«تقنيات الأداء التمثيلي في عروض المسرح الشعري بمصر» رسالة دكتوراه للباحث تامر القاضي

«تقنيات الأداء التمثيلي في عروض المسرح الشعري بمصر» رسالة دكتوراه للباحث تامر القاضي

العدد 831 صدر بتاريخ 31يوليو2023

تم مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان «تقنيات الأداء التمثيلي في عروض المسرح الشعري بمصر» مقدمة من الباحث تامر محمد القاضي، قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتضم لجنة المناقشة الدكتور عوض الغباري (مناقشًا من الخارج)، والدكتور أيمن الشيوي (مناقشًا من الداخل)، والدكتور علاء قوقة (مشرفًا ومناقشًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الدكتوراه وبتقدير(أمتياز).

وجاءت رسالة الدكتوراه الخاصة بالباحث تامر القاضي:
كان المسرح الشعري سابقًا على المسرح النثري منذ أن عرف العالم فن المسرح، فقد نشأ المسرح شعريًا بدايةً من المسرح الإغريقي في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد قام أرسطو بتأليف كتاب ( فن الشعر ) بين عامي 335-334 ق.م، شارحًا فيه تاريخ التراجيديا ومحددًا أوجه الاختلاف بين الشعر التراجيدي وبين شعر الملاحم، فعندما يتحدث أرسطو عن الشعر والدراما فإنه يرى فيهما وجهين لعملة واحدة هي المسرح الشعري بمفهومه الحديث. وقد استمر المسرح يُكتب شعرًا حتى القرن التاسع عشر.
 أما عند العرب فقد وجدوا في الشعر مجالًا كبيرًا لإبداعهم الفني، وقد تبلور ذلك في مصر عقب عقد الثلاثينيات من هذا القرن ممثلًا في أعمال العديد من الشعراء منهم (أحمد شوقي، وعزيز أباظة، وعلي أحمد باكثير، وعبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، وفاروق جويدة، ونجيب سرور، وغيرهم)
 ومن الملاحظ على بعض كُتاب المسرح الشعري اهتمامهم باللغة الشعرية أكثر من الحوار والحبكة والصراع المسرحي، فكأن انتقاء المفردات وحسن تجاور الجمل وتلاؤم أجزائها يحل محل بنية المسرحية الشعرية، مما يؤدي إلى هيمنة الشعر الغنائي والقصائد الغنائية، وهو ما يُقيَّد الحوار ويُبطل مفعول الصراع الداخلي، مما يُمثل عِبئًا على أداء الممثل عند قيامه بأداء هذه النوعية من العروض، لاسيما وأن الشخصية المنوط به تجسيدها تخضع لنظمٍ معين لابد أن يرتبط فيه بالوزن الشعري وموسيقى الشعر، ورغم ذلك علي الممثل أن يتفادى الوقوع في الغنائية والأداء الموقع والرتابة الناتجه عنهما، متوسلًا ببعض التقنيات الأدائية المناسبة. 
مبررات إجراء البحث: 
- لاحظ الباحث من خلال مشاهداته لبعض العروض المسرحية الشعرية، ومن خلال عمله في الحقل المسرحي كممثل، أن بعض الممثلين في العروض المسرحية الشعرية من النادر أن يتخلصوا من العيوب التي عادةً تشوب أداءهم عندما يتعرضون لمثل هذه العروض، كالتنغيم والأداء الموقع وما يترتب عليهما من رتابة ولحنية في الأداء، منساقين وراء موسيقى الشعر وبحوره وأوزانه، غافلين عن الشِق الأساسي في عملية التمثيل وهو تجسيد الشخصية بتلقائية تضمن أداء الممثل للمشاعر والأحاسيس التي تتطلبها الشخصية بشكل سليم وتؤكد على المعنى الدرامي للنص المسرحي الشعري، لذا إرتأى الباحث أن يقوم بالتعرض لهذه المشكلة الجوهرية في فن الممثل لكي يرصد العيوب والمميزات التي ميزت أو عابت أداء بعض الممثلين للوقوف على أهم التقنيات الأدائية التي يجب أن يتسم بها الممثل عند تعرضه للمسرح الشعري محاولًا الوصول إلى بعض النتائج التي تهم الممثل في هذا المضمار.

الدراسات السابقة:
وجد الباحث العديد من الدراسات العلمية التي تتناول إشكاليات متنوعة تخص المسرح الشعري بنوعيه العمودي والحر، وبمختلف رواده، والتي سَتُفيد الباحث في دراسته، لكنها لم تتعرض لدراسة أو تحليل تقنيات الأداء التمثيلي في أيٍ من العروض المسرحية الشعرية المصرية - على حد علم الباحث - وعلى وجه الدقة في العروض عينة البحث.
مشكلة البحث: 
   تتحدد المشكلة البحثية في سؤال عن: ما هي تقنيات الأداء التمثيلي التي يجب أن يتوسل بها الممثل في عروض المسرح الشعري حتى يتجنب الإنسياق وراء موسيقى الشعر، فيقع في التنغيم أوالغنائية ولحنية الأداء، أو الرتابة والأداء الموقع؟ 
   ويتفرع من هذا السؤال الرئيس عدة تساؤلات:
- إلى أي مدى نجح الممثل المصري في أدائه التمثيلي في عروض المسرح الشعري؟
- ما هي الصعوبات والعوائق التي واجهت الممثل عند تعرضه للمسرح الشعري، وهل تؤدي تلك الصعوبات إلى عزوف الممثلين عن قبول أداء الأداور في المسرح الشعري؟ 
- هل هناك فروق في أداء الممثل بين المسرح الشعري العمودي والحر؟ 

المنهج والأدوات:
يستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من أجل وصف وتحليل تقنيات الأداء التمثيلي بعروض المسرح الشعري بمصر ورصدها في العينة البحثية.

عينة البحث:
عينة البحث قصدية ومنتقاه للضرورة البحثية، وليست مرتبطة بفترة زمنية محددة، وهي:
- مسرحية ( قيس ولبنى )، إخراج محمد الطوخي، إذاعة البرنامج العام، 1960. 
- مسرحية ( قيس ولبنى )، إخراج عوض محمد عوض، إنتاج العربية للإنتاج الفني.
- مسرحية ( منين أجيب ناس )، إخراج مراد منير، المسرح المتجول، 1984.
- مسرحية ( الست هدى )، إخراج سمير العصفوري، المسرح القومي، 1999.
- مسرحية ( مسافر ليل )، إخراج محمود فؤاد، مركز الهناجر للفنون، 2018.

أسباب اختيار عينة البحث:
- راعى الباحث في اختياره للعروض المسرحية عينة البحث تنوع الأجيال بين مؤلفيها ومخرجيها وممثليها، وتنوعها من حيث كونها شعرًا عموديًا أم حرًا،عامية أم فصحى.
- قام الباحث باختيار العروض المسرحية عينة البحث التي كان لها أثر فني ونقدي ملحوظ.

التبويب
 تنقسم الرسالة إلى مقدمة، ومدخل، وثلاثة فصول، وخاتمة.
المدخل:
يتطرق فيه الباحث إلى نشأة المسرح الشعري وملامح تطوره عبر العصور المختلفة في العالم الغربي بإيجاز، مع بيان بعض المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بمتن الدراسة.
الفصل الأول: 
خصائص المسرح الشعري في مصر
 يرصد الباحث في الفصل الأول نشأة المسرح الشعري في مصر، ويلقي الضوء على ملامح تطوره بنوعيه - العمودي والحر - متوقفًا عند سمات كل منهما، ورواده.
الفصل الثاني:
تقنيات الأداء التمثيلي في عروض المسرح الشعري العمودي
يتناول الباحث بالوصف والتحليل تقنيات الأداء التمثيلي في عرضي ( الست هدى ) لأحمد شوقي، و ( قيس ولبنى ) لعزيز أباظة باعتبارهما نموذجين لرواد المسرح الشعري العمودي بمصر، للوقوف على أهم تقنيات الأداء التمثيلي وملامحه، موضحًا كيفية توظيف الممثل لآليات التلوين الصوتي، والوقف والتكرار والارتجال والإيقاع، والخيال، والحركة، ومشيرًا إلى أسباب الوقوع في الخطابة، والأداء المنغم ورتابة التوقيع إن وُجدت.
الفصل الثالث: 
تقنيات الأداء التمثيلي في عروض المسرح الشعري الحر
يتناول الباحث بالوصف والتحليل تقنيات الأداء التمثيلي في عرض ( مسافر ليل ) لصلاح عبد الصبور كنموذج لعروض المسرح الشعري الحر الفصيح، وعرض ( منين أجيب ناس ) لنجيب سرور، كنموذج لعروض المسرح الشعري الحر باللهجة العامية المصرية، للوقوف على أهم تقنيات الأداء التمثيلي وملامحه، موضحًا كيفية توظيف الممثل لآليات التلوين الصوتي، والوقف والتكرار والارتجال والإيقاع، والحركة، ومشيرًا إلى أسباب الوقوع في الخطابة، والأداء المنغم ورتابة التوقيع إن وُجدت.

الخاتمة والنتائج
بعد أن تناول الباحث تقنيات الأداء التمثيلي في المسرح الشعري بمصر عبر تحليل نماذج من العروض عينة البحث، توصل إلى مجموعة من النتائج يوجزها فيما يأتي:
- يتمثل جوهر الأداء التمثيلي الشعري في ألا ينساق الممثل وراء موسيقى الشعر، وألا يغفل الاهتمام بتجسيد أبعاد الشخصية الدرامية التي يمثلها، وإبراز ملامحها وسماتها المميزة، وبلورة مشاعرها، والإمساك بالعاطفة الحاكمة للدور، إذ يجب عليه أن يُغَلِّب التعبير العاطفي على موسيقى الشعر. 
- لا تختلف تقنيات الأداء التمثيلي في المسرح الشعري عن المسرح النثري، فالممثل في كلا النوعين يوظف كل أدواته الداخلية والخارجية في عملية التمثيل، إلا أن المسرح الشعري يتطلب من الممثل بذل مجهود أكبر عن المسرح النثري للتخلص من التوقيع والأداء المنغم والسقوط في فخ  الإرنان ورتابة الأداء.
- يلتزم الممثل في عروض المسرح الشعري العمودي والمسرح الشعري الحر بالتقنيات الأدائية نفسها، التي يتوسل بها في كلا النوعين.
- يبذل الممثل في عروض المسرح الشعري العمودي جهدًا مضاعفًا عنه في عروض المسرح الشعري الحر للخروج عبر أدائه التمثيلي من فخ التنغيم ورتابة الإيقاع.
- تتطلب عروض المسرح الشعري ( الفصيح ) الخاصة من الممثلين، الذين يمتلكون ناصية اللغة، ويتمتعون برهافة الحس لتذوق موسيقى الشعر وألوان بديعه، فليس كل ممثل قابل للتصدي لهذا النوع من المسرح.
- الشعر الحر هو الأنسب للدراما ومن ثم الأداء التمثيلي منه للشعر العمودي.
- ليس كل بروز لموسيقى الشعر في أداء الممثل يُعد تنغيمًا أو توقيعًا مَعيبًا، ففي بعض اللحظات يكون لبروز إرنان القوافي أثره الموسيقي الممتع على النفس وخاصة في اللحظات الكوميدية، والرومانسية.
- من الضروري على الممثل في المسرح الشعري العمودي والحر أن يراعي الوقف على ما يحتمه المعنى، دون التقيد بالوقف على كل شطر أو بيت كما في الشعر العمودي، ودون التقيد بالوقف على نهاية السطر الشعري كما في الشعر الحر، مما يسهم في التغلب على الانسياق وراء التنغيم ورتابة الإيقاع.
- على الممثل في المسرح الشعري أن يوظف النبر الصوتي بوصفه وسيلة لإبراز مناط القول في بعض السطور والأبيات الشعرية وتأكيده، لتجنب الوقوع في التنغيم الصوتي. وأن يراعي حسن توظيف التلوين الصوتي على مدى العرض المسرحي للتخلص من رتابة الأداء، والتأكيد على معاني الشعر ومقاصده.
- من ركائز الأداء في المسرح الشعري أن يستنبط الممثل التنوع الإيقاعي للنص الشعري، وإخضاع إيقاعه الداخلي بما يسهم في بلورة إيقاع معاني الأبيات والسطور الشعرية ودلالاتها. 
- يَحْسُنُ للممثل في المسرح الشعري أن يلجأ إلى توظيف التعبير الجسدي والإيمائي والأداء الحركي والصوتي اللازم لبيان المعاني، وتفسير الصور البلاغية، وتجسيد الدلالات الرمزية، وتفجير بعض اللحظات الكوميدية وغيرها في العرض المسرحي الشعري، دون اللجوء إلى بعض الحيل الأدائية الشائعة، كالارتجال اللفظي - سواء بالفصحى أم بالعامية - المقحم على النص المسرحي الشعري من قِبَل الممثل، مما يُسهم في الحفاظ على بنية اللغة الشعرية ورصانتها.
- يجب أن ينتبه الممثل في أدائه التمثيلي الشعري إلى أهمية توظيف لحظات الصمت ومواضع السكوت - كما في المسرح النثري - بوصفها وسيلة أدائية يمكن استغلالها في إيضاح معنى دقيق لكلمة من كلمات البيت أو السطر الشعري، غير أن توظيفها في مواضع مناسبة يُسهم في تعميق اللحظات الدرامية ويبلور أهميتها، كما يُساعد على تنويع الإيقاع الصوتي، ويُبرز جمالياته. 
- يجوز للممثل توظيف آلية التكرار للتأكيد على معاني الشعر ومقاصده، أو لتوضيح معان أخرى قد تكون مستغلقة الفهم. بالإضافة لتأثير الموسيقى التكرار الناتجة عن توالي نمط صوتي معين بشكل موقع.
 - بعض الإضافات البسيطة على النسق الشعري التي قام بها الممثلون في العروض المسرحية دون الإخلال بالميزان الصرفي ساعدت على تأكيد بعض معاني ومقاصد الشعر الخفية، بالإضافة لخلق مساحات من الكوميديا والإضحاك، وتعكس مدى وعي الممثل بأهمية الحفاظ على الميزان الصرفي ومن ثم موسيقى الشعر حتى عند الإرتجال اللحظي أو المُعد، مثل  ( علاء قوقة ) في عرض مسافر ليل. 
• تنوع أداء الممثل في العروض - عينة البحث - ما بين الأداء الحواري الإلقائي للأبيات والسطور الشعرية، والأداء الموقع ( ريستاتيف )، والأداء الغنائي ( المُلحن ) المصحوب بموسيقى؛ مما يساعد على التنويع في الصورة السمعية للأداء التمثيلي في هذه النوعية من العروض.

• الخروج المخل لبعض المخرجين عن تسلسل السياق الشعري والدرامي للنص الشعري الأصلي ( بالحذف أو الإضافة - والتقديم أو التأخير ) يؤثر سلبًا على سلامة وجمال بنية النص الشعري، وبالمثل تدخل الممثلين في النص الشعري بالإضافة أو الحذف دون الحفاظ على سلامة الميزان الصرفي أدى إلى كسر الوزن الشعري وإحداث خلل بموسيقى الشعر، مثل عرض ( الست هدى ) .

• توجيه بعض المخرجين للممثلين نحو الأداء الإلقائي بشكل محدد، نتج عنه في كثير من الأحيان أداء موقع ومنغم تحت وصاية المخرج،  مثل مسرحية ( الست هدى، ومنين أجيب ناس).

• اختلف أداء بعض الممثلين في ليال العرض عنه أثناء البروفات عندما كانوا تحت وصاية المخرج. 

•  تأرجح مستوى الأداء التمثيلي في هذه العروض بين تميز أداء بعض الممثلين، وإخفاق بعضهم الآخر داخل العرض المسرحي الواحد.

• رصد الباحث نقاط التميز لدى كل من:
( عبدالله غيث، أمينة رزق،) في العرض الإذاعي ( قيس ولبنى )،  و ( محسنة توفيق، رجب سليم، عبدالعزيز عيسى ) في عرض ( منين أجيب ناس )،  و ( سامي عبد الحليم، خالد زكي، تيسير فهمي، محمد التاجي) في العرض المسرحي (قيس ولبنى )، و ( أحمد حلاوة، أحمد عقل، رشدي الشامي، عادل خلف، وسمير عامر ) في عرض ( الست هدى )، و ( علاء قوقة، جهاد أبو العنين، وحمدي عباس ) في عرض ( مسافر ليل )، ويرجع ذلك للأسباب الآتية:
- إجادتهم قواعد اللغة العربية الفصحى في المسرحيات الشعرية الفصيحة.
- قدرتهم على تغليب التعبير العاطفي على موسيقى الشعر.
- حرصهم على تجسيد دلالات المعاني والألفاظ.
- اهتمامهم بالتلوين الصوتي.
- مراعاة التنويع الأدائي ما بين ماهو إلقائي، وماهو ( ريستاتيف )، وما هو غناء.

• رصد الباحث النقاط التي حالت دون التميز والوفاء ببعض متطالبات الأداء التمثيلي في المسرح الشعريلدى بعض الممثلين للأسباب الآتية:
- التوسل بالأداء النمطي الذي يعتمد على كلاشيهات أدائية وصوتية وحركية مألوفة ومتكررة. 
- الإرتكان إلى إيقاع صوتي موحد - بلا تلوين - وتنغيم أدائي ثابت. 
- تغليب موسيقى الشعر على تجسيد المشاعر والمعاني.
- إقحام الإرتجال اللفظي في العرض المسرحي الشعري، مما أضر ببنية لغة الشعر.
- الميل إلى الأداء الخطابي المبالغ فيه.

• تتعدد الصعوبات والعوائق التي تواجه الممثل في الأداء التمثيلي الشعري والتي قد تؤدي إلى عزوفه عن هذا النوع من المسرح وهي: 
- عائق اللغة العربية: وما يتطلبه من ضبط لغوي دقيق والتزام بالتشكيل وسلامة مخارج الألفاظ.
- صعوبة اللغة الشعرية التي تكتب بها بعض نصوص المسرح الشعري بما تحويه أحيانًا منغريب الألفاظ والتراكيب، فضلًا عن احتشاد النصوص المسرحية الشعرية بالصور البلاغية، التي قد تشكل صعوبة عند الأداء التمثيلي، ومن ثم يعتبر ذلك عاملًا مؤثرًا في إحجام الممثلين عن قبول أدوار في المسرح الشعري.
- صعوبة موازنة الممثل بين ضبط إيقاعه الذاتي مع إيقاع الشخصية من ناحية، والإيقاع العروضي من ناحية أخرى.
- عدم إقبال الجماهير على هذه النوعية من العروض، واقتصارها على جمهور الخاصة، ومحبي الشعر.
• يحصر الباحث أسباب الأداء التمثيلي المنغم والموقع في شقين، الأول يرتبط بخصوصية بنية الشعر، والآخر يرتبط بالممثل ذاته:
الشق الأول- أسباب التنغيم والتوقيع المرتبطة بالشعر تختص بها موسيقى المحسنات اللفظية في الشعر العمودي ( تكرار القافية، تآلف الحروف وتجانسها داخل البيت الواحد، كثرة التصريع، السجع بين حشو البيت وقافيته، تكرار تفاعيل البحور وتوقع تواليها بشكل منتظم).
- بعض النصوص في المسرح الشعري ( الحر ) لم تتخلص من القافية، وكثرة الجناس، مما جعل موسيقى الشعر طاغية في النص الشعري، وشكل عبئًا على الممثل، مثل نص مسرحية ( منين أجيب ناس ) لنجيب سرور. بسبب أن الشاعر يخفق في كثير من الأحيان في تجاوز البيت الشعري التقليدي بقافيته ورويه، فضلًا عن تمسكه بالغنائية والاسترسال على لسان بعض الشخصيات؛ مما يؤدي إلى تباطؤ الصراع، وإصابة الحوار الشعري بالفتور والتراخي، ومن ثم انصراف الجمهور عما يشاهد.
الشق الثاني- أسباب التنغيم والتوقيع المرتبطة بالممثل ترجع إلى: 
- الفهم الكلاسيكي المدرسي للممثلين لطبيعة الأداء التمثيلي، المتمثل في الخطابة والمبالغة والتغني بالشعر وإبراز إرنان قوافيه. 
- طريقة نطق اللهجات المحلية في المسرح الشعري الحر ( العامي ) بصورة نمطية ( كليشيه )، وخاصة الشخصيات النمطية مثل ( الفلاح، الصعيدي، الخفير، وغيرها).
- سيطرة نغمة أدائية موحدة وبتوقيع موحد يلتزمها الممثل في أدائه على مدى العرض.
- توجيه بعض المخرجين للممثلين نحو أداء الشعر بشكل موقع ومنغم.
- إفراط الممثل في إطالة المدى الزمني لنطق حروف المد على مدى العرض بشكل متكرر، ينتج عنه تفريط في تأثير معاني الشعر ومقاصده وموسيقاه المنضبطة، ويصرف ذهن المتلقي عن المعنى إلى شكل الأداء.  
كما اشتملت نتائج الرسالة على نموذج إرشادي مقترح لتوجيه الممثل في عروض المسرح الشعري

التوصيات
- زيادة الاهتمام بتدريس مادة اللغة العربية لطلاب معاهد المسرح والكليات المتخصصة على مدار الأربع سنوات إن أمكن.
- إنتاج مسرح الدولة لعروض مسرحية شعرية، بواقع عرض لكل فرقة مسرحية سنويًا على أقل تقدير.
- إعادة إنتاج تراث العروض المسرحية الشعرية التي أنتجتها فرق مسرح الدولة وتقديمها للجمهور كريبورتوار.
- إقامة مهرجانات محلية ودولية للمسرح الشعري، ومسابقة للمسرح الشعري في الجامعات وقصور الثقافة.
- إقامة مسابقات لتأليف المسرح الشعري.
- تدريس المسرح الشعري كمادة مستقلة في معاهد وكليات المسرح.
- توفير مكتبة تسجيلات للمسرح الشعري تحت إشراف وزارة الثقافة على شبكة الإنترنت. 
- التواصل مع الإذاعة المصرية لإعادة إذاعة المسرحيات الشعرية عبر أثيرها إن أمكن، لتهيئة الجمهور لتذوق المسرح الشعري من جديد.
 


ياسمين عباس