العدد 947 صدر بتاريخ 20أكتوبر2025
تمت مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان «جدلية حضور الأجساد الراقصة فى عروض المسرح الرقمى (نماذج تطبيقية مختارة)» مقدمة من الباحثة نوران مهدى عبد العزيز، بكلية الآداب جامعة عين شمس، وتضم لجنة المناقشة الدكتور مصطفى رياض محمود، أستاذ متفرغ بقسم اللغة الإنجليزية كلية الآداب جامعة عين شمس (رئيسًا ومشرفًا)، والدكتورة منال زكريا محمد، أستاذ بالمعهد العالى للباليه أكاديمية الفنون (مشرفًا مشاركًا)، والدكتورة نجلاء إبراهيم صالح الحديدى، أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة ووكيل كلية اللغات (عضوًا)، والدكتورة دينا أحمد أمين عبد العزيز، أستاذ ومدير برنامج المسرح بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (عضوًا). والتى منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الدكتوراه.
وجاءت رسالة الدكتوراه الخاصة بالباحثة نوران مهدي:
تتناول الرسالة قضية حضور الجسد الراقص فى العروض المسرحية المعاصرة التى توظف الوسائط الرقمية بشكل مكثف، وتستكشف كيف أعادت هذه التقنيات تعريف مفهوم الحضور المسرحى والعلاقة بين المؤدى والمتلقى.
أن التقنيات الرقمية الحديثة أحدثت تحولًا جذريًا فى الفن المسرحى، بخاصة فى مجال الرقص؛ الأمر الذى أدى إلى ظهور ما يعرف بـ «المسرح الرقمي». تطرح الدراسة إشكالية مركزية حول مفهوم «الحضور» للأجساد الراقصة فى ظل هيمنة الفضاء الرقمى، وتتساءل عما إذا كانت التقنيات الرقمية تعزز هذا الحضور أم تهمشه. تهدف الدراسة إلى تحليل العلاقة بين حضور الجسد الراقص والحضور التقنى، ودراسة كيفية تشكيل الفضاء الرقمى للحركة الراقصة. وتعتمد فى تحليلها على إطار الأنثروبولوجيا لفهم تأثير الوسائط الرقمية على التفاعل الإنسانى والثقافة المحيطة.
يستعرض الفصل الأول التطور التاريخى لمفهوم الجسد الراقص، بدءًا من تحرره من القوالب الكلاسيكية الصارمة فى فن الباليه إلى أنماط التعبير الحُر التى أسس لها رواد الرقص الحديث مثل إيزادورا دانكن ومارتا جراهام وبينا باوش. يناقش الفصل كيف تحول الجسد من مجرد أداة جمالية إلى وسيط للتعبير عن القضايا الاجتماعية والنفسية. بعد ذلك، يتناول الفصل العوامل الفكرية والثقافية التى أدت إلى «الثورة الرقمية»، وكيف أثرت هذه الثورة على كافة المجالات؛ الأمر الذى مهد الطريق لدمج التكنولوجيا فى العروض الراقصة وتغيير النظرة إلى الجسد والفضاء المسرحى المحيط به.
بينما يركز الفصل الثانى على التقنيات الرقمية المحددة التى أعادت تشكيل الفضاء المسرحى ودورها فى العروض الراقصة. يبدأ الفصل بتعريف «الفن الرقمي» ثم ينتقل إلى استعراض تقنيات متنوعة مثل الإسقاط الضوئى (Projection Mapping)، وتقنية الهولوجرام، والقرين الرقمى (Digital Double)، ومسرح الأداء عن بعد (Teleperformance)، وصولًا إلى الميتافيرس (Metaverse). ويقدم الفصل نماذج لأبرز المبدعين الذين وظفوا هذه التقنيات فى أعمالهم، مثل جوزيف سفوبودا، وميرس كانينغهام، وميريت مُور، موضحًا كيف أسهموا فى دمج الجسد البشرى مع العوالم الرقمية والآلية.
أما الفصل الثالث، فهو يعتمد على تحليل مجموعة من العروض المسرحية الراقصة. يوضح الفصل آليات هذا المجال التى تبحث فى علاقة الإنسان بالتكنولوجيا وتأثيرها على الهوية والسلوك. ثم يقدم تحليلًا لخمس تجارب تطبيقية:
تجربة «Acqua Alta»: يكشف كيف خلقت التجربة حضورًا مضاعفًا للجسد عبر دمج وسائط متعددة مع الأداء الحى.
تجربة الأداء السيبرانى «Cyber Performance»: توضح كيف أعاد العرض صياغة مفهوم الحضور والآنية فى ظل العزلة (أثناء جائحة كورونا) عبر استخدام تطبيق زووم، ودمج التراث مع الوسيط الرقمى المعاصر.
تجربة «الرقص فى الميتافيرس»: تحلل كيف قدم العرض مستويات متعددة من الحضور (المادى، الافتراضى، وعن بعد) من خلال القرائن الرقمية التى تفاعلت مع الراقصين البشريين.
تجربة «العبد/السيد»: تسلط الضوء على علاقة الصراع والهيمنة بين الإنسان والروبوت (الكوبوت)، وكيف كسر العرض التوقعات بجعل الإنسان هو الطرف المهيمن والخطير.
تجربة «ثنائى رقص بين الإنسان والروبوت»: تستعرض كيف أضفى العرض طابعًا إنسانيًا وشعوريًا على الروبوت، ليصبح شريكًا وصديقًا للراقص البشري؛ الأمر الذى يطرح رؤية جديدة للعلاقة بين الإنسانية والآلية.
تخلص الدراسة إلى أن الوسائط الرقمية، رغم كثافتها فى بعض العروض، لم تلغِ المركزية البشرية للراقص، بل أسهمت فى خلق حضور مضاعف ومفاهيم جديدة للحضور تتجاوز الارتباط المادى، كما كشفت عن صراع وتكامل بين الجسد البشرى ونظيره الرقمى أو الروبوتي؛ الأمر الذى يفتح آفاقًا جديدة لفهم الأداء فى العصر الرقمى.