العدد 919 صدر بتاريخ 7أبريل2025
مؤلف رسالة اليوم العالمى للمسرح هو المخرج المسرحى اليونانى ثيودوروس تيزوبولوس TERZOPOULOS وسيلقيها فى السابع والعشرين من مارس 2025. ترجمها الاعلامى والمسرحى التونسى (لطفى العربى السنوسى). الترجمة تم توثيقها لدى المعهد الدولى للمسرح ITI.
«هل يستطيع المسرح أن يصغى إلى نداء الاستغاثة الذى تطلقه أزمنتنا، فى عالم يجد فيه المواطنون أنفسهم مفقرين، محبوسين داخل زنازين الواقع الافتراضى، منغلقين على ذواتهم فى عزلة خانقة؟ فى عالم يتحول فيه البشر إلى روبوتات، تحت وطأة نظام شمولى يقوم على السيطرة عن طريق الرقابة والقمع، باسطًا ظله على كل جانب من جوانب الحياة؟
هل يكترث المسرح للدمار البيئى، للاحتباس الحرارى، للفقدان الهائل للتنوع البيولوجى، لتلوث المحيطات، لذوبان القمم الجليدية، لزيادة حرائق الغابات والظواهر المناخية المتطرفة؟ هل يمكن للمسرح أن يصبح طرفًا فاعلًا فى النظام البيئى؟ لقد راقب المسرح تأثير الإنسان على الكوكب لسنوات طويلة لكنه يجد صعوبة فى التعامل مع هذه الأزمة.
هل يشعر المسرح بالقلق إزاء الوضع الإنسانى كما يتشكل فى القرن الحادى والعشرين، حيث يصبح المواطن لعبة تحركها المصالح السياسية والاقتصادية، وشبكات الإعلام وشركات صناعة الرأى العام؟ حيث تتحول وسائل التواصل الاجتماعى، رغم دورها الكبير فى تسهيل التواصل، إلى ذريعة قوية للابتعاد، فهى تمنحنا مسافة الأمان المطلوبة بيننا وبين الآخر؟ إن شعور الخوف من الآخر، المختلف، الغريب، يسيطر على أفكارنا ويوجه أفعالنا.
هل يمكن أن يصبح المسرح مختبرا للتعايش بين الاختلافات دون أن يتجاهل الجراح النازفة؟
إن الجراح النازفة تدعونا إلى إعادة بناء الأسطورة. وكما قال هاينر مولر: “الأسطورة هى التراكم، آلة يمكن دائما ربط آلات جديدة ومختلفة بها. إنها تنقل الطاقة حتى يصل التسارع المتزايد إلى تفجير دائرة الحضارة” وأضيف إلى ذلك، دائرة الوحشية.
هل يمكن لأضواء المسرح أن تسلط الضوء على الجراح الاجتماعية، بدلا من تسليط الضوء على المسرح بشكل مضلل؟
إنها أسئلة لا تقبل إجابات نهائية، لأن المسرح يستمر فى الوجود بفضل الأسئلة التى تظل بلا إجابة.
أسئلة أثارها ديونيسوس، وهو يعبر مكان مولده، أوركسترا المسرح الإغريقى القديم، ليواصل رحلته الصامتة كلاجئ عبر مشاهد الحروب، اليوم، فى اليوم العالمى للمسرح.
لننظر فى عينى ديونيسوس، إله المسرح والأسطورة المنتشى، الذى يوحد الماضى والحاضر والمستقبل معًا، ابن الولادتين، ابن زيوس وسيميلى، رمز الهويات المرنة، الأنثوية والذكورية، الغاضبة والوديعة، الإلهية والحيوانية، المتأرجح على حافة الجنون والعقل، بين النظام والفوضى، بهلوان راقص على الخط الفاصل بين الحياة والموت. يطرح ديونيسوس السؤال الوجودى الجوهرى: «ما معنى كل هذا؟» سؤال يدفع المبدع نحو بحث أعمق فى جذور الأسطورة وأبعاد اللغز الإنسانى المتعددة.
نحن فى حاجة إلى أساليب سردية جديدة، تهدف إلى إحياء الذاكرة وصياغة مسئولية أخلاقية وسياسية جديدة، للخروج من الديكتاتورية متعددة الأوجه لعصور الظلمات الحديثة”.