«قضايا المسرح الإقليمي» على طاولة المائدة المستديرة بالأعلى للثقافة

«قضايا المسرح الإقليمي»   على طاولة المائدة المستديرة بالأعلى للثقافة

العدد 774 صدر بتاريخ 27يونيو2022

ضمن مشروعها عقد موائد لأوجه نشاط المسرح المصري كافة وإصدار ( بيان حال ) عنه، عقدت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع الإدارة العامة للمسرح بهيئة قصور الثقافة ثلاثة موائد مستديرة استمرت ثلاثة أيام  في الفترة من 14 إلى 16 يونيو الجاري بحضور المخرج عصام السيد مقرر اللجنة وبرئاسة الدكتور أحمد مجاهد رئيس قسم النقد بآداب عين شمس وبأمانة سر عضوي لجنة المسرح الفنانين أحمد طه ومحمد جابر، وتناولت هذه الموائد “قضايا المسرح الإقليمي” .
وذكر المخرج عصام السيد أنه قد سبق هذه الموائد عدة لقاءات في بعض الأقاليم مع مبدعيها تلخصت في دراسة طويلة قامت بها الإدارة . تضمنت المائدة الأولى جلستين :  الأولى بعنوان” ماذا نريد من المسرح الإقليمي؟” والثانية “ ما الذي يعيق المسرح الإقليمي عن أداء دوره؟ “.
 رصد حال المسرح المصري
في بداية الجلسة الأولي أشار المخرج ( عصام السيد ) رئيس اللجنة، إلى أن  الجلسة مخصصة لمناقشة قضايا المسرح الإقليمي، وأن هذا يُعد  جزءا من نشاط لجنة المسرح الخاص برصد حالة المسرح المصري، وذكر أن لجنة المسرح قامت -من قبل-  بتنظيم مائدة مستديرة، تتعلق  بالمهرجان القومي للمسرح المصري، وقريبا ستنظم مائدة ثالثة، خاصة بمسرح الدولة، ثم مسرح الطفل، ثم مسرح الجامعة، وأشار إلى أن لجنة المسرح لديها برنامجا كاملا، لمجموعة أخرى من الموائد، التي ستناقش قضايا المسرح المصري علي مدار عامين . وتساءل: كيف سنرصد أحوال المسرح المصري ؟ وأجاب : نحن في لجنة المسرح، لا نجتمع لنتهم أحدا، أو نفرض رأيا على جهة إدارية، وإنما  نرصد حال المسرح المصري؛ لكي نعرف مشاكلنا، ونضع حلولا لها، علما بأن لجان المسرح السابقة، رأيها كان استشاريا، لكننا وصلنا إلى معادلة مختلفة، مع الجهات التنفيذية، حين طلبنا منها مشاركتنا في تلك الموائد المستديرة، لكي تسترشد بما نصل إليه، ووجه الشكر إلي إدارة المسرح، بالهيئة العامة لقصور الثقافة، لتعاونها مع اللجنة، وقد وفرت إقامات لبعض المبدعين المشاركين في المائدة، وأشار السيد إلى نقطتين: الأولي هي أنه  لم يكن من الضروري أن يكون لكل إقليم  مندوبا عنه، علل ذلك بقوله :  لأننا – هنا – نتكلم عن استراتيجيات، وأردنا معرفة الإجابة علي سؤال هام : ماذا نريد من مسرح الثقافة الجماهيرية، وما دوره، ولماذا لا يحقق هذا الدور، وكيف يتم تحقيقه ؟
وفي النقطة الثانية قال: إن تلك المائدة ستخرج بتوصيات، وتطرحها على المبدعين في الأقاليم، لمعرفة وجهات النظر المختلفة، وأكد على إدراك اللجنة، بأنها ليست أول من أقام مواد مستديرة لهذا المسرح، أو مؤتمرا له، وأنها تدرك – كذلك – أن ما نصل إليه، ليس هو نهاية المطاف، أو خاتمة القول، لأن المسرح حي متجدد ومتغير، وفي ديناميكية مستمرة، وبالتالي فهو يحتاج – في كل حين – إلي مناقشة وإعادة وجهات النظر .

مجاهد: طبيعة هذا المسرح تختلف عن طبيعة المسارح الأخرى بسبب تعدد نوعياته
بعده تحدث الناقد الدكتور أحمد مجاهد ( مدير الجلسة) مؤكدا علي أهمية الإجابة عن هذا السؤال: (ماذا نريد من المسرح الإقليمي؟) وأشار إلى أن طبيعة هذا المسرح تختلف عن طبيعة المسارح الأخرى بسبب تعدد نوعياته من: قصور وبيوت وقوميات، وهو ما يجعل لمسرح الثقافة الجماهيرية طبيعة خاصة، وطرح سؤالا اعتبره جوهريا وهو: ما هو الدور المنوط بمسرح الثقافة الجماهيرية؟
وأجاب: من وجهة نظري، الهدف منه هو توسيع قاعدة ممارسة النشاط بين الهواة، لمواجهة التطرف، ودعم عملية التنمية.
أضاف: والحقيقة أن هناك احترافا وتنافسا في هذا المسرح، وضرب مثلا لذلك بحصول عرض من عروضه علي الجائزة الكبرى في المهرجان القومي للمسرح المصري، للمخرج (جمال ياقوت) عن نص لهنريك إبسن، وقت أن كان المخرج عصام السيد مديرا لهذا المسرح.
ثم طرح مجاهد سؤلا آخر هو : ماذا نريد من مسرح الثقافة الجماهيرية .. وماذا نفعل من أجل دعم دوره؟

بهجت: توسيع رقعة احتواء التجارب الشبابية
 الناقد الصحفي (محمد بهجت)  بدأ حديثه قائلا: سأحدد بعض النقاط المختصرة، إجابة على السؤال المطروح، أولها: أهمية تقديم عروض مسرحية منتظمة طوال العام، وبتكاليف منخفضة، وليست للتنافس لتشارك في المهرجانات والمسابقات، حتى تتاح الفرصة لعدد كبير من المبدعين لممارسة هوايتهم، والتعلم من تنوع التجارب، ومواجهة الجمهور، والتعرف علي اتجاهات الذوق العام . ثانيا : التنسيق مع مختلف الوزارات المعنية لإتاحة أماكن العرض، داخل الإقليم من مسارح وقاعات وندوات، يمكن تجهيزها لنوعية معينة، من العروض، باعتبار أن العائد الثقافي يشكل هدفا من أهداف تنمية المجتمع، ومواجهة الأفكار الظلامية. ثالثا: السعي لتوسيع رقعة احتواء التجارب الشبابية، ما بين فرق تابعة لهيئة قصور الثقافة، وفرق أخرى تابعة لشركات أو مستقلة، أو جامعية .رابعا : الاستفادة من تجربة المايكوتياترو الأسباني كفكرة، وعمل تجارب مشابهة، وملائمة لبيئتنا المصرية. خامسا : تشجيع العروض ذات الطابع التراثي. سادسا: تشجيع فرق الخريجين من المسرح الجامعي، سابعا : تبني مشروع القراءة المسرحية لنصوص عربية وعالمية. ثامنا : الاستفادة من أصحاب الخبرة الكبيرة في الورش، والتدريب على الإخراج والكتابة، والتمثيل، وسائر عناصر الإبداع المسرحي . تاسعا : الاهتمام بمسرح الطفل ، وتخصيص ميزانية لائقة له ونقل الإنتاج المتميز منه للعرض في مسارح الطفل والعرائس، والشمس، بالقاهرة .

 عبد المنعم: لابد من البحث عن  الأثر الذي يحققه المسرح في المحيط الخاص به
وأكد المخرج المسرحي ( ناصر عبد المنعم ) علي أن المسرح عبارة عن ( مرسل ) و( مرسل إليه ) وأنه  يجب أن نتحدث عن الأثر الذي يحققه المسرح في المحيط الخاص به. أضاف : من خلال المشاهدات المتفرقة ألاحظ أن هناك مشكلة في الإشراف على مسرح الثقافة الجماهيرية، نحن نخاطب بيئات مختلفة، لها اهتمامات وطبيعة ثقافية واجتماعية مختلفة،  وأرى أن الإشراف غائب تماما  وغيابه يؤدي إلى ظهور بعض المشكلات منها: زيادة  نسبة النصوص العالمية في الإنتاج المسرحي، كما تطفو على السطح – أيضا-  مشكلة (تدوير النصوص ) في مسرح الثقافة الجماهيرية، فضلا عن بعض  المشكلات المتعلقة بنقص الحرفة، والصنعة، وأشار إلى بعض الظواهر السلبية الأخرى منها : التكرار الجمالي واستنساخ  مجموعة من الجماليات في العروض، وأكد عبدالمنعم  علي أهمية الارتقاء بمستوي الأداء المهني لكل التخصصات المسرحية، على كل المستويات، فضلا عن ضرورة معالجة موضوع تدوير النصوص والاستنساخ الجمالي، مؤكدا أن على المسرح أن يرتبط بالواقع المعاش .

أحمد طه: هناك عروض لا تقدم في أماكنها، ولا تحقق النصاب القانوني 
وأشار المخرج ( أحمد طه) إلى أن مسرح الطفل في الثقافة الجماهيرية، ينتج في العام حوالي 35 عرضا لا يجمعها مهرجان، رغم غزارة الإنتاج، وقال إن المخرجين الذين يتم إيقاف التعامل معهم من قبل الإدارة العامة للمسرح لأي سبب – في الغالب لسوء المستوى – هم الذين يخرجون شريحة الطفل، وإن كشوف الإدارة تكشف هذا . تابع : حين نقوم بصرف  ما يزيد علي المليون جنيها، ويكون نصيب كل محافظة منها حوالي خمسين أو ستين ألفا من الجنيهات، لإنتاج عرض واحد لمسرح الطفل، ومعظم تلك العروض موجهة للجان التحكيم، ولا تصل للجمهور، وعروض أخرى  لا تقدم في أماكنها، ولا تحقق ما يسمى بالنصاب القانوني فإنه يجب علينا التوقف ومراجعة الأمر.

ناصف: أتمنى الاستفادة من العقود التي تُبرم سنويا، لاستمرار العرض
 وتمنى الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف ( رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة ) الاستفادة من العقود التي تُبرم سنويا للمخرجين، والمؤلفين، ومهندسي الديكور، وغيرها من العناصر الفنية، ليتم استمرار العرض المسرحي طوال العام، وليس   لمدة خمسة أو سبعة أو عشرة أيام  فقط، كما يحدث الآن ! وتمنى – أيضا -  أن يتم الدعم من داخل الأقاليم نفسها  لكي لا ننتظر ميزانيات من الهيئة (مركزيا )  ومن المهم أن يؤمن المخرجون بضرورة تقديم العرض لأيام أخرى خارج النصاب المحدد لذلك .
بغدادي: إن فرقة مسرحية تغنيك عن كتيبة أمن مركزي.
 وبدأ الكاتب والشاعر ( محمد بغدادي) حديثه متسائلا: من هو المستهدف، ومن هو الجمهور المرتقب؟! ليتعاطف معنا، ونضمه إلى معية هذا المشروع القومي المنوط به تقديم مهام جسيمة بالفعل، وأول هذه المهام – من خلال تجربتي كصحفي- أن فرقة مسرحية تغنيك عن كتيبة أمن مركزي، وقد كتبت هذا شعارا ومانشيت على غلاف مجلة ( روز اليوسف)، أضاف: نحن نحتاج إلى المسرح بالفعل، نحتاج إلى تفكيك بنية الفكر الإرهابي الذي ما يزال موجودا، وفي ظل هذا نجد مسرح الثقافة الجماهيرية ينحدر من بعد السبعينيات بسبب ظروف حرب أكتوبر والانفتاح، وجاء عام 2005 ليكون لحظة فاصلة بسبب حريق بني سويف، وقد وجدنا أن الحماية المدنية، ترفض افتتاح أي عرض مسرحي، وبعد ذلك اكتشفنا أن هناك أكثر من 480 موقعا في الثقافة الجماهيرية، لا يمكن العمل بها، وغير مسموح بالعمل بها. وفي ذلك العام 2005 تم عمل لقاء لعلاج المشكلات المتعلقة بالثقافة الجماهيرية، في عهد د. أحمد نوار وعلي رأسها مشكلات مسرح الثقافة الجماهيرية، وتم وضع تصورات كاملة لمواجهة  تلك المشكلات، حيث كانت هناك إرادة سياسية، تؤمن بأن يلعب المسرح دوره  الحقيقي المنوط به فعلا . وأشار إلى أهمية مسرح الطفل، بما له من خصوصية  وقدرة علي تفريخ كوادر جديدة، من الممكن أن تلتحق بمسرح الثقافة الجماهيرية.  وعرض الكاتب ( محمد بغدادي ) مجموعة من المقترحات منها : ضرورة أن يكون لكل إقليم فرقة محافظة، ( فرقة مسرحية حقيقية ) بها كوادر من جميع المحافظة، ومن جميع المراكز، وتكون مدعومة من كافة الوزارات، ويتم النظر إليها بعين الاعتبار . فضلا عن أهمية اكتشاف المواهب، والطاقات الفنية، وضرورة أن تكون النصوص مُعبرة عن الواقع الاجتماعي لأبناء المحافظة، ومنها مثلا ( المسرح الشعبي)، وأنه ينبغي الاهتمام بزيادة ليالي العروض .

عبد الرازق: من الضروري تنظيم ملتقى  لمناقشة مشكلات المسرح الإقليمي بشكل منهجي وعلمي.
 وتحدث الكاتب والناقد (أحمد عبد الرازق أبو العلا) واضعا توصية في مقدمة كلمته متعلقة بضرورة تنظيم ملتقى  لمناقشة مشكلات المسرح الإقليمي بشكل منهجي وعلمي، وبمشاركة باحثين  لهم علاقة مباشرة بهذا المسرح، وتكليفهم بتقديم أوراق في ضوء المشكلات الحقيقية الموجودة بالفعل . أضاف : لن نستطيع الحديث عن مستقبل مسرح الثقافة الجماهيرية، أو طرح طموحاتنا لتطويره، بمعزل عن السياق الذي يعمل فيه، وهذا السياق  تحكمه ثلاثة عناصر : الأول يتمثل في الإدارة المعنية بالنشاط، وهي هنا الهيئة العامة لقصور الثقافة، والثاني يتمثل في الدولة، والثالث يتعلق بالمسرحيين أنفسهم.. فإذا نظرنا إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتساءلنا: ماذا تفعل تجاه هذا المسرح، هل  انحصر دورها في إنتاج عروض مسرحية فقط ؟؟ وكأن الإنتاج هو الهدف الرئيسي، وهل قامت بتدريب الكوادر المتعاملة مع هذا المسرح ؟ قال : تلك الكوادر وضعفها، كانت سببا في انتكاسة هذا المسرح خلال السنوات القليلة الماضية، ولمعالجة هذا الأمر نؤكد على ضرورة تنظيم دورات تدريبية  لتلك الكوادر، لتؤدي دورها بشكل جيد، وفيما يتعلق بالدولة قال إنها  غير مسئولة مسؤولية مباشرة بالنهوض بالحركة المسرحية، لأنها جهة تنفيذ، والمنوط بها هو توفير الميزانيات، والمسارح الصالحة لتقديم العروض، لكن وزارة الثقافة مسئولة عن أداء العاملين بالرقابة على المصنفات الفنية، لأن موقفها أدى إلى تراجع هذا المسرح عن دوره، وتعنت الرقباء، في وضع المحاذير علي نقاط ومواقف ليست جوهرية، أدي إلي تهافت النصوص، بسبب الحذف الكثير منها، ولذلك مطلوب من وزارة الثقافة، تأهيل الرقباء، بما يبعدهم عن التعنت الحادث الآن، لا لشيء سوى الخوف، وعلينا معالجة المشكلات التي ترتبط بالمسرح إداريا وفنيا، وفيما يتعلق بالمسرحيين، تساءل الناقد ( أحمد عبد الرازق أبو العلا ) ماذا فعلوا لهذا المسرح ؟! وقال: لقد قمت من قبل بوضع برنامج لتدريب  شباب نوادي المسرح، حين كنت مديرا عاما لهذا المسرح، ولم أجد أية استجابة من قبل الشباب، بل وكانوا أول من وقف ضد تنفيذ هذا البرنامج . وتساءل أيضا :كيف يتعاملون مع النص المسرحي ؟! وكيف واجهوا فساد الإدارات المعنية في الأقاليم، ومعظم العاملين فيها يكرهون المسرح !؟ واختتم كلامه متسائلا: ماذا فعلت الإدارة عندما احتج عليها المسرحيون في الآونة الأخيرة، فيما يتعلق بقرارات لجان التحكيم، لمن كانت الكلمة النهائية، كانت للمسرحيين، فارتفعت العروض المُشاركة في المهرجان الختامي من 13 عرضا إلي ثلاثين عرضا . واستجابت الإدارة لطلباتهم . والسؤال: لماذا استجابت ؟ الاستجابة هنا معناها الطعن في عمل اللجان، فهل الإدارة لا تثق في أعمال اللجان ؟! ما هو المعيار الذي نستند إليه في مثل تلك الحالات ؟! وختم بقوله: إن غياب الإستراتيجية والسياسة الواضحة يؤديان إلى مثل تلك المشكلات .

حجاج: المأزق  في عدم وجود النية لوجود مسرح حقيقي
وفي مداخلة للكاتب المسرحي (سعيد حجاج) ذكر أن الدولة ليس لديها نية حقيقية، هي والقائمين علي مسرح الثقافة الجماهيرية، ليكون مسرحا حقيقيا له علاقة بالواقع الاجتماعي، وهذا ما يجرنا لعدة مشاكل كبيرة، ورأى أننا إذا أردنا الخروج من هذه المائدة المستديرة، برؤية واضحة تجيب على السؤال: ماذا نريد، أو ماذا تريد الدولة، أو لجنة المسرح  أو الثقافة الجماهيرية من المسرح؟ فإن  هذا سيكون هو الإنجاز الحقيقي لأنه بالفعل سيساعد علي فض الاشتباك بين المسرحيين وبين الإدارات المختلفة التي تتوارد على الثقافة الجماهيرية، سواء في إدارة المسرح، أو في إدارة الهيئة، مشيرا إلى أن عدم وضوح الرؤية يفضي إلى التضارب بين المسرحيين والإدارات المختلفة، وأكد  حجاج على أهمية أن يكون المسرح فاعلا، وحقيقيا ومعبرا عن الناس والواقع، ولكن المأزق يتجلى في عدم وجود النية الحقيقية في وجود مسرح حقيقي، وتعنت الرقابة دليل علي ذلك وأري أن أسوأ عصور المسرح في الثقافة الجماهيرية هو هذا العصر، لأن الرقابة، تدفعنا للاستعانة بنصوص لا علاقة لها بالواقع، مثل النصوص الأجنبية، وفيما يتعلق باللجان قال: هذه اللجان ترى العروض المسرحية بمنطق أن جمالياته تطغي على دلالاته، وأضاف أنه من الضروري فك الاشتباك عن طريق إلغاء كافة المسابقات في مسرح الثقافة الجماهيرية، ليكون هدف المسرح تنمية المجتمع، وممارسة الهوايات، لأن المسابقات تعني الصراع، وهو الصراع القائم بين المسرحيين واللجان بشكل دائم .

الروبي: علينا أن نتفق على معايير تتعلق  بدور مسرح الثقافة الجماهيرية
 وتساءل الناقد المسرحي ( محمد الروبي): ماذا نريد من هذا المسرح ؟ أجاب : هذا المسرح، حسبما أتصور ليست وظيفته اكتشاف النجوم، وتقديمهم للساحة، لكن وظيفته هي نشر الوعي، لأنه أداة اجتماعية عرفها كل العلماء والمختصين. ومن وظيفته : إتاحة الفرصة لممارسة الهواية مجانا، وتدريب الكوادر المسئولة عن المسرح، سواء في إدارة المسرح، أو في الفروع الثقافية. تابع: وعلينا كمسرحيين ونقاد أن نتفق علي معايير، تقوم علي السؤال الاستراتيجي المتعلق بدور مسرح الثقافة الجماهيرية، ثم تطبيق تلك المعايير موضوعيا أثناء حكمنا علي هذا المسرح، وأثناء مناقشتنا له ولقضاياه .

نشأت: يجب الاستعانة بالأبحاث الأكاديمية، التي تتعامل مع المسرح علي أرض الواقع
وأبدى ( فادي نشأت ) المعيد بمعهد الفنون المسرحية، وجهة نظره حول اللجوء إلى النصوص الأجنبية، وأرجع السبب في ذلك إلى أن تلك النصوص، تعالج هموما إنسانية، أكثر منها اجتماعية، أو محلية، وهذا ما يجعل البعض يستعين بها بعيدا عن فكرة الهروب من الرقابة. وأكد على أهمية الاستعانة بالأبحاث الأكاديمية، التي تتعامل مع المسرح على أرض الواقع، وعد الاستبيان أداة جيدة للوصول إلى نتائج، وذكر أنه من خلال متابعته لتجارب الشباب استطاع اكتشاف تعطشهم للمعرفة، وإنه إذا حصلوا عليها انطلقوا . وأضاف إن بعض الشباب شاهدوا عروضا وتجارب حديثة، لم يتعرف عليها بعض أعضاء لجان التحكيم، مما أوجد الهوة للحكم علي تجاربهم، وأضاف: ينبغي ألا ندفع الشباب لفقدان الثقة في المؤسسة التي تحتضن تجاربهم، حتى لا يشعرون  بالفشل، وقال إن الشباب لديه أزمة في تحقيق ذواتهم، وأزمة فقدان الثقة  في معظم المؤسسات، وبالتالي نحتاج بحثا علميا جادا، للوقوف على مشاكل المسرح في الثقافة الجماهيرية .

حامد: أقترح عمل معمل مسرحي، للتدريب والارتقاء والاختيار
  المخرج المسرحي ( محمد حامد ) قال إن شهادته تنطلق من كونه واحدا من الذين يعيشون على الضفة الأخرى من النهر، بمعنى أنه الموجود على الأرض، وأنه كمخرج يعمل لأكثر من خمسة وعشرين عاما يتساءل بشكل مختلف : من هو المسرحي في الأساس ؟ وكيف يتم تحديد صفته ؟ وبناء على ماذا ؟! هل هو موجود ليتسابق؟ ويثبت ذاته، ويحقق الاستراتيجيات ؟ هل يفتقد الخطط المطلوبة، أم هو موجود كممارس؟ وأكد على أهمية امتلاكه للأهداف، وأن يخضع لتدريب دوري له وللكوادر والقيادات  والإداريين، واقترح عمل معمل مسرحي  للتدريب والارتقاء والاختيار، في إطار تنظيم ما يشبه دوري كرة القدم، من خلال اختيار عدد من المخرجين يمثلون المحافظات المختلفة، وأكاديميين  نثق فيهم، ويتم عمل عرض مركزي واحد في المحافظة، ويكلف عددا من المدربين المؤهلين في مجال : التكتيك – التمثيل – النقد ..  لمتابعة العمل، بعدها تحدث - بالتفصيل-  عن تجربته في ورشة ( ابدأ حلمك ) ضاربا بها  مثلا  للفكرة التي يريد أن يوصلها .
الأسيوطي: أمنيتي عودة نشاط ( مسرح الشارع )
 وتحدث الكاتب المسرحي ( نعيم الأسيوطي) مؤكدا أنه – كشاهد عيان - عندما كان عضوا في المكتب الفني لإدارة المسرح، رأى بنفسه، أن معظم المخرجين يذهبون إلى النصوص الأجنبية، وبرغم أن الإدارة وقتها قدمت بيانا بعدد 120 نصا مسرحيا جديدا، إلا أن المخرجين لم يستعينوا إلا بعدد قليل جدا منها، برغم وضع حافز 10% من الدرجات تضاف لدرجات تقييم العرض عندما يستعين المخرج بنص مسرحي جديد، أضاف : كان هناك – أيضا – برنامج للتثقيف المسرحي، نفذته في أسيوط بمبلغ خمسة آلاف جنيها ولمدة ستة شهور لتغطية معظم الفرق المسرحية على مستوي المحافظة، وشاركنا مجموعة من النقاد والفنانين الكبار، لكنني فوجئت بعدم حضور أي شخص من أعضاء عشر فرق وجهت الدعوة إليهم !! وبعد ثورة 25 يناير قدمنا عرضا في ميدان ( طلعت حرب ) أمام قصر ثقافة أسيوط، حضره أكثر من 1500  متفرج، وأقصد هنا ( مسرح الشارع) وعبر عن أمنيته عودة نشاط ( مسرح الشارع ) مرة أخرى. وتحدث عن أمر تكليفه بإنشاء فرقة مسرحية من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنه مع نجاح التجربة دعى بضرورة دعم تلك الفئة لأنها في حاجة إلى الاهتمام والمتابعة أنور : نحن مسرح بلا ذاكرة، فليس هناك من يرصد تلك الظواهر ويفعلها
وأكدت الناقدة د. لمياء أنور على أن مسرح الثقافة الجماهيرية يُعبر عن نفسه،  لأنه مسرح الجماهير، وأنه لا يوجد صدق عند الكثيرين من المتعاملين معه، وتساءلت: مع افتقاد الصدق -  لماذا يذهب الشباب إلى قصور الثقافة لتقديم عروضهم؟ أجابت: ينبغي أن تكون صادقا حين تقدم تجربتك، وأبناء الأقاليم يشعرون بأنهم درجة ثالثة، وتساءلت : ما الذي دفهم لهذا الشعور ؟ لأن الواقع يسير في اتجاه، والمسرح يسير في اتجاه آخر تماما  وكذلك التطور التكنولوجي، وتساءلت أيضا : أين دور السوشيال ميديا من مسرح الثقافة الجماهيرية ؟ أين الدعاية والإعلان ؟، وأكدت على أهمية إلقاء الضوء على تلك العروض، والإعلان عنها، لأن هناك من يحتاج لمشاهدتها .. وأضافت : إننا مسرح بلا ذاكرة، فليس هناك من يرصد تلك الظواهر ويفعلها، وأشادت - في كلمتها - بالمائدة المستديرة، لأنها ناقشت موضوعا مهما مع عدد من المهتمين والباحثين المرتبطين بواقع هذا المسرح، وتمنت  أن تُنفذ بالفعل توصيات المائدة على أرض الواقع .
 


سامية سيد