أنا مش مسئول.. محمد جبر يعيد البسمة للجمهور كمسئول بعد الكورونا

أنا مش مسئول..  محمد جبر يعيد البسمة للجمهور كمسئول بعد الكورونا

العدد 729 صدر بتاريخ 16أغسطس2021

هل الفن مرآة للمجتمع؟ أم المجتمع انعكاس لفنه؟
هذه الدائرة المتشابكة التي طال خلافها بين الفنانين والنقاد والجمهور نفسه، طال نقاشها فنيا وأدبيا.. إلا أن هذا الجدل، حوله (محمد جبر) المخرج المتميز لحالة من الكوميديا الصارخة على مسرح الهوسابير، تحت عنوان «أنا مش مسئول».  
بما تبقى من فرقة «1980 وأنت طالع» يقدم المخرج والممثل -هذه المرة- (محمد جبر) تجربته الكوميدية الثالثة بنفس الفرقة، بعد المسرحية الأولى الشهيرة «1980 وأنت طالع» ومسرحية «البروفة»، ليعود لنا بكوميديا قوية بإضافة جديدة من الشباب لفرقته، على المسرح الذي جمع أغلب تجاربه الشابة الناجحة.
بعرض استعراضي كوميدي يحمل طابع الكوميديا الفرس كعادته، يعيد الجمهور لمسرح الهوسابير ضاحكا مشاركا ومتابعا لهذه الفرقة، التي أحدثت صدى كبيرا في الوسط الفني خاصة بعد ثورة يناير، لتصبح الفرقة الأشهر فنيا والأقرب تعلقا بالشباب من مختلف الفئات العمرية، خاصة لمن هم بعد «1980 وأنت طالع».
تقدم مسرحية «أنا مش مسئول» على مسرح الهوسابير   من إنتاج أروى قدورة المنتجة الداعمة للفرقة منذ سنوات، بعدما تعطلت الإجراءات الفنية لعرض نفس المسرحية على مسارح الدولة.
باستعراضات قوية مميزة يبدأ المخرج والممثل محمد جبر روايته الجديدة، التي كتبها السيناريست والكاتب الكوميدي محمد عز.. في تعاون متكرر وناجح بين هذا الفريق  الفني، ليقدما سويا دماء جديدة من الشباب للمسرح المصري، ينحني لها الجمهور تقديرا في نهاية عرضه، 
مع وجود خبرات أكبر اكتسبها رائدو الفرقة القديمة، وهم  الممثل «عاصم رمضان» الكاركتر الضاحك أينما كان وأينما كنت، و»محمد خليفة» الباحث دائما عن ألغاز الإفيهات المسرحية، و»محمد العتابي» كميزان للإيقاع والموهبة بين الجيل المتطور والخبرة المسرحية، ومعهم محمد مصطفى وخلود عبدالعزيز وعلي حميدة، داعمون ومساندون، ليستمد الشباب الجديد منهم نفس الطاقة التي اعتدنا عليها. 
مع موسيقي منسقة بتوزيع مختلف، وكلمات ملحنة ببساطة لتناسب الحالة الكوميدية الاستعراضية.
وديكور متميز للدكتور (حمدي عطية) سهل استخدامه وتعديل زمان ومكان أحداثه، وإضاءة مميزة بتقاطعات من البلاك المتكرر، كسرت في بعض الأحيان حالة المتعة التي أصابتني منذ اللحظة الأولى لبدء العرض المسرحي.
«فتحي» مدير فرقة مسرحية شابة، الذي يجسده الممثل محمد جبر، يبحث عن جهة إنتاجية لتنفيذ عروضه ومساعدة أعضاء فرقته الصغيرة على الاستمرار، يلتقي بالمنتج تاجر السيارات، الذي يقدم أمواله بسخاء لفرقة فتحي، فارضا عليه مجموعة من مغني المهرجانات ليكونوا أبطالا لهذا العرض الممول الجديد، وبعد صراع قصير يقرر فتحي الرضوخ لأموال وأفكار منتجه، والاستسلام لتقديم فن هابط رغما عنه من أجل استمرار الحياة. 
إلا أنه يستدرك نفسه في اللحظات الأخيرة.. بعدما اكتشف أنه يمكن توجيه هؤلاء الشباب الفاقد لهوية فنية مختلفة، لينجح فتحي في تقديم عرض مسرحي يليق بجمهوره ومبادئه الفنية الأصيلة. 
تعلقت بآهات الجمهور الحاضر مع ازدياد ضحكات الأطفال، التي عوضت ضعف مخارج الألفاظ عند بعض الممثلين الشباب.. وصعوبة إيصال معاني كلماتهم للجمهور السعيد.. 
هذه السعادة الغامرة التي تعود لعالم المسرح الصغير، بعد فترة طويلة من زمن انطوى جمهوره بعيدا، خوفا من الكورونا وتبعاتها، تظهر سعي المواطن المصري البسيط ذي خفه الظل بحثا عن البسمة في أي وقت وأي مكان، حتى وإن كانت بعيدة عن مسارح الدولة المتواضعة الحضور. 
كفنان.. هل أحمل مسئولية ما أقدمه؟ أم يحمل المجتمع مسئوليته؟ 
كانت هذه رسالة المخرج وفريق العمل لهذا العرض الشيق. 
والسؤال الأقرب لتساؤلاتي الشخصية، هل حضارة الشعوب تقاس بفنها كما علمونا؟ أم أن الفن بدرجاته وألوانه بما يقدمه للمتفرج، البطل الأول لهذه الحكاية، يوجه ويبني أخلاقا وأمما، وفي بعض الأحيان يسيء لحضارتنا الفنية العظيمة؟


زياد المصري