اهتمت الهيئة منذ نشأتها بأبو الفنون فالمسرح كالأب الذي يجمع أبناؤه حوله وبين جنبيه ليتكاملوا معا في العمل المسرحي فيترافق الفن التشكيلي مع فنون الكتابة مع الموسيقى وأعطت الهيئة في البداية الحرية لفروعها في أقاليم مصر في اعتماد فرقها المسرحية لتحقق أكبر قدر من العدالة الثقافية.
ويختلف الباحثون وعلماء الآثار حول حقيقة المسرح المصري وهل عرف المصريون القدماء فن المسرح...؟.
فبعض العلماء يرجع نشأة المسرح المصري إلى كهنة معبد أمون في مدينة طيبة في مصر القديمة وأشاروا أنهم عرفوا فن تشخيص الروايات والقصص الأدبية بصورة مدعومة بالشعر والموسيقى وأمام جمهور من الصفوة "الأمراء والنبلاء والحكام" قبل أن تعرفه بلاد اليونان بقرون عديدة.؟
فيقول المؤرخ الأغريقي هيرودوت (ت 425 ق.م.) إن كهنة أمون كانوا يعدون ساحة المعبد المقدس في الأعياد والمناسبات الدينية لتقديم عروض تشخيصية، يقدم خلاله أحدهم دور إله الشر ست، وآخر يؤدي دور أوزيريس، وامرأة تلعب دور أيزيس، وطفل يقوم بدور حورس، مشيرا أنها كانت مدعمة بالموسيقى لتحفيز المشاهد وتفاعله مع الأحداث، كمان استخدموا الملابس والمكياج وهو موجود في النقوش على جدران المقابر، وهذا يعني استمرار هذه العروض إلى عصر هيرودوت "تقريبا القرن الخامس قبل الميلاد" ويؤكده الدكتور سليم حسن في موسوعة مصر القديمة، واكتشافات العالمان كورنتس 1932 وكورت 1938 عندما عثروا على برديات تحوي نصوص مسرحية لعروض تكونت من 40 مشهد، في صورة أقرب ماتكون للشعر لتصوير مأساة إيزيس وبحثها عن زوجها في كافة البلاد، وعرقلة الأله ست وهو ما يؤكد أن الفراعنة عرفوا فن المسرح من آلاف السنين.
أما المسرح الشعبي المنتشر بين عامة الناس في قرى ومدن مصر، فكان يتمثل في فرق من الرحالة المتجولين منهم الراقصين والموسيقيين والممثلين، يقدموا روايات قصيرة لا تتعدى عشر دقائق ويجذبوا جمهورهم بالموسيقى والرقص مقابل بعض الغلال أو البيض أو الأطعمة لأن المصري القديم لم يعرف التعامل النقدي في هذا المبكر من التاريخ.
وردت الإشارات في الكثير من المراجع التي تؤكد أن العرب عرفوا أشكالا تشبه الأشكال المسرحية المعترف بها مثل "مسرح خيال الظل" والذي.نضج على يد الفنان الشاعر محمد جمال الدين بن دانيال، فضلا عن أشكال أخرى مثل "صندوق الدنيا، ومسرح السامر، ومسرح المحبظين" وكان الفعل الدرامي في هذه الأشكال معبرا عن هموم الطبقات التي أبدعته وأحلامهم وموقفهم ضد قوى الاستغلال الداخلية وقوى القهر الخارجية.
وفن المسرح بمفهومه الحالي لم يعرفه العرب إلا أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر.حيث جلبوا معهم الممثلين والمخرجين والكتاب، وأقاموا بعض المسارح الخشبية ليمثلوا فيها بالفرنسية بعض الروايات للترويح عن جنودهم، وكان الشعب يسترق النظر من خلال الألواح الخشبية لكى يشاهد ما يجرى على تلك المسارح.
وبعد خروج الحملة الفرنسية عام 1801 فتح الباب على مصراعيه أمام تدفق عدد كبير من تلك الفرق لترسخ شكل المسرح الغربي في البيئة المصرية.
وظهر أول رواد المسرح المصري وهو يعقوب صنوع الشهير بأبي نظارة الذي حاول أن يجعل للمسرحية رسالة اجتماعية هادفة رغم أن البداية كانت غنائية حتى لا يصدم مشاعر الجماهير التي اعتادت الطرب، ولاقى صنوع نجاحا لافتا للنظر،مما حدا بالخديوي أن يطلق عليه "موليير مصر"،ولم يدم ذلك طويلا إذ اصطدم صنوع بالسلطة عندما تعرض من خلال مسرحياته إلى مناقشة بعض الأوضاع الاجتماعية السائدة، فأدت إلى سخط إسماعيل ،وأغلق مسرحه بعد عامين من افتتاحه.
وانتقل الفن العربي إلى مصر بعد أن اشتد ظلم وتعصب الأتراك في سورية، ومعارضة الكاثوليك للمسرح في لبنان، فهاجر رواد التمثيل إلى مصر لما فيها من استقلال ذاتي عن الحكم التركي، حتى بدأ المصريين يدخلوا هذا المجال من خلال هذه الفرق الوافدة في البداية ثم انطلق قطار الفرق المصرية.