للمرة الثانية "التجريبي" يكرم المخرج فهمي الخولي..معمل التجارب المسرحية

للمرة الثانية "التجريبي"  يكرم المخرج فهمي الخولي..معمل التجارب المسرحية

العدد 681 صدر بتاريخ 14سبتمبر2020

الإبداع والتميز، بصمة إخراجية واضحة، تاريخ مسرحي حافل وضع المخرج القدير فهمي الخولي كعلامة فارقة في مسيرة المسرح المصري. هو مبدع استثنائي ذو فكر طليعي ومتقدم يسعي دائما نحو الابتكار والتجديد والتجريب، لا يقنع بما هو سائد بل لابد من التحليل والتفسير واقتحام الرؤى الجديدة واجتياز المعطيات التقليدية. يمتاز بحسن توظيف جميع مفردات العمل فكريا وجماليا سواء من حيث الديكور أو الإكسسوار أو الموسيقى أو الإضاءة وحركة الممثلين والعلاقة بين الكتلة والفراغ، حيث يزرع بكل مفردة الدلالات والرموز التي تؤدي إلى توصيل الحس الجمالي والفكري والإبداعي إلى المتلقي. عروضه تعد بركان من الحركة والفعل والجمال وتفجير الطاقات التمثيلية لدى كل فرد على خشبة المسرح حتى الراقصين والمطربين، هو أستاذ قدير في تدريب الممثل ليستوعب الشخصية ويسطع أمام المتفرج في أبهى صورة يجسد بها مضمون العمل الدرامي. تتميز اختياراته لموضوعات عروضه بأنها دائما تمس الواقع وتناقش القضايا الآنية محاولا رفع الوعي لدى المتلقي ومشاركته في قضايا واقعه. أغلب العروض التي قدمها هي عروض سياسية تحريضية تعرض وجهة نظر وتهتم بالقضية الفلسطينية أو قضية الصراع العربي الإسرائيلي. يعد المخرج الكبير فهمي الخولي معملا متكاملا للتجربة المسرحية يحاول توعية المتفرج ويقدم له نفسه وأحلامه وحلول لحلم يعشيه لهذا الواقع وهو يحاول أن يفكر أو يساهم في التغيير.
المخرج محمد فهمي الخولي الذي ولد في 13/7/1941 بدأ تعيينه في وزارتي الإعلام والثقافة في 10/10/1963 كممثل في فرق التليفزيون المسرحية. حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1971 مع مرتبة الشرف. حاصل على منحة علمية من الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة المسرح الأمريكي عام 1987. قام بإخراج 103عرض مسرحي لمسارح الدولة والقطاع الخاص ومسارح التليفزيون المصري وهيئة قصور الثقافة والمسرح الجامعي والعمالي والمستقل. وقد عمل مديرا عاما للمسرح الحديث منذ عام 1987حتى عام 1997. تولى مدير عام الفرقة القومية للعروض التجريبية والتراثية «مسرح الغد» منذ عام 1997حتى خروجه إلى المعاش عام 2001. كما تولى الإشراف على فرقة تحت 18 التابعة للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية.
كما عمل المخرج فهمي الخولي أستاذا لمادتي التمثيل والإخراج في كل من: (المعهد العالي للفنون المسرحية- كلية الآداب جامعة الإسكندرية- كلية الآداب جامعة حلوان- كلية التربية النوعية جامعة القاهرة- مركز إعداد القادة الثقافيين). وقد ألقى العديد من المحاضرات العلمية والفنية في أكثر من دولة عربية.
امتدت تجربته الإبداعية في الإخراج المسرحي منذ عام 1963، قدم فيها عشرات المسرحيات المهمة التي مثلت إضافة ثرية لمسار المسرح المصري، منها على سبيل المثال: 
للمسرح الحديث: مسرحية «الرهائن» عام 1982، – «الوزير العاشق» عام 1984 - “سالومي” عام 1988- “صباح الخير يا وطن”، عام 1993 - “أهل الهوى”، عام 1995 - “باب الفتوح” عام 2015.
من أعماله للمسرح القومي: «اثنين تحت الأرض» عام 1987، تأليف محمد سلماوي- “لن تسقط القدس” عام 2002. ونال عنها فهمي الخولي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الأردن. 
من أعماله لمسرح الطليعة: «جبل المغناطيس» عام 1974 - «شكسبير» في العتبة عام 1975، - «سلك مقطوع» عام 1975- «ليلة جواز سبرتو” عام 1977، - “تحت الشمس” عام 2000. 
من أعماله للقطاع الخاص: «اثنين على دبوس» عام 1981 - «عشرة على باب الوزير» عام 1984 لفرقة الفور إم، - «حمري جمري» عام 1990، - “سداح مداح» عام 2000.
له عدة أعمال متميزة بالمسرح الجامعي ومسرح الثقافة الجماهيرية ومسرح الشركات منها: «باب الفتوح”، “العمر قضية”، “تاجر البندقية”، “ليلى والمجنون”، “أول مشوار”، “الملاحظ والمهندس”، “الأرض”، “بلدي يا بلدي”، “رسول من قرية” تميرة، “المحروسة 2015، و”نقول تور”، وغيرها. 
 إضافة لإخراجه بعض العروض التليفزيونية المصورة مثل: «دوحة تشريف” بدولة قطر- “واحدة بواحدة” بدولة قطر- “البطران” بالمملكة السعودية – “ياروكب” بالمملكة السعودية.
للمخرج القدير فهمي الخولي عدة محطات مهمة في حياته الإخراجية والإدارية، تميزت بالتفرد من ناحية شكل التجربة الإبداعية، فمسرح فهمي الخولي ينبع من الواقع ومن الناس وما يهم الناس. حيث يرى أن مهمة رجل المسرح أن يقدم كل ما هو ممتع وكل ما هو متمرد ومغير للإنسان، ومن تجاربه المهمة على سبيل المثال:
 تجربة مسرحية بعنوان «أول مشوار» عام 1970م ببيت ثقافة كفر الشرفا، وهي تجربة تفاعلية بالمقام الأول شارك فيها أهل القرية والمسئولون المحليون، وكان لها نتائج مجتمعية إيجابية.. وكان يمثل في هذا العرض نصف أهالي البلد والجمهور يمشي في حواري وأزقة الكفر ومن خلال البيوت ومن خلال النيل، والمسرح كان مكانه فوق أسطح البيوت. وكان من أثر هذه المسرحية أن تدخل الكهرباء للقرية وأن تحل مشكلة المياه في «كفر الشرفا» والتي أصبحت نموذجا يحتذى بعد ذلك للقرى النموذجية التي يشارك أهلها بحل مشاكلها. و أيضا من خلال هذا العرض تم محو أمية عدد كبير جدا من أهالي القرية. 
مسرحية «سالومي” هي تجربة فريدة غير مسبوقة في المسرح المصري والعالمي، إذ كان الجمهور يستقل باخرة من أمام فندق شيراتون القاهرة ثم تسير بهم في النيل حتى تستقر أمام مقياس النيل ويشاهدون العرض الذي تدور أحداثه على صفحة النيل وفوق سطح قصر المانسترلي وأسفل مقياس النيل، تتم مشاهدة العرض وهم جلوس على ظهر الباخرة، ثم يتناولون العشاء أثناء رحلة العودة.،قد مثلت هذه المسرحية مصر في مهرجان جرش بالأردن على المسرح الروماني الكبير (4000 متفرج)، ونال عنها المخرج فهمي الخولي جائزة الدولة التشجيعية عام 1991م.
مسرحية «الوزير العاشق» التي قام بإخراجها للمسرح الحديث في وقت سيطر فيه المسرح التجاري على أحوال المسرح المصري، ورغم أنها مسرحية شعرية باللغة العربية الفصحى إلا أنها حققت نجاحا فنيا وجماهيريا كبيرا. هذه المسرحية مثلت مصر في خمسة مهرجانات عربية: قرطاج بتونس، ومهرجان دمشق، والجزائر، والأردن(جرش)، والمغرب (ربيع المسرح)، وحصلت على المركز الأول في كل مهرجان من هذه المهرجانات.
له أثناء إدارة المسرح الحديث تجربة متميزة وغير مسبوقة في الإدارة والإنتاج المسرحي حيث قام بتقديم أربعة عروض مسرحية مختلفة في اليوم الواحد على مسرح السلام، تبدأ بعرض للأطفال في الحادية عشر صباحا (مسرحية الأرنب المغرور)، ثم عرض إنتاج مشترك مع المجلس الثقافي البريطاني في الخامسة مساء «الخزان العظيم»، وآخر إنتاج مشترك مع التليفزيون المصري في السابعة «خمس نجوم»، والأخير في الساعة التاسعة والنصف «الملك هو الملك». 
المخرج القدير فهمي الخولي يعتبر مكتشفا لعدد كبير من النجوم وكبار مخرجي وفناني المسرح في مصر، منهم: أحمد زكي، شهيرة، محمود حميدة، فاروق الفيشاوي، ياسر علي ماهر، عبلة كامل، أحمد كمال، ناصر عبد المنعم، عصام السيد، كما قدم الفنانة الكبيرة «رغدة» لأول مرة على المسرح في عرض «الرهائن» بمسرح السلام في 1982، وكانت تفتخر بأنها تلميذة في مدرسة فهمي الخولي، وبعدها خطفها منتجو السينما، كما قدم المخرج محسن حلمي لأول مرة بالمسرح الحديث وكذلك المخرج خالد جلال عندما أخرج مسرحية «اللمبة» بمسرح السلام، ود. أشرف زكي عندما أخرج «شفيقة ومتولي» بمسرح الغد. وكذلك عندما كان طالبا في المعهد كان الأساتذة يستعينون به كمعيد وهو طالب كي يخرج مشاهد امتحانات التنقل أو التخرج للدفعات السابقة. وعرف عنه حينها أنه خير من يدرب الملتحقين باختبارات المعهد، لدرجة أن كثير من الطلبة الذين التحقوا بالمعهد حينها كان هو من ساهم في دخولهم المعهد. 
شارك المخرج فهمي الخولي برئاسة وعضوية عدة لجان مختلفة، منها:
رئيس لجنة التحكيم الدولي لمهرجان قرطاج بتونس في دورته الثانية (منتخب).
رئيس لجنة التحكيم بمهرجان الشارقة في دورته الثانية عشر.
عضو وفد مصر في المؤتمر التأسيسي لاتحاد المسرحيين العرب في بغداد.
عضو اللجنة التنفيذية العليا للملتقى العلمي الأول للمسرح العربي.
عضو اللجنة التحضيرية والتنفيذية العليا لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ورئيس لجنة البرامج والعروض في دورته الأولى.
عضو لجنتي المسرح والمهرجانات بالمجلس الأعلى للثقافة.
عضو لجنة فحص جوائز الدولة التشجيعية والتفوق في الفنون.
توج المخرج فهمي الخولي مشواره الفني بحصوله على جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2019، إضافة إلى حصده جوائز كبرى عديدة من قبل، وهي: جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2019. جائزة الدولة التشجيعية عام 1995. وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1991. نوط الامتياز من الطبقة الأولى في العلوم والفنون عام 1995. جائزة الدولة للتفوق في الفنون عام 2010. وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من المملكة الأردنية عام 2002. الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا عام 2015.
وقد قام المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية وصندوق التنمية الثقافية بعمل فيلم عن المخرج الكبير فهمي الخولي كأحد رواد الإخراج المسرحي الحديث.
وأخيرا تم تكريمه في يوم المسرح المصري ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي 2020 في دورته السابعة والعشرين، هذا التكريم المستحق وقد سبق وأن كرمه المهرجان نفسه في دورته الخامسة والعشرين .. إلا أن التكريم الأخير جاء في إطار الاحتفاء بيوم المسرح المصري الموافق الخامس من سبتمبر.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏