ياسر عزت: تنوع الشخصيات والفكرة الإنسانية جاذبة لأي فنان

ياسر عزت: تنوع الشخصيات والفكرة الإنسانية جاذبة لأي فنان

العدد 842 صدر بتاريخ 16أكتوبر2023

برع في تقديم العديد من الأدوار سواء في الدراما التليفزيونية أو على خشبة المسرح، مثل مسلسل العائلة والجماعة والاختيار وتحت الوصاية، وفي المسرح قدم عدد كبير من المسرحيات المميزة منها كاليجولا وأحدب نوتردام،  ومراصاد، وروح ، ونوح الحمام، والحالة توهان ل د. سيد خاطر، وفي الانتظار لحمادة شوشة، وستوكمان لأسامة رؤوف، كما حصل على العديد من الجوائز، أفضل ممثل دور أول من مهرجان نقابة المهن التمثيلية عن عرض  للإيجار لكريم البسطي، أفضل ممثل عن عرض روح، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن نوح الحمام وأخيرا حصل على أفضل ممثل دور أول مناصفة عن العرض المسرحي ستوكمان الذي عرض على خشبة مسرح الغد، من خلال مشاركته في الدورة ال16 من المهرجان القومي للمسرح والعرض بطولة ياسر عزت وريم أحمد، ومحمد دياب، ونائل علي، ديكور حمدي عطية، أزياء دينا زهير، إضاءة أبو بكر الشريف، موسيقى رفيق جمال، مخرج منفذ تامر بدير ونائل علي، تأليف ميخائيل وجيه، وإخراج الدكتور أسامة رؤوف، وعن الجائزة والعرض كان لنا مع الفنان ياسر عزت هذا اللقاء .
حدثنا عن عرض ستوكمان ورسالة العرض ؟ 
ستوكمان من تأليف ميخائيل وجيه وإخراج أسامة رؤوف، يتناول مواضيع إنسانية وأفكار مختلفة، فكرة اختياراتك في بداية حياتك ستؤثر في باقي حياتك، ممثل نجم وهو في طريقه للنجومية» داس «على الكثير ليصل للنجومية، صورته أمام الناس رجل محب للأخلاق والمبادئ ويفضل مصلحة المجتمع على مصلحته الشخصية وهي صورة رسمها لنفسه غير حقيقية؛ لأنه تخلى عن ابنته وهي طفلة،  تخلى عن أسرته ليحقق طموحه. و ستظهر ابنته في ظرف درامي معين وترفض العيش معه كما سبق ورفضها هو، نناقش فكرة المظهرية التي يمكن للإنسان العيش بها فيكون مزيفا، وشخصيات على النقيض من بعضها فشخصية قاسم الذي يؤدي شخصية ستوكمان في المسرحية التي يمثلها داخل المسرحية على النقيض من ستوكمان الذي يظهر له ويطلب منه أن يأخذ مكانه كممثل لأن لا يملك منبر يصل من خلاله للناس.

ما الذي جذبك في الدور؟ 
أقدم ثلاث شخصيات مختلفة قاسم وستوكمان الشخصية التي تخرج من مسرحية عدو الشعب هنري ابسن وستوكمان الذي يمثله قاسم الممثل، والدور جاذب لأي ممثل لأنه يقدم شخصيات متعدده في نفس العمل، والشخصيات بعيده عن بعض كل منها لها طبيعتها وتكوينها فشخص أناني والآخر محب للناس ومصلحة العامة جدا، وقاسم حين يمثل ستوكمان يمثله بشئ من الزيف، فهذا التنوع جاذب بجانب الفكرة الإنسانية فقد كتب النص ببراعة والنقطة الثانية أنك تعمل في عرض له مقومات نجاح من نص جيد ومخرج واعٍ  وزملاء على مستوى عال من التمثيل سواء ريم أحمد أو نائل علي أو محمد دياب كلها عوامل مشجعة ومسرح الغد عريق وينتقي الأشياء التي يقدمها.
الدور يتطلب إيقاعات مختلفة في الحركة والحديث فكيف عملت عليه؟ 
بالفعل كل شخصية لها إيقاع مختلف في الحركة والكلام والسلوك بناء على صفاتها الشخصية، كما لها دوافع وسلوكيات وانفعالات مختلفة، كل شخصية تتطلب مذاكرة خاصة وأداء مختلف كما لو أني ألعب ثلاث شخصيات في ثلاث مسرحيات مستقلة ليس بينها رابط، فليس هناك رابط بين ستوكمان المضحي وقاسم الأماني وقاسم الذي يجسد ستوكمان، فبدأت مذاكرة كل شخصية على حده بسلوكها وانفعالاتها التي مرت بها، فستوكمان هنا ليس ستوكمان هنريك إبسن الشخص الشهم المندفع المجابه للدنيا لكن ستوكمان في المسرحية هو الشخصية بعد ان خذله الناس، واتهموه بالكذب وانه عدو الشعب فهو في مرحلة منكسرة والحمد لله انه لاقى استحسان الناس. 

درستها بالتأكيد من خلال العديد من الأبعاد؟ 
الأبعاد مختلفة مما جعلني أرسم لكل شخصية كاركتير خاص بها وبناء على بيئتها، عملت في شخصية قاسم على حب الأنانية و المظهرية وكل مايخلق شخصية مزيفة وكان في مرحلة عمرية أصغر على مستوى الفيزيكال والحركة، فستوكمان مستوى التفكير ومستوى الحركة كان أكبر عمرا ومخلص تماما وقلبه حاضر بالأفكار والعواطف طيلة الوقت، وفي نفس الوقت شخص مهزوم خذله المجتمع، قاسم على المسرح يتعامل مع المسألة من الخارج بشكل ظاهري وليس له علاقة بالإحساس فلجأت لنوع من الأداء التقليدي الكلاسيكي للشخصية.

وماذا عن جائزة أفضل ممثل دور أول عن دور ستوكمان؟ 
سعدت بالحصول على الجائزة لأهمية هذه الدورة وضمها عروضا مميزة وممثلين مميزين، بالإضافة لحمل الدورة اسم النجم عادل إمام، الممثل المصري الأكثر شهرة وتأثيرا على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط كله، والحمد لله تلك الجائزة الثالثة التي أحصل عليها من المهرجان القومي للمسرح حيث سبق وحصلت عام 2015 على جائزة أفضل ممثل دور أول، وفي عام 2019 حصلت على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فالمهرجان «وشه حلو عليا».

كيف ترى أهمية المهرجان القومي وهل ترى تطورا خلال دوراته ال16؟ 
لنتخيل أن المهرجان لم يقام هذا العام ماذا سيحدث! فهو يعطي فرصة للمسرحين للفرجة على كل العروض في وقت مكثف، كما يعطي حماس لكل شخص أن يقدم أفضل ما عنده، كما يمنح عشاق المسرح فرصة أن يستمتعوا بالفرجة والتنوع الموجود في المسارح من مسرح دولة لقطاع خاص وهواه وثقافة جماهيرية، هذا التنوع يعطي شرائح وأشكال مختلفة من الفن، بالإضافة للاحتكاك بالشباب لانه مهم بالنسبة لنا العاملين في الصناعة، وقد أسعدني الحظ بالفرجة على عرض ثلاثة مقاعد في القطار الأخير، وعرض الرجل الذي أكله الورق، بالتأكيد الاستفادة متبادلة وتثري الحركة المسرحية.
نفتقد في الإدارات لفكرة البناء على ما سبق عكس ما يحدث في المهرجان القومي حيث تضيف كل قيادة لما سبق، والتطور هنا ملموس فهذا العام الحجز أون لاين للفرجة على العروض، وإلى حد كبير كان هناك تنظيما وإدارة للندوات بشكل جيد، لم يُترك شيء للصدفة حتى أن شكوى المسرحيين كانت أقل، الدورة أقيمت بشكل راقِ.

هل حصول النص مسبقا على جائزة يثقل على كاهل الممثل مسؤولية أكبر تجاه دوره؟ 
ليس المفروض ان يضع على كاهل الممثل مسئولية أكبر؛ فربما النص حاصل على جائزة لكن الدور فيه ليس أفضل دور أو هناك نقط تميز في النص الفائز ليس لها علاقة بالآداء التمثيلي، قد تكون الفكرة جميلة أو أتى من نصوص كثيرة أخذت جوائز هي على المستوى الثقافي والدرامي جيدة لكنها لا تصلح للعرض المسرحي، ما يضع على كاهل الممثل مسؤولية هو أنه لابد أن يقدم الدور بشكل أفضل وجديد وممتع ليتقبله الجمهور ويستمتع به، وتلك طريقتي في العمل أحب ان يستمتع الجمهور دائما و»انغبش في قلبه ودماغه « يفكر ويستمتع ويشعر،  المسئولية متساويه بما أنني قبلت العمل فأنا معجب بالدور وبالتالي فأنا مسؤول عن تقديمه بشكل جيد. 

يمكننا القول أن هناك عروض تصلح للقراءة ولا تصلح للعرض المسرحي وربما هذا سببا في اختفاء جزء كبير من النصوص الفائزة في المسابقات؟
أعتقد نعم ، فجزء من جودة النص المسرحي أن يكون قابل للتنفيذ وممتع، فهناك كاتب أثناء الكتابة تكون عينه على العرض المسرحي، وآخر ليس لديه هذه الخبرة ويرجع ذلك لخبرته وطريقة كتابته وتمكنه.
وأرى أن أسباب اختفاء النصوص ربما لعدم انتشارها ومعرفة المسرحيين بها، وتلك من مميزات المسابقات الثقافية فهي مهمة في ظهور جيل جديد من كتاب الشباب مثل مسابقة ساويرس أو الشارقة فكل المسابقات تقدم أجيال جديدة وبدونها ربما لم نكن سنعرف ميخائيل. 

تستهويك الشخصيات التي تشبه ستوكمان ؟ 
من أمتع الشخصيات كان شخصية ستون في روح، وكذلك الأحدب في أحدب نوتردام، وفي ستوكمان الشخصيات لها طبيعة حياتيه وتطورات لا نقول أنها مركبة أو سيكو، وقاسم تحديدا يمر بتطورات في الأداء التمثيلي من حيث اهتمامه بنفسه والأنانية، وحين يبدأ الشعور بالندم لتخليه عن ابنته ثم ردة فعله حين ترفضه فيعود لحياته مرة أخرى، الإنسان ليس شرير أو طيب في المطلق، وقاسم ليس شرير ربما هو «أونطجي «. أنا حين أعمل أقدم الشخصية من لحم ودم بإيجابياتها وسلبياتها وهذه هي التركيبة التي أحبها كممثل. 

هل هناك ما يميز الممثل في وسيط عن آخر ورأيك فيما يدعيه البعض عن ان ممثل المسرح «أو?ر»؟ 
لا يوجد ما يميز ممثل المسرح عن الكاميرا أو العكس الممثل الشاطر يجيد العمل في أي ميديا، وجزء من شطارته أن يكون قادرا على إدراك اختلاف الوسيط الذي يقدم فيه الفن، ربما المسرح يعطي تدريب وخبرة ولكن الوقوف أمام الكاميرا أيضا يعطي خبرة مختلفة عن خبرة المسرح.

معظم النصوص التي يستعين بها المخرجين مستهلكة وفي الغالب نصوص عالمية فكيف ترى ذلك ؟ 
كان لدينا مجموعة من الكتاب المبدعين، وكان لدينا إنتاج مسرحي وفير على مستوى الكتابة، وصناع المسرح كانوا يعملوا على هذه النصوص حتى فترة قريبة ثم حدث شبه انقطاع للكتاب الجدد وأصبحت الأفكار لا تناسب أو تجاري العصر، والكتابة المسرحية كان لها أهداف عظمى وتتناول قيم إجتماعية كبيرة وتبني إلى حد ما شخصيات الدراما لكن ليس بالشخصيات لمسة إنسانية، وربما في آخر خمسة عشر عام أصبح يدخل في منطقة أكثر إنسانية تهتم بتفاصيل الإنسان البسيطة ومعيشته اليومية، والنصوص القديمة لاتلبي احتياجات هذا الاتجاه، وربما في النصوص الأجنبية يتعاملوا بشكل أكثر تشريحا للنفس البشرية وحياة الإنسان ما جعل الأجيال الحديثة تلجأ إليها، وأرى أنه بدأ الشباب مؤخرا الكتابة لأفكارهم بعيدا عن النصوص الأجنبية فستوكمان مثالا ليس مأخوذا عن نص عدو الشعب بل يلمح لشخصية عند هنري أبسن، ومسرحية ثلاثة مقاعد في القطار الأخير تتناول ثلاثة فتيات كل منهن لها حياتها ومواجهتها مع المجتمع الذكوري، منذ أن كانت طفلة حتى أصبحت إمرأة ناضجة، تلك أفكارا رائعة، وأرى أن هناك بذرة كتاب شباب لديهم أفكارًا جديدة ومتطورة ومواكبة للعصر ومتفائل بجيل الكتاب الجدد. 
البعض ينادي بإلغاء فكرة التسابق وأن يصبح المهرجان القومي للمسرح كرن?الي بعيدا عن الجوائز فكيف ترى ذلك؟ 
لا أؤيد فكرة إلغاء التسابق لأنه يمنح المهرجان الحماس والإثارة، وأعتقد أنه بشكله الحالي أفضل كثيرا من فكرة الكرن?ال بدون تسابق.

للنقد أهمية كبرى في العملية المسرحية فكيف ترى دور الناقد بعد ما أثير مؤخرا خلال المهرجان القومي للمسرح؟ 
أعتبر الناقد أحد صناع العمل الفني وضلع من أضلاعه، شرط أن يكون النقد الذي يكتبه نقدا أكاديميا مؤسس على دراسة علمية، فعمل الناقد أن يقول ما الجسد وما السئ وأن يحلل العمل بدء من النص المسرحي حتى كل مفردات العرض، فطالما مؤسس علميا فالجميع يرحب به بعيدا عما يفعله البعض من بعض الكتابات البعيدة عن النقد التطبيقي. 

هل تأخرت نجومية ياسر عزت ؟ 
لا أحسب نفسي تأخرت، فكل شئ يأتي في موعده الفنان مطلوب فقط منه ان يظهر في أفضل صورة ويقدم عمل جيد، وباقي الظروف يدخل فيها جزء من القدريات، وشكل الصناعة نفسها جزء من آليات الصناعة، وجزء من شكل تصعيد النجم فكل بلد لها شكلها فلا أرى شكل محدد فربما صدف تعطيك فرص جيدة إما تستغلها وتصنع منها شئ او تهدرها، فالموضوع كبير جدا.

ما الدور الذي تحلم بتقديمه ؟ 
بالصدفة الدور الذي أحلم بتقديمه قدم فيلم ومسرحية المسرحية لكاتب فرنسي، وفيلم» الأب « الذي حصل عنه أنتوني هوبكنز على الأوسكار في 2020 ك، وهو ممثلي المفضل أعشق تمثيله، و الدور رجل مسن مصاب بالزهايمر وتدور في رأسه كل التخيلات يتوهم انه يعيش مع ابنته ثم لا يجدها، ويتخيل انه يجلس في دار رعاية المسنين، وأن هذه الأحداث دارت في خياله، فالمسرحية كتبت بحرفية وكذلك الفيلم والدور وهي بالطبع شخصية متقدمة بالعمر، ولكن إن أعطاني الله العمر سيكون حلم حياتي أن أجسد هذه الشخصية لأنها تؤثر فيّ كثيرا، شخصية إنسانية وتلمس القلب وكلما شاهدت الفيلم ينتابني البكاء والناس ستحبها وتتعاطف معها كثيرا سواء كانت في مسرحية أو فيلم أو مسلسل .


روفيدة خليفة