«تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية» رسالة ماجستير للباحث سنان أزهر الصميدعي

«تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية»  رسالة ماجستير للباحث سنان أزهر الصميدعي

العدد 725 صدر بتاريخ 19يوليو2021

تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية» مقدمة من الباحث سنان أزهر الصميدعي، وذلك بقسم الفنون المسرحية كلية الفنون الجميلة جامعة الموصل، وتضم لجنة المناقشة الدكتور علي محمد هادي الربيعي، أستاذ إخراج مسرحي بكلية الفنون الجميلة جامعة بابل (رئيسًا)، والدكتور نشأت مبارك صليوا، أستاذ مساعد تمثيل مسرحي بكلية الفنون الجميلة جامعة الموصل (عضوًا)، الدكتور مصعب إبراهيم محمد الطائي، أستاذ مساعد إخراج مسرحي بكلية الفنون الجميلة جامعة الموصل (عضوًا)، والدكتور بشار عبد الغني محمد العزاوي، أستاذ مساعد إخراج مسرحي بكلية الفنون الجميلة جامعة الموصل (عضوًا ومشرفًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحث كالتالي:
يعد الاداء الطقسي للممثل من الممارسات الرئيسية التي اتخذت مجالاً واسعاً لدى المخرجين المجربين في مطلع القرن العشرين، والتي انحرفت بالعرض المسرحي باتجاه مغاير تماماً عن اسلوب الاداء في المسرح التقليدي، فهي تعود به إلي الممارسات الجمعية لدى الاقوام البدائية، وعلى هذا الاساس تمت صياغات تنظيرات اخراجية ترسم خطوات جديدة في طريق الاداء واعدادات العرض المسرحي.
وفي ضوء ما تقدم فقد قسم الباحث موضوعة بحثه إلي اربعة فصول، ضم الفصل الاول (الاطار المنهجي) مبتدأً بمشكلة البحث والمتمحورة في التساؤل الاتي: (ماهي تجليات الأداء الطقسي للممثل في عروض عباس رهك المسرحية ؟ ) ومن ثم اهمية البحث والحاجة اليه، وتجلت بوصفه منجزاً معرفياً (يسليط الضوء على تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية )، أما الحاجة إلي البحث فظهرت: في محاولة الافادة من نتائج البحث كونه يعد دراسة أكاديمية تفيد الدارسين في مجال المسرح بشكل عام، والأداء التمثيلي على وجه الخصوص، فضلاً عن طلبة معاهد وكليات الفنون الجميلة، في اقسام المسرح والعاملين في المؤسسات الفنية.)، وبهذا يكون هدف البحث محدداً بما يأتي: (تعرف تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية)، كما تضمن الفصل حدود البحث الزمانية والتي تحددت بالمدة (??13 - ??18 ) والمكانية التي شملت(محافظة بابل/ مدينة الحلة)، أما الحدود الموضوعية فتحددت بدراسة (تجليات الاداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية)، ويختم الفصل بتحديد المصطلحات ( التجليات، الاداء، الطقس ) لغةً واصطلاحاً واجرائياً.
مشكلة البحث:
إن سمة الطقس من السمات القديمة والاساسية في الفن المسرحي، ومنذ ولادته، اذ أنها تعد الدافع الرئيس الذي مهد لظهور هذا الفن، فقد كان لراقصي الديثرامب عبر افعالهم وحركاتهم وشعائرهم الطقسية تأثيرات واضحة على الأداء التمثيلي المسرحي فيما بعد، لاسيما في اعياد الاله ديونسيوس، أي أن الفن المسرحي الذي نشأ في بلاد الاغريق كان قد ولد من رحم الطقس والدين، فضلاً عن الملاحم الاغريقية (الالياذة والأوديسة) التي رفدت الفن المسرحي بالموضوعات الغنية والتي تحمل سماتها الطقسية.
ومن جانب آخر نجد تجليات للطقس راسخة واصيلة في فنون الشرق لاسيما الرقص والغناء والمسرح، وعلى صعيد المسرح فإن المسرح الشرقي ايضاً نشأ نشاة دينية فوظف الرقص والتعبير الحركي الذي يعد اهم ادوات التعبير الطقسية التي تحيل الممثل عبر أدائه إلى عوالم شعائرية مقدسة. ومع تطور فن المسرح بدأت سمة الطقس تتلاشى من جانب صورة العرض وخصائص الأداء، وبخاصة بعد أن اوغل المسرح بالكلمة والموضوعات الحياتية ونقل الواقع وظل المسرح على هذا النهج لمراحل طويلة، الا أن هذا التطور مهد لظهور حركات تجديدية متوالية وقدمت تنظيرات جديدة مقوضة لما صار عليه المسرح من الاخفاق بسبب الايغال في التقليد، وظهرت صرخات تنادي بالحنين إلى الماضي من خلال العودة إلى الاصول البدائية والطقسية للمسرح، لاسيما مع تنظيرات مسرح القسوة لـ (انتونين آرنو)، والمسرح الفقير لـ (جيرزي جروتوفسكي)، و(بيتر بروك)، و(جوليان بيك)، و(ششنر) وغيرهم من الحركات المسرحية المتأثرة بهم، والتي دعت إلى الافادة من نتاجات المسرح الطقسي القديم في الغرب والشرق، بل وانها ركزت بشكل كبير على الأصالة الطقسية للممثل الشرقي.
أما عن مسرحنا العراقي وكما هو الحال مع المسرح العربي يعد الفن المسرحي فناً وافداً بالنسبة لهم، لذا تحتم تجلي التأثيرات الغربية عليه ومواكبة كل تجديد في الغرب والشرق، وبعد ظهور جاسم العبودي رائد المسرحية الواقعية في العراق، وابراهيم جلال وعوني كرومي الذين نقلوا تجارب (بروتولد بريشت)، و(صلاح القصب) المتأثر بآرتو عبر مسرح الصورة، وكذلك كانت مدينة (الحلة) في محافظة بابل من المدن المتحضرة التي تسعى إلى كل تجديد لاسيما مع جيل الشباب، كما سعى بعض المخرجين إلى استحضار الأجواء الطقسية على مستوى الفضاء التقني، والأداء التمثيلي، لاسيما في عروض عباس رهك المسرحية، وتأسيساً على ما سبق يمكن تلخيص مشكلة البحث بالتساؤل الآتي: (ماهي تجليات الأداء الطقسي للممثل في عروض عباس رهك المسرحية ؟).
أهمية البحث والحاجة إليه:
على الرغم من أن الدراسة تقود إلى سمات الأداء التمثيلي في حقبة تاريخية قديمة، الا أن تجديدات المخرجين المجربين اكدت وجود متغيرات في اعدادات العرض، لاسيما في أداء الممثل، وشكل العرض ككل، إذ عمدت تلك التجارب إلى ربط المسرح بأصوله الطقسية لما لها من تأثير واضح في تشكيل هيكلية العرض وانتاجية المعنى لدى الممثل، وهنا يمكننا القول أن اهمية البحث تكمن من خلال تسليط الضوء على تجليات الأداء الطقسي في عروض عباس رهك المسرحية.
أما الحاجة إلى البحث فإن البحث يعد دراسة أكاديمية تفيد الدارسين في مجال المسرح بشكل عام، والأداء التمثيلي على وجه الخصوص، فضلاً عن انه يفيد طلبة معاهد وكليات الفنون الجميلة، في اقسام المسرح والعاملين في المؤسسات الفنية.
وتضمن الفصل الثاني (الاطار النظري)، وقسم إلي ثلاث مباحث: المبحث الاول: (الطقس بين المفهوم وديمومة الممارسة)، أما المبحث الثاني: (الممارسة الادائية لطقوس المسرح الشرقي)، أما المبحث الثالث: (تجليات الاداء الطقسي في المسرح الغربي)، ثم جاءت المؤشرات التي اسفر عنها الاطار النظري لتكون الاداة التي يتم بموجبها تحليل عينة البحث، وبعدها يختتم الفصل بالدراسات السابقة والتي اشتملت على ثلاثة دراسات، وهي: دراسة سعدية نوري محمد (2012) الموسومة (الصورة الطقسية في المسرح العراقي المعاصر عادل كريم نموذجاً)، و دراسة سعد فاخر شبوط (2019) الموسومة (الادائية الطقسية وملامح الاسطورة في العرض المسرحي العراقي)، ودراسة علاء كريم صاحب (2020) الموسومة (التشكيل الجمالي للصورة الطقسية في المسرح العراقي المعاصر).
أما الفصل الثالث فقد تضمن اجراءات البحث متناولاً مجتمع البحث المكون من ستة عروض مسرحية، ومن خلال اداة البحث ومنهج البحث واختيار العينة القصدي تم تحليل العينات المتمثلة بالعروض الآتية:
1. مغامرة كونية.
2. اوديب.
3. رد لاين (Red Line).
وبواسطة ادوات التحليل المتمثلة بـ:
1- مؤشرات الاطار النظري
2- الاقراص الليزرية.
3- المشاهدة العينية.
أما الفصل الرابع فقد اشتمل على نتائج البحث التي توصل اليها الباحث وابرزها:
ضرب المخرج قدسية البناية التقليدية للمسرح في عروضه الثلاثة، اذ اتخذ من محطة قطار مهجورة مكاناً لعرض مسرحية (مغامرة كونية)، في حين قسم المكان إلي ثلاثة مواقع مفتوحة متباعدة في مسرحية (اوديب) (اكوار الطابوق، مبنى محافظة قيد الانشاء، قصر مهجور)، أما في مسرحية (رد لاين) قدم العرض في معبد (ننماخ) مستثمراً كل المواقع داخل المعبد جاعلاً المتفرج ينتقل من موقع إلي آخر.
استثمر المخرج في عروضه الثلاثة الاستعارات الادائية من مراسيم وطقوس اسطورية قديمة، وقد تجلت في عرض مسرحية (مغامرة كونية) عبر الاستعانة بالشخصيات الاسطورية، وتعامل العرض مع اداء ممثلين يجسدون شخصيات اسطورية لآلهة او انصاف آلهة، فضلاً عن الاستعارة من ملحمة كلكامش وانكيدو، وعملية البحث عن الخلود. وتمثلت الاستعارة في مسرحية (اوديب) من خلال توظيف شخصية اوديب الاسطورية المأخوذة من ملحمة الالياذة التي تصفه بالمخلص كما جاء في عرض عباس رهك، أما في مسرحية (ردلاين) تتأكد الاستعارة عبر توظيف طقوس التطهير المتنوعة في اللوحات المختلفة.
دعم المخرج اسلوب اداء الممثل الطقسي عبر توظيف رموز اسطورية طقسية قديمة في العروض المسرحية الثلاثة، من خلال ظهور دائم لرموز من الحضارات القديمة كالألواح والرقم، فضلاً عن استخدام عنصر (النار) الذي يعد الرمز المشترك في اغلب الطقوس والمراسيم القديمة والذي جاء توظيفه في العروض الثلاثة توظيفاً مركزياً.
 


ياسمين عباس