«حكايات النصر».. ومسرح انتصارات أكتوبر على مائدة معرض القاهرة الدولي للكتاب

«حكايات النصر»..  ومسرح انتصارات أكتوبر على مائدة معرض القاهرة الدولي للكتاب

العدد 858 صدر بتاريخ 5فبراير2024

كيف جسد المسرح انتصارات أكتوبر
خلال فعاليات الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب تم إطلاق مشروع «حكايات النصر» الذي يعتبر سلسلة من الحكايات التي أطلقها الدكتور اللواء سمير فرج، وتتناول قصصا تتعلق بحرب أكتوبر وهي سلسلة باكورة إنتاجها ثلاثة كتب لثلاثة كتاب، وسيصدر لها اثنا عشر كتاباً في العام، وكان على منصة التحاور كلٌ من اللواء سمير فرج، الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان، الدكتورة سهى رجب، والكاتب الصحفي طارق الطاهر.
وفي البداية تحدث اللواء سمير فرج عن أسباب ودوافع إطلاق هذه السلسلة حيث أعرب عن سعادته بتواجده في هذا العرس الثقافي الذي تحضره مصر كل عام معرباً عن فخره بأعداد المواطنين من كل المحافظات المختلفة، والتي تتواجد بشكل يومي في معرض القاهرة الدولي للكتاب موضحاً أن الدافع وراء إصدار هذه السلسلة هو مرور خمسين عاماً على حرب أكتوبر حتى تتم المحافظة على هذا الإرث القيم، وذلك لأنه بعد عدة سنوات لن يكون هناك من حضروا تلك المرحلة الهامة والتاريخية من الكتاب والشيء الأكثر أهمية إصدار تلك السلسلة في المعرض لتتعرف عليها الأجيال الجديدة، ويقومون بصياغتها بطريقتهم فكان من الضروري أن يؤرخ لنصر أكتوبر من خلال سلسلة خاصة أن السوشيال ميديا أثرت تأثيراً سلبياً على جميع مناحي الحياة فيجب أن يكون هناك توثيق من الأفراد الذين حضروا ذلك الحدث، والأمر لا يتوقف عند الناحية العسكرية، ولكن يتطرق لكل المجالات الفنية والأدبية على سبيل المثال أغاني السمسمية في حرب الاستنزاف وكذلك تتطرق السلسلة للحالة الاجتماعية للمواطنين في تلك الفترة، وتهجير أهالي مدن القناة إلى المحافظات المختلفة فالسلسلة تغطي كل الأحداث الفنية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وما كان يدور داخل الدولة.
فيما تحدث جبرتي المسرح الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل علي عن كتابه الذي يحمل عنوان “مسرح انتصارات أكتوبر” وهو كتاب عن نشاط المسرح المصري عقب انتصارات حرب أكتوبر، وكيف جسد المسرح هذه الانتصارات في سيرة مسرحية بديعة وفي بداية حديثه وجه الدكتور سيد علي إسماعيل الشكر للواء سمير فرج والهيئة المصرية العامة للكتاب على اختيار كتابه ليكون ضمن هذا المشروع فكان هذا الأمر أحد أمانيه التي تحققت موضحاً أن الكتاب هو عبارة عن توثيق لكل صغيرة وكبيرة لأول عام من حرب أكتوبر من أكتوبر 1973 وحتى أكتوبر 1974م، وبالعودة ليوم السبت السادس من أكتوبر في الصحافة سنجد إعلانات مسرحية وفي يوم 8 تم تغيير هذه العناوين وكذلك يوم 9 أكتوبر وكأنه لا توجد حرب في مصر فالصحافة لم تنقل ذلك بشكل واضح، وفي العاشر من أكتوبر قامت الهيئة الثقافية بإعادة بعض المسارح لتقديم الشعر، وبدأ المسرح في الوعي بوجود الحرب وضرورة تغطيتها فقدم مسرح القطاع الخاص عروضاً وطنية في نهاية المسرحيات ثم قدمت عروضا يومية وخصصت عائدها للمجهود الحربي، ومن هنا بدأ دور المسرح في العاشر من أكتوبر، وليس في السادس من أكتوبر كما يعتقد البعض. وتحدث جبرتي المسرح عن أصل أغنية “مدد مدد شدي حيلك يا بلد” قائلا إن هذه الأغنية ظهرت بعد أيام قليلة من الحرب عندما فتحت خشبات المسارح للجمهور، ومن هنا شارك الفنان القدير محمد نوح بهذه الأغنية على خشبة المسرح التي تولد منها عرض مسرحي موسيقي بهذا الاسم وكانت من أشعار ذكي عمر وكان شاعر تحدثت كل دوواينه بحزن وبكاء من بعد النكسة، ومن هنا ظهرت القصائد الجميلة له بعد الانتصار، كان يكتم الهزيمة والنكسة في قلبه حتى انتعشت الأمور في انتصار أكتوبر فنزل للمسرح وأخد بعض القصائد من دوواينه وقام بتعديل بالتبديل فأصبح هناك عرض مسرحي موسيقي يُلقى، وهذه الأغنية على وجه الخصوص أخدت زخماً تاريخياً في ذلك الوقت وأصبح الكل يرددها، ومنذ عامين أثيرت مشكلة من هو كاتب هذه الأغنية هل محمد نوح كما يعتقد البعض أم ذكي عمر الشاعر، فالنص نفسه موجود بنص مسرحية “شرارة» مكتوب بخط اليد فمعظم نصوص هذه الكتابات مخطوطة لم تنشر، وهذا النص قمت بإهدائه للمركز القومي للمسرح. وعن ما كتبه الكاتب والأديب توفيق الحكيم للكاتب يوسف السباعي وحوراهما معاً قال: يوم 17 أكتوبر وبعد سبعة عشر يوماً من الحرب كان هناك اجتماع لاتحاد الأدباء وكان يرأسه وزير الثقافة يوسف السباعي رحمة الله عليه وكان عضواً بارزاً فيه توفيق الحكيم فأرسل له خطاباً نشرته جريدة الأهرام يعتذر عن حضور الاجتماع لظروفه الصحية وكان يرغب في المشاركة في المعركة حتى وإن أصبح عاملاً في مصنع معلبات أو شيء يقوم به في موقف الجلوس حتى يسهم بشيء في المعركة فرد عليه يوسف السباعي ونشر الرد في جريدة الأهرام فيقول له يوسف السباعي “إذا كنا نقاوم الآن وندافع فأنت الباعث لنا من وجودك وكتاباتك التي أخدنا منها الروح المعنوية التي نعيش بها فوجودك ليس من الضروري أن يكون بالعمل فتكفي مكانتك ومشاعرك التي أعطتنا عودة الروح مرة أخرى» واستشهد بإحدى رواياته، وهذا كان أمراً مهماً للغاية فالكل يحارب في مجاله، ورداً على هذا الخطاب شكل يوسف السباعي لجاناً تحاول أن تساهم بشكل أو آخر بجمع تبرعات قدموا بعض العروض للجرحى والمستشفيات وجمع بعض الأموال وكتب في الصحافة آنذاك عنواناً هامًا “إلى ولدي المقاتل” يوقعه أحد كبار الفنانين فكل يوم يقول أحد كبار الفنانين مقولة تكتب للجنود وهي نقطة هامة توضح تكاتف الفن والمسرح من خلال حرب أكتوبر.
ومن جانبه أوضحت الدكتورة سهى رجب عدة نقاط هامة عن كتابتها “حرب أكتوبر والأدب العبري» فتناول الآلام التي عانى منها الإسرائيليون، وكيف انعكست في الأدب الإسرائيلي، وقد تناولت مقولة للأدبية الإسرئيلية عانت كوهين، والتي قالت فيها إن حرب أكتوبر “زلزل حقيقي هز أركان المجتمع الإسرائيلي” فقد قالت «عانت» إن فرحة الشعب الإسرئيلي بالانتصار في عام 1967م قد أعمى عيونهم، وكأنه سيناريو فيلم سينمائي مأخوذ من أفلام هوليود ولم يكن سيناريو صادقاً أميناً فقد أعمى عيونهم وحواسهم، وأوضحت الدكتورة سهى رجب أنها عانت في فكرة الأدب العبري خاصة أنه لا يوجد أعمال مترجمة في مصر رغم وجود أقسام للغة العبرية في كل الجامعات ولكن ليست لدينا ترجمة للغة العبرية، وذلك تخوفاً من الاتهام بالتطبيع، وجميع الروايات والقصص القصيرة والأدب العبري تحولت من الزهو والفخار بالبطل الذي لا يقهر ففكرة انتصارهم في حرب 67 حولتهم إلى شخصية لا تعي وجود آخر وقد تأثر به الأدباء والشعراء فكانت هناك حالة من حالات الزهو بالمجند الإسرائيلي، وقد تأثر الأدب العبري بذلك وكانوا يصفون المجند المصري بأنه شخصية ضعيفة ومهزوزة حتى جاء يوم السادس من أكتوبر عام 1973م فأول رواية كتبت بعد عشرة أشهر من الحرب فتأثر الأدباء والكتاب في إسرائيل فشعروا أنهم وقعوا بخديعة وتحولوا لكتاب معارضة
فيما تحدث الكاتب الصحفي طارق الطاهر عن كتابه “الثأر من النكسة” فالكتاب يوضح أنه في سنوات المحنة ظهر ما يسمى «بالروح الثقافية» التي سعت لاستخدام كافة أدواتها من موسيقى وغناء وروايات حتى تغير الواقع كما تحدث عن الفعل الثقافي، وعن مشروعات ثقافية ظهرت للنور بعد أيام قليلة من النكسة، ومنها فعالية معرض القاهرة الدولي للكتاب الأول في عام 1969 م كان أول معرض عربي أصبح معرض عربي وذكر قائلاً : استوقفتي جملة هامة قالها اللواء سمير فرج عندما قال إن «نصر أكتوبر بدأ في اليوم الثاني من نكسة 67» فمصر لم تستلم سوى لساعات قليلة، وبدأ الاستعداد لانتصار أكتوبر مبكراً ومن هذه الاستعدادت هو إحساس المثقفين والفنانين بأن عليهم دورا كبيرا يجب القيام به، فليس فحسب المجهود الحربي الذي قامت به السيدة العظيمة أم كلثوم وجيل كبير من الفنانين والمطربين، وكانت هناك قرارات مؤسسية هامة جداً ودور وزير الثقافة ثروت عكاشة في ذلك الوقت واستجابته لفكرة الفنان عبد السلام الشريف في وجود الدكتورة سهير القلماوي رئيس التأليف والنشر وإصرارهم على إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب 1969م، والذي خرج من رحمه تأسيس اتحاد الناشرين العرب في مصر وكان أحد الأفكار الهامة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
 


رنا رأفت