العدد 956 صدر بتاريخ 22ديسمبر2025
ضمن فعاليات الموسم المسرحى الجديد 2025/2026، للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، يواصل إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد حضوره الثقافى عبر عرض «أفراح القبة» لفرقة قومية بنى سويف، من تأليف محمد السيد حنفى وإخراج رامى محمد، والمستوحى من رواية نجيب محفوظ، يقدم العرض برعاية الادارة المركزية للشون الفنية برئاسة الفنان احمد الشافعى والادارة العامة للمسرح لمديرتها سمر الوزير وفرع ثقافة بنى سويف برئاسة الكاتب أحمد حلمى.
المخرج رامى محمد: يقوم العرض على تفكيك المكان إلى بقايا بيت ومسرح واحد
يقول المخرج رامى محمد: (تُطرح «أفراح القبة» لا بوصفها حكاية عن فرقة مسرحية، بل كمرثية كونية عن فقدان الأب، وفقدان الإله. كل شخصية فى العمل هى شاهد على لحظة انهيار السلطة الراعية، وانقطاع الحبل الذى كان يربط الإنسان بالمعنى؛ فبعد موت الآباء، تاه الأبناء داخل المسرح — ذلك المكان الذى تحوّل إلى البديل المزيّف للجنة، وإلى محاولة يائسة لاستدعاء العناية المفقودة عبر التمثيل).
ويكمل: (سرحان يرث مالًا فيظن أنه صار خالقًا، بينما كرم يولد بلا أب فينكر الإله كله. علاوة على ذلك، طارق يبحث عن أبٍ جديد فى وجه الفن، وتحية تكتشف جسدها كوسيلة للبقاء بعد أن فقدت حنان البيت. حليمة تشتغل فى المسرح وهى ما زالت تؤمن أن فى الحنان بقايا من الله، أما عباس، فهو ابن الشك — لا يعرف من أبوه، ولا من هو، فيغدو مرآة للجميع. جميعهم أبناء فقدوا راعيهم، ووجدوا فى المسرح بيتًا مؤقتًا، بيتًا بلا جدران، بلا يقين، يحاولون فيه استعادة ما فُقد).
ويوضح: (بصريًا، يقوم العرض على تفكيك المكان إلى بقايا بيت ومسرح واحد؛ حيث تتحول المنضدة والستارة والجدار المتهدّم إلى شواهد على بيت قديم انهار. الإضاءة شحيحة كرحمة بعيدة، تتسلل ثم تختفى. كل مشهد يبدأ بنداء غائب، كأن أحدهم يناجى ربًا لا يجيب. بهذا المعنى يصبح «أفراح القبة» رحلة بحث عن الله داخل المسرح، رحلة لأبناءٍ يقفون فى وجه الفراغ، يمثلون كى لا يفنوا، ويعيدون خلق الحكاية).
يذكر محمد بأن العرض مفتوح للتأويلات، ويستهدف شرائح متنوعة من المجتمع بلا استثناء، ويكمل: (محفوظ له تيمة أساسية ترتكز على ثلاث محددات: الأب، والابن، والبيت. الأب بمعناه الماضى والسلطة الراعية، والابن كحاضر فقد السلطة الراعية، والبيت بمعناه الملاذ الأخير، وهنا يحاول العرض التركيز على هذا المعنى).
ويختتم: (يعتمد عرض «أفراح القبة» على نصٍ متعدد الأصوات، تتصارع فيه الروايات وتتقاطع الأزمنة، بحيث لا تُروى الحكاية من الخارج، بل من داخل وعى الشخصيات نفسها. لا توجد حقيقة واحدة، بل طبقات من النسخ، كلٌّ منها يدّعى امتلاك ما جرى. ومن هنا تتأسس رؤيتى الإخراجية على أن المسرح يصبح مساحة لعرض تفكك الحقيقة كما يراه كل فرد، لا كما حدث بالفعل).
مى أشرف: شخصية تحية شخصية قوية
تكمل مى أشرف: (أقوم بتجسيد شخصية تحية، التى تمتلك طاقة قوية؛ تؤثر فى أى مكان تقرر الذهاب إليه دون بذل مجهود. وبقوة شخصيتها تستطيع لفت الانتباه، ما يجعلها محور اهتمام ولافتة للأنظار. وتُعد من أكثر الشخصيات تعرّضًا للاستغلال؛ فهى دائمًا فى موقع ردّ الفعل لا المبادرة، تتلقى الأحداث بدلًا من صناعتها، وقد استخدمتها شخصيات أخرى أداةً للانتقام أو الكيد بغيرها).
وتؤكد: (أن أصعب المشاهد التى تسعى لأن يكون من أقوى مشاهد العرض هو مشهد مواجهة تحية وطارق بعد موافقتها على الزواج من عباس). وتضيف: (أشبه شخصية تحية فى نقطة واحدة فقط، وهى أنها تتظاهر بالسعادة والإيجابية، وتحاول مساعدة الآخرين ودعمهم، بينما تعجز عن تقديم الدعم ذاته لنفسها).
وتصف أشرف تجربتها مع المخرج رامى محمد بأنها: (من أروع التجارب وأكثرها ثراءً؛ فهى تجربة مليئة بالاستفادة والتعلّم المستمر. يمنحنى مساحة وحرية فى التعبير عن الشخصية، وهو من أكثر المخرجين الذين أشعر بالراحة فى العمل معهم).
وتوضح: (تقوم فلسفة العرض، من وجهة نظرى، على أنه لا يوجد شيء مطلق أو يقين ثابت؛ فالموقف أو المشهد الواحد قد يحمل أبعادًا ومعانى متعددة، وكل شخص يفهمه من زاويته الخاصة، مع إبراز تداخل الأحداث بين الواقع والخيال، وتصوير رؤية كل شخصية للأحداث من منظورها الذاتي).
وتختتم: (يعتمد المخرج على أسلوب التجريب، حيث نجرّب أكثر من احتمال للمشهد الواحد عدة مرات، إلى أن نصل إلى التجربة الأقرب إلى روح الشخصية). وتكمل قائلة: (لا أتعامل مع المواقف بوصفها صعبة، بل أستمتع بكل لحظة؛ فمتعة التمثيل تكمن فى التحدى، والمواقف الصعبة أثناء البروفات هى التى تبنى روابط قوية بين الممثلين).
محمد عبدالمعطي: كرم يونس وصراعات الداخل أكثر قسوة من الخارج
يقول الممثل والمخرج محمد عبد المعطي: (أقدّم شخصية كرم يونس، ملقّن فرقة سرحان الهلالية، وهو دور يعتمد على الصراعات النفسية أكثر من الصراعات الخارجية. وتمتد شخصية كرم يونس من حلم كان يراوده بأن يصبح مؤلفًا، لكنه انتهى به المطاف ملقّنًا، لتكشف الشخصية عن تأثير المرأة العميق فى حياته، نتيجة صدمته فى كلٍّ من أمه وحبيبته).
ويكمل: (يتميّز أدب نجيب محفوظ بثرائه الدائم، إذ يضم شخصيات تمتلك ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وهو ما يساعد أى ممثل على بناء أبعاد درامية ونفسية متكاملة، ويدفعه إلى محاولة التوحّد مع الشخصية الأدبية).
ويوضح: (من أصعب المشاهد التى أبذل فيها قصارى جهدى المونولوج الأخير، والذى يُعد لحظة المواجهة التى يكشف فيها عن أبعاد الشخصية، وكذلك أبعاد الشخصيات المحيطة بها، حيث تمثّل ذروة التداعى ولحظة السكون).
ويضيف: (شعرت بأن شخصية كرم يونس تشبهنى فى بعض الجوانب؛ فقد لمست فيها حالة الشغف والإصرار التى بدأ بها حياته، ثم نهايته التى آلت إلى اللاشيء، ما قاده إلى إحباطٍ كامل. ودائمًا ما تطرح شخصيات نجيب محفوظ أسئلة وجودية، ومن بينها السؤال الذى تطرحه شخصية كرم يونس: كيف بدأت حياتي؟ وكيف انتهت؟).
ويختتم: (تجربتى مع المخرج رامى محمد من التجارب المميزة؛ فهو بمثابة أخى الأصغر، ويتمتع بطموح فنى لا حدود له، وقدرة لافتة على العمل لساعات طويلة دون كلل أو ملل. كما يسهم، من خلال إدارته للبروفات، فى قياس مدى وصول الممثل إلى فهم الشخصية فنيًا، ويواصل تطوير أبعادها حتى يبلغ المستوى الذى يطمح إليه، وهو ما ينعكس بوضوح فى تميّز أدائه الإخراجي).
عرض أفراح القبة، من تأليف محمد السيد حنفى، وإخراج رامى محمد، كيروجراف مناضل عنتر، مصمم الديكور أحمد أبو طالب، موسيقى شادى شوارب، الممثلون: مى أشرف، محمد عبد المعطى، مروان جاد، وليد حسين، عمر عويس، يوستينا صبحى، عمر المصرى، سعد عادل، أسعد محمد على.