اخر تحديث في 12/14/2025 12:29:00 PM
نظم قصر ثقافة الشاطبي ندوة بعنوان "من مسرح الجريمة إلى حكايات الأمم السابقة"، ضمن أجندة فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وفي إطار برامج وزارة الثقافة بالمحافظات.
أدار الندوة الكاتب علاء أحمد، وشارك بها كل من الكاتبة د. سمر عبد العظيم، أستاذ الطب الشرعي بجامعة عين شمس، والكاتب د. أسامة الشاذلي، أستاذ جراحة العظام بكلية الطب.
استهلت الندوة بحديث للكاتب علاء أحمد عن نوع الكتابة الذي خرج من بين أيدي الأطباء الذين جمعوا بين المعرفة العلمية والحس الإبداعي، مشيرا إلى أن التجربة الطبية منحت كتاباتهم عمقا إنسانيا خاصا.
وتوقف عند نماذج بارزة أثرت الأدب العربي بقوة، من بينها الأديب يوسف إدريس رائد القصة القصيرة، الكاتب الدكتور نبيل فاروق، الشاعر إبراهيم ناجي، الأديب الدكتور محمد كامل حسين صاحب رواية "القرية الظالمة"، والدكتور أحمد خالد توفيق، أحد أبرز الأسماء التي نجحت في الدمج بين المعرفة الطبية والخيال الأدبي.
وأوضح أن الطبيب حين يمارس الأدب يكتب بعيون ترى التفاصيل الدقيقة، وبقلب عاش تجارب إنسانية قريبة من الألم، فتأتي كتاباته مشبعة بالصدق، والتحليل النفسي، والعمق الدرامي.
من ناحيته، تحدث الدكتور أسامة الشاذلي عن العلاقة بين الطب والأدب، موضحا أن الطب رغم كونه تخصصا علميا دقيقا، إلا أنه يقوم على القراءة التحليلية المتعمقة، والفهم والاستيعاب، ثم الاستنتاج وبناء الفرضيات.
وأضاف أن الطب علم لا غنى فيه عن القراءة المستمرة والتعلم مدى الحياة، مؤكدا أن الكاتب، مثل الطبيب، رأس ماله الحقيقي هو القراءة، وأن ما يجعل الطبيب كاتبا ناجحا هو امتلاكه مخزونا معرفيا واسعا، وقدرة على التحليل والاستنتاج، وطرح فرضيات وأفكار جديدة.
وبشأن الدراما والكتابة التاريخية، أشار إلى أن الكتابة التاريخية هي استشراف للمستقبل عبر العودة إلى الجذور، حيث يستخدم التاريخ كأداة لفهم الحاضر، وليس مجرد سرد للأحداث الماضية.
وتناول بالتفصيل آليات الإعداد للعمل التاريخي، مؤكدا ضرورة إعادة قراءة التاريخ وتقديم الوقائع التاريخية كما هي، دون تحميلها خيالا، لتجنب الوقوع في الأخطاء، موضحا أن المساحة الإبداعية الحقيقية تكون في بناء الشخصيات وتعميق الأبعاد الدرامية.
وأشار إلى روايته "عهد دميانة"، التي تناول خلالها أحداثا تعود إلى عصر الدولة الفاطمية، موضحا كيف سعى من خلالها إلى تعزيز مفهوم الوطنية، رغم الاختلافات المذهبية التي شهدتها تلك الفترة.
وتواصلت الفعاليات مع حديث الكاتبة د. سمر عبد العظيم عن أدب الجريمة، مؤكدة أنه لا يقتصر على عنصر الإثارة والتشويق، بل يحمل بعدا إنسانيا ومعرفيا مهما يتيح فهم سيكولوجية الجاني، والظروف النفسية والاجتماعية المحيطة به.
وأوضحت أن هذا النوع من الأدب يسهم في توعية القارئ، وتنبيهه إلى العلامات المبكرة لبعض السلوكيات الخطرة، مؤكدة أن الرواية القائمة على المعرفة العلمية، وتناول الحقائق بدقة، تكون أكثر قدرة على الإضاءة والتنوير، وليس فقط جذب الانتباه.
وأضافت أن مصر من الدول المتقدمة جدا في مجال الطب الشرعي والبحث الجنائي، وأن هذا التميز كان له دور واضح في خفض معدلات الجريمة، مشيرة إلى أن المعدلات في الواقع ليست مرتفعة كما يتخيل البعض، بل تكون في كثير من الأحيان طبيعية أو أقل من المعدلات الطبيعية.
وأرجعت التضخيم في الإحساس بانتشار الجريمة إلى تركيز البعض على الحوادث الفردية وتقديمها على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها ظواهر عامة، بينما الواقع مختلف تماما.
واختتمت حديثها بالإشارة إلى روايتها "عابرون"، التي تعد من أحدث أعمالها في مجال أدب الجريمة، وتدور أحداثها داخل قطار واحد على مدار 12 ساعة، حيث يتحول الزمن إلى بطل رئيسي، وتتقاطع العلاقات الإنسانية كاشفة عن طبقات متعددة من النفس البشرية.
نفذت الندوة بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة محمد حمدي، ومن خلال فرع ثقافة الإسكندرية، بإدارة الفنانة د. منال يمني، واختتمت بتقديم الفنان محمد شحاتة، مدير قصر ثقافة الشاطبي، شهادات تقدير لضيفي الندوة، تقديرا لمشاركتهما المميزة وإسهامهما في إثراء الحوار الثقافي، وذلك بحضور د. رانيا إبراهيم أستاذ النقد والتمثيل بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والأديبة نهى عودة، والناقد والكاتب وحيد مهدي، ولفيف من المثقفين.