يشكل جيلنا الحيران.. رحلة الفن من المعقول إلى اللامعقول!

يشكل جيلنا الحيران.. رحلة الفن من المعقول إلى اللامعقول!

اخر تحديث في 8/11/2020 4:34:00 PM

أسماء نور

"الفن موهبة أحد عطايا الخالق"...

"الفن تجريد أستخلصه من الطبيعة بالتأمل أمامها وأمعن التفكير جيدا بالخلق الناجم عن ذلك".. بول جوجان.

يعرف "الفَنّ" في معجم المعاني الجامع بما تفنن فيه الشخص، أو ما أتى به من إبداع، هذا الإبداع الذي يرتقي إلى الكمال والجمال، وهو ما يسمو به المبدع بخيال جامح إلى خارج النطاق المعتاد والمألوف ليصل إلى التميز، ووسيلة أيضا لإظهار الملامح الرئيسية للجمال الداخلي للإنسان والذي يثير مشاعره وعاطفته فيصبح فنا ترتقي به الإنسانية، فالفن قادر على تحويل الأشياء من المعقول إلى اللامعقول.

"كل ما تستطيع أن تتخيله هو حقيقي"..

 تلك كلمات بيكاسو في تصوره للفنان، فالفن ليس مجرد مهنة يمثلها مجموعة أشخاص عادية، فهي أحد عطايا الله للإنسان وموهبة فطرية ذات طبيعة مميزة، وربما تكون متفاوتة من شخص لآخر يعبر بها عما يحيط به بطرق مختلفة لتصل إلينا بشكل جمالي له قيمته الإبداعية، وقد يساعده في إنتاج هذا الحدس والمهارة مع الذوق والخبرة لتصنع منه مبتكرا.

اختلف الفلاسفة والمفكرون قديما وحديثا في وضع تقسيم ثابت للفنون، وأشهر هذه التصنيفات تصنيف "إيتيان سوريو Etienne  Souriau" الذي قسم الفنون إلى سبعة أنواع ولكل نوع درجتين تجريدية وتصويرية وهي "العمارة، الموسيقى، الرسم، النحت، الشعر، الرقص، السينما".

من الكهوف إلى العصر الحديث

"أتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان".. بابلو بيكاسو.

ونجد أن الفن التعبيري صاحب الثورة الفنية الحرة، حيث ضرب جذوره في التاريخ واضعا حجر الأساس في الحضارة الفنية، حيث بدأه الإنسان بالرسم على الكهوف في عصور ما قبل التاريخ وتحديدا في العصر الحجري، واعتمد على إدراك الأشكال وتصورها من خلال مخيلته للكثير من الجوانب الإنسانية والاجتماعية والاخلاقية والدينية ساعيا لتشويه الواقع، وربما نظرة الفنان التجريدية العميقة وثورته على المجتمع وما أسقطه على الطبيعة والأحداث والإنسان نفسه ليخرج برؤية متخطية لكل القيود وهو ما يظهر بوضوح في الأعمال الأدبية والفنية، حيث يغلب عليها الألوان الدرامية الصاخبة لتعبر عن الحالة النفسية وصراعاتها الداخلية، وأخذ الفن شكله الطبيعي في التطور ليصل إلي التعبيرية المطلقة، وساعد الفنان في إبراز الحقيقة بشكل موضوعي حر، فنجد أن الفنان التعبيري استخدم العنف والعفوية الثائرة في تشويه الطبيعة والإنسان بشكل إرادي يمزج القلق والاضطراب النفسي مع الفن، وغالبا ما يوصف ذلك الفنان بالجنون ربما لأنه يخرج بخياله عن المألوف كما أنه يتميز بأفكاره الفنية الحرة.

التشكيلي المصري بين التجريدية وهويته الثقافية

"أريد الفن أن يلهب روح الغضبة الكبرى

يشكل جيلنا الحيران يذكي فكره الحُرَّا

يفيض على الربى عدلا ويملئ روضها برا".. نجيب الكيلاني.

وعلى نفس الوتيرة لم يتغافل التطور في الرجوع إلي تراثية الفن التي تناقد الواقع، ونجد أيضا علاقة تبادلية بين المصورين والأدباء اللذين أشعلوا الثورة الفنية والفكرية ضد التيارات الكلاسيكية والتقليدية تركت خلفها تراثا راقيا من الروايات والقصص والمسرحيات والقصائد لكبار التعبيريين.

ونجد أن الفنان التشكيلي المصري رغم تأثره بالمدرسة التجريدية إلا أنه كان على وعي بالإشكاليات الثقافية محاولا النقش في أعماقه التاريخية لإيجاد طابع تشكيلي لهويته التراثية الحضارية والتقليدية التي تعكس جمال إبداعاته ذات الجذور الثقافية وهويته المصرية، حيث استمد كثير من الفنانين المصريين إبداعاتهم من حضارات مصر القديمة والرومانية والقبطية والإسلامية التي تحمل في طياتها الماضي والحاضر والمستقبل.

المراجع:

- د. محسن محمد عطية، اتجاهات في الفن الحديث، دار عالم الكتب، القاهرة، 2004.

- د. محسن عطية، التجربة النقدية في الفنون التشكيلية، دار عالم الكتب، القاهرة، 2011.

 


اسماء نور

اسماء نور

راسل المحرر @