فرقة المسرح البديل.. المغامرة المحسوبة

فرقة المسرح البديل..  المغامرة المحسوبة

العدد 718 صدر بتاريخ 31مايو2021

“المسرح البديل” فرقة مسرحية أنشأها في الإسكندرية المخرج “محمود أبو دومة” عام (1987) حيث بدأت بمجموعة من العروض الصغيرة ـ حيث تكونت من مجموعة من الهواة، لكنها لم تتبلور فكرتها إلا في عام (1998)، في مرحلة صعود “تيار المسرح المستقبل” على الساحة الفنية من خلال مجموعة من الفرق التي أسست لهذا التيار ومنها “الحركة” و”المسحراتي” و”القافلة” و”الضوء” و”الورشة”.
وقد عملت الفرقة منذ إنشائها على جذب الفرق المسرحية المستقلة لتقديم عروضها في الإسكندرية، ومع افتتاح مكتبة الإسكندرية تم التعاون معها، فزادت مشاركات الفرق المسرحية في المهرجانات التي يقيمها “محمود أبو دومة”.
أفق درامي
وقد تم اختيار اسم “المسرح البديل” ليكون بديلا عن المسرح الرسمي التابع لوزارة الثقافة، وقد جاء البيان التأسيس للفرقة ـ أو بمعنى أدق الورقة التعريفية بها ـ ليؤكد على صيغة الاستقلال الفني، وقيمة التجريب الإبداعي إلى أبعد حد حيث يقول مؤسسو الفرقة: “إننا نحاول ونحاول حتى يبدو لنا الطريق الذي نسلكه أهم بكثير من الهدف الذي نرتجيه، إن التجارب التي تقدمها الجماعة حتى لو كان منتجها النهائي عروضا مسرحية إلا أنها في حقيقتها مشروع إنساني بالدرجة الأولى، إن مساحة الحلم في مجتمعنا صارت محدودة وضيقة”.
وتعمل الفرقة على إعطاء الممثل مساحة من الأداء تمنحه فرصة لإظهار قدراته الفنية في التجسيد، وفتح أفق درامي لا محدود، يكون بإمكانه خلق حالة من التماهي مع الجمهور الذي يحضر العرض.
وهذا ما يقول عنه “جيمس ميردوند” في كتابه الفضاء المسرحي”: “على خشبة المسرح يجب أن تكون هناك حقيقة وأن تكون هناك بهجة وسعادة”.
وقد أسس الفرقة كل من “محمود أبو دومة” و”عواطف إبراهيم” وكلاهما من أوائل خريجي قسم المسرح في آداب الإسكندرية ويعملان في نفس القسم، وكل عام ينضم للفرقة مجموعة من الموهوبين.
تعاون فني
في عروضها الأولى تعاونت الفرقة مع “أتيليه الإسكندرية” لتقيم فيها الورش الفنية وتؤدي فيها بروفاتها وتعرض فيها أيضا، بعد ذلك عملت الفرقة على البحث عن التمويل الذي يجعلها تستمر في عروضها وقد تم ذلك في البداية من خلال بعض المراكز الثقافية مثل “المعهد الثقافي الألماني” جوتة و”المركز الثقافي السويسري بروهلفسيا والمعهد السويدي بالإسكندرية.
ومن أهم العروض التي قدمت في الفترة الأولى للفرقة عرض “البئر” وعرض “من “يخاف فرجينيا وولف؟”، وعرض “رقصة العقارب”، وعرض “رقصة الموت” وعرض “جاءوا إلينا غرقى” وعرض “مكان مع الخنازير” وعرض “مارصادا” وعرض “مشعلو الحرائق”.
في البداية كانت العروض يتم طرحها من خلال الممولين الذين يطلبون تقديم عروض بعينها، ومع ذلك أعطت التجربة مساحة أكثر اتساعا نحو فكرة الخروج من الهواية إلى الاحتراف، وحتى وإن جاء بشكل متعثر أحيانا، وإن كانت المرحلة الأولى مرحلة للاكتشاف، لكن بعد ذلك ترسخت التجربة، وانفتحت نحو أفق أخرى، وقد أقامت الفرقة عدة مهرجانات لفرق المسرح المستقل بالإسكندرية.
وشاركت الفرقة في عدة مهرجانات عربية كان منها “مهرجان حكايا” الذي ينظمه “مسرح البلد” بالعاصمة الأردنية عمان، وشاركت الفرقة فيه بعرض “نوستالجيا” واعتمد فيه المخرج على البعد الحكائي حيث تتكون درامية العرض من مجموعة من الحكايات الشفوية، مستفيدا من الموروث الشعبي، وقد قام بالأداء التمثيلي “شريف الدسوقي” و”سارة الهواري” وسارة رشاد” و”خالد رأفت”.
وقد استفاد المخرج كذلك من توظيف تقنيات التصوير الفوتوغرافي حيث ظهرت في الخلفية وعبر شاشة كبيرة صور تعبيرية للأماكن والبيوت التي شهدت الحكايا التي يرويها الممثلون.
صور حداثية
وقد حاولت الفرقة من خلال عروضها المختلفة الاقتراب من الوعي الشعبي بتقديم شكل مسرحي أقرب إلى “المسرح المجتمعي” الذي يورط الجمهور في العرض، مما يمد المتفرج بحالة من الوعي والحضور داخل العرض.
ومن ناحية  تقنية “الديكور” فقد تم استخدام “الديكور البنائي” وهو أسلوب في تصميم الديكور ابتدعه “مايرهولد”، بغرض إنشاء منظر عام شبه تجريدي.
وقد ظهر استخدام هذا الجانب في عدد من عروض الفكرة، متضافرا مع عناصر تجريبية أخرى، لتكوين صورة حداثية للمسرح.


عيد عبد الحليم