د.حسن عطية الناقد الأستاذ .. في ندوة عنه بالمجلس الأعلى

د.حسن عطية الناقد الأستاذ .. في ندوة عنه بالمجلس الأعلى

العدد 681 صدر بتاريخ 14سبتمبر2020

أقيمت الأسبوع الماضي بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة كبرى حول الراحل د. حسن عطية ، حمل محورها الأول عنوان «د. حسن عطية.. المنهج وتعددية الأدوار» تحدث فيها  د. أحمد عامر والباحث محسن المرغنى ود. محمد سمير الخطيب، وأدارها الباحث ياسر علام ، فيما حمل المحور الثاني عنوان  «حسن عطية .. المهام النقدية والدور الاجتماعي»  طرحت خلاله ثلاث ورقات بحثية للدكتور محمود سعيد «حسن عطية: حوار الناقد الجاد/الإنسان والدور والإنجاز « وللناقدة رنا عبد القوي تحت عنوان «حسن عطية/النقد الممارسة الكاشفة وأداة التواصل بين صناع العمل الفني وأفراد مجتمعهم» فيما تحدث  الدكتور خالد سالم عن «حسن عطية يغترف من مسرح وسينما أسبانيا وأميركا اللاتينية «.  أقيمت الندوة ضمن فعاليات المهرجان التجريبي.  
بدأت المحور الأول من الندوة بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء محرقة بنى سويف، ثم تحدث ياسر علام عن ضرورة هذه الندوة في تسليط الضوء على الدور الذي لعبه د. حسن عطية في الحركة المسرحية ناقدا ومعلما، مؤكدا إن أكثر ما تميز به  الراحل هو قبوله الاختلاف وترحيبه بكل الآراء واستقبالها برحابة صدر، حيث يرى ذلك  مؤديا إلى تطوير أفكاره ، كما وصفه بأنه لم يكن أستاذا بأكاديمية الفنون فقط،  إنما كان أستاذا فى الحياة أيضا، معنى بشكل خاص بكل ما يتعلق بتدريس الفنون .
بينما أشار د. أحمد عامر في ورقته البحثية « أن تكون أستاذا» إلى قيمة الأستاذية مؤكدا أن ليس كل من يقف مدرسا فى مؤسسة تعليمية يعد أستاذا ، لأن الأستاذ-   من وجهة نظره - يتجاوز حدود مؤسسته،  ويرى أن  د. حسن عطية تجاوز حدود المعهد العالي للفنون المسرحية، فكان  أستاذا  لجميع الطلاب فى الكليات المختلفة. 
وأكد عامر مسئولية المسرحيين بإرث حسن عطية  وغيره من الأساتذة مثل  د. نهاد صليحة وكذلك شهداء محرقة بنى سويف، على منوها إلى أن إرثهم يحتاج إلى جمع ونشر ليصل إلى الأجيال الجديدة.   
وشدد عامر على أهمية جمع تراث د. حسن عطية من كتب ومقالات ومساهمات أكاديمية، واختتم بالتذكير بدور د. حسن عطية في ترسيخ مفاهيم النقد، وتشجيع النقاد الشباب وتعليمهم ورفع مستواهم.                                                                                         
أما عن  الصفات التي لابد أن تتوافر في الأستاذ وفى أستاذ الفنون بصفة خاصة فقد أشار الناقد محسن المرغنى في مداخلته التي حملت عنوان « ملاحظات حول تدريس الفنون المسرحية/ الأستاذ المبدع والأستاذ الملقن إلى الطلاقة فى التعبير ، و الاستقلالية ، والموسوعية وتحفيز الخيال والإبداع ، مؤكدا أن الأستاذ المبدع مثل د. حسن عطية كان يعلم الجميع ويفيدهم، ولا ينسى  أن يضيف إلى مشروعه الخاص لذلك نستطيع أن نطلق عليه لقب» الأستاذ المبدع «
بينما تناول د. محمد سمير الخطيب فى مداخلته « الجدل بين الباحث والناقد الأكاديمي / قراءة نقدية للمشروع النقدي للدكتور حسن عطية» استفادة الراحل من الأسئلة التي طرحت فى الستينيات مع تطويرها، ومنها على سبيل المثال ظاهرة المسرح الشعبي، وهوية المسرح العربي، مشيرا إلى أن  إجابته كانت مختلفة نظرا لاختلاف منهجيته، حيث اعتمد على مفاهيم لوكاتش ولوسيان جولدمان ، ومفاهيم البنية الدالة ورؤية العالم، وحاول تطبيقها على الدراما والظواهر المسرحية المختلفة. 
كذلك أشار إلى اعتماده على استخدام المنهجية السيسيولوجية فى دراسة الظاهرة المسرحية، حيث يربط المسرح بالبنية المجتمعية مع توضيح تأثير التحولات الثقافية عليها. 
وختم مداخلته بالحديث على كتاب عطية الأخير « زمن الدراما «، الذي يعيد الاعتبار للدراما بوصفها جنسا فنيا مهيمنا في هذا العصر ، ورد مقولة د. جابر عصفور عن زمن الرواية .
وفي المحور الثاني من الندوة قال د. محمود سعيد إن د. حسن عطية كان ينطلق دوما  من لعبه الأسئلة ، وأنه لعب طوال عمره علي أكثر من مصطلح ومدخل نقدي كانوا بمثابة  مقولات مركزية  له ،  منها: عقلنه التراث و مشاكسة التاريخ، و لعبة الاستسلام للنص ونفي اللعبة، و قراءه العرض أم مشاهدته. مشيرا أيضا إلى أن الدكتور حسن عطية امتلك نظرة شديدة الخصوصية للتراث وتعامل الدراما معه،  حيث صار الفن الدرامي يسافر في ضمير الأمة، ويفتش في تراب الأرض يلتقط نماذج البطولة من وجدان الجماعة وعقلها ليجسدها أمام الجمهور متحاوراً مع ما تمثله، وكاشفاً للقيم الثقافية المحمولة عبرها، في صياغة جديدة لما ينبغي أن تمثله، واعياً في الوقت ذاته بأن البطولة الشعبية كيان ديناميكي . 
فيما أشارت الناقدة رنا عبد القوي إلى استخدام د. حسن عطية للمنهج (السوسيولوجي) الاجتماعي، كونه أكثر المناهج فاعلية في قراءة العمل الفني داخل سياق مجتمعه، الذي يتفرد بمجموعة من العلامات و الذي يمكن الناقد من فك شفرات العمل المسرحي في ضوء مجموعة الدلالات والمعاني التي اتفق عليها أفراد المجتمع. وتحدثت عن ثنائية وضعها  الناقد حسن عطية في اعتباره في تعامله مع أي منتج مسرحي موجه لمجتمع يمكن تلخيصها في المنهج (السسيوسيميولوجي) أي علم اجتماع العلامات. ومن ثم قدم  الإجابة على سؤال جدوى تقديم عمل ما في زمان ومكان ما. حيث كان سؤاله الدائم هو (لماذا قُدم هذا العمل «هنا» و «الآن» ؟)، و هو السؤال شديد الحساسية، و الدقة الذي كان دائماً يطرحه على كل عمل و يعلمنا ان نطرحه أيضا على أي عمل نشاهده، لماذا هنا والآن ؟ وأكدت عبد القوى إيمان حسن عطية  بضرورة تفاعل الجمهور مع العرض، ودوره في طرح الأسئلة عليه، واستنتاج المعاني منه، كونه يناقش ويتجادل مع الواقع الذي يحياه كُل من المُرسل والمستقبل. كما أكدت على  إيمانه بأن الفن يجب أن يسير جنباً إلي جنب مع المتغيرات ومواكبة الزمن بكل ما يفرضه من أفكار و قناعات جديدة، متمرداً – حتى و إن لم يُعلن – على العادات والتقاليد المتوارثة . 
واختتمت الندوة بمداخلة د.خالد سالم التي تناول فيها ومضات من ماضي حسن عطية، في العاصمة الإسبانية حيث أعد أطروحته للدكتوراه، مؤكدا أنه استفاد  من ثقافتها وعلوم مسرحها وتياراتها ومدارسها الأدبية هي وأميركا اللاتينية .. موضحا أن  حسن عطية وصل إلى مدريد لإعداد أطروحته في المسرح،  في النصف الثاني من الثمانينات، وأضاف سالم : درسنا معًا مادة مشتركة بين قسمينا على يد المستعربين العظيمين بدرو مارتينيث مونتابيث وكارمن رويث. وحدث تقارب بيننا تأصل في حضور عروض مسرحية وأفلام سينمائية باتفاق أو دون اتفاق مسبق. وبرز حسن خلال تلك الحلقة الدراسية وأظهر ما لديه من أدوات النقد ما لفت نظر الأستاذين إليه. وقال أنه بدا متمرسًا، مستوعبًا لقضايا الثقافة والنقد الأدبي والمسرحي وعلى دراية بالكثير من القضايا التي يفتقر إليها آخرون من الطلاب العرب والأسبان في تلك الحلقة الدراسية في جامعة مدريد أوتونوما. وختم بقوله : تلك الحلقة الدراسية، أو كورس الدكتوراه، وطدت علاقته بأستاذ المادة بدرو مارتينيث مونتابيث الذي أشرف على أطروحته للدكتوراه لاحقًا. وكانت الحلقة الدراسية عن النقد الأدبي العربي وكان لمسرح توفيق الحكيم جزء مهم في الحلقة.
 


رنا رأفت- ياسمين عباس