«ريسايكل».. سخرية وتمرد ومواهب حقيقية

«ريسايكل»..  سخرية وتمرد ومواهب حقيقية

العدد 696 صدر بتاريخ 28ديسمبر2020

حين يفشل الإنسان في تغيير واقعه يلجأ إلى السخرية منه وتحويله إلى مادة للدعابة والتسلية، وهو حيلة دفاعية نفسية تمكنه من التعايش مع ما يرفضه، كذلك التمرد ليس على الواقع فحسب وإنما على القوالب والأساليب التقليدية والنظريات القديمة وهو ما يتوافق مع خصائص المسرح الطليعي والفكر الشبابي أيضًا، هي معادلة مكونة من مجموعة شباب متمردين على الواقع كافة يقفون على خشبة مسرح الطليعة ليعرضوا وجهة نظرهم من خلال مجموعة اسكتشات متصلة منفصلة نتاج ورشة تمثيل قام بالتدريب فيها محمد الصغير، مناضل عنتر، أحمد حمدى رؤوف، سما إبراهيم، مصطفى سليم، قام بصياغتها وإخراجها محمد الصغير، موسيقى ا?حمد حمدي رو?وف، دراما حركية مناضل عنتر، أزياء عبير البدراوي.
لكل ما سبق من الطبيعي أن يكون عنوان العرض “ريسايكل” وهو عنوان موفق جدًا فهذه هي الكلمة الوحيدة التي تعبر عن هذه الأفكار التي التف حولها هؤلاء الشباب الموهوبين بحق.
العرض طرح مجموعة من المشكلات التي نعاني منها على سبيل المثال: طرق التربية الخاطئة التي تحول الإبن أو الإبنة إلى مجرد كائن آلي يحفظ كل التعليمات من دون فهم، لذا فهي غير قادرة على حمايته بل على العكس تمامًا فتكون هي نفسها سببًا لوقوعه في كوارث وهي من أهم مشكلات المرأة، فالمرأة تمارس القهر التي عانت منه على ابنتها وكأنه قدر محتوم، كذلك العنوسة وما تمثله من إحباطات نفسية مع الفتاة التي تأخرت في الزواج وضغوط المجتمع عليها واستغلالها من بعض المرضى أو المنتفعين كمكاتب الزواج التي انتشرت مؤخرًا والتي يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتحرش وغيرها من المشكلات التي تتعرض لها المرأة في مجتمعاتنا العربية، مأساة الثانوية العامة التي لم يصل المسئولين عنها إلى تصحيح مسارها حتى الآن فهي تعد من أكبر وأخطر المشكلات التي يعاني منها الطلاب والأسر فترهقهم ماديًا ونفسيًا واجتماعيًا، وقد تتسبب في الجنون كما جاء بالعرض، عقوق الوالدين أو إهمالهم بعد أن ينفصل الأبناء عنهما وينشغوا بحياتهم ومشكلاتهم لدرجة تنسيهم حتى عيد الأم، المشكلات الاقتصادية ومعاناة الأسرة، اللامبالاة التي أصبح يتصف بها معظم الناس لدرجة أنهم يتركون فتاة أصيبت في حادث سيارة ملقاة على الطريق ليشاهدوا مباراة كرة القدم.
كان من الطبيعي والمنطقي أيضًا وهو يعد في ذات الوقت خروجًا عن المألوف بما يتوافق مع فكر هؤلاء الشباب وهذه المشكلات أن يكون الديكور عبارة عن نفايات ومخلفات، كذلك الملابس التي تتسم بالغرابة مما تحوية من أشكال وألوان ونفايات أكثرها بروزًا بالنسبة لي الفستان المملوء بالكمامات كتعبير عن نفايات اللحظة الراهنة ومعاناتنا مع فيروس كرونا.
فهذه السلوكيات هي النفايات المراد إعادة تدويرها لخلق سلوكيات جديدة تحكم المجتمع وتعيد صياغة أفكاره لتعيد للإنسان آدميته التي افتقدها وسط هذه التفاصيل، لكن جاءت المعالجة ساذجة جدًا فبعد هذا الكم من المشكلات بل الكوارث التي نعاني منها، يكون الوجه الآخر أو المعادل الموضوعي هو وقوف الناس مع سيدة تلد في الطريق، هل هذا الموقف وحده كاف للتعايش مع كل ما سبق لدرجة أنه يجعل شاب يبحث عن فرصة للعمل بالخارج أن يتراجع قائلاً “لقيتها” هذه الكلمة التي تحمل أكثر من دلالة فربما يقصد بها البلد أو الفكرة أو الأخلاق أو الإنسانية ....الخ
 هذه الأفكار قُدمت بعدة صيغ: أداء حركي، رقصات، غناء، آداء تمثيلي كوميدي أكثر من رائع فهو من وجهة نظري أهم ما يميز هذا العرض لمجموعة من الشباب الموهوب جدًا والمتدرب بشكل رائع يحسب لهذه الورشة التي قدمت لنا هذه الطاقات التمثيلية هم: صلاح الدالي، محمد سراج الدين، محمود حسن جراتسي، حسام التوني، آية خميس، نانسي نبيل، أمل نورالدين، ياسمين عوض، حسام إبراهيم، عالية أشرف، محمد أحمد كيبو، التوأمان إسلام أشرف وأحمد أشرف


نور الهدى عبد المنعم