أمين الهنيدي صانع البهجة

أمين الهنيدي صانع البهجة

مشهد من مسرحية عائلة سعيدة جدا

العدد 633 صدر بتاريخ 14أكتوبر2019

الفنان المصري القدير أمين الهنيدي يتميز بملامحه الطيبة وسماحة وجهه، وتقاطيعه الضاحكة التي لا تفارقها إبتسامته المشرقة، واسمه طبقا لشهادة الميلاد: أمين عبدالحميد أمين محمد محمد الهنيدى، وهو من مواليد مدينة “المنصورة” بمحافظة الدقهلية في 24 أكتوبر عام 1925. بدأت هوايته لفن التمثيل من خلال المسرح المدرسي وبالتحديد من خلال إلتحاقه بمدرسة “شبرا الثانوية”، وإنضمامه إلى فرقة التمثيل بالمدرسة. وبعد ذلك من خلال إلتحاقه بكلية الآداب وإشتراكه أيضا بفريق التمثيل بالكلية، لكنه لم يكمل دراسته بكلية الآداب والتحق بكلية الحقوق، ثم قرر في النهاية الإلتحاق بالمعهد” العالي للتربية الرياضية” بالإسكندرية وتخرج فيه عام 1949، وقد عُين بمجرد تخرجه وحصوله على درجة البكالوريوس مدرسا للتربية الرياضية.
بدأ التمثيل كمحترف لأول مرة على مسرح “الريحاني” في عام 1939 وكان آنذاك لا يزال طالبا. وبعد تخرجه وبالتحديد في عام 1954 سافر إلى السودان، وعمل هناك مع الفنان محمد أحمد المصري (الشهير بأبو لمعة) وكونا معا فرقة مسرحية بالنادي المصري في السودان. لكن بدايته الحقيقية كانت بعد عودته لمصر في منتصف الخمسينيات، وذلك عندما التقى بالفنان عبد المنعم مدبولي والمؤلف يوسف عوف فاشترك معهما في البرنامج الإذاعي الشهير” ساعة لقلبك”، والذي قدم من خلاله شخصية الفلاح البسيط الماكر فهلاو، وقد دفعه النجاح الكبير الذي حققه البرنامج إلى مشاركة مجموعة نجومه في تأسيس فرقة “ساعة لقلبك المسرحية” (في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي)، كما مثل أيضا بعد ذلك في أحد مسرحيات فرقة “الريحاني” وبالتحديد في مسرحية “ماكان من الأول”. نجح بعد ذلك في تأكيد موهبته بالعمل بفرقة “تحية كاريوكا” في بداية الستينيات، وبالتحديد عندما نجح في لفت الأنظار إليه بتألقه في تجسيد شخصية “الشيخ حسن” الضرير بمسرحية “شفيقة القبطية”. ومن بعدها وفق في تحقيق مكانته الفنية والمشاركة بالبطولات المسرحية وذلك من خلال قيامه ببطولة بعض المسرحيات الكوميدية المتميزة التي شهدت نجاحه وتألقه بفرقة “المسرح الكوميدي” (إحدى فرق التليفزيون المسرحية)، ومن أهمها: أصل وصورة، لوكاندة الفردوس، حلمك يا شيخ علام. وجدير بالذكر أن فرق التليفزيون بتنوعها قد أتاحت له فرصة إثبات موهبته وتقديم بعض الأدوار المركبة وأيضا تقديم بعض الأدوار باللغة العربية الفصحى، حيث شارك على سبيل المثال ببطولة مسرحيتي: “السحاب” رائعة أرستوفانيس بفرقة المسرح العالمي، و”الشبعانين” بفرقة مسرح الحكيم.
شارك بعد ذلك بأداء أدوار البطولة بعدد كبير من الأعمال الفنية بمختلف القنوات الفنية (المسرح السينما الإذاعة التليفزيون) وذلك حتى منتصف الثمانينات، فقدم من خلال الشاشة الفضية مجموعة من أفلامه البارزة ومن بينها: “غرام في الكرنك”، “شنطة حمزة”، “القرش”، ولكن ظلت بصمته الفنية أكثر بروزا في المسرح، ومن أشهر مسرحياته: لوكاندة الفردوس، عبود عبده عبود، سد الحنك، حسن حسنين حسونة، 30 فرخة وديك، عائلة سعيدة جدا.
هذا ويمكن تصنيف مجموعة المشاركات الفنية للفنان القدير أمين الهنيدي طبقا لاختلاف القنوات الفنية مع مراعاة التتابع الزمني كما يلي:
أولا - إسهاماته المسرحية:
ظل المسرح هو المجال المحبب للفنان أمين الهنيدي، فهو المجال الذي مارس من خلاله هوايته لفن التمثيل، كما تفجرت من خلاله أيضا موهبته التي أثبتها وأكدها ولذا كان من المنطقي أن يشارك في بطولة عدد كبير من المسرحيات المتميزة. ويجب التنويه إلى أن بداياته المسرحية كانت من خلال بعض الفرق الخاصة وبالتحديد فرق: “الريحاني”، “ساعة لقلبك المسرحية”، “تحية كاريوكا”، ولكنه تألق وقام بالبطولات المسرحية من خلال مسارح التليفزيون (فرقة المسرح الكوميدي). ويمكن للناقد المسرحي المتخصص والمتابع للمسيرة المسرحية للفنان أمين الهنيدي أن يقرر بأن كل من فترة الستينيات والسبعينيات تعدان بصفة خاصة فترة تألقه المسرحي، هذا ويمكن تصنيف مجموعة أعماله المسرحية طبقا للتتابع التاريخي مع مراعاة إختلاف الفرق المسرحية وطبيعة الإنتاج كما يلي:
1 - بفرق “مسارح الدولة”:
- “المسرح الكوميدي”: أصل وصورة، لوكاندة الفردوس، حلمك ياشيخ علام، زيارة غرامية (1963)، شارع البهلوان (1964)، جوزين وفرد، عطوة أفندي قطاع عام، تسمح من فضلك (1966)، مين قتل مين (1967)، عائلة سعيدة جدا (1985).
- “مسرح الحكيم”: “الشبعانين (1966).
- “المسرح العالمي”: السحاب (1967).
- “وزارة الثقافة”: روض الفرج (1982).
- “القومي للطفل”: ممنوع يا كروان (1982).
2- فرق القطاع الخاص:
- “تحية كاريوكا”: شفيقة القبطية (1962).
- “الفنانين المتحدين”: المغفل (1967)، فردة شمال (1968)، غراميات عفيفي، برغوت في العش الذهبي، مجنون بطة (1969).
- “أمين الهنيدي”: عبود عبده عبود (1970)، حسن حسنين حسونة (1971)، سد الحنك (1971)، سبع ولا ضبع (1972)، أجمل لقاء في العالم (1973) ، لوليتا (1974)، يا عالم نفسي أتسجن (1975)، عشرين فرخة وديك (1976)، أنا آه أنا لأ (1977)، الضيف إللي هو (1978).
- “كوميك تياترو” (أحمد الإبياري): الدنيا مقلوبة (1980)،
- “المصري المسرحية”: عالم يهوس (1981).
- “المسرح الجديد”: فتش عن المرأة (1982).
- “المصرية للكوميديا”: الفضيحة (1983).
3 - المسرحيات المصورة:
بالإضافة للمسرحيات السابقة شارك الفنان أمين الهنيدي في بطولة بعض المسرحيات التي انتجت خصيصا للتصوير والعرض التليفزيوني، وتضم قائمة مشاركاته المسرحيات التالية: حضرة صاحب السوابق (1980)، عالم يهوس، مريض الوهم (1981)، درس حريمي، صيف ساخن (1982)، شوقي بيه عريس، كان غيرنا أشطر (1983)، أسبوع عسل (1984)، حلوة يا دنيا، الفلاح الفصيح، حلوة اللعبة دي، أسبوع عسل.
وجدير بالذكر أنه ومن خلال مجموعة المسرحيات التي شارك في بطولتها قد تعاون مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل ومن بينهم الأساتذة: السيد بدير، عبد المنعم مدبولي، كمال يس، نور الدمرداش، كرم مطاوع، علي الغندور، محمود السباع، محمود مرسي، محمد مرجان، فايز حلاوة، السيد رضي، أحمد توفيق، عبد الغني زكي، فهمي الخولي، شاكر عبد اللطيف، عادل صادق، سعيد مدبولي، شاكر خضير، رزيق البهنساوي، ممدوح عقل.
فرقة “أمين الهنيدي” المسرحية:
قام بتأسيس هذه الفرقة المنتج السباعي عبد الحميد السباعي بمشاركة كل من الفنان أمين الهنيدي والمخرج القدير السيد بدير عام 1970، وذلك خلال الفترة الزمنية التي شهدت رواج وتأسيس عدد كبير من فرق القطاع الخاص (بعد نكسة يونيو 1967، وتوقف التليفزيون عن الانتاج المسرحي)، وقد حملت الفرقة اسم الفنان “أمين الهنيدي” كنجم كبير من نجوم الكوميديا، والذي شارك بالطبع ببطولة جميع المسرحيات العشر التي قدمتها الفرقة.
ويذكر أن الفنان السيد بدير قام بإخراج عدد كبير من هذه العروض (أغلبها)، في حين قام الفنان عبد المنعم مدبولي بإخراج ثلاث مسرحيات هي: “سبع ولا ضبع”، “أجمل لقاء في العالم”، “أنا آه أنا لأ”، كما قام الفنان نور الدمرداش بإخراج مسرحية “لوليتا”، والفنان عبد الغني زكي بإخراج مسرحية واحدة هي “الضيف إللي هوه”.
وقد شارك نخبة من كبار المؤلفين في كتابة النصوص التي قدمتها الفرقة وفي مقدمتهم الأساتذة سعد الدين وهبة، عصام الجمبلاطي، حسين عبد النبي، مصطفى كامل حسن، وحيد حامد، أحمد عفيفي، أحمد ثروت، مصطفى جمعة، كما قامت الفنانة نهى برادة بتصميم الديكورات لأكثر من مسرحية، كذلك قام الفنان سيد مكاوي بوضع الموسيقى والألحان لبعض المسرحيات ومن بينها: “أجمل لقاء في العالم”، “سبع ولا ضبع”.
كذلك شارك ببطولة هذه المسرحيات نخبة متميزة من النجوم في مقدمتهم كل من الفنانين: نجوى سالم، زبيدة ثروت، زيزي مصطفى، صفاء أبو السعود، ميمي شكيب، ملك الجمل، خيرية أحمد، وداد حمدي، سلوى محمود، سناء مظهر، ميمي جمال، كوثر العسال، آمال رمزي، عزيزة راشد، ليلى فهمي، ميرفت كاظم، نبيل الهجرسي، زين العشماوي، إبراهيم خان، فاروق الفيشاوي، نظيم شعراوي، علي الغندور، حسن حسين، محمود أبو زيد، حامد مرسي، محمد شوقي، أحمد أباظة، محمود القلعاوي، أحمد الشناوي.
وقد توقفت الفرقة مع بدايات عام 1978 بعد وفاة مؤسسها وممول عروضها (السباعي عبد الحميد)، وذلك بعدما قدمت نموذجا لفرق القطاع الخاص التي حاولت الجمع بين تقديم الفكر وبين استقطاب الجمهور بتقديم المتعة الفنية، ويحسب لها اعتمادها فنيا على ثقافة وخبرات الفنان القدير السيد بدير، وكذلك تقديمها لنصوص بعض الكتاب الملتزمين وفي مقدمتهم المبدع سعد وهبة.
ثانيا - أعماله السينمائية:
بالرغم من مشاركة الفنان أمين الهنيدي ببطولة بعض الأفلام السينمائية - الناجحة جماهيريا - إلا أنني يمكنني تسجيل حقيقة مهمة وهي أن السينما لم تستطع الإستفادة بصورة كاملة من إمكانيات وخبرات هذا الفنان القدير وموهبته الكبيرة، فتنوعت أدواره السينمائية بشدة بين مجموعة من الأفلام التجارية التي قام ببطولتها وحاول منتجوها إرضاء رغبات الجمهور وشباك التذاكر!! (ومن بينها أفلام: شنطة حمزة، أشجع رجل في العالم، شهر عسل بدون إزعاج، نشال رغم أنفه)، وبين مجموعة أخرى من الأفلام السينمائية الجادة التي قام خلالها بأداء بعض أدوار البطولة الثانية أو الأدوار الثانوية (ومن أوضح أمثلتها أفلام: زوجة من باريس، سيد درويش، غرام في الكرنك، 7 أيام في الجنة).
كانت بدايته السينمائية بفيلم حماتي ملاك عام 1959 ، من إخراج عيسى كرامة، وبطولة إسماعيل يس، ماري منيب، آمال فريد، في حين كانت آخر أفلامه عام 1986 وهو فيلم “القطار” من إخراج أحمد فؤاد، وبطولة نور الشريف ميرفت أمين، يوسف شعبان.
هذا وقد وصل رصيده السينمائي خلال ما يقرب من ثلاثين عاما إلى خمسة وثلاثين فيلما، وتضم قائمة مشاركاته السينمائية الأفلام التالية: حماتي ملاك (1959)، الأزواج والصيف (1961)، للنساء فقط (1962)، زوجة ليوم واحد، منتهى الفرح (1963)، زوجة من باريس (1964)، جدعان حارتنا، 6 بنات وعريس (1965)، سيد درويش، حارة السقايين (1966)، غرام في الكرنك، غازية من سنباطـ، تسمح من فضلك، شنطة حمزة، شباب مجنون جدا (1967)، أشجع رجل في العالم، شهر عسل بدون إزعاج، 7 أيام في الجنة (1968)، أنا ومراتي والجو، نشال رغم أنفه (1969)، الكدابين الثلاثة، واحد في المليون (1970)، الظريف والشهم والطماع (1971)، إحترسي من الرجال يا ماما (1975)، أنا آه أنا لأ (1978)، القرش، 4-2-4، طائر على الطريق (1981)، رحلة عيون (1983)، صديقي الوفي، إحنا بتوع الإسعاف (1984)، ممنوع في مدرسة البنات، الحدق يفهم، القطار (1986).
ويذكر أنه قد تعاون من خلال مجموعة الأفلام السابقة مع نخبة متميزة من كبار مخرجي السينما العربية وفي مقدمتهم الأساتذة: أحمد بدرخان، نيازي مصطفى، السيد زيادة، فطين عبد الوهاب، عاطف سالم، حسن الصيفي، نور الدمرداش، محمد سالم، منير التوني، عيسى كرامة، عبد المنعم شكري، محمود فريد، علي بحيري، أشرف فهمي، محمد خان، أحمد فؤاد، إبراهيم عفيفي، صلاح كريم، السعيد مصطفى، عبد الرحمن شريف، فاضل صالح، أنور هاشم.
ثالثا - إسهاماته الإذاعية:
شارك الفنان أمين الهنيدي بأداء بعض الشخصيات الدرامية المتميزة بخفة ظله وأدائه المميز في عدد كبير نسبيا من المسلسلات الدرامية والتمثيليات والسهرات الإذاعية، ولكن للأسف يصعب بل ويستحيل حصر جميع المشاركات الإذاعية لهذا الفنان القدير على مدار مايزيد عن ثلاثين عاما، وذلك نظرا لأننا نفتقد وللأسف الشديد لجميع أشكال التوثيق العلمي بالنسبة للأعمال الإذاعية، وتضم قائمة أعماله الإذاعية مجموعة كبيرة من المسلسلات والتمثيليات الإذاعية ومن بينها: دكتور ياميش، العزوة، الشاطر عوكل، خرج ولم يعد، مغاوري غاوي مغنى، أشجع رجل في العالم، أذكى رجل في العام، مذكرات زوج، أبو الريش في سوق العيش، مخيمر الثالث عشر، شلة الأنس. هذا ويجب التنويه في هذا الصدد إلى تكوينه لثنائي فني ناجح بالإذاعة مع كل من الفنانتين شويكار (أشجع رجل في العالم، شلة الأنس)، وصفاء أبو السعود (مغاوري غاوي مغنى، الشاطر عوكل، أذكى رجل في العالم، بالإضافة إلى غناء شنطة حمزة).
رابعا - مشاركاته التليفزيونية:
برغم ندرة مشاركات الفنان أمين الهنيدي التليفزيونية مقارنة ببعض أبناء جيله من الفنانين إلا أنه قد نجح في وضع بصمة مميزة له بالدراما التليفزيونية أيضا، خاصة بعدما قدم عدة شخصيات انسانية بعيدا عن الأدوار الكوميدية التي اشتهر بها في المسرح، حيث تجدر الإشارة إلى أن مشاركاته بالدراما التليفزيونية قد تنوعت كثيرا بين أدواره الكوميدية وأدواره الإنسانية الأخرى بالمسلسلات الإجتماعية. وتضم قائمة أعماله التليفزيونية المسلسلات التالية: زيارة ودية، لعبة التفكير، ادركني يا دكتور، عفراء البادية، وأدرك شهريار الصباح، محمد رسول الله (ج5)، وذلك بالإضافة إلى مشاركته ببطولة بعض التمثيليات والسهرات التليفزيونية ومن بينها على سبيل المثال: المعدية.
 أهم سماته الفنية:
يكفي أن نسجل للفنان القدير أمين الهنيدي نجاحه وتأكيد موهبته وتألقه وسط جيل الستينيات والسبعينيات الذي ضم نخبة من كبار نجوم الكوميديا من بينهم الأساتذة: عبد المنعم إبراهيم، عبد المنعم مدبولي، فؤاد المهندس، محمد عوض، محمد رضا، حسن مصطفى، أبو بكر عزت، نظيم شعراوي، جمال إسماعيل، محمد أحمد المصري (أبو لمعة)، فؤاد راتب (الخواجة بيجو)، إبراهيم سعفان، عادل إمام، سعيد صالح، سيد زيان، عبد الله فرغلي. هذا ويمكن للناقد المتخصص والمتابع لمشاركات الفنان القدير أمين الهنيدي بجميع القنوات الفنية أن يرصد أهم الصفات والسمات الفنية العامة لمشاركاته الإبداعية، والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
- خفة الظل والقدرة الرائعة على إشعاع البهجة والسرور، مع مهارة تقديم الشخصيات الكوميدية والتميز في تقديم الشخصيات الكاريكاتيرية.
- امتلاك موهبة الإرتجال والقدرة على الإضحاك وتحقيق التواصل مع الجمهور، خاصة بعدما ارتبط في وجداننا وأذهاننا بقدرته الرائعة على إضحاكنا.
- التلقائية والإعتماد على بساطة الأداء وتجنب الأداء الكلاسيكي والمبالغات المفتعلة.
- التمتع بصوت معبر مميز النبرات وبأذن موسيقية، وكذك بالقدرة على الغناء الدرامي (الريستاتيف) وتقديم الإسكتشات الكوميدية.
- التمتع باللياقة الجسدية العالية وخفة الحركة، والتي نجح في توظيفها بعروضه المسرحية.
- الحرص على تقديم الكوميديا الراقية بمختلف أشكالها وقوالبها (الإجتماعية الموسيقية الإستعراضية التراجوكوميدي أو الكوميديا السوداء) وجميعها بصورة تتناسب مع جميع أفراد الأسرة وبعيدة عن الإسفاف والإبتذال وأيضا بلا تشنج أو إفتعال.
 حياته الشخصية:
مما يدعو للدهشة أنه بالرغم من ذلك النجاح والتألق الفني والشهرة المبكرة التي حققها الفنان أمين الهنيدي إلا أن هاجس الخوف من المرض والموت ظل يلازمه طوال حياته ويسيطر عليه بشكل كبير، وربما زاد من إحساسه بذلك تألقه في تجسيد دور “الحانوتي” بمسرحية “أصل وصورة”، ولذا فقد ظل رافضا لفكرة الزواج حتى لا يكون سببا في تعاسة آخرين لا ذنب لهم سوى أنهم وافقوا على الارتباط به في الحياة. ولكنه بعدما نجح في تحقيق نجاحا سينمائيا كبيرا ( ما بين الأدوار الثانية والبطولة المطلقة) توقف أمام نفسه طويلا خصوصا بعدما اكتشف فجأة أنه أصبح في منتصف الأربعينيات من عمره تقريبا، فقرر عام 1969 أن يتزوج بطريقة بطريقة تقليدية (أسلوب “الصالونات”) وبعيدا عن الوسط الفني، وقبل أن يمر عام على زواجه كان قد أنجب ابنه الأول الذي أطلق عليه اسم “صالح”، وخلال ثلاث سنوات كان قد أنجب ولدين آخرين، هما: “عبدالحميد” و”محمود”.
وللأسف اشتد عليه الألم في مطلع العام 1983، فتم نقله إلى المستشفى، حيث أجرى الفحوصات والتحليلات التي جاءت نتيجتها اكتشافه بأنه مصاب بسرطان المعدة، ثم اشتد عليه المرض بشكل كبير فقررت الدولة سفره للعلاج على نفقتها بالخارج، وبالفعل سافر إلى لندن وأجرى جراحة في المعدة، لكنها للأسف لم تنجح في وقف زحف المرض وانتشاره، وبعد ثلاثة أشهر عاد إلى القاهرة ليظل في العناية الفائقة بأحد المستشفيات الخاصة حتى فاضت روحه إلى بارئها في الثالث من يونيو 1986، ليرحل صانع البهجة ويترك لعائلته الألم، حيث لم يستطيعوا تسلم جثمانه إلا بعد نجاحهم في سداد مصاريف علاجه التي بلغت وقتها 2000 جنيه!!.
رحم الله هذا الفنان القدير خفيف الظل الذي أمتعنا بأدواره الكوميدية المتنوعة على مدى ما يقرب من خمسة وثلاثين عاما، فهو فنان قدير حقا ويكفي أن نذكر له تفرده في إجادة أداء بعض الأدوار التراجيدية بنفس درجة إجادته وتألقه في أداء الأدوار الكوميدية. وفي هذا الصدد يجب التنويه إلى نجاحه المبكر جدا في وضع بصمته الفنية وبالتحديد منذ فترة مشاركته ببرنامج “ساعة لقلبك”، وبعد ذلك بفرق التليفزيون المسرحية مما أهله لحفر مكانة خاصة له في قلوبنا بموهبته المؤكدة وتلقائيته المحببة وإبداعاته المتنوعة والتزامه الشديد بالقيم السامية والأخلاقيات الرفيعة، وحرصه الدائم بالمحافظة على تقاليد المهنة والتمثيل المشرف للفنان المصري والعربي.


د.عمرو دوارة

esota82@yahoo.com‏