جولة فى شارع المسرح الأمريكى

جولة فى شارع المسرح الأمريكى

العدد 683 صدر بتاريخ 28سبتمبر2020

 ظاهرة مهمة تلفت نظر المتابعين للفن المسرحى فى الولايات المتحدة. بدات بعض الفرق المسرحية تعيين فنانين من السود فى المناصب القيادية بها حتى لا تتعرض لاتهام بالانحياز الى البيض وتفضيلهم لشغل المناصب القيادية بها. وكان اخر هذه الاختيارات من نصيب الفنانة السمراء السنغالية المولد   والمهاجرة الى الولايات المتحدة منذ اكثر من عشرين عاما “خادى كامارا”.
  كانت كامارا تشغل منصب المدير الإدارى لفرقة “ارينا” المسرحية فى العاصمة واشنطن الى واحدة من اكبر الفرق المسرحية غير الربحية فى نيويورك وهى فرقة “سكند ستيج” لتصبح العضو المنتدب للفرقة. وتملك  الفرقة عدة مسارح فى برودواى وخارجها ولا تقدم إلا المسرحيات التى تنتجها بنفسها .
وكانت كامارا وصلت الى الولايات المتحدة قادمة من السنغال فى السابعة عشر من عمرها لدراسة الاقتصاد. لكنها عشقت المسرح مثلما عشقت الجليد الذى لم تكن تعرفه فى بلادها على حد تعبيرها. واستغلت دراستها للاقتصاد فالتحقت بالعمل كمحاسبة فى فرقة ارينا المسرحية ثم بدأت تشارك فى نشاطها المسرحى حتى اصبحت مديرا إداريا للفرقة.  
وتقول كامارا (37 سنة) انها تنضم بذلك إلى مجموعة من الفنانين المحترفين اصحاب الخبرة الذين تولوا مناصب قيادية فى الفرق المسرحية فى الفترة الاخيرة. ولاحظت ان هؤلاء المحترفين كانوا جميعا تقريبا من العرقيات الاخرى غير البيض مثل السود والهسبانكس والصينيين والهنود والسكان الأصليين. لكن السود شكلوا الأغلبية. وشكلت النساء الاغلبية أيضا.  
وضربت الأمثلة بذلك مثل المخرجة السمراء «شانتا تاكى» والمخرج «ساحيم على» صاحب الأصول الكينية والهندية حيث تم تعيينهما فى فرقة بابليك المسرحية. و»ميراندا هيمون» فى فرقة «أندرجراوند» وغيرهم.
خطوة اولى
وترى كامارا فى ذلك امرا طيبا يحقق التنويع فى الساحة المسرحية فى الولايات المتحدة لكنه لايكفى وحده ويجب توسيع نطاقه. فهو  لم يقتحم بعد قلاع المسرح الرئيسية فى الولايات المتحدة مثل برودواى على نحو مناسب. ولم يحدث على النحو المأمول فى الفرق المسرحية الكبرى فى برودواى وسان فرانسيسكو وشيكاغو وبوسطن. وهذا الامر ضرورى للغاية لان المسرح يعتبر فى المقام الاول فى رايها قناة للتعبير عن الجماعات المهمشة. 
وتستشهد باحصائية طريفة تقول انه منذ انشاء برودواى عام 1866 عرضت على مسارحه 11 الفا و328 مسرحية اخرج السود 21 مسرحية منها فقط. وتشير إلى تحالف نشا حديثا باسم تحالف المسرح الاسود يهدف إلى تشجيع استخدام السود فى كافة وظائف المسرح من تاليف وتمثيل وديكور وغيرها. 
كما يجب فى رأيها أن يمتد التطوير إلى المضمون والا كان فى حقيقة الامر مجرد حيلة لحفظ ماء الوجه فى مواجهة الحملات الرافضة لما يتعرض له السود من ظلم. ويمكن ان يتم عزل هؤلاء اذا هدأت العاصفة. 
بعض الوقت
بدورها تختلف ميراندا هيمون مع كامارا فى رايها فترى ان كامارا تتعجل الامور وعليها الانتظار لبعض الوقت وسوف تتحقق كل امالها بشكل تدريجى. وهى تتفق معها فى ان التعيينات لابد ان تكون خطوة اولى تتبعها خطوات اخرى. وترى ان من عينوا فى مناصب قيادية من السود يتعين عليهم ادراك هذه الحقيقة والسعى الى تحقيقها وعدم الاكتفاء بالوصول الى مناصب قيادية واعتبار انفسهم روادا وليس مجرد اداريين. 
ويمكن ان يساهم فى ذلك بعض الكتاب من السود مثل «براندين جاكوبز» و«دومنيك موريشيو» وهى كاتبة وممثلة مسرحية . 
وتقول موريشيو إن فكرة التنويع العرقى سوف تكون فى الوقت نفسه نوعا من التجديد يضخ دماء جديدة  وتساعد على جذب المزيد من الجماهير الى المسرح من كافة العرقيات التى تضمها الولايات المتحدة.  
 ويثير ساحيم  على قضية اخرى مفادها ان غير السود لايقبلون كثيرا على المسرحيات التى يقدمها ممثلون من السود ليس من باب التعصب ولكن اعتقادا منهم بان السود غير قادرين على تقديم أعمال جيدة. وهذا وهم فقد شاهد قبل ايام مسرحية للكاتبة السمراء «جوسلين بايو» تتحدث عن فتاة مهاجرة من نيجيريا تحلم بان تصبح نجمة مشهورة. وقد اضحكه العرض من اعماق قلبه لما حوى من مفارقات. وهو فى الوقت نفسه لايريد ان يبخس القيادات المسرحية من البيض حقها لانها تضم كفاءات لا يمكن انكارها. وسبق ان تعلم على إيديها.
برودواى الأمريكتين فى أزمة
المسرح المكسيكى المزدهر ضحية كورونا 
المنتج السابق فى سباق مع الزمن 
بعد سنوات وربما عقود من الازدهار، بات المسرح المكسيكى يواجه ازمة خطيرة تكاد تعصف بوجوده بسبب كورونا. كان المسرح المكسيكى قبل كورونا يشهد نموا مستمرا حتى اصبحت المكسيك بمثابة برودواى امريكا اللاتينية. وكانت العديد من الفرق المسرحية الامريكية تسعى الى عرض مسرحياتها باللغتين الانجليزية والاسبانية على المسارح المنتشرة عبر ولايات المكسيك (32 ولاية). 
وتشتهر المكسيك عموما بالمسارح التى تنتشر عبر  ولاياتها مثل مسرح ايدالجو فى العاصمة (وهو ايضا اسم ولاية ). ويعود انشاء هذا المسرح على الطراز القوطى إلى  عام 1883 . ولايقتصر دوره على العروض المسرحية والموسيقية بل اصبح كما هو الحال مع العديد من المسارح المكسيكية وجهة مفضلة للسائحين للاستمتاع بجمالها المعمارى وتصميمها من الخارج.
والان وبسبب كورونا بات المسرح المكسيكى فى حالة يرثى لها بسبب توقف العروض فى معظمها والقيود العديدة التى وضعتها الدولة لاستئناف العروض ومنها الاقتصار على المسارح المكشوفة ذات المدرجات على غرار المسارح الاغريقية  –وهو امر لايرحب به جمهور المسرح فى المكسيك والا يزيد عدد الممثلين فى المسرحية عن ثلاثة. كما عرضت على الفرق المسرحية الاكتفاء بتقديم المسرحيات دون جمهور وتصويرها وتسويقها على شرائط فيديو واقراص مدمجة وهو امر لايتفق مع طبيعة العمل المسرحى الذى يعتمد على التفاعل بين الجمهور والممثلين. كما ان الشركات التى ستقوم بهذه العملية سوف تطلب مقابلا كبيرا.
كابوس
ويتحدث عن المشكلة «جليرمو ويشرز» نائب رئيس الجمعية المكسيكية لمنتجى المسرح. يقول ويشرز ان صناعة المسرح فى بلاده تعيش كابوسا حقيقيا بمعنى الكلمة. ويقول ان مسارح المكسيك كانت تبيع اكثر من عشرين مليون تذكرة ولم تكد تبيع اكثر من 300 الف تذكرة منذ بداية العام. وهناك اكثر من عشرة الاف اسرة تعتمد فى معيشتها على عمل اربابها فى المسرح تواجه حاليا اوضاعا معيشية قاسية. وكل هذه الاجراءات كما يقول ويشرز لا تراعى اى شئ ..لا تراعى مصالح المنتجين ولا العاملين ولا حتى صالح الفن المسرحى نفسه.
ويقدر ويشرز أن صناعة المسرح فى المكسيك خسرت حتى الان أكثر من مليار دولار منذ بدا الاغلاق الطوعى فى مارس الماضى وقبل الاغلاق الرسمى الذى فرضته الدولة. وحتى قبل ذلك عندما بدا عشاق المسرح فى المكسيك يعزفون عن العروض المسرحية خوفا من كورونا.
ولم تقدم الحكومة منذ ذلك التاريخ اى وجه من وجوه الدعم للمسرح ولو بالتنازل عن بعض الضرائب المستحقة على الفرق المسرحية. وكل مافعلته انها قبل ايام سمحت بعض مسرحيات داخل المسارح مع الالتزام بالا يتجاوز عدد الممثلين  ثلاثة ولاتشغل المقاعد باكثر من 30 % من سعتها.
الممثل السابق
ويلتقط خيط الحديث سيرجيو ماير وهو ممثل سابق ومنتج عروض اوبرالية سابق ووكان يتمتع بشهرة فائقة فى ثمانينيات القرن الماضى. وهو الان عضو فى الكونجرس المكسيكى ويراس حاليا  لجنة الثقافة والفيلم بالمجلس. يقول ماير ان عمله السابق فى التمثيل والانتاج يجعله اكثر فهما لمعاناة المسرح فى المكسيك.
ويقول ان صناعة الفن والترفيه فى المكسيك تبلغ عوائدها 31 مليار دولار سنويا او ما يعادل 3,5 % من الناتج القومى المكسيكى. وقال انه يسعى الان لدفع مشروع قانون يلزم الدولة بتقديم الدعم للانشطة الثقافية والابداعية ومنها المسرح. 
ويقول ان عددا من الفرق المسرحية فى المكسيك تعاونت من أجل تطوير نظام جيد للتهوية فى المسارح يتيح شغل جميع مقاعدها دون   مخاطر على الجمهور او الممثلين.


ترجمة هشام عبد الرءوف