حكاوي النخلة.. حكايات وأسرار من البيئة الواحاتية

اخر تحديث في 7/6/2020 1:13:00 PM

يعد ملتقى "حكاوي نخلة" بداية سلسلة من الملتقيات النوعية في فن النحت التى بدأت الهيئة العامة لقصور الثقافة فى إضافتها إلى أنشطتها الأساسية في مجال الفنون التشكيلية وذلك لتدعيم الحراك الفني وتنشيطه فى المحافظات المختلفة بهدف إلقاء الضوء على الإمكانيات والقيم التشكيلية والفنية لمفردات النخلة ومدى غناها واتساع سبل استغلالها لإنتاج أعمال فنية متميزة من روح النخلة؛ لتحكى لنا كل قطعة فنية يتم إنتاجها في هذا الملتقى عما تمر به النخلة عبر الأزمان والتى بقيت وحدها شاهدة عليه، وهذا ما يؤكد على قيمة النخلة كرمز للهوية الثقافية المصرية ويتم إنتاج هذه الأعمال الفنية بأيدى فنانين مصريين متميزين في الحركة التشكيلية سواء من أبناء الواحات المختلفة في المنطقة أو المحافظات المتنوعة الذين تم اختيارهم للمشاركة فى الملتقى.

أهداف الملتقى:

استهدف الملتقى الذي نفذته الهيئة عبر الإدارة العامة للفنون التشكيلية والحرف البيئية التابعة للإدارة المركزية للشئون الفنية بفعاليات بفرع ثقافة الوادي الجديد بمصنع الخزف بواحة الخارجة في الفترة من 23 ديسمبر2018 وحتى 8 يناير 2019، إنتاج معروضات فنية من جريد النخل وجذوعه. وإنتاج أعمال فنية يمكن تشكيلها من جذوع وليف وسعف وجريد النخيل وإنتاج قطع أثاث منزلية كأعمال فنية ذات قيمة فنية عالية من عنصر النخلة مثل: (برافانات، طاولات، كراسي، أسرة، وحدات إضاءة، شبابيك، دواليب، سلال، وحدات ديكور من الأرابيسك،  برجولات، مراجيح) وتكون معبرة عن موضوع الملتقى وهى أنها تحكي حكاية من حكايات النخلة وعلاقتها بمن حولها، ويشارك فى هذا الملتقى عشرة فنانين عبّر كل منهم عن عنصر النخلة من خلال أعماله الفنية المنتجة وهم: (أحمد حامد، أسامة القاضي، أنس سليم، بدوى مبروك، عادل العمدة، عمر صديق، عيد مسلم، معاوية هلال، محروس خالد، محمود دنيال).

حكايات وأسرار الواحات:

وقد تم إنتاج أعمال فنية متميزة عبرت عن عنصر النخلة وحكاياتها وأسرارها وعلاقة باقي عناصر البيئة الواحاتية بها فقد قام الفنان التلقائي أحمد حامد ابن واحة الخارجة بإنتاج عمل فني استخدم فيه جريد النخيل بتقنية الخرط العربى (الأرابيسك) وذلك كاستخدامات ابتكارية لجريد النخيل وأضاف عنصر الضوء ليظهر القيمة الفنية والجمالية لعمله الفني، بينما قام          الفنان أسامة القاضي بإنتاج عمل فني عبارة عن نحت لشخصيتين لهما ملامح مصرية بطراز قبطي روماني وبذلك نجد الفنان قد تأثر في عمله الفني بزيارته لمتحف الوادى الجديد والذي يحتوى على العديد من الآثار القبطية والرومانية.

رؤى وتشكيلات فنية:

الفنان أنس سليم قام بإنتاج عمل فني راعى فيه تداخل عناصر جديدة كعنصر الحديد وعنصر الحبال المصنوعة من ليف النخيل لإثراء قيمة العمل الفني تشكيليا وجماليا ليكون العمل الفنى عبارة عن (أرجوحة) قطعة فنية يمكن أن تستخدم فى تجميل مكان مفتوح ويتم الاستمتاع به كعمل فنى يرتقى بالمكان.

 وقام الفنان بدوى مبروك بإنتاج عمل فني استعان فيه بعنصر الماعز والتى هى أقرب الحيوانات لعنصر النخلة وقد تأثر الفنان بها لتواجدها بكثرة فى شوارع الواحات واستطاع أن يجعلها تحكى مع النخلة جزءًا من حكاويها وهى جالسة على الأرض تمد رجليها أمامها ومن حولها ثلاثة من أولادها الماعز الصغير قام بتشكيلهم من جذوع النخلة مع إدخاله خامة معدن الحديد للأطراف ليبين حركتهم الانسيابية حول أمهم، والعمل الفنى عموما يوحى بأهمية هذا العنصر (الماعز) وعلاقتها بعنصر النخلة وبأهالى الواحات.

 أما الفنان التلقائي عادل العمدة ابن واحة الداخلة فقام بإنتاج عمل فنى عبارة عن سيدة من سيدات الواحات لها ملامح مصرية قوية وهى تحمل فوق رأسها طبق من الأطباق الذين يحملون فيها التمر أو الدوم، وتحمل فى يدها سلة من سلال الوادي الذي يصنعونه من سعف وسباط النخيل كما أضاف إنتاج عدد من القطع الفنية الصغيرة من جريد النخيل على شكل سيدات الواحات بملابسهن الواحاتية المعتادة وهن يمشين في الشوارع ويحملن السلال واحتياجاتهن من السوق.

وقام الفنان عمر صديق بإنتاج عمل فني عبارة عن كرسي من جذع النخلة، حيث قام بتقطيع حلقات من جذع النخلة لعمل مساند للكرسي في الظهر والجوانب مستخدمًا وسائط مختلفة، كما أنتج عملا فنيًّا آخر عبارة عن شوكة خشبية كبيرة مثبتة فى حلقة صغيرة من جذع النخلة.

عمل فني آخر أنتجه الفنان التلقائي عيد مسلم ابن واحة الخارجة عبارة عن تشكيل من جذع النخلة لكرسي قام بتجميله بوحدات معدنية وأرابيسك وقطع زجاجية وثبت فى أعلى الكرسي جزءًا صغيرًا من جذع النخلة ليكمل جماليات الكرسي وقد أطلق عليه "العروسة" وهى تتجمل وتستعرض جمالها الواحاتي، وقد أضاف الفنان قطعة أخرى أمام الكرسي عبارة عن منضدة صغيرة تم تشكيلها من جذع النخلة مضافًا إليها قطع زجاج ومفردات أرابيسك وإضاءات ملونة.

وقام الفنان معاوية هلال بإنتاج عمل فني مستخدمًا عنصر النخلة مستفيدًا من شموخها وعظمتها فقد قام الفنان بتشكيل جسد أنثوي متمثل فى وحدة الإبرة المعدنية من جذع النخلة بحجم كبير وأضاف تشكيل صندوق لها به فتحة من أعلى بحيث تثبت به الإبرة من أعلى تقف باستطالة رأسية توحى بالعظمة والوقار والقيمة الفنية العالية للعمل الفني المتأثر فيه الفنان بروح عظمة الفن المصري القديم.

وقام الفنان التلقائي محروس خالد ابن واحة الخارجة بإنتاج أعمال فنية من جذوع نخلة الدوم ومنها نحت لسيدة واحاتية وهى تحمل جرة مميزة لها فتحة صغيرة من أعلى وتضعها فوق رأسها بطريقة أفقية ملتفحة بالشال الواحاتي فى مشية وقورة وتوحى بوقار وخجل السيدة الواحاتية وهى تمشى في الشارع.

الفنان التلقائي محمود دنيال ابن واحة الخارجة بإنتاج عمل فني رائع عبارة عن تشكيل ونحت لعنصر الغزالة من جذع النخلة وهى تقف في ترقب واستعداد للهروب عند اكتشاف أي حركة قريبة منها، وقد أضاف الفنان منحوتة صغيرة بجوارها عبارة عن غزالة صغيرة تقف بجوار أمها.

وفي النهاية استطاع الفنانون المشاركين أن يندمجوا مع عنصر النخلة وباقي عناصر البيئة الواحاتية من أهالي وحيوانات وطيور معروفة فى هذه البيئة لمدة عشرة أيام قاموا فيها بإنتاج أعمال فنية معبرة وكلها من وحي حكاوي النخلة وقد ساعدهم عنصر النخلة بمفرداتها في إنتاج هذه الأعمال الفنية كما استطاع الفنانون أن يسمعوا حكاياتها وهمساتها مما ساعدهم على إيصال رسائل وحكايات مختلفة من خلال إنتاجهم الفني من وحي حكاياتها وعلاقتها بمن حولها من الأهالى والحيوانات والطيور.

استطاعت الهيئة أن تحقق هدفها من إقامة ملتقى حكاوي نخلة بالوادي الجديد، كما استطاعت أن تروج وتظهر من جماليات هذه البيئة الكامنة داخلها وخاصة وأنها اختارت أهم عنصر من عناصرها وهي النخلة للارتقاء بالذوق العام ونشر الوعي الثقافي فى مثل هذه البيئات المهمة والملهمة، وتأكد نجاح الملتقى والهدف منه بعد افتتاح معرض تشكيلى متميز لإنتاج هذا الملتقى بمركز الهناجر بدار الأوبرا.

جدير بالذكر أنه تم تسجيل عنصر النخلة فى منظمة اليونسكو فى ديسمبر 2019 كأحد عناصر التراث الإنساني غير المادي من خلال منظمة الإلكسو التابعة لجامعة الدول العربية.