نؤمن جميعا بأن الموت هو الحقيقة المؤكدة في هذه الحياة، كما نؤمن بأن لكل منا أجله وموعده الذي لا يقدم ولا يؤخر، ومع ذلك فإن فراق رحيل الأساتذة والأحباب كان قاسيا وموجعا ومؤلما، خاصة إذا كان ملاك الموت عزرائيل نشطا جدا بإذن ربه هذه الأيام، فبخلاف هذا العدد الكبير من الفنانين والمسرحيين الذين رحلوا عن عالمنا خلال عام 2021 فوجئنا مع بدايات هذا العام برحيل مجموعة أخرى من رموز قوتنا الناعمة، ويكفي أن أسجل أننا قد ودعنا في الأيام القليلة الماضية – وبالتحديد خلال خمسة عشر يوما - وبصورة متتالية عدد كبير من رواد ونجوم المسرح المصري، حيث تضمنت قائمة الراحلين أسماء المرحومين بإذن الله: الناقدة المسرحية/ زينب منتصر (26 يناير 2022)، نجمة مسرح الطليعة/ ولاء فريد (27 يناير 2022)، سيدة المسرح القومي الفنانة القديرة/ عايدة عبد العزيز (3 فبراير 2022)، ورجل المسرح المخرج القدير/ جلال الشرقاوي (4 فبراير 2022).الوفاء والذكرى في مواجهة الموت: كان وداع كل منهم قاسيا ومؤلما، لأنه يصاحب دائما بتوقف الأحداث والإبداع لكل منهم وأيضا بانتهاء التعاملات والذكريات معهم، لذلك فإنني أنتهز هذه الفرصة وأنصح كل زملائي الفنانين والإعلاميين بألا ينتظروا رحيل القامات حتى نشارك في تأبينهم ونتذكر أعمالهم وإسهاماتهم ونتباكى عليهم، بل يجب أن يحرصوا – مع الهيئات والمؤسسات الثقافية والفنية - على توثيق أعمالهم بكل الدقة وتكريمهم في حياتهم، وإلا فإننا سنشعر معا بتأنيب الضمير ولكن بعد فوات الآوان ... وأحمد الله أن منحني فرصة المشاركة في تكريم كل من الراحلين الأربعة في حياتهم، وذلك بمشاركة الناقدة الكبيرة/ زينب منتصر في آخر ندواتها بتكريم الفنان الكبير/ عزت العلايلي بمهرجان «الأفروأسيوي للفنون» بشرم الشيخ، وبمنح الفنانة/ ولاء فريد البطولة المطلقة بمسرحية «وهج العشق» وهي أحدث مسرحية شرفت بإخراجها، كما منحت فرصة تقديم كتاب عن المبدع الكبير/ جلال الشرقاوي (من خلال الدورة الحادية عشر للمهرجان القومي للمسرح المصري، وكذلك بإصدار كتيب عن سيدة المسرح القومي/ عايدة عبد العزيز (أثناء تكريمها من خلال المركز القومي للمسرح والفنون الشعبية)، وذلك بالإضافة إلى استجابتي الفورية لطلبها بإصداري كتاب عن المسيرة الفنية لزوجها الراحل المخرج القدير/ أحمد عبد الحليم.ونظرا لضيق المساحة أكتفي بتسجيل بعض الومضات عن كل من الناقدة المسرحية/ زينب منتصر، الفنانة المتميزة/ ولاء فريد، مع تناول المسيرة الفنية للقديرين/ عايدة عبد العزيز، جلال الشرقاوي. الناقدة المسرحية/ زينب منتصر:رحلت الناقدة المسرحية/ زينب منتصر المرشدي – رحمها الله - عن عالمنا الأربعاء الماضي أثناء وجودها بالعاصمة اليابانية «طوكيو» بعد صراع مع المرض ورحلة علاج استمرت أكثر من 3 شهور. وهي صاحبة قلم وطني رشيق، ويحسب لها نجاحها في صقل موهبتها بالدراسة وحصولها على بكالوريوس الدراما والنقد المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1971 (ضمن دفعة ضمت بعض الموهوبين في النقد المسرحي ومن بينهم الأساتذة: حسن عطية، محمد شيحة). وقد التحقت بعد تخرجها من أكاديمية للفنون بمؤسسة روز اليوسف وتدرجت في بعض المواقع القيادية حتى أصبحت من الكوادر المهمة بها. تخصصت في كتابة النقد المسرحي وأثرت الحركة المسرحية بعدد كبير من مقالات النقد التطبيقي والدراسات المسرحية سواء بمجلتي: روزاليوسف والأقلام العراقية أو جريدة الأسبوع، كما شاركت في عدد كبير من لجان التحكيم بالمسابقات المسرحية وخاصة بمسارح الأقاليم (فرق الهيئة العامة لقصور الثقافة)، كما شاركت أيضا بعدد كبير من الندوات المسرحية المتخصصة. وتجدر الإشارة إلى سعادتي الكبيرة بمشاركتها ببعض لجان التحكيم سواء بمسارح الأقاليم أو لمشاريع التخرج لطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية (مع كل من الأساتذة: د.حسن عطية، د.سامي صلاح، د.سيد خاطر، والمخرجين للدراما التليفزيونية: محمد النقلي، أحمد خضر).وتجدر الإشارة إلى أنها قد تزوجت فترة طويلة من الشاعر والمفكر الاستراتيجي/ د.أحمد عز الدين، وأنها الشقيقة الصغرى للفنانة/ سهير المرشدي، وخالة النجمة المتألقة/ حنان مطاوع. الفنانة المتميزة/ ولاء فريد: ولاء فريد ممثلة مصرية، حصلت على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1977، وتزوجت من زميلها محمد الحموي بقسم التمثيل والإخراج. انضمت بمجرد تخرجها إلى فرقة «مسرح الطليعة». بدأت حياتها العملية بالمسرح والسينما، وقدمت بعض الأدوار المهمة فهي المرأة المطلقة/ عزة فى فيلم « دقة زار» وهي أيضا المرأة المطلقة/ أحلام فى فيلم «الأقمر»، ثم ركزت جهودها فى مسلسلات التليفزيون وخصوصا المسلسلات الدينية والسهرات التليفزيونية، ونظرا لعدم وجود أي توثيق لمشاركاتها المسرحية يشرفني أن أتحمل واجبي وأقوم بهذه المهمة.أهم إعمالها المسرحية: أولا – بفرقة مسرح الطليعة: جلسة سرية، دقة زار (1980)، الأميرة تنتظر (1982)، المجاذيب (1983)، ليلى والمجنون (1987)، أمير الأراضي البور (2003)، المهرجون (2005)، حفلة أبو عجور (2006)، البؤساء (2008)، الحادثة اللي جرت (2010)، تذكرة للتحرير (2011). ثانيا – بفرق أخرى: المباراة الدولية (A،C،A - 1990)، الدخان (المسرح القومي - 1999)، القرد كثيف الشعر (مسرح الغد - 2002)، بعد العرض (المسرح الحديث -2005)، وهج العشق (مسرح الشباب - 2009)، هي في حياة الرسول (البيت الفني للفنون الشعبية - 2012).ثالثا – بفرقة المسرح القومي للطفل: كوكب اللعب (2003)، القلم المغرور (2005)، عالم أقزام (2008)، طموح جارية (2012).وجدير بالذكر أنها قد تعاونت من خلال المسرحيات السابقة مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون مختلف الأجيال ومن بينهم: عبد الغفار عودة، محمود الألفي، عباس أحمد، محسن حلمي، عمرو دوارة، إيميل شوقي، فاروق زكي، عاصم رأفت، ماهر سليم، هشام عطوة، محمود حسن، أحمد خليل، عزة لبيب، سامح بسيوني، يوسف أبو زيد.