فارس الكتابة النبيل محمد أبو العلا السلاموني.. وداعا

فارس الكتابة النبيل محمد أبو العلا السلاموني.. وداعا

العدد 826 صدر بتاريخ 26يونيو2023

رحل عن عالمنا،  الأحد 18 يونيو، الأديب والكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني، عن عمر يناهز 82 عامًا، بعد مسيرة كبيرة حافلة بالإبداع، قدم فيها العديد من الأعمال المسرحية والدرامية، ونال عنها تكريمات عدة.
وُلد السلاموني في  دمياط، 3 يناير 1941، تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة 1968، عمل مديرا عاما المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وعضوا في اللجنة الدائمة للمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، كتب أكثر من ثلاثين مسرحية عرضت على جميع مسارح مصر، وشارك في إخراجها كبار المخرجين منهم عبد الرحيم الزرقاني وسعد أردش وكرم مطاوع وجلال الشرقاوي، كتب للمسرح الخاص والاستعراضى والمسرح المدرسى ومسرحة المناهج.
تولى عدة مناصب منها: رئيس تحرير سلسلة « نصوص مسرحية « عضو اللجنة الدائمة للمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، عضو نقابة المهن التمثيلية والسينمائية، رئيس مهرجان الجمعيات الثقافية – برج العرب 2007، رئيس المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية 2009، رئيس لجنة تحكيم مهرجان مسرح الغرفة بدمياط 2014، رئيس لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي بالقاهرة 2014، رئيس لجنة تحكيم أيام الشارقة المسرحية 2010، رئيس المؤتمر القومى الرابع للمسرح المصري – مايو 2013، رئيس لجنة التحكيم بالمهرجان القومي للمسرح المصري – يوليو 2017.
كتب للدراما التلفزيونية مسلسلات اجتماعية وتاريخية منها ( البحيرات المــرة – الحب فى عصر الجفاف – صفقات ممنوعة – رسالــة خطرة – أحــلام مسروقة – الورثــة – المتاهة – قصة مدينة – حكاية بلا بداية ولا نهاية – اللص والكلاب – كفر الجنون-  الفراشات تحترق دائما – نسر الشرق صلاح الدين – زهرة الياسمين – محمد على  باشا– سنوات الحب والملح – المصري افندى)، أخرجها كبار المخرجين منهم علوية زكي وحسام الدين مصطفى ومحمد فاضل، أصدرت له الهيئة العامة للكتاب أربعة مجلدات تضم أعماله الكاملة من المسرحيات التي سبق نشرها أو عرضها.
له العديد من المسرحيات المنشورة منها مباراة بلا نتيجة وتحت التهديد والحريق ورجل في القلعة وملاعيب عنتر وأمير الحشاشين والمحروسة والمحروس والقصر المسحور وعرش الحب ورسائل الشيطان و»هكذا تكلم داعش.. فقه الخلافة والغزو والجهاد» الصادر عن دار المطبعة الأميرية، وهو الذي حصل به على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب في مجال التأليف المسرحي.
 رحل السلاموني أثناء حضوره أول اجتماع لمجلة المسرح في المجلس القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وقد كان أحد أعضائه، ووافته المنية أثناء كلمته التي  يطالب فيها باستمرار مجلة المسرح مجلة ورقية ويرفض تحويلها إلى إلكترونية، «مسرحنا» التقت بعدد ممن شهدوا  تلك الساعات الأخيرة في حياة الكاتب الراحل، وكانت تلك شهاداتهم عن قيمته الفنية والإنسانية والأدبية.
لم يهمله الوقت لشراء تورتة الاحتفال 
قال الفنان إيهاب فهمي رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية: تجمعني صداقة بالكاتب والأديب محمد أبو العلا السلاموني، منذ كنا معا في لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، وعندما كنت مديرًا للمسرح القومي.. هو عضو مجلس إدارة مجلة المسرح، وكُنا يوم وفاته نتناقش في بعض الأمور الخاصة بالمجلة، المتوقفة منذ أشهر عدة، وكنت قد توليت  رئاسة المركز القومي للمسرح منذ أيام، كنت أرغب في معرفة تفاصيل عن مكان طباعة المجلة والتوزيع وتفاصيل أخرى، وكان هناك مناقشات حول  المجلة: هل تبقى ورقية أم تتحول إلى إلكترونية، وددت أن يكون القرار جماعيا بحضور الأعضاء ورئيس تحرير المجلة الناقد عبد الرازق حسين وهيئة التحرير، بناءً على طلب السلاموني رحمه الله، الذي طلب اجتماع مجلس الإدارة، وبالفعل اجتمعنا  الأحد 18 يونيو، لمناقشة جميع وجهات النظر، وكان السلاموني من اوائل الحاضرين.
استكمل فهمي: قال السلاموني بمجرد حضوره للاجتماع: «كان نفسي أجيب تورتة ونحتفل بتوليك رئاسة المركز» فقلت له: نحن من يجب أن نحتفل بك. ثم بدأ الحديث عن المجلة ونشأتها والحركة المسرحية والفنية بشكل عام، وفجأة صمت، وأتى أمر الله.
تابع:  بدأ المركز  في وضع خطة لنشر دراسات نقدية له، وقد أخبرني د. عمرو دوارة أن الراحل قدم دراسة رائعة عن الممثل الشعبي المصري من بدايته إلى اليوم، عميقة جدًا، وقد تواصلنا مع المهرجان القومي للمسرح، لإقامة تأبين له على هامش المهرجان، وأن يقدم له تكريم يليق به، إلى جانب تصوير فيلم عن حياته وأعماله الفنية في الإذاعة والتليفزيون والمسرح، حياته كانت ثرية كلها عطاء للفن والدراما، ويبقى الأثر الفني للراحل.
وأضاف فهمي: قدمت عملين من أعماله التليفزيونية، أحدها مسلسل «حكاية بلا بداية ولا نهاية»، وتجمعني به صداقه منذ كنت ممثلا صغيرا، ولما كنا زملاء في لجنة المسرح وهو الأستاذ والقامة الكبيرة، وعندما توليت أعمالا إدارية في المسرح، كان من أوائل من قدموا لي النصيحة.

 ليس مجازا : دافع عن المجلة  حتى آخر نفس 
فيما قال الناقد عبد الرازق حسين رئيس تحرير مجلة المسرح: لحظة وفاته، جعلت جميع الحاضرين يرون أنه يجب الوفاء بما قاله هذا الرجل وتكريمه. لقد هاتفني منذ أسبوع قائلا  إنه  سمع أن مجلة المسرح سوف تتحول لمجلة إلكترونية، وأنه كعضو مجلس إدارة يرفض ذلك تمامًا، واتصل برئيس المركز الحالي الفنان إيهاب فهمي، لإقامة اجتماع عاجل لمناقشة الأمر، وتم تحديد موعد الاجتماع بناءً على طلبه، وأخبرني خلال الاتصال أنه سيقاتل حتى تظل المجلة ورقية.  سلّم على الجميع وجلس بجواري وفي نصف الاجتماع جلس بجانبنا د. عمرو دوارة، وبدأ السلاموني الحديث عن المجلة وأهميتها وتاريخها، وأنه لا يجوز أن تتحول إلى إلكترونية، حتى في ظل مشاكل الطباعة والورق وتكاليفه، وأخرج من حقيبته نسختين من مطبوعات، طبعت له مؤخرًا، إحداهما طبعت من خلال هيئة قصور الثقافة، والأخرى من خلال المركز القومي، وتساءل عن فارق السعر الكبير، فالمطبوعة الأولى 200 صفحة تباع بـ10 جنيهات، و الأخرى تباع بمبلغ يكاد يكون أربع أضعاف الأول، على الرغم من أن صفحاتها أقل، وقال إنه يعتقد أن هناك تفاوت في أسعار الورق والتعامل مع أسعار المطبوعات الثقافية، وطالب هيئة الكتاب بأن تكون أكثر تعاونًّا في طباعة المجلة، باعتبارها صاحبة الترخيص، والحقيقة إنه انفعل انفعالا شديدا أثناء حديثه، وبدأ يشهق، وشعر بذلك الفنان إيهاب فهمي الذي كان أمامه، وسأل د. عمرو دوارة لأنه كان الأقرب له في جلسته، وفي أقل من 10 ثواني، وضع السلاموني رأسه على مسند الكنبة، واتصلت الباحثة رشا زيدان بالإسعاف، الذين جاءوا بعد 20 دقيقة تقريبًا، وقبلها جاء صيدلي وقال إنه يبدو أن الأمر انتهى، لم نصدق ما قال، حتى جاءت سيارة الإسعاف وأكدت خبر الوفاة، وتواصلنا مع ابنه وهو طبيب، وتم نقله  إلى منزله بالشيخ زايد.
وأضاف حسين: كان شخصا مهذبا ورقيقا، تابعت مشواره منذ أن كان في الثقافة الجماهيرية، لم أره في حياتي منفعلا إلا يوم الوفاة، كان هادئًا ويحل كل المشكلات بشكل هاديء، ومن المفارقات الغريبة، أنه أرسل لي، آخر مقالتين له: إحداهما، سنتشر في عدد مارس من مجلة المسرح، الذي لم يصدر بعد، وكان يتحدث عن يسري الجندي رفيق مشوارعمره، مقالة بديعة تسرد حياتهما منذ أن كانا في في المدرسة معًا بدمياط ، والمنابع الثقافية التي تأثرا بها، ومشوارهما مع الفن والثقافة والكتابة حتى اللحظات الأخيرة في حياة الكاتب يسري الجندي، ويتحدث عن تفاصيل آخر ليلة عاشها يسري الجندي ولحظات تعبه حتى الوفاة، والمقالة الأخرى، عن خيانة النخبة المثقفة للفنون والكوميديا الشعبية، وهذا المقال لم اقرأة بعد.
وختم بقوله: الدرس الذي يقدمه هذا الرجل، هو حرصه على أن يقاتل حتى آخر لحظة ، يدافع عن المسرح والثقافة ويدخل معارك ثقافية وأدبية، ليؤكد أهمية فن المسرح الشعبي، ويدخل آخر معركة له من أجل أن تظل مجلة المسرح  ورقية، هو نموذج لبطل تراجيدي مؤمن برسالته وقيمة المسرح.

علامة مضيئة في تاريخ المسرح المصري والعربي 
وقالت الكاتبة المسرحية صفاء البيلي: يمكن أن يتتلمذ الإنسان على يد معلم لم يره ولم يقابله عن طريق كتاب له، أو معلومة في مقال، أو طريقة كتابة، أو كيف تُصاغ الكلمة، فكان الراحل منذ بداية مشواري في الكتابة المسرحية، من الكُتّاب المميزين الذين أثروا فيّ.  إن الراحل الكبير من ذلك الجيل الرائد الذي تعلمنا المسرح عن طريق كتاباتهم، عرفت كيف يكتب المسرح التاريخي والتسجيلي بجمال ورقة الشاعرية التي كتب بها «رجل القلعة» وغيرها، وهو الأسلوب الذي كان يتميز به السلاموني.
وتكمل البيلي: أتذكر أول مرة تقابلنا وجهًا لوجه أنا والأستاذ كان عام 2006 في المؤتمر العلمي الأول لمسرح الأقاليم في شبين القناطر، وكان المؤتمر يناقش قضايا مسرح الأقاليم، وكان هناك العديد من الكُتّاب والمخرجين المسرحيين، تكلمنا معا ومن بعدها بدأ يتابع مسيرتي في الكتابة، وأحيانا يناقشني فيما أكتب، وأتذكر منذ أكثر من عشر سنوات في ملتقى ما تكلم أحد النقاد بحدة عن أحد نصوصي المسرحية الشعرية، إذ إن البعض يرى أن المسرح الشعري الجيد توقف عند عبد الصبور، فكان أول من وقف وفي يده النص ودافع عنّي وهو الأستاذ الكاتب محمد أبو العلا السلاموني، وتساءلت في نفسي: متى وأين قرأ المسرحية كاملة؟، وبدأ يدافع عن ما كتبت بقوة، وشعرت بمدى مناصرته للكتاب  وللمسرح، وأنه بهذا الفعل يؤكد معنى الأستاذية، فالأستاذ الكبير، هو أن تُلمس وتُشيد بنجاح الآخرين، وكان موضوعي في نقده وداعم لتلاميذه والأجيال التي جاءت بعده.
وأضافت البيلي: لعلني أتذكر لقاء مطولا جمعني به والزملاء المسرحيين امتد لأكثر من خمس ساعات، وهذا اللقاء أُقيم في اتحاد الكُتّاب، بحكم أنني عضو في لجنة الدراما، وأقمنا له ليلة بديعة،هذه الجلسة ليست فقط فنية، ولكن كانت شاملة إنسانية وفنية، وتشع منها البهجة والمعلومات والتاريخ، كُنّا نتعرف على هذا الكيان، ليس بشخصه ولكن بجيل كامل معه، وعلاقته بالآخرين، كيف جاء  من بلدته دمياط؟،  وكيف عاش في القاهرة؟ والمراحل التي مر بها ومرت به، ومسرحياته الممنوعة والمُقدّمة، وبعضها التي أخذت سنوات حتى تظهر للنور، هو تاريخ كبير لا يمكن أن ننساه، هو ليس كاتب مسرحي فقط، وإنما هو كاتب بكل ما تحمله هذه الكلمة، من كتابة مسرحية ورواية وتليفزيونية، هو متعدد المواهب، وقاوم الإرهاب بمسرحياته، ولا أحد ينسى أعماله الخالدة كـ  «ديوان البقر» و «رجل القلعة» وغيرها أكثر من ثلاثين نصا مسرحيا تجسد معظمها على خشبات المسارح واستمتع بها الجمهور المصري والعربي. 
وقد التقينا قبل ذلك كثيرا في المسرح أثناء مشاهدة بعض العروض على فترات متقطعة، وأثناء رئاسته لمهرجان القومي للمسرح،  وغيرها من المناسبات.
ويكفيه فخرًا أنه قابل ربه وهو على قدميه، وبكامل لياقته الذهنية والفكرية. وهو يدافع عن قضاياه التي يؤمن بها ولم يتخل عن مبدأ أو خشى مواجهة. الأستاذ محمد أبو العلا السلاموني سيظل علامة مضيئة في تاريخ المسرح المصري والعربي، ودائمًا ما أتذكره في المواقف وأنظر إلى الصور القليلة التي جمعتني به وبغيري، فتراه دائمًا مبتسمًا، ابتسامته على وجهه طوال الوقت، لا تفتر، فله الرحمة والمغفرة ولنا ولأسرة المسرحيين ولعائلته كل العزاء.

عاش للمسرح ومات في المسرح
كذلك قال المخرج محمد فاضل: عاش للمسرح ومات في المسرح، إنسان كتوم ومهذب بشدة، وكان حمولا جدًا، قدمنا معًا مسلسل «سنوات الحب والملح» عام 2010، وكان من المفترض أن نتعاون من جديد من خلال روايته «ديوان البقر»، ومنذ 4 سنوات تنتقل من مسرح للآخر في البيت الفني، اعتقد أن ما حدث له تراكمات، وهو فنان خاصة عندما يكون بحجمه وتاريخه الكبير في المسرح المصري. كان قد أرسل لي مساء اليوم الذي يسبق وفاته رسالة، بها دراسة له  للمحور الفكري للمهرجان القومي للمسرح، عن ميتافيزيقا التمثيل في تراثنا الثقافي، دراسة علمية ودقيقة للغاية، وكُنا سوف نتعاون في عمل «الشمندورة» عن رواية الكاتب النوبي محمد خليل قاسم، وقام السلاموني بالإعداد، كان سيكون أول مسلسل عن رواية نوبية، كما قمنا بتحضير مشروع آخر عن رفاعة الطهطاوي، رائد التنوير في مصر، وقام الراحل بكتابة السيناريو، وللأسف هذه الأعمال لم تر النور، فالجهات الإنتاجية الآن تبحث عن الربح السريع للأسف وليس عن القيمة الفكرية والأدبية.

توقيت الوفاة شهادة أمام الله 
و قال الفنان ياسر صادق رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية سابقًا: هو من أهم كُتّاب المسرح، وهو من الرواد،  طلبت منه أن يكون معي في مجلس إدارة المركز القومي للمسرح فترة إدارتي له، بديلا عن د. حسن عطية بعد وفاته،  فكان من أهم الداعمين للخطط الطموحة وكل ما تم تقديمه في المركز من كتب مسرحية والمتحف ومجلة المسرح، وآخر مسرحية له «زمن السلطنة» كانت آخر إصدارات المركز قبل أن أخرج على المعاش، وكان يمثل عودة المركز لإصدار النصوص وهو يتحدث عن منيرة المهدية وتأثيرها، وهي أول ممثلة مسلمة واجهت الجميع في فترة، الإخوان المسلمين والحركة الوهابية ، وقدمت فرقة باسمها .
وتابع: توقيت الوفاة مقادير ربانية،  يختم عليها بالختم الرباني سجل هذا الرجل، مات وهو يدعم الحركة المسرحية ومجلة المسرح والفكر والثقافة لآخر نفس، وعلى قدر ما هو مؤلم على كل من وجدوا في تلك اللحظات الصعبة أثناء الوفاة، على قدر كونه  بمثابة  التكريم له، وشهادة أمام الله أنه يناضل ويدافع عن فكره وعن المسرح في كل المجالات، لآخر رمق 

المسرحي النزيه المقاتل لآخر نفس
فيما قال الناقد د. محمد سمير الخطيب: لقد فقدنا قيمة إنسانية وفنية كبيرة، هو المسرحي النزيه الذي دافع عن قضايا المسرح لآخر نفس، ووهب حياته للدفاع عن فكرة الهوية، كانت نصوصة المسرحية تستخدم أشكال المسرح من الفرجة الشعبية مثل خيال الظل والأراجوز، بعض مسرحياته كانت تتناول مواضيع قومية بشكل فني، ومنها نص «ابن رشد» كان يتحدث عن فكرة تحريم المسرح، وايضًا تحدث في بعض مسرحياته عن ما حدث في 11 سبتمبر، وكان دائمًا يضع نفسه في خانة التنوير المسرحي، وكان يهاجم الأفكار الدينية المتشددة، وذلك ظهر بقوة في مسرحيات كثيرة من تأليفه، وتناول هذه التيارات في مسرحية «ديوان البقر»، كان يحاول من خلال المسرح أن يناقش التغيرات المجتمعية، وهو أحد كتاب مصر العظام.
وتابع: نص ديوان البقر، قدم كعرض مسرحي عام 95، على مسرح الهناجر، وكانت آخر المسرحيات التي أخرجها الفنان كرم مطاوع. كان مهموما دائمًا بقضايا الوطن، واتخذ المسرح للتعبير عن ذلك بشكل فني، وسنجد في مسرحياته حقبات تاريخية، مثل نص «مآذن المحروسة» وفترة نابليون بونابارت، وكذلك نص «ابن رشد والمتاهة» كان يتناول فكرة تحريم المسرح والمحاكاة وسقوط الأندلس، وهناك جانب مهم في حياة السلاموني، هو تأصيل فن المسرح بالصيغة العربية، وهناك بعض الكتابات لديه يتحدث فيها عن بدايات المسرح ونشأته.

عرض علي شقة لأتفرغ للإبداع !
وقال المخرج والناقد المسرحي د. حسام عطا أستاذ الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية: له أربعين نصًا مسرحيًّا وكان من جيل المقاومة في السبعينيات، وقاوم ضد المسرح التجاري، وحافظ على جوهر ودور ومعنى المسرح المصري، وعلى ريادته ودوره المحوري في مصر والوطن العربي هو وجيله، ومن أبرز زملائه وأصدقائه الكاتب يسري الجندي والكاتب عبد الغني داوود ومحمد الفيل وغيرهم من جيل المقاومة العظيم، وهناك أسماء أخرى رائعة في هذا الجيل، ولكن في تقديري محمد ابو العلا السلاموني ويسري الجندي بصداقتهما معًا، كانا أبرز من عمل على مشروع التراث الشعبي والأشكال المسرحية الشعبية والظواهر المسرحية المصرية الأصيلة، وتطويرها في قالب مسرحي معاصر وإدماجها بشكل مقبول في المسرحية الغربية، وصناعة مسرح مصري أصيل في الشكل والجوهر والمعنى، والاهتمامات وما يدور من آمال وتحديات الشعب المصري، وتجربة السلاموني بعيدة عن استلهام التراث الشعبي، هي تجربة ثرية جدًا، والمسرحيات التي كتبها في القالب الغربي وفي الواقعية الرمزية، وفي التاريخ، هو واحد من أبرز رواد وأعلام استلهام التاريخ في المسرح المصري، وروائعه في كتاباته في المسرح الواقعي، والواقعية الرمزية، روائع حاضره، وكان يكتب مسرحيات غنائية استعراضية، لم يكن ينقصها إلا كتابة الأغاني وتقديم الأعمال الاستعراضية.
وأضاف عطا: تشرفت بالعمل معه في الإدارة العامة للمسرح، عندما كان مديرًا لها، وكان يتصرف كأستاذ قادم من عالم التعليم، مسؤول مسؤولية مطلقة، وعملت أثناء وجوده كمخرج وناقد في لجان التحكيم والمتابعة، أشهد أنه كان شديد الدقة وطني مخلص،  على الصعيد الشخصي كان يقتطع من وقته كي يحفزني بشكل شخصي، لكي العب دورا وطنيا في المسرح المصري، كان يرى أن المسرح قوة من قوى محاربة قوى الظلام والجهل والتخلف والاستبداد والفساد، وكان مؤمنا بهذا الدور، وكان فارسًا مقاتلًا في إبداعه، مقيمًا على قلمه، وفي الفترة التي تشرفت بصداقته كان حريصا على دعمي إنسانيًّا.
وتابع: الفترة التي عمل فيها في الدراما التليفزيونية، بنى بيتًا (عمارة أكثر من طابق) بجوار أكاديمية الفنون، وفي هذه الفترة كنت شابًا أقيم في شقة مع مجموعة من  الخريجين الجدد من المعهد العالي للفنون المسرحية، وقد عرض  عليّ أن يعطيني شقة تمليك مجانًا، من أجل التفرغ للإبداع والكتابة، بعيدًا عن ضجة الإقامة الجماعية، ولكني رفضت  بحكم نشأتي الصعيدية، ولكن ما قدمه لي من عرض كان يحمل نبل الفارس، وكلما تذكرت هذا الموقف، أذكر كيف كان السلاموني على مستوى من الرقي الإنساني غير عادي، وكان دائم الدعم ومحاولة إيجاد حلول لمشكلاتي وأزماتي وكأنه فرد من أفراد عائلتي، كان لديه شعور أن كل من عمل معه وخاصة من المخرجين بالإدارة العامة للمسرح، بمثابة عائلته.

تنبأ بتفشي ظاهرة الإرهاب 
كذلك قالت الدكتورة هدى وصفى رئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة عين شمس والمدير السابق للمسرح القومى ومركز الهناجر للفنون: هو قامة كبيرة في المسرح المصري، وله أيادي بيضاء على النص المسرحي الجيد المكتوب بشكل علمي،  كنا معًا في مهرجان قرطاج عام 1995، وحصل على جائزة من المهرجان كأفضل نص مسرحي، وكان النص هو «ديوان البقر» إخراج الراحل كرم مطاوع، وقد تم تقديمه وقت إدارتي لمركز الهناجر، وسافرنا بهذا العرض مع الفنان كرم مطاوع والكاتب أبو العلا السلاموني، إلى مهرجان قرطاج وحصل ا على جائزة أفضل نص مسرحي مكتوب باللغة العربية، وكان به نوع من التنبأ بما سيحدث من الجماعات الإرهابية، والنص حصل أيضًا على جائزة اليونيسكو.
وتابعت: مات وهو يقاتل من أجل مجلة المسرح، واذكر أنني كتبت أول مقال لي باللغة العربية فيها، وهي من المجلات الرائدة والمتخصصة،   يتمنى كل الوطن العربي أن يكتب فيها، ودفاعه عن هذه المجلة،  ليس جديدا عليه لأنه صاحب قضية ورسالة ورأي، ففي أي قضية جادة وخاصة بالوطن وبالمسرح نجد اسم أبو العلا السلاموني.

فقدت حسن عطية مرة ثانية 
 فيما قالت د. عايدة علام استاذ السينوغرافيا بقسم علوم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان: آخر مكالمة دارت بيني وبين الفارس النبيل محمد أبو العلا السلاموني، كنت اتفق معه على استضافته في قسم علوم المسرح بجامعة حلوان، لنقيم له ندوة مع طلبة الكلية ، ويحدثنا عن مشواره وتاريخه ومحطاته المهمة، رحب بشدة، وتوقعت أنه سيرفض لبعد المسافة عن منزلة في الشيخ زايد، كان يحب الشباب وأن يتواصل معهم، ويحكي لهم الصعوبات التي واجهته، وكيف تخطاها، ليعطيهم أملا في الغد، لقد فقدنا فارسا نبيلا.
وأضافت: هو صديق عمر، وكأنني فقدت الدكتور حسن عطية زوجي الراحل مرة أخرى، كان فارس ومجاهد، ويكفي أنه توفى وهو رافع سيفه في عمله، لن انسى رحلتنا معًا في الثقافة الجماهيرية، مدى حماسه لأي مخرج أو مصمم ديكور، وكيف كان يسهل العقبات لأي فنان، وأتذكر كانت هناك مناقشة رسالة عن مسرحه في جامعة الزقازيق، وكان الدكتور حسن عطية مناقشا ودعاه، وذهب بالفعل للزقازيق، كان مهتما بأن يسمع رأي الباحثة في مسرحه، كان يهتم برأي الكبير والصغير، تصدى لقضية الإرهاب الفكري، من خلال اعماله الدرامية، خاصة العرض المسرحي «ديوان البقر» والذي أخرجه الفنان كرم مطاوع، وللأسف لم يخرجه بعده اي مخرج محترم، ربما قدم في مسرح الهواة، لست متأكدة من ذلك، ولكن بشكل احترافي، لم يتم تقديمه بعد كرم مطاوع، والنص صريح ويواجه الفكر الإرهابي، ونحن نحتاج لأن نسلط الضوء على هذا الخطر الفكري، وأن نتصدى له بالفن، آتمنى أن يقدم من جديد من خلال مخرج محترم وواع.

 82 عاما مع الورق 
كذلك قال الناقد والشاعر محمد بهجت: كان متحمسا بطبيعته، لديه طاقة وإيمان بقناعاته ، وأهمها قضايا المسرح والثقافة والتنوير، ومعظم أبناء جيله لديهم هذه القناعات، حماسه في الاجتماع الذي وافته المنية فيه، ليس انفعالًا بقدر ما هو يتحدث بحماس وبطاقة عالية، كان مستاء من شيء خارج مجلة المسرح، وهو تغير سعر الكتب ما بين الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة، و بالفعل كان قد أحضر نموذجين من كتبه :الكتاب 77 صفحة إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، يُباع بـ45 جنيها، و كتاب مصقول 230 صفحة يُباع بعشرة جنيهات، والجهتين تابعتين لوزارة الثقافة المصرية، تساءل : لماذا تُسعّر هيئة الكتاب كتبها بتكلفة أعلى بعيدة عن متناول الشباب والقراء الذين يُعانون من ظروف الغلاء، في هذه المنطقة كان منفعلا بعض الشيء، وكان كلامه عن مجلة المسرح بحماس وبدقة متناهية، قال هذه المجلة كانت أهلية من عشرينات القرن الماضي، وتولت وزارة الثقافة إصدارها بشكل رسمي عام 1964 برئاسة تحرير الدكتور رشاد رشدي، وهذا يدل على أن ذهنه كان حاضرا ، وتحدث بعد ذلك عن توقفها وإعادة إصدارها، تابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب في عهد الدكتور سمير سرحان، وعلق أحد الحضور  أن ذلك كان في الثمانينات، فكان رده: عام 1981. كان متذكرا كل التفاصيل، وفجأة  تحشرج صوته، وصدر منه صوت أشبه بشخير النائم، وكانت مفاجأة لنا،  حاولنا أن نقوم بأي اسعافات، تخوفنا أن نعطيه أي أشياء ذات مذاق حلو أو حاذق، تخوفًا من الضغط، والأمر لم يستغرق دقائق حتى عادت الروح إلى بارئها.
وتابع بهجت: الإصدارات الإلكترونية أقل تكلفة في ظل ارتفاع أسعار الورق، كلما نكبر في العمر، يكون اتصالنا بالورق أكبر ولدينا حميمية اتجاهه، أنا واحد من الناس اتصالي شديد بالورق، الشباب من الممكن أن يروا الإصدارات الإلكترونية في فيديوهات، وهذا شيء لن نراه في الورق، في المجلة الورقية نرى كلاما وصور، والصور أقل من الكلام، الالكتروني له ميزته والورقي له مميزات أخرى، ومن الممكن أن تكون وجهة نظر الجهات الرسمية تحويل بعض الإصدارات إلي الكترونية، والفنان إيهاب فهمي قال خلال المناقشة إننا سوف نحتفظ ببعض النسخ الورقية بهدف التوثيق، الموضوع كان مطروحا للنقاش ولم يتم اتخاذ أي إجراء أو قرار بشأنه، اعتقاد البعض أن هذا هو السبب الذي جعله ينفعل وأدى إلى الوفاة، غير صحيح بالمرة، لكل أجلٍ كتاب، وكان السلاموني متحمسًا لما يؤمن به من قناعات، وليس منفعلًا، هناك فارق بين الاثنين، هو رجل يرى أن الثقافة هي الثقافة الورقية.

صاحب مشروع مهموم بقضايا وطنه
قال المخرج ناصر عبد المنعم: لدي تجربتان مع الأستاذ محمد ابو العلا السلاموني، وهو أستاذ بكل ما تحمله الكلمة، الأولى تجربة  «رجل القلعة» إنتاج المسرح القومي، و  «ملاعيب عنتر» إنتاج الفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية، والأبرز هي «رجل القلعة»، فالنص مهم جدًا، يتناول فترة مهمة في تاريخ مصر ، تولى محمد على حكم مصر، والأحداث والوقائع التي تلت توليه ، الجمال في تناول السلاموني للنص، أنه صنع ما يشبه محاكمة لفترة محمد علي، رؤية موضوعية لإسهاماته الكبيرة في تأسيس مصر الحديثة، إلى جانب إخفاقاته، التي رأى أنها تتمثل في غياب الديمقراطية، لذلك عندما تكالبت عليه الدول الأوربية، لم يتكاتف الشعب المصري معه، ولم يلتف حوله، ولم يقف معه لمواجهة القوى الغربية، الرؤية هنا عميقة جدًا لأنها ترصد جوانب إيجابية وسلبية في مرحلة من اهم مراحل تاريخ مصر، مشروع كبير لتأسيس مصر الحديثة، مشروع النهضة الذي حاول محمد علي أن يصنعه، وكيف تكاتفت الدول الأوربية من أجل القضاء عليه.
وتابع: فقداننا للمبدع محمد أبو العلا السلاموني، فقدان كبير على المستوى الأدبي والفني والإنساني، هو كاتب جاد تنويري، حامل لقضايا وطنه، وصاحب قضية يتصدى للفكر الظلامي، ويستلهم في اعماله ويبحث  في الهوية المصرية، هو صاحب مشروع في الكتابة وليس كاتبا عابرا، وسيترك فراغًا كبيرًا على المستوى الفني والأدبي، وعلى المستوى الإنساني كان إنسانا طيب القلب خلوقا، حتى عندما تولى منصبا إداريا في الثقافة الجماهيرية، وهو مدير إدارة المسرح، كونه  أستاذ فلسفة عمق رؤيته في الكتابة المسرحية، الجميع يشهدون له بالهدوء واستيعاب الآخرين، كان تركيبة خاصة وجميلة.

نشر أول نص لي 
وأكد الكاتب عماد مطاوع مدير تحرير مجلة المسرح أن الراحل كان يتحدث بهدوء شديد كعادته وأنه كان يعرض وجهة نظره ويتناقش حول أهمية أن تظل مجلة المسرح ورقية، واتفق كلامه مع ما سبق من كلام من حضروا الاجتماع، وعن علاقته به قال: هناك مواقف كثيرة جمعتني بالمبدع الخلوق محمد أبو العلا السلاموني، منذ أن كان رئيس تحرير سلسلة نصوص مسرحية، التي تصدرها حتى الآن هيئة قصور الثقافة، وأول نص مسرحي نشر لي كان على يده ، وكان متحمسا للغاية لهذه التجربة، وبعد أن صدرت، حصلت على جائزة ساويرس الثقافية، وكان دائم التشجيع لجيلنا على كافة المستويات، ليس فقط  في المسرح وإنما ايضًا في الدراما، لأنه كاتب درامي كبير، وله أعمال درامية كبيرة من علامات الدراما التليفزيونية، وكان عضو بلجنة الدراما بالإذاعة المصرية، وكان كلما التقينا يشيد بنصوصي، وهذا كان يعطيني حماسًا ويسعدني للغاية، وكان متحمسا للشباب ومستوعبا لحماسهم وأفكارهم ورغبتهم في النجاح، ودائمًا يحاول أن يدعمنا ويبعدنا عن أي إحباطات.

الكاتب لا يموت
وقال الكاتب والسيناريست وليد يوسف: هو من فرسان الكتابة المسرحية، ومن أفنوا عمرهم في قضايا المسرح، وفي الهيئة العامة لقصور الثقافة، وكان عضو مجلس إدارة جمعية مؤلفي الدراما العربية، ليس بغريب أن يتوفاه الله وهو يقاتل من أجل قضية متعلقة بالمسرح، أعماله ستظل تقدم فالكاتب لا يموت، تقابلنا أكثر من مرة من خلال تواجدنا كأعضاء في مجلس إدارة جمعية مؤلفي الدراما  العربية، مع فارق الخبرة والمكانة بالتأكيد، وكان يناضل أيضًا في الجمعية حول حقوق الملكلة الفكرية وحقوق المؤلف، وكنا دائمًا نلتقي على قضايا عامة وليس على قضية فردية تخصه هو بمفرده.

الصراع بين الشرق والغرب أهم قضية تناولها 
وقال استاذ الأدب والنقد الحديث بكلية دار العلوم بجامعة المنيا محمد عبد الله حسين: هو من اهم كُتّاب المسرح في القرن العشرين من وجهة نظري الشخصية، وكان يمثل هو ومرسي الجندي جناحا القوة والإبداع في السبعينيات والثمانينيات وحتى الآن، كان لديه قدرة فائقة على إدراة الصراعات والحوارات الدرامية وبناء الشخصية، القضية التي كانت تؤرقه، هي الصراع الحضاري بين الشرق والغرب، وهي أهم قضية تناولها في مسرحه من وجهة نظري، علاقة الشرق بالغرب وبداية الصراع الحضاري بين الثقافات، وهو خسارة فادحة للمسرح، وظل يدافع عن المباديء المسرحية المؤمن بها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

 تميز بشمولية الفكر ولم يكن كاتب مناسبات 
واتفق الناقد الكاتب المسرحي د. محمد أمين عبد الصمد مع أغلب ما تم ذكره وقال: كان يعمل على التراث والمأثور التاريخي بالتحديد ويعمل على تنظيمه في خطاب هو مؤمن به، وقدم السلاموني كوميديا سوداء «شر البلية ما يضحك»، كان دائمًا في مسرحه يجعلك بعد كل مشهد تطرح داخل عقلك علامات استفهام، وأنت مطالب كمتلقي أن تجيب، كنوع من المحاورة من خلال كتاباته، وكان يرى أن الثقافة الجماهيرية هي المسرح الحقيقي للناس، كان يتميز بشمولية الفكر ولم يكن كاتب مناسبات، أو لفترة زمنية محددة، كان يناقش قضايا الحريات، ليست الحرية الفردية وإنما حرية مجتمعك التي تنتمي إليه.

أنيق الروح والمظهر 
الناقد د. عبد الكريم الحجراوي قال: بدأت علاقتي به من خلال مسرحه والمواضيع التي يناقشها، من الأصولية والتطرف الديني والتصدي للإرهاب، لأنه عانى منها، كانت ركيزة من ركائزه، كان كثيرًا ما يحدثني عن مشاريعه المسرحية المستقبليه، و آخرها مسرحية عن بديعة مصابني، يناقش فيها حقوق المرأة وسيرتها،  آخر تواصل بيننا قبل الوفاة بيوم واحد على الماسنجر، وكنا دائمًا على تواصل، وكان دائمًا يحكي لي عن نشأته. هو مقاتل، لديه امتداد ودأب واستمرارية، كان أنيقا في كتاباته ومظهره،  حسن المظهر داخليًّا وخارجيًّا .

رحل قبل أن يحضر عرضه 
وختامًا قال المخرج محمود جرتسي: أقدم عرضًا مسرحيًّا خلال أيام يحمل اسم «سهرة المحروسة» من إخراجي ، وهو عن النص المسرحي «مآذن المحروسة» تأليف الراحل محمد أبو العلا السلاموني، ونادرًا ما نجد الآن نصا مصريا به حدوتة جديدة،  نحن نفتقد الحدوتة، اقترح عليّ دكتور الدراما والنقد المسرحي عبد الحميد منصور هذا النص، وأنا أبحث في التاريخ المصري، وهذا النص به ميزة بجانب عنصر الكلمة، به عنصر الصورة، وعنصر «اللعباية» الذي يبحث عنها المخرج دائمًا، والنص يحكي عن حفلة في زمن الحملة الفرنسية، تناقش الهوية المصرية من خلال الفن.
وتابع جرتسي: تواصلت مع دكتورة عايدة علام، وهي من اقترحت أن ندعوه، وكنت في قمة سعادتي أن يمنحنا الكاتب الكبير شرف حضوره، وبالفعل دكتورة عايدة تواصلت معه ووافق ورحب بشدة، بعدها هاتفته لكي أدعوه مرة أخرى على العرض، ويوم العرض للأسف لظروف خارجة عن إرادته لم يحضر، وكان في تفكيرنا أن نعاود الاتصال به لكي يحضر عند إعادة العرض على مسرح نهاد صليحة بأكاديمية الفنون ولكن أمر الله نفذ.


إيناس العيسوي