«مشوار الورشة مرينا» رحلة مسرحية توثيقية لفريق الورشة

«مشوار الورشة مرينا» رحلة مسرحية توثيقية لفريق الورشة

العدد 760 صدر بتاريخ 21مارس2022

أقيمت ندوة «مشوار الورشة مرينا»، رحلة مسرحية توثيقية لمشوار الورشة للمخرج حسن الجريتلي، يوم الأحد السادس من مارس باستديو تخشينة بمعهد جوتة الألماني، الندوة في إطار فعاليات معرض «مرينا» للمخرجة منال ابراهيم.
استهلت الندوة بتقديم ندى عبد الوهاب - منسقة مشاريع وبرامج ثقافية بمعهد جوتة -  لفرقة الورشة وتقديم المخرج حسن الجريتلي. 
وقالت عبد الوهاب في تقديمها: أن هذا اللقاء يعد اللقاء الخامس من اللقاءات التي تتم في إطار معرض مرينا، والذي يقام في استديو تخشينة هذا الاستديو الذي يعد مساحة لدعم العمليات الفنية، واعربت عبد الوهاب عن سعادتها بهذا اللقاء عن مشوار فرقة الورشة والمخرج حسن الجريتلي. 
ثم عرض فيلم «الورشة» الذي أنتجته شركة أولاد البلد للخدمات الإعلامية، والذي يصور العناصر المختلفة التي تكون شغل الورشة، وشهادات للعاملين بالورشة من الشباب واستغرق الفيلم 35 دقيقة .
عقب الفيلم كانت كلمة المخرج حسن الجريتلي مؤسس الفرقة والذي تحدث عن رحلته من البداية مع الفرقة .

الجريتلي : «مبطلتش أبوس ايد سعاد» 
وفي حديثه ذكر الجريتلي أول مشهد مسرحي نفذّه عندما كان في الصف الثالث الابتدائي وقال فيه: في التاسعة من عمري وبينما أمشي في حديقة المدرسة، نادتني المعلمة فاطمة إلى قاعة الموسيقى، كانت في القاعة طفلة جميلة تقف تمد يدها اليمنى، أمامها ولد أدار ظهره وعلامات التجهّم بادية عليه، قالت المعلمة  لي: جريتلي تبوس إيد سعاد؟ أجبتها: «نعم أبوس إيد سعاد»، فردّت المعلمة: سعاد هي الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وأنت الخديوي إسماعيل والمناسبة افتتاح قناة السويس، ومن يومها ما بطلتش أبوس إيد سعاد».

جاءت فكرة اسم الورشة من الورشة الفنية للسيارات
وذكر الجريتلي سبب تسمية فرقة الورشة بهذا الاسم وقال:
كنت أسكن فوق جراج وكنت أراقب تركيبة بلية والصبي والمعلم في الورشة والكل يلتف حول سيارة واحدة، فالعمل في الورشة الفنية للسيارات عمل منظم ومن هنا جاءت فكرة الاسم» الورشة». 
وأشار الجريتلي: أن أهم مرحلة على الإطلاق هي مرحلة شغلنا على التراث الشعبي المصري، ففي فترة معينة بعدما اشتغلنا على إعادة تقييم الميراث الغربي والملف الغربي من خلال الشوام الذين حضروا مصر وهو ما ولد منه المسرح المصري على غرار المسرح الأوروبي، عندما رجعنا من أوروبا عملنا نوع من الغربلة ودخلنا في هذا الميراث وكل ما له علاقة بالتمثيل وجسم الممثل والمساحة والسينوغرافيا والديكور والدراما توجيه، وعندما انتهت هذه الفترة وتحول النموذج الأوحد وهو النموذج الغربي إلى مصدر وبالتالي فتحت كل المصادر الأخرى بدءا من مصادرنا، فكيف يكون لدينا كل هذا التراث من فنون العرض ولم يكن جزء من المسرح يخصنا، وبدأنا الكتاب الذي جمع قصص الاستاذ فتوح احمد فرج من السنبلاوين والسيرة الهلالية والمواويل القصصية والتحطيب والرقص وخيال الظل. 
وأوضح: أنا لا أعمل على الفولكلور بمعناه الانجليزي الفولكلور الزائف «fake» نحن نعمل على ما هو أقرب كما سماه المؤلف الموسيقى النمساوي جوستاف مالر» أن التراث هو تسلم الشعلة وليس عبادة الرماد». 
واستكمل الجريتلي : عندما سُئلت كيف يتم التوثيق، فأجبت وما توثيقي إلا بالله، أنا أوثق عملي واضع المدربين والمغنين مع الشباب ونسخن سطح الصفيح الذي يقفون عليه، وحرارة اللقاء بين المعلم والصبي يحدث انطباع بين الاثنين والصبي يأخذ المعلم ويمشي به رحلته هو فما يستلمه المعلم يختلف عما يخرج من شغله وهنا تحدث النقلة وتتم الفلترة حتى تصل الجمهور بشكل مختلف. 
وأضاف الجريتلي: اكتب الآن مسرحية الأيتام عن السيرة الهلالية مع شادي عاطف. 
وأحب أن أضيف أني أحب الجميع داخل الفن وخارجه بالإضافة إلى جميع الفنانين ومنهم الفنانين التشكيليين واصدقائي من خارج الفن. 
وبعدها أدارت الفنانة منال ابراهيم حلقة نقاشية مع المخرج حسن الجريتلي سألته وبعض الضيوف وأجابهم كالتالي:
وحول سئالا عن استمرارية الورشة حتى الآن قال : الحقيقة، لا أعرف لأن الأمور تنتقل من سيئ لأسوأ  طيلة الوقت، ونحن تربينا على فكرة «ان الأمور في النهاية تتحسن والحاجه تكبر والسعادة تزيد» كل هذه  الأوهام تربينا عليها والواقع يقول العكس، لا أعرف حقا قد يكون الشغف وحب الناس الذين اعمل معهم  وأنا مستمر وناس ياتون واخرون يذهبون  وهكذا الحياة تستمر، وأنا مستمر لأن لدي الشغف. 
وأوضح الجريتلي أنه ليس لديه تفضيل لجيل عن الآخر من متدربي الورشة، قائلا : استغرب عندما يتحدث الناس ويقولوا لي أيام فلان وأيام فلانة، لا يوجد لدي ذلك الإحساس، فكل فترة زمنية تلد فنانيها ولا يوجد لدي الإحساس  بالاختلاف و الممثلين يختلفون عن بعضهم البعض، والفكرة أن  لكل جيل مفتاح يفرضه مثل المفتاح الموسيقى، فلا توجد لدي تلك المقارنة، لذلك أنا وسط هؤلاء الشباب واستمد طاقتي منهم، لذلك كل فتره ولدت ناسها والورشة فيها فكرة التسليم وطول فترة وجودنا فالناس تتعلم من بعضهم، وأنا أتعلم من الورشة  ومن الشباب، وما يجعلني اشتغل هو التبادل المستمر مثل فكرة ورشة السيارات  فكل واحد «بلية» يتعلم . 
وتابع : الكثيرون يأتون للعمل معنا ولكن العبرة لمن يتحمل البقاء؛ لأن العملية صعبه جدا فالناس تتخيل ان الورشة مصدر نجوم، الورشة ليست مصدر النجوم برغم من كل النجوم الذين تخرجوا منها، فمنهم الكثير من الذين تحملوا سنوات مثل سيد رجب وعبلة كامل، فالفكرة هنا هي لا تقلق.
و في السنوات الأخيرة إن من يأتون لنا هم أناس لا يبحثون عن النجومية ولا على الفلوس، لكن طبعا ليس هناك مانع من ذلك لكن  الناس الذين حضروا ويحضرون الآن لديهم طموحات أخرى ولديهم شغف، ولكننا قررنا بعدما انقطعت كل سبل الحياة أن  نبدأ بعمل كورسات بمقابل، بالإضافة لعمل تخفيضات و منح حتى يكون هناك موارد، ومن ناحية أخرى نحافظ على فكرة  المسؤولية الاجتماعية في الشركات الكبيرة. 
وكما هو المعهود فالدنيا تتغير، ومعاناتنا تتغير فعملنا كورس مهارات الممثل الشامل ومن حضروا لا هم ممثل ولا شامل جاؤوا يريدون شغل وبعد الكورس عرضنا على البعض البقاء ليكتسبوا خبرة ومهارات جديدة، ومنهم مهندسة معمارية رسمت لنا خطة وتم تبادل المهارات. أرى أن العقلية الآن قد تغيرت ففكرة الرسالة المباشرة يعد أمرا جديدا. 
وحول حكايات الورشة قال : هناك العديد من الحكايات حول الورشة أظن أنها مهمة جدا غير فكرة التوثيق «وما توثيقي إلا بالله» فنحن بدأنا في توثيق شغلنا خصوصا المنهجية فنحن لدينا منهجية ولكننا لم نعمل منهج فبالتالي من  المهم الآن ان نعمل منهجية وندرب مدربين على هذه المنهجية  فهذه تعتبر أشياء إنسانية اكثر في المشاعر وفي الطريقة وتحتاج للتوثيق، وبلدنا بها الكثير من المواهب وخاصة التي ظهرت بعد الثورة، ولكن المعجزة الحقيقية هي تلك المواهب الغير عادية فأين المسرح الحر وأين المسرح المستقل. 
والورشة ظلت لفترة طويله لا يوجد غيرها وفي يوم من الأيام أصبحنا مجموعة فرق في حركة، ونحن كل يوم نكتشف العديد من المواهب، ونحن نقوم بعمل المسابقات، وأقمنا مسابقة ظهر منها أربعة حكائين، فالمواهب موجودة ومتعددة. 
وعندما دربنا مجموعة من المواهب على الممثل الشامل وجدنا مواهب لم نكن نتخيل كل ذلك على مستوى الغناء وعلى مستوى التمثيل، أنا متأثر طول الوقت إضافة إلى شغفي الشخصي، الواقع يقول أن هناك مواهب تطفو على السطح. 
جدير بالذكر أن هذه الندوة قدمت في إطار فعاليات معرض «مرينا» للمخرجة منال إبراهيم.
«مرينا» معرض فني يحكي قصة جزء من تاريخ الحركة المسرحية من خلال تجربة مجموعة من فناني الأداء المستقلين في مصر، وهو امتداد لمعرض «مريت» الذي قدمته المخرجة منال إبراهيم والذي أقيم في مارس 2021.
والمشروع عبارة عن أرشفة لجزء مهم من تاريخ المسرح المصري في الفترة الزمنية ما بين 1984 إلى 2004، أكثر من 300 عرض مسرحي، بما في ذلك العروض المسرحية التي لم يتم تصويرها وليس لها حاليا أي حضور مادي.
والمخرج حسن الجريتلي مؤسس فرقة الورشة  عام 1987، تلك الفرقة التي تعد رائدة المسرح المستقل، حيث لم تبرز قبل ذلك التاريخ فرقة أخرى، وهي الفرقة التي لطالما طورت من نفسها حيث دائما ما قدمت وتقدم الجديد والمختلف في كل مرة تطل فيها على جمهورها، وفرقة الورشة قدمت فنون التراث المصري، كالغناء، الحكي، خيال الظل، التحطيب. وأطلقت الورشة أسماء لمعت في فضاء الفن ودعموا صورة الورشة عبر العقود الماضية، منهم عبلة كامل، أحمد كمال، سيد رجب، عارفة عبد الرسول. 
 والمخرج حسن الجريتلي تخرج في جامعة بريستول في بريطانيا بدرجة امتياز في الدراما والأدب الفرنسي، ثم عمل ممثلاً بالمركز القومي للمسرح بمقاطعة الليموزان في فرنسا، ثم مساعد مخرج، وبعدها عمل مخرجاً وقدم أعمالاً لكتاب عالميين من أمثال شكسبير وألبير كامو، وستريند بيرغ، وبريشت، 
وعمل مساعداً ليوسف شاهين في فيلمي «الوداع يا بونابرت»، و»اليوم السادس»، ثم مع المخرج يسري نصر الله في فيلم «سرقات صيفية»، أسس الجريتلي فرقته «الورشة» وكانت بداياتها مع المسرح العالمي بمعالجات تقربه إلى البيئة المصرية، فقدم أعمالاً للإيطالي داريو فو، والألماني بيتر هاندكه، والبريطاني هارولد بينتر، والفرنسي ألفريد جاري، وغيرهم. وبموازاة النصوص العالمية، وعلى الرغم من ثقافة الجريتلي الغربية، أو ربما بسببها فقد حرص على الاهتمام بالتراث المصري، فقدمت فرقته عروض الحكي الشعبية  وعروضاً للسيرة الهلالية، والسير الشعبية وعروضاً للعبة التحطيب، وخيال الظل وغيرها من الفنون التراثية، وقد عمل الجريتلي مديراً لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وعمل أيضاً في مسرح الطليعة ومركز الهناجر التابعين لوزارة الثقافة.
 


سامية سيد