جولة فى شارع المسرح الامريكى

جولة فى شارع المسرح الامريكى

العدد 691 صدر بتاريخ 23نوفمبر2020

بعد ان دخل وباء كورونا مرحلته الثانية وتجاوز  معدل المصابين بالمرض الذين يتم تشخيصهم يوميا فى الولايات المتحدة حاجز  ال165 الفا باتت الصورة كئيبة بالنسبة للمسرح الامريكى. وبات من المتوقع ان تمتد فترة اغلاق المسارح لعدة شهور اخرى على الاقل.
من هنا بدا المسئولون عن المسرح فى التفكير فى طرق اخرى لتعويض هذا النقص الخطير. وكانت اولى الافكار عرض المسرحيات بعد تصويرها  وبثها عن طريق الانترنت او المنصات الاعلامية مثل نتفليكس مقابل اجر يدفعه من يريد مشاهدتها.  وتطور الامر الى ان تكون العروض حية وتبث على الهواء باعتبار ان المسرح يعتمد اساسا على التفاعل بين الجمهور والممثلين. ونجح هذا الاسلوب لكن لبعض الوقت وعادت الامور الى ما كانت عليه لان التفاعل  المباشر هو جوهر العمل المسرحى.
وظهرت عدة افكار اخرى لحل المشكلة كان ابرزها الفكرة التى لجأ اليها ديفيد كونج محرر باب الكلمات المتقاطعة فى جريدة نيويورك تايمز.
اصل الفكرة
استوحى كونج  الفكرة من تجربة شخصية مر بها. اراد كونج التسرية عن الامريكيين الذين اجبرهم كورونا على التزام بيوتهم وزيادة عوائد الجريدة فى الوقت نفسه. ووجد ان مجرد نشر كلمات متقاطعة صماء على صفحات الجريدة او على موقعها على الانترنت لن فيد كثيرا . وبدلا من ذلك لجأ الى فكرة الكلمات المتقاطعة التفاعلية . وبمقتضى هذه الفكرة يجرى حوار بينه وبين القراء عبر الانترنت لحل المسابقة عن طريق رسائل فورية على مواقع التواصل الاجتماعى.
وحققت الفكرة نجاحا كبيرا جعل كونج –وهو من عشاق المسرح- يسعى الى نقل هذه الفكرة الى المسرح مع تعديل بعض التفاصيل التى يحتاجها العمل المسرحى. وبناء على اقتراحه فان المسرح التفاعلى يعتمد على طرح فكرة العمل المسرحى قبل انتاجه على الجمهور ومناقشته فيها والاخذ باقتراحاته اذا كانت مفيدة وممكنة. ويتم ذلك عن طريقين اساسيين ..تلقى ملاحظات الجمهور من خلال رسائل البريد الالكترونى وندوات حية عبر الانترنت. وغالبا ماتم استخدام الاسلوبين معا. وقول كونج اننا فى هذه الحالة سوف نجد جمهورا يتفاعل مع العمل باعتبار انه شارك فى كتابته بافكاره. وهذا التفاعل لايصل الى مرتبة التفاعل المباشر لكنه افضل البدائل المتاحة فى عصر الكورونا الذى لايعلم احد متى سينتهى.  ولن تقتصر الامر على موضوع المسرحية بل على كل جوانبها الاخرى من ملابس واضاءة وديكورات من خلال عرض تجريبى بدى الجمهور رايهم فيه.كما انها سوف تجعل المشاهدين يعملون عقولهم ولايكون الشخص مجرد مستقبل سلبى للعرض. وتبدا بعد ذلك مرحلة العرض المنتظم للمسرحية بالتذاكر باجر حيث يمكن ان يجد اقبالا واسعا.
البداية
واخذت بهذه الفكرة عدة فرق مسرحية وكانت النتائج طيبة حتى الان. وكانت اولى الفرق التى اخذت بها فرقة “الحاضر “فى لوس انجلوس. كما اخذت بها فرق اخرى مثل مؤسسة “سولاس نوا” وهى مؤسسة نشأت فى عام 2005 لنشر الثقافة الايرلندية فى الولايات المتحدة من خلال اعمال فنية متنوعة يكون المسرح واحدا منها.
وكانت البداية مع مسرحية سبق ان قدمتها  فرقة “الحاضر” منذ عام 2015 وقررت اعادتها بالمنظور الجديد. المسرحية هى” احلام امريكية “. وتدور المسرحية حول  ثلاثة دخلوا الاراضى الامريكية بطريقة غر شرعية ويسعون الى الحصول على اقامة شرعية فاستفادوا من قانون يسمح لهم بذلك اذا تم تجنيدهم فى الجيش الامريكى. والثلاثة هم فلسطينى يعمل طباخا   وباكستانى تخرج فى الجامعة وفتاة مكسيكية .  وقام بدور الفلسطينى الممثل الفلسطينى الامريكى “على اندرى على” وهو من اب فلسطينى وام ايرلندية  . وجسدت شخصية الفتاة المكسيكية  الممثلة اللبنانية الامريكية ليلى باك.
الهدف الحقيقى...تدمير العراق
 المهندس العراقى... لعبة مكشوفة
عرض موسيقى جيد ...ولكن
كان الهدف الحقيقى من الغزو  الامريكى للعراق فى 2003  هو تدمير هذا البلد العربى واعادته عشرات او مئات السنين الى الوراء بعد ان نجح فى تكوين قاعدة واسعة من العلماء (اكثر من 70 الف عالم فى كافة التخصصات )والمؤسسات البحثية التى كانت كفيلة بتحويله الى قوة كبيرة للعرب لو احسن ادارتها ولو لم تتم ادارتها  من اجل بناء المجد لشخص واحد.
فى ظل الاغلاق المفروض على معظم المسارح الامريكية بدات فرق عديدة تسعى الى الحصول على بعض الموارد من خلال اعادة تسويق بعض مسرحياتها القديمة على الانترنت ليشاهدها من يريد بمقابل.
ومن المسرحيات التى تجرى محاولات لتسويقها مسرحية “من هو بغداديك “ Who’s Your Baghdaddy’: كيف بدأت  الحرب فى العراق”. المسرحية عبارة عن مسرحية موسيقية فكاهية ساخرة تهاجم الاحتلال الامريكى للعراق. وفى الوقت نفسه بدا عرض المسرحية فى استراليا على احد مسارح سيدنى من بطولة ممثلين استراليين وسط اجراءات وقائية مشددة.
وإلى هنا يمكن ان نرحب بالمسرحية التى تدين هذا الاحتلال الاجرامى. لكن المشكلة ان الطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة. فالمسرحية اعتبرت هذا الاحتلال وليد التخبط والفشل فى صفوف الادارة الامريكية نتيجة اسناد المناصب الحساسة لاشخاص ليسوا اكفاء لها   وليس وليد مؤامرة  مدبرة لتدمير بلد عربى مسلم.
ويؤكد مؤلف المسرحية ان ما ورد فيها ليس من نسج خياله بل هى حقائق باتت معروفة للجميع ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية  التى وصفتها بانها اكبر قصة فشل فى تاريخ المخابرات الامريكية التى بالغت فى الثقة بنفسها وبعملائها.
شكل جديد
وتدور المسرحية حول مهندس كيميائى عراقى فر الى المانيا واتصل بمخابراتها ونقل معلومات الى المخابرات الالمانية حول برنامج عراقى لتطوير اسلحة كيماوية نقلتها بدورها الى المخابرات الامريكية والتى اخذتها على علاتها دون تمحيص واستعدت بمقتضاها لغزو العراق وقامت بغزوه فعلا لتكتشف انها معلومات زائفة. وخسرت الولايات المتحدة اكثر من اربعة الاف قتيل وعدد اخر من المعوقين والمرضى من جراء الاسلحة المحرمة دوليا التى استخدمتها ضد الشعب العراقى، وهذا هو المهم وليذهب الشعب العراقى الى الجحيم!!!. وهذه المعلومات ليست جديدة لكن المسرحية قدمتها فى اطار موسيقى ساخر وعرضت عدة مرات منذ عام 2015 لكنها لم تعرض فى برودواى رغم ما حققته من نجاح.
والمسرحية من تاليف المخرج والكاتب المسرحى الشاب “مارشال بيليت “الذى وضع موسيقاها ايضا. وقد نال اشادة واسعة من النقاد خاصة فى المشهد الختامى عندما تنال المخابرات المركزة الاشادة رغم ما سببته من خسائر واحزان للامريكيين.  وكانت الشخصية الرئيسية فى العمل مارتن مفتش الاسلحة ومساعدته بيرى.


ترجمة هشام عبد الرءوف