التنمية المستدامة في الحرف والفنون الشعبية بملتقى الأطلس بأسوان

 التنمية المستدامة في الحرف والفنون الشعبية بملتقى الأطلس بأسوان

اخر تحديث في 3/30/2021 3:27:00 PM

محمد إبراهيم
تتميز الحرف الشعبية وعلي نسقها الفنون الشعبية بالاستمرار في العطاء والذي يحتاج بالضرورة لإصرار الفرد في الحفاظ فقط على مصدر المادة الخام كذلك الاستخدام الرشيد لتلك المادة، فالاستمرارية في أداء الحرفة أو ممارسة الفن الشعبي بمثابة تنمية واستمرارية في العطاء والاستخدام الأمثل للموارد البيئية.
وفي جلسة بالملتقى التراثي الأول لأطلس المأثورات الشعبية تم مناقشة دور التنمية المستدامة في الحرف الشعبية والفنون الشعبية. 
حرفة صناعة الجريد (العداية والأقفاص):
تحدث الدكتور حمدي سليمان عن التنمية المستدامة من خلال البُعد التاريخي حيث أشار إلى الجريمة التي قام بها العثمانيون وهي تجريف مصر من الحرفيين المهرة وإرسالهم إلى الأستانة، كذلك الحرف القائمة والمستمرة بالفعل والتى يتم فيها استخدام المادة الخام بشكل رشيد كما يهتم الصناع بالاعتماد على أكثر من مصدر؛ واتخذ نموذجًا: حرفة الجريد لصناعة العداية والأقفاص بمنطقة (ميت شماس) بمحافظة الجيزة.
أوضح سليمان أن التاجر أو صاحب الورشة يقوم بشراء الجريد ونقله إلى مكان العمل، (المعلم أو الحرفي) إذا كان يعمل لحسابه الخاص ولديه مصدر مستقر للتسويق، وكثير من الحرفيين الذين يصنعون في منازلهم يعملون لحساب تاجر، يوفر لهم الجريد ويتعامل معهم بالعداية، وهو الذي يقوم بعملية النقل. كما أضاف أن الجريد من مشتقات النخيل وهو المادة الأساسية في حرفة صناعة الأقفاص، حيث يستخدم الجريد الأخضر (الطري– الملدن) والجريد الناشف (المستوى) في هذه الحرفة. 
وتطرق إلى أدوات هذه الحرفة وأنها بسيطة ومتوفرة في كل بيوت القرية، ويتم شراؤها من محلات الحدادة باستثناء الاورمه وأدوات الدق (الثقيلة والخفيفة) فهي أدوات خشبية يتم تقطيعها من أشجار الكافور أو التوت. تعد حرفة صناعة الأقفاص من الحرف التقليدية والتي لا يوجد  بين أدواتها آلات كهربائية، ولا يستخدم تكنولوجيا حديثة، لذا فهي من الحرف المتعبة والتي تحتاج إلى جهد كبير، فالقفاص يقضي يومه من الصباح إلى المساء جالسا (مقرفصا) على الأورمة لينجز عمله، وهو عمل متكرر روتيني لا يوجد به ابتكار، كما أن هذا الجهد العضلي الشاق يترك بصماته على أبناء هذه الحرفة، فمعظمهم يعانون من أمراض الروماتيزم والبواسير وهى من مشكلات هذه الحرفة، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية التي يعانى منها الحرفى حيث أن العائد من الحرفة لا يغطى نفقات المعيشة؛ فالأجر الكبير يذهب إلي المعلم والأجر القليل جدًا يكون من نصيب الحرفيين.
قرى تشتهر بالحرف عالميًّا
سرد سليمان عدة قرى تشتهر عالميا بمنتجاتها الحرفية، حيث تشتهر قرية الحرانية عالميا بصناعة السجاد يدويًّا،  كرداسة – العبايات، جراجوس بقوص التي تفردت بدرجة عالية في صناعة الخزف وأتقنته لدرجة مدهشة/ نقادة وصناعات النول وما تنتجه من ملاءات وعبايات وأثواب تُصَدر لدول أوربية وأفريقية مختلفة فهم يصنعون (الفِركة) وهي ملاءة من خيوط الحرير تلتف بها النساء الأفريقيات وقد اشتهرت نقادة بصنعها وتصديرها إلي العالم، ومن أهم الحرف صناعة الأثاث من الجريد كما في قري الصعيد والنوبة والجيزة والفيوم، والكليم اليدوى الذي تشتهر به إخميم بسوهاج/ المنتوجات اليدوية من الزجاج والخشبيات والخطوط والنحاس والخيّامية وعرائس الأطفال وغيرها من المنتجات المبهرة التى تؤكد قدرة الشعب المصرى علي الإبداع والتميز المدهش، لدينا أيضا قصر الشُّرفا/ وإنتاج قرية القُرنة والحبيل بالأقصر من التماثيل المنحوتة من الأحجار/ ومن أجمل المنتوجات اليدوية الفخار في قرية المحروسة والقلل القناوي، وصناعة الحصير من الحَلف في بعض قري الصعيد والدلتا؛ والتراث التقليدى الحرفى للواحات المصرية " سيوة-الفرافرة -الداخلة – الخارجة- الواحات البحرية"، ومرسى مطروح وسيناء، وحلايب والشلاتين.
عرف الباحث جمال وهبي الحرف اليدوية بأنها الأعمال التي يقوم بهي العالم بالحرفة والمُتمكن منها ما يؤدي إلى منفعة فردية ومجتمعية، خاصةً وأن تلك المنفعة مهمة وضرورية في حياة الأفراد فمثلًا عندما يأتي موسم تلقيح النخيل فصاحب النخيل يكون بحاجه لمتخصص بالتلقيح وهو (لاقح النخيل)، وعندما تكون سكاكين المطبخ لا تقطع جيدًا فنحن بحاجة إلي (سَنان السكاكين... وهاكذا)، فالحرفى الشعبي يؤدي عمله محققًا منفعة لوطنه ومقابل حصوله علي أجر ما قام به من خدمة. مما يحقق له دخل مادي مناسب يكفيه مواجهة صعوبات الحياة.
أما الصناعات الشعبية التي تنهض على الخامات البيئية المتاحة فمثلًا الجريد، وصناعة الفخار، وصناعة القلائد والعَلاَقَات، أعمال الزعف، تفصيل الملابس، كي الملابس... إلخ. فإنها يمكن أن تتحقق التنمية المستدامة من خلال رفع مستوى دخل الفرد بعد تعليمه صناعاته الشعبية من خامات بيئته المتوفرة زهيدة الثمن ويقوم ببيعها للآخرين مقابل سعر يحقق به هامش ربح فهو أفاد المجتمع ورفع دخله المادي، فعلي سبيل المثال: في محافظات النخيل، فالنخلة كلها خير فهي تنتج البلح وعند ظهور الطرح يكون رطبًا وتقوم عليه بعض الصناعات: (صناعة العجوة، صناعة النبيذ، والصناعات المتعددة) كذلك أن موسم التلقيح للنخيل تحتاج النخلة لنظافة حيث تجديدها من الجريد والليف (عُقب الجريد المتصل بالنخلة).
كيفية إحياء الحِرف التقليدية:
يتم إحياء الحرف التقليدية عبر عدة أسس أهمها:
-    عمل أطلس مصرى للحرف والصناعات التراثية لجمع وتوثيق هذا التراث. 
-    إقامة دورات تدريبية لشباب الخريجين من الجنسين وربات البيوت لتدريبهم على ممارسة الحرف التراثية والتقليدية، يتم تنفيذها من خلال أساتذة الجامعات وأصحاب الحرف الذين يعملون في مجال الحرف التقليدية.
-    عمل ورش عمل تستهدف شباب الخريجين لاستعراض القيم الثقافية المختلفة للحرف التراثية والصناعات التقليدية ومدي أهميتها في المجتمع، يتم تنفيذها بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات ذات الصلة بالموضوع. 
-    ندوات توعية للجماهير لإبراز أهمية دور الحرف التراثية والتقليدية (الاجتماعية والاقتصادية والسياحية) في التنمية البشرية وانعكاس ذلك على المجتمع.

شاهد بالصور


محمد ابراهيم

محمد ابراهيم

راسل المحرر @