفف باستخدام ملح النطرون لمدة ثلاثين يوما، لضمان خلوه من الرطوبة وحماية الأنسجة من التحلل، وبعد انتهاء فترة التجفيف، توضع الأحشاء بعد تنظيفها وتعقيمها في الأواني الكانوبية، ويحشى تجويف البطن بملح النطرون والأوراق العطرية والنشارة لمنع نمو البكتيريا.
وفيما يخص موضع المخ، أوضحت أنه كان يملأ بلفائف كتانية مغموسة في مواد حافظة، مؤكدة أن هذه العملية المتقنة تهدف إلى الحفاظ على الجسد في أفضل حالاته، ليكون مهيأً لرحلة الخلود وفقًا لمعتقدات المصريين القدماء. وبعد الانتهاء من التحنيط، توضع المومياء على سرير خاص، وتنقل عبر مركب إلى البر الغربي، حيث تقع المقبرة.
وتواصلت فعاليات الزيارة بحضور الدكتورة دينا هويدي، مدير عام الإدارة العامة لثقافة المرأة، والمدير التنفيذي لمشروع أهل مصر للفتاة والمرأة، حيث أوضحت وكيل المتحف أن المتحف يضم مجموعة مميزة من التوابيت المزينة بأغطية تحمل رسومات ونقوشًا دينية، إلى جانب تمائم كانت توضع مع المتوفى لتوفير الحماية في الحياة الآخرة، فضلا عن الأدوات الطبية المستخدمة في عملية التحنيط، والمواد المستخدمة فيها من زيوت وعطور وملح النطرون.
كما يضم المتحف نماذج لحيوانات محنطة، حيث اعتاد المصريون القدماء تحنيط بعض الحيوانات المقدسة، مثل القطط والصقور، إيمانا بدورها الرمزي وارتباطها بالمعبودات.
وعن إحدى الجداريات، أوضحت أنها تجسد حماية المقبرة من السرقة والتدنيس، حيث يظهر تمثال برأس "ابن آوى" وجسد إنسان يراقب عملية التحنيط، باعتباره رمزًا لحماية المتوفى وممتلكاته، مشيرة إلى أن المصريين القدماء آمنوا بالحياة بعد الموت، ولذلك كانوا يدفنون المتوفى مع مقتنياته وأدوات حياته اليومية، اعتقادا بحاجته إليها في العالم الآخر.
وأضافت أن تمثال "ابن آوى" كان رمزا لحماية المقابر من الأرواح الشريرة واللصوص، كما استخدمت في تصميم المقابر الملكية تماثيل له لبث الرهبة وإبعاد المعتدين.
يُنفذ الملتقى من خلال الإدارة العامة لثقافة المرأة، بإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة الدكتورة حنان موسى، رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع، وبالتعاون مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي بإدارة محمود عبد الوهاب، وفرع ثقافة الأقصر بإدارة حسين النوبي.
ويتضمن برنامج الملتقى لقاءات توعوية وتثقيفية حول موضوعات متنوعة، إلى جانب أمسية ثقافية ودوائر للدعم النفسي، بمشاركة 110 فتاة من محافظات الوادي الجديد، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر "الشلاتين وحلايب وأبو رماد"، ومطروح، وأسوان، بالإضافة إلى مشاركات من محافظتي القاهرة والأقصر.
كما يشمل البرنامج عددا من الزيارات الميدانية لأهم المعالم الأثرية والسياحية بمحافظة الأقصر، إلى جانب جولات حرة.
ويعد مشروع "أهل مصر" أحد أبرز مشروعات وزارة الثقافة الموجهة لأبناء المحافظات الحدودية من الأطفال والشباب والمرأة، وينفذ في إطار البرنامج الرئاسي لتشكيل الوعي الوطني، وتعزيز قيم الانتماء، ودعم الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.