صلاح السعدني.. وداعًا عمدة الدراما المصرية

صلاح السعدني.. وداعًا عمدة الدراما المصرية

العدد 870 صدر بتاريخ 29أبريل2024

رحل عن عالمنا الفنان الكبير صلاح السعدني يوم الجمعة الموافق 19 أبريل، عن عمر يناهز 81 عامًا، تاركًا إرثًا فنيًّا ضخمًا في الدراما المصرية.
وبرع السعدني في تجسيد قضايا الشارع المصري من خلال عدة أعمال أبرزها مسلسل «ليالي الحلمية» و«أرابيسك» وفيلم «الأرض» و«الرصاصة لا تزال في جيبي» و«عمارة يعقوبيان». 
وغاب عن الساعة الفنية في سنوات عمره الأخيرة ما يقرب من 11 عامًا، ولُقّب بـ»عمدة الدراما المصرية» خلال مشواره الفني بعد دوره المميز والمختلف في مسلسل «ليالي الحلمية» و تجسيده لشخصية العمدة سليمان غانم، في أجزاء المسلسل الخمسة للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ.
قدم السعدني ما يقرب من 200 عمل فني ما بين مسرح وتليفزيون وسينما، أبرزهم في المسرح «حارة السقا» وزهرة الصبار» و«الملوك يدخلون القرية» و«ابتسامة بمليون دولار» و«الملك هو الملك»، أما في في التليفزيون، «لا تطفيء الشمس» و»لسه بحلم بيوم» و«وقال البحر» و«بين القصرين» و»ليالي الحلمية» و«حلم الجنوبي» و«حارة الزعفراني» و«الباطنية» و«بيت الباشا» و«القاصرات» و»ارابيسك» و«الأصدقاء» و«حلم الجنوبي» و«الناس في كفر عسكر» و«عمارة يعقوبيان».
أما الأفلام، فكانت بدايته السينمائية مع «الأرض» ثم عددًا من الافلام أبرزها «اغنية على الممر» و«الرسالة لا تزال في جيبي» و«زمن حاتم نعمان» و«قضية عم أحمد» و«فتوة الناس الغلابة» و«جبروت امرأة» و«الغول».
«مسرحنا» التقت بعددًا من الفنانين والمخرجين الذين عملوا مع عمدة الدراما المصرية، في السينما والتليفزيون، وذكرياتهم معه والأعمال التي جمعتهم معًا.

سميحة أيوب: كنت معجبة بطريقة تفكيره وثقافته وكان له موقف سياسي
قالت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب: عملنا معًا كثيرًا، ما بين مسرح وتليفزيون، منها «عصر الحب» و»الضحية» وكنت معجبة بطريقة تفكيره وثقافته، وفكرة أنه فنان كبير شيء لا نختلف عليه جميعًا، ولكن كان إنسان رائع وراقي، له موقف سياسي، برحيله فقدنا قيمة وقامة كبيرة على المستوى الإنساني والثقافي والفني.

يحيى الفخراني: أول لقاء بيننا «حب وفرفشة» وسعيد صالح كان المرشح الأول للعمدة سليمان غانم والسعدني قدمه بكفاءة منقطعة النظير
حاولنا التواصل مع الفنان الكبير دكتور يحيى الفخراني، ولكنه اخبرنا أنه حزين بشدة على رحيل صديقه صلاح السعدني، وكان تحدث دكتور يحيى الفخراني عن علاقته بالراحل من خلال مداخلة تليفونية في إحدى البرامج الشهيرة على إحدى القنوات الفضائية، ، وأن صلاح السعدني استطاع تطويع ثقافته ليجعلها خلفية لعمله، وهذا كان سر نجاحه.
واستكمل الفخراني: أول عمل جمعنا كان مسلسل حب وفرفشة، من إخراج كرم مطاوع وكتابة صلاح جاهين ومن يومها لم نفترق وقدمنا بعدها أعمالًا كثيرة جدًا وهذا من حسن حظي مثل ابنائي الاعزاء شكرا وصيام صيام وليالي الحلمية، ودور العمدة  سليمان غانم لم يكن ترشيحه الاول من نصيب صلاح السعدني، وكان المرشح الأول له هو الفنان الراحل سعيد صالح وذهبنا وقتها أنا وإسماعيل عبدالحافظ نقنعه بضرورة الانضمام للعمل وقال لنا إن ضيق الوقت لا يسمح بأداء شخصية مهمة مثل العمدة غانم وكان من نصيبنا وحظنا أن يقدم هذه الشخصية الرائع صلاح السعدني، والذي قدمها بحرفية شديدة وكفاءة منقطعة النظير.

محمد فاضل: قدمته في أول بطوله مطلقه له في السهرة التليفزيونية «الامتحان»
فيما قال المخرج الكبير محمد فاضل: قابلت صلاح السعدني في مسرح التليفزيوني عام 1962، وكنت مساعد مخرج مع المخرج نور الدمرداش، وهو كان يمثل مع أعمال الفنان نور ومنها «هارب من الأيام» بطولة عبد الله غيث، وبعدها أصبحت مخرج في التليفزيون، وقدمت صلاح السعدني في أول بطولة له، في سهرة تليفزيونية بعنوان «الامتحان» عام 1965، وكان نور الشريف مازال طالب في المعهد العالي للفنون المسرحية وكان يقول أربع جمل فقط في العمل، والسهرة كانت بطولة صلاح السعدني وتوفيق الدقن، وبعدها استمرينا في لقاءات كثيرة، أشهرها ابنائي الاعزاء شكرًا والنوة وصيام صيام، وطالع النخل وقال البحر.
وتابع فاضل: صلاح السعدني أهم ما يميزه بين أبناء جيله أنه كان نجم ولكنه لم يشعر أو يشعرك بهذه النجومية، نجم بمعنى يؤدي أدواره بشكل صحيح والجماهير تحبه، فصلاح كان له هذه الجماهيرية الكبيرة، لانه فنان مثقف وكان مهتم بقضايا وطنه، ولا أتذكر له عملًا ندم عليه يومًا ما، كان يختار أدواره بعناية شديدة، والنوع كان عنده أهم من الكم، هو فنان شعبي بشكل حقيقي، لانه «ابن بلد»، وميزته أن كل الاستوديو يحبه، العمال وزملاؤه، لأنه كان دائمًا ضحوك ومرح ومتواضع وخلوق.
وأضاف: كنت اطمئن عليه دائمًا من خلال نجله الفنان أحمد السعدني وابن اخيه أكرم السعدني، وصلاح السعدني اعتزل العالم من 2013، وكنا نتحدث على فترات متباعده، وبعد مرضه أصبحت اطمئن عليه من خلال أحمد وأكرم السعدني.

إلهام شاهين: قاريء جيد وشخصية تدعو للاحترام وآخر عمل جمعنا الجزء الرابع والخامس من «ليالي الحلمية»
قالت الفنانة إلهام شاهين: صلاح السعدني كان مثقف جدًا، الحوار معاه في أي مجال من المجالات، كان حوار ممتع ومفيد، وقاريء جيد، كنت معجبة بكل اراؤه وعقليته، وكان مشع للبهجة في أي مكان يتواجد فيه، قدمنا معًا العديد من الأعمال، آخر الأعمال التي جمعتنا كانت الجزء الرابع والخامس من «ليالي الحلمية».
وأضافت شاهين: صلاح السعدني أعطى من روحه وشخصيته للعمدة سليمان غانم الكثير، فكنا نحب أن نشاهده على الشاشة ونستمتع بأداؤه المميز، أتصور أن شخصية العمدة سليمان غانم، لا أحد يستطيع تقديمها بالجمال والروعة هذه إلا صلاح السعدني، وقدمت معه العديد من الأعمال في بداياتي فهي أعمال جميلة منها «وقال البحر» لأسامة أنور عكاشة وإخراج محمد فاضل، و»البركان» إخراج نور الدمرداش، كان عن قصة شيء من الخوف لثروت أباظة، وقدمت معه فيلم تليفزيوني اسمه «مدرسة الحب» قصة أنيس منصور، وفي كل مرة نعمل معًا كنت اسعد بلقاؤه والتعلم منه، هو شخصية تدعوا للاحترام وأي شخص يلتقي بصلاح السعدني يجب أن يحبه من الوهلة الأولى، لأنه يصل للقلوب، هو إنسان نقي وصافي محب للحياة والناس، كان إنسان جميل وفنان عظيم.

رانيا فريد شوقي: كان صديق والدي ومن أوائل أفلامه «شياطين الليل» مع فريد شوقي 
كذلك قالت الفنانة رانيا فريد شوقي: كان حبيب على قلوبنا كلنا كعيلة، حتى عندما سافر والدي الفنان فريد شوقي للعلاج، كان الراحل صلاح السعدني متواجد معه ودائم زيارته، وكانوا اصدقاء جدًا، كنت سعيدة الحظ وقدمت معه عملين هما  مسلسل»وجع البعاد» ومسرحية «باللو»، هو محترم وجدع ومثقف ومتواضع جدًا، محب لفنه ولأسرته، أتذكر من طفولتي عندما كنت أشاهده دائمًا مع والدي، واعتقد أن من بداياته في السينما، من أوائل أفلامه فيلم «شياطين الليل» مع والدي فريد شوقي.
وتابعت رانيا: ومن الأفلام التي قدمها مع والدي وأحبها بشدة «ملف في الآداب» وفتوة الناس الغلابة»، هو كان صديق لوالدي، وكل هذا الجيل كانوا سند وظهر لبعضهم البعض، اكتشفت أنهم جيل محظوظ، متواجدين لبعض ومع بعض، رحمة الله عليه، وأتذكر «وجع البعاد» وصداقته الشديدة لأبو بكر عزت، وكانت تجمعهم صداقة كبيرة جدًا، هذا الجيل اثروا الفن وصنعوا تاريخ للدراما المصرية، وصنعوا أعمال لن تنسى ابدًا على مر التاريخ.

لقاء الخميسي:  عم صلاح حكاء من الدرجة الأولى
كذلك قالت الفنانة لقاء الخميسي: عم صلاح السعدني كما كنت اقول له دائمًا، هو قيمة وقامة فنية كبيرة وعلامة من علامات الدراما والسينما المصرية والعربية، وتشرفت بالعمل مع العمدة في مسلسل «الأخوة الاعداء» وكنت زوجته في العمل، وكانت متعة فنية كبيرة وتجربة مهمة في مسيرتي، تعلمت منها الكثير أنا وجميع الزملاء المشاركين في العمل.
وتابعت: كان عم صلاح حكاي من الدرجة الأولى وكانت شخصيته مبهرة وكاريزمته قوية، فطالما ابهرنا بأحاديثه الشيقة وحكاويه المليئة بالحكم، عم صلاح السعدني في أبنائي الأعزاء شكرًا، كان رجل في زمن العولمة، في حارة الزعفراني والضحية، والناس في كفر عسكر، وهو الحب والثمن مع أغنية على الممر، في زمن حاتم زهران في مدرسة الحب.
وأضافت الخميسي: عم صلاح سيظل دائمًا في القلب والعقل والوجدان، رحمة الله عليه وعلى قامات الفن المصري الراحلين في العصر الذهبي.

سلوى عثمان: العمدة سليمان غانم من علامات «ليالي الحلمية» 
فيما قالت الفنانة سلوى عثمان: في بدايتي كنت مشاركة في فيلم ملف في الآداب، وكان الفنان الكبير صلاح السعدني بطل الفيلم هو والفنانة مديحة كامل، وكنت أتعلم منه حماسه والتزامه بعمله، وكان يتميز بأنه لا يحتاج إلى ان يحفظ، يكفيه أن ينظر للسيناريو مرة واحدة، نظرة سريعة كافية أن تجعله حافظ جيدًا للحوار.
وأضافت: العمدة سليمان غانم هو بصمته، وكان من علامات «ليالي الحلمية»، وقدمنا معًا «القاصرات»، والقرب منه كان يجعلنا نتعلم منه طوال الوقت، وكان ملتزم بمواعيده وحفظه واحترامه للمؤلف ولا يتدخل في الورق، وكان مهتم بكل دور يقدمه وكأنه  أول وآخر دور سيقدمه.

فتوح أحمد: «اسطا» في التعامل مع الكاميرا وكان لديه ذاكرة بصرية متميزة  
وقال الفنان فتوح أحمد: هو عمدة الدراما العربية وهو شخصية استثنائية، ونحن ذاهبين للمقابر كنا نعزي أنفسنا وليس نعزي أحمد السعدني فقط، والعائلة بأكملها خفيفة الظل، وكنا جميعًا نشعر أننا ذاهبين لتوصيله للحج وليس للمقارب، جميعنا شعرنا ذلك، ومن حظي أنني عرضت معه «الملك هو الملك» لفترة طويلة نعرض، وكان يشجعني من بداياتي، وقدمت معه العديد من الأعمال الدرامية، ليالي الحلمية وأوراق مصرية والناس في كفر عسكر وحارة الزعفراني وعمارة يعقوبيان.
وتابع: كان خفيف الظل هو وكل شلته «المتحدين» الراحل سعيد صالح والزعيم عادل إمام أدام الله في عمره، وكان له شلة أخرى وهم أبو بكر عزت ومحمود الجندي رحمة الله عليهم، وكانوا شلة يتميزوا بخفة الدم، وفي البدايات احتضنونا وشجعونا بقوة، وكان «اسطا» في مهنته في التعامل مع الكاميرا، وكان ليه ذاكرة بصرية قوية، لا يحتاج إلى أن يحفظ، يكفيه أن ينظر للورق مرة واحدة ويحفظ الكلام كاملًا، بموته فقدنا عملاق فني وإنساني كبير، ولكنه باقي بأعماله وسيرته الطيبة.


إيناس العيسوي