الفن القبطي.. أصالة وعبق تاريخ

الفن القبطي.. أصالة وعبق تاريخ

اخر تحديث في 9/24/2020 9:05:00 PM

مروة سعد
  الفن القبطى يتمتع بالبساطة والأصالة والذاتية ويحاكى العامة ويندمج في عالمهم الروحى ثم يتجسد داخل الكنائس والأديرة والقلادات الرهبانية، وإلى داخل الحياة في المنازل في السجاد والأواني والتحف الفنية، ومن خلال «اندماج» الروحانية التي ظهرت مع الفن القبطي في أساليبه الفنية التي أظهرت رؤية مركبة من الفنون السابقة له من التأثيرات الرومانية والمصرية، ظهر الفن في حرية تواكب التعامل مع الموروث العقائدى، فالفن القبطى متصل بجذور وأعماق الفكر المصرى القديم، فالفن هو مرآة تاريخ المجتمع وحياته الاجتماعية.

الفن القبطي ما بين تأثره بالفن المصري والروماني 

علي الرغم بتأثر المعمار القبطى بالعمارة الرومانية، فإن تأثره بالفن المصرى القديم أكثر لأنه كان النموذج الأقرب إليهم في عمارة المعابد في صالة الأعمدة الكبرى والتى كانت باعثا للقداسة، وبالتالى نجد أن مفهوم البازيلكا لم يكن رومانيا وإنما كان مصريا في المقام الأول، والاستقامة المحورية من المدخل حتى قدس الأقداس وزيادة عدد الحجرات من المعايشة للفن المصرى القديم والتأثير المعمارى بالمعابد والكنائس القديمة.

الفن القبطي تجسيدا لقصص الكتاب المقدس

قام الفنان القبطى بتجسيد فكرة العقاب والثواب والتى صورها المصرى القديم في فكرة المحاكمة للموتى والوقوف أمام أوزوريس، وصورها القبطى لملائكة يعذبون الأشرار، وصورها الفنان القبطى في تجسيد السلام بالبجوات وتصوير فكرة انتصار الخير على الشر والتى صورها المصرى القديم وخلدها في أسطورة انتصار حورس على ست قاتل أبيه أوزوريس وتصوير طلسم حورس واقفا بقدميه فوق الثعبان وصورها الفنان القبطى في صورة القديس الفارس فوق جواد».
كما اتجه إلى تصوير موضوعات العهد القديم وقصص الأنبياء، واستخدم هذه الموضوعات في التصوير الجدارى ويتمثل ذلك في واحة الخارجة، مضيفة أن بعض الموضوعات تم تصويرها من العهد الجديد في سقارة ودير سانت كاترين ومنها تصوير أضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام بابنه إسحاق.
كما تناول الفنان هذه الموضوعات تناولا موضوعيا وتمسك بالإيمان والصمود واهتم الفنان القبطى بتصوير المعاناة في قصص الأنبياء في العهد القديم وتصوير الانتصار على الوثنيين وتصوير فكرة العقاب الإلهى مثل عقاب آدم وحواء والخروج من الجنة»
..وللفن فى الكنيسة تاريخ قديم، فترجع أول صورة إلى القديس «لوقا» أحد تلاميذ المسيح، والذي رسم صورة للسيدة العذراء وهي تحمل المسيح، والتي يعتبرها البعض بداية للفن القبطي.
وكان البطريرك كيرلس الأول، البطريرك الـ24، أول من بدأ في تعليق الأيقونات في المقر البابوي سنة 420م، ومنها انتشرت الأيقونات في كل الكنائس، وازدهر الفن القبطي وبذلك نجد كيف كان تحول الفن القبطي ليكون فنا دينيا ساهم فيه الرهبان بالأديرة و افراض من الشعب بشكل كبير فكان بسيطا عبر فيه الناس عن علومهم الدينية بطريقة بسيطة انطبعت على رسومهم التي تؤول إلي الرمزية.
ومن عام 726م وحتى 842م ظهرت جماعة مقاومي الأيقونات، وهي الفترة التي تم فيها حرق وتدمير معظم الأيقونات القبطية في الأديرة والكنائس، إلا أن مجموعة من الرهبان استطاعت تخبئة عدد من الأعمال الفنية الموجودة في دير الأنبا أنطونيوس وكنيسة أبوسيفين بأبي سرجة.

 مجهودات الفن في العصر البطلمي

 حيث كان للإسكندر الأكبر رؤية في الفن كاستدعائه للمهندس رودس ليعيد تقسيم مدينة الإسكندرية وعمل ميناءين شرق وغرب المدينة وعمل فنار الأسكندرية لذا فإن دراسة الفن القديم بمدينة الأسكندرية مهم جدا، لأن الثقافة الهلينية كانت منتشرة بالقدر الذي أثر في مسيرة الفن القبطي من حيث التأثر به. 

 أوجه التلاقي بين الفن القبطي والإسلامي

 هناك علاقة تأثير وتأثر بين الفن القبطى والفن الإسلامى وهو ما يتضح في رسم الأيقونات، والأطباق النجمية، والكتابة على الأيقونة، ووجدت بعض الأيقونات، عليها كتابات باللغة العربية، وتساهم الكتابات في معرفة الأسلوب المستخدم في رسم الأيقونة ومعرفة معلومات عنها وتأثر الفن الإسلامى بتناول النسيج القبطى في العصر الفاطمى

دلائل التأثر بالعصر القبطي في مصر في نشأة التقويم القبطي 

ومن هنا أيضا نرجع أصول حساب التقويم القبطي إلي أنه نشأ في سنة 4241 ق.م.، أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد،عندما قام القدماء المصريون برصد نجم الشعرى اليمانية، ووضعوا هذا التقويم برصد ثلاثة ظواهر طبيعية معا، وهي: "الشروق الاحتراقي للنجم" مع "شروق الشمس" مع قدوم فيضان النيل"، ثم حسبوا المدة بين كل ظهورين حتى وصلوا إلى عدد أيام السنة. وقسموا السنة إلى ثلاثة فصول كبيرة، هي: الفيضان والبذار والحصاد. ثم إلى اثني عشر شهرا، كل شهر منها ثلاثون يومًا، وأضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع وجعلوها شهرًا أسموه الشهر الصغير مما جعل السنة القبطية مكونة من 13 شهرًا وهي "توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى، نسي".ويذكر أن أسماء الشهور هي فى الأساس أسماء لآلهة عند قدماء المصريين، فشهر "توت" هو فى الأصل "تحوت" اسم إله الحكمة والمعرفة عند الفراعنة، و"بابه" هو تحريف لاسم الإله "حابى" إله النيل، و"هاتور" هو فى الأصل "حتحور" إلهة الجمال.
وصارت السنة القبطية 365 يومًا في السنة البسيطة و366 يومًا في السنة الكبيسة ونتج عن تلك الحسابات الفلكية ضبط ومعرفة بالأيام والمواسم، والتى اعتمد الفلاح المصرى القديم عليها ولا يزال حتى الآن، حيث يعمل بالتقويم القبطى، الذى ينقسم فصوله إلى مواسم الزرع والحصاد ولا يزال يتبعه إلى اليوم
كما يحتفل الأقباط فى عيد "النيروز" بأكل البلح والجوافة والتى يحمل كل منها رموزا خاصة، فيرمز البلح بلونه الأحمر إلى دم الشهداء وداخله أبيض كقلب الشهداء، أما الجوافة ترمز كثرة بذورها إلى كثر عدد الشهداء.
ويعتبر الفن القبطي أحد الفنون المصرية المميزة التي تعد جزءاً من هوية مصر وفصلاً مهماً من تاريخها، وبالطبع عندما يُذكر الفن القبطي مقترناً بالمرأة، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو الأيقونة الكلاسيكية لمريم العذراء بإطلالتها الملائكية وبأوجهها المختلفة التي طوعتها كل ثقافة بالصورة الأقرب إليها، فلطالما وقفت النساء أمام مقصورة العذراء يضعن يداً على قلوبهن لتلامس أحلامهن السرية ويشعلن بالأخرى شمعة يوقدن بها الأماني ويطلبن العون والمَدد.


مروة سعد

مروة سعد

راسل المحرر @