للمسارح ..حكايات وأسرار(5)

للمسارح ..حكايات وأسرار(5)

العدد 669 صدر بتاريخ 22يونيو2020

كل مسرح له حكايات وأسرار, ليبقى شاهدا على تاريخ المسرح بكل عروضه ومسرحياته ومبدعيه مخرجين وممثلين وفنيين, فكم من نجوم تألقوا  ومخرجين أبدعوا لا تعرف الأجيال اللاحقة عنهم وعن إبداعاتهم شيئا, والفن هو عملية إبداعية تراكمية, من هنا رأينا أن نسلط الضوء على بعض من أهم دور العرض المسرحي بمصر بداية انتقاء بالمسارح القائمة والفاعلة حاليا, كمجرد نماذج حتى استكمال الباقين  في مجال آخر, وذلك من حيث نشأتها وتاريخها وإمكانياتها ومتطلباتها ومشاكلها التقنية إن وجدت, وأهم المبدعين الذين تألقوا بها. وسيكون ذلك على عدة حلقات وفي نهاية الحلقة الأخيرة سوف أذكر قائمة المصادر والمراجع التي تمت الاستعانة بها.
مسرح المتروبول (عبد المنعم مدبولي)
يقع مسرح المتروبول بوسط القاهرة خلف شارع 26 يوليو, وبين شارع الجمهورية من ناحية وشارع الألفي من الجهة الأخرى, وذلك بالقرب من حديقة الأزبكية وميدان الأوبرا. تم تخصيص مسرح المتروبول للمسرح القومي للطفل عام 1981 على يد وزير الثقافة عبد الحميد رضوان, ويرجع الفضل للتخصيص لرئيس الهيئة في ذلك الوقت د. أحمد زكي, وكان يرأس قسم  الدراماتورج  الشاعر الكبير شوقي خميس الذي ساهم في ذلك أيضا. استقبل المتروبول عروض واحتفاليات كبيرة بطولة نجوم كبار فبعد عام 82 قدم عرض يسمى الراعي وأميرة البحر, من إنتاج المجلس الأعلى للثقافة, بطولة عبد المنعم إبراهيم وعبد السلام محمد وأغاني صلاح جاهين , وذلك إلى عام84, ومنذ ذلك التاريخ للأسف كان تاريخا أسودا حيث حدثت مشكلة خاصة بالجمالون الحديد الخاص بالمبنى فتم إغلاق المسرح لمدة عشرين عاما, ومن سنة 84 بدأت الفرقة تنتج عروضا في مسارح أخرى وفي المصايف, حيث أقامت الفرقة عروضا من بطولة لبلبة وعماد رشاد وسامي مغاوري وغيرهم, خارج دار العرض.
كان مسرح المتروبول قبل عام 1981 يقام فيه بعض الاحتفالات والعروض الفنية الهابطة التابعة لأحد متعهدي الحفلات يدعى (عرابي), ثم استأجره الفنان أمين الهنيدي لإقامة عروضه المسرحية عليه وكان آخرهم عرض مسرحية (عشرين فرخة وديك). وكان باب المسرح حتى 2003 في الحارة خلف المسرح ثم تم فتحه على الشارع العمومي.
سنة 2003, في عهد تولي د. أسامة أبو طالب رئاسة البيت الفني للمسرح, وفاروق حسني وزير الثقافة, تم افتتاح المسرح مرة أخرة وأطلق عليه اسم الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي, وعرضت عليه مسرحية (ماكبت) لمسرح الطليعة من إخراج محمد الخولي. وكان المسرح عبارة عن سقف من الصاج  ومراوح سقف وكان المطر يغرق المسرح. وفي عهد د أشرف زكي تمت بعض الإصلاحات والتجديدات بإقامة سقف معلق للمسرح.
من العروض التي حققت نجاحا جماهيريا كبيرا عرض كوكب سيكا إخراج سيد جبر, واكشن إخراج عادل الكومي , وعرض الجميلة والوحش إخراج محمود حسن بطولة هشام المليجي ومروة عبد المنعم, وكان نقطة تحول في المسرح نحو مسرح عالمي ومن ازدحام الجمهور كان المسرح يستعين بالكراسي الخاصة بالمقاهي التي حول المسرح لاستيعاب أعداد الجمهور. أما الغرف الإدارية بالمسرح فعددها محدود, مكتب للمدير ومكتب للشئون الإدارية والمالية. توجد كافتيريا صغيرة ومقر صغير للموظفين بالإضافة لشباك التذاكر. إمكانيات الصوت والإضاءة محدودة بالنسبة لاحتياج مسرح الطفل الذي يعتمد على الإبهار, وهو كدار عرض مخصص لفرقة الطفل. بعد عرض الجميلة والوحش تم تقديم عرض سنووايت تأليف وإخراج محسن رزق وحقق نجاحا غير عادي وإيرادات عالية لمدة 88 ليلة عرض شبه متتالية , بطولة مروة عبد المنعم وعايدة فهمي, استقبل المتروبول مهرجانات عديدة منها المهرجان القومي للمسرح والمهرجان التجريبي, وعروض للجامعات ومهرجان آفاق وعروض نوادي المسرح, وبعض الجمعيات تقيم احتفالات فنية به, ومهرجانات للهواة.
ومسرح المتروبول منذ تخصيصه لفرقة مسرح الطفل استقبل نجوما كبارا مثل أمين الهنيدي ولبلبة وعماد رشاد صفاء أبو السعود وعماد عبد الحليم. تخرج منه نجوم الآن مثل لقاء سويدان وعمرو محمد علي وعادل الكومي وغيرهم ورغم صغره ومكانه مقاعده القليلة إلا أنه عرض عليه عروض كبيرة وكثيرة لكبار النجوم والكتاب والملحنين.
وقد تولى إدارة دار عرض مسرح  المتروبول عدة كفاءات فنية وإدارية منهم: زغلول الجمل, أحمد زكي, محمد حنفي, علي حسن, المهندس محمد عبد المنعم, كرم شحاتة, العقيد عمرو سليمان, الفنان فوزي المليجي, ويتولاه حاليا هويدا خفاجة.

مسرح السلام
يعد مسرح السلام هو دار العرض الخاصة بفرقة المسرح الحديث التابعة للبيت الفني للمسرح بوزارة  الثقافة المصرية, حيث كان تابعا  لوزارة البحث العلمي وهو يقع بشارع القصر العيني. كانت أول إشارة للعلاقة بين مسرح السلام وفرقة المسرح الحديث في حوار للمخرج الراحل عبد الرحيم الزرقاني حيث أشار للجهود التي يبذلها د. ثروت عكاشة لضم مسرح السلام ليكون دار عرض ثابتة لفرقة المسرح الحديث, لكن الأمر لم يكلل بالنجاح في ذلك الوقت.
وفي عام 1975 اعتمدت هيئة السينما مبلغ 120ألف جنيه لتحويل قاعة مسرح السلام إلى دار سينما فاخرة وإعداداها لتفتتح في 1976 لكن هذا المشروع أيضا قابل صعوبات ولم يستكمل.
ومع حلول عام1979 تعرضت فرقة المسرح الحديث لأزمة حقيقية هددت قدرتها على الاستمرار حيث فقدت مسرحها (مسرح الجمهورية – يوسف وهبي) ليتحول إلى دار أوبرا مؤقتة, واستمرت تلك المرحلة لمدة سنتين, حتى استأجرت وزارة الثقافة مسرح السلام بشارع القصر العيني, وأصبح محمود الحديني هو أول مدير لفرقة المسرح الحديث في مقرها بمسرح السلام.
يحظى مسرح السلام بموقع متميز في شارع القصر العيني الذي تحتله معظم المؤسسات التشريعية والتنفيذية للدولة المصرية. ومن ناحية أخرى يحظى بمكانة خاصة ضمن مسارح البيت الفني للمسرح. فهو أحد أكبر مسارح البيت الفني ويحتوي إلى جوار قاعة العرض الأساسية قاعة أخرى صغيرة تصلح لعروض مسرح الغرفة (قاعة يوسف إدريس) طورت من إمكانيات الفرقة ووسعت مجال عملها بحيث أصبحت قادرة على القيام بأدوار الفرق المتخصصة في إنتاج   العروض التجريبية وعروض القاعات.
تولى محمود الحديني إدارة فرقة المسرح الحديث في مقرها الجديد بمسرح السلام منذ 1980 وحتى عام 1987حيث قدم خلالها تسعة عشر عرضا مسرحيا لمؤلفين مصريين. وتم في هذه الفترة إجراء عدد من عمليات التطوير والتحديث لقاعة العرض. وكان أول عرض للفرقة بمسرح السلام مسرحية “ حكاية الواد بلية” إعداد وأشعار سيد حجاب, إخراج عبد الغني زكي, وديكور زوسر مرزوق. ومن بطولة نادية رشاد ومحمد الشويحي وفاروق نجيب وعبد الحفيظ التطاوي.
ثم تولى بعده الفنان فهمي الخولي صاحب أطول فترة إدارة للفرقة منذ أغسطس 1987 حتى نهاية عام 1995.  وقد شهدت فترة إدارته مجموعة مهمة من المتغيرات الأساسية في تصميم دار العرض. حيث كانت البوابة الرئيسية للمسرح تقع في شارع إسماعيل أباظة الجانبي, بينما كانت البوابة الأساسية  الموجودة الآن مغلقة , كما كان يشغل جزء كبير من مساحة المسرح مخزن للديكورات وسقف معلق مكون من خشبة مسرح الجمهورية القديمة, فقام باستحداث قاعة يوسف إدريس وغرف الممثلين التابعة لها واستخدام الباب القديم بالشارع الجانبي كمدخل لها, ورفع خشبة مسرح الجمهورية من المدخل الرئيسي واستخدمها في ديكورات عرض “سالومي” الذي قدمه أمام قصر المناسترلي بمقياس النيل من إنتاج فرقة المسرح الحديث.
 كما قام المخرج فهمي الخولي بفتح الباب الرئيسي الموجود حاليا بشارع القصر العيني ونصب اللوحات الإعلانية المعلقة على واجهة المسرح رغم رفض الحي لذلك. وقد وصل فهمي الخولي بالفرقة إلى أعلى مستوى لها حيث استحدث ثلاث شعب  قدم من خلالها ثلاثة عروض في اليوم الواحد, بل ووصلت إلى أربعة عروض في نفس اليوم. فعلى سبيل المثال كان يعرض في الحادية عشر صباحا مسرحية الأطفال “الأرنب المغرور” من تأليف عبد التواب يوسف وإخراج فهمي الخولي من بطولة محمد عوض, ثم في الخامسة مساء كان يتم عرض مسرحية “الخزان العظيم” من إنتاج مشترك مع المجلس الثقافي البريطاني من تأليف الكاتب الإنجليزي بيتر بيرسون وإخراج د.أحمد زكي وبطولة حسين الشربيني ومحمد أبو الحسن, ثم يقام عرض في الساعة السابعة مسرحية “خمس نجوم” كإنتاج مشترك مع التليفزيون من إخراج عادل زكي. ثم في التاسعة والنصف يتم عرض مسرحية “عريس بنت السلطان” من إخراج محسن حلمي وتأليف محفوظ عبد الرحمن وبطولة لطفي لبيب. واستمرت تلك الفكرة لمدة عام من خلال عدة دورات مختلفة وتم من خلالها عرض مسرحيات عديدة ومختلفة. وهو مالم يحدث في أي مسرح في مصر من قبل أو من بعد. كما وصلت عدد العروض التي قدمت في فترة إدارته إلى أكثر من أربعين عرضا. كما أنه قدم من خلال قاعة يوسف إدريس عروضا صغيرة قدم من خلالها خمس وثلاثين مؤلفا ومخرجا طوال فترة إدارته للمسرح الحديث.
وتولي فرقة المسرح الحديث بعده الفنانون شاكر عبد اللطيف ثم محمود الألفي, أشرف زكي, محمد محمود, هشام جمعة, جمال عبد الناصر, حمدي هيكل, ثم ياسر صادق الذي قاد عملية تجديد شاملة لكل أجزاء المسرح بما فيها قاعة العرض وغرف الممثلين والإداريين وتجهيز قاعة العرض بمستوى لائق. وتم استحداث قاعة بروفات بالدور الثاني وتجهيز استوديو للصوتيات داخل قاعة يوسف إدريس. وتحديث أجهزة الصوت والإضاءة داخل المسرح. وقاد فرقة المسرح الحديث بعد ذلك الفنان أشرف طلبة, ويتولى إدارتها الآن الفنان خالد النجدي.
  قدم على خشبة مسرح السلام الكثير من المسرحيات منها على سبيل المثال لا الحصر: مسرحية “الحلم يدخل القرية” إخراج سعد أردش 1982|1983,  أيضا مسرحية “الوزير العاشق” لفاروق جويدة في موسم 84/85, من إخراج فهمي الخولي وبطولة عبد الله غيث وسميحة أيوب, مسرحية “الملك هو الملك”  عام 1987 لسعد الله ونوس من إخراج مراد منير وبطولة محمد منير وفايزة كمال وصلاح السعدني,  وقد لاقت نجاحا كبيرا, “المهر” بطولة مدحت صالح, إخراج فؤاد الحي موسم 1987|1988, “بياعين الهوا” إخراج حسام  الدين صلاح 90|91, “آه يا غجر” بطولة عبد الله غيث وعفاف راضي إخراج أحمد زكي 92|93, ,  “خيل الحكومة” إخراج فؤاد عبد الحي 94|95, “الجنزير” 1995/1996 تأليف محمد سلماوي وإخراج جلال الشرقاوي, “الغازية والدرويش” إخراج محمود الألفي 1999|2000, “أولاد الغضب والحب إخراج ناصر عبد المنعم 2000|2001, “حلاق بغداد” إخراج د. هناء عبد الفتاح” 2001|2002, “الرحمة المهداة” إخراج ياسر صادق 2007|2008, “في صحتك يابا” إخراج عادل أنور 2013|2014, مسرحية “غيبوبة” تأليف محمود الطوخي وإخراج شادي سرور وبطولة النجم أحمد بدير عام 2015, “قواعد العشق أربعون” تأليف إليف شافاق وإعداد رشا عبد المنعم وإخراج عادل حسان 2017, “حفلة تنكرية” إخراج هشام جمعة 2017,  حدث في بلاد السعاد” إخراج مازن الغرباوي 2018. وغيرها عشرات المسرحيات التي لا يمكن حصرها هنا.
 يضاف إلى ذلك استضافة مسرح السلام لعروض أخرى من إنتاج فرق أخرى تابعة للبيت الفني للمسرح, منها على سبيل المثال: مسرحية “الصقر الجريء” من إخراج حمدي أبو العلا وإنتاج مسرح الغد عام 2000, ومؤخرا عرض “أوبرا بنت عربي” إخراج هشام علي من إنتاج فرقة مسرح الشمس عام 2019. كما أن لمسرح السلام نصيب كبير في استضافة عروض المهرجان التجريبي والمهرجان القومي للمسرح المصري في كل عام.
منذ عام 1980 وحتى الآن اعتلى خشبة مسرح السلام العديد من نجوم الفن وشباب الفنانين الذين صاروا نجوما, على سبيل المثال لا الحصر : محمد الشويحي, نادية رشاد, فاروق نجيب , شعبان حسين, عبد الحفيظ التطاوي, سميرة محسن , سمير حسني, إحسان القلعاوي, مديحة حمدي, أحمد صيام , لطفي لبيب, سهير المرشدي, حسين الشربيني, محمود الحديني صلاح, صلاح قابيل, كمال ياسين , صلاح رشوان و محمد السبع, نبيل بدر, فايزة كمال, محمود عامر, سميحة أيوب, عبد الله غيث, مدحت مرسي, محمود حميدة, توفيق عبد الحميد و سامي مغاوري, صلاح السعدني, محمد منير, فايزة كمال, أبو بكر عزت, سهير المرشدي, فردوس عبد الحميد, محمود الجندي, مدحت صالح, علاء ولي الدين, سهير البابلي, هالة فاخر, جالا فهمي , عمر الحريري عبد المنعم مدبولي. يحيى الفخراني, ماجدة الخطيب, عمرو عبد الجليل, أحمد زاهر, سلوى خطاب, أشرف عبد الغفور, أحمد راتب. وغيرهم العشرات لا يسع المجال هنا لذكرهم جميعا.
أما المخرجين فمنهم أيضا على سبيل المثال لا الحصر: عبد الغني زكي, جلال توفيق, عادل هاشم, فهمي الخولي, عبد الرحيم الزرقاني, سعد أردش, حسين جمعة, محسن حلمي, هشام جمعة, مراد منير, منصور محمد, فؤاد عبد الحي, عبد الرحمن عرنوس, حسام الدين صلاح, مصطفى سعد, عبد الرحمن الشافعي, خالد جلال, زوسر مرزوق, أحمد عبد الحليم, هناء عبد الفتاح, انتصار عبد الفتاح, ناصر عبد المنعم, عمرو دوارة, حسن الوزير, محمود الألفي, محمد الخولي, سمير العصفوري, ياسر صادق, حسن سعد, حسن عبد السلام, وغيرهم الكثيرين من شباب وقامات المسرح المصري.
ومن أهم مديرين دار العرض الذين تولوا إدارة مسرح السلام: صلاح بركات وأسامة فتحي, وعادل يوسف, وأشرف أمين, ومحمد آدم, ويتولى إدارته الآن الباحث شريف دياب.


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏