عمرو عفيفي: الجائزة مهمة جدا لكونها من أهم حدث مسرحي في مصر

عمرو عفيفي: الجائزة مهمة جدا لكونها من أهم حدث مسرحي في مصر

العدد 631 صدر بتاريخ 30سبتمبر2019

بحماس وشغف كبيرين عكف المخرج  الشاب عمرو عفيفي على تجربته المسرحية الأخيرة « حذاء مثقوب تحت المطر « والتي تعد خطوته الثانية في مسيرته الإخراجية..  جاهد كثيرًا مع فريق جاد و مخلص ليقدمها للمرة الأولى لجمهور المسرح الجامعي الذي يعده الجائزة الحقيقية، ثم قدم التجربة ثانية  بمهرجان المسرح القومي في دورته الأخيرة  « دورة الفنان كرم مطاوع «، فحصد جائزة أفضل عرض بمسابقة الشباب وأفضل مخرج مناصفة، والعديد من المراكز الأولى بالمهرجان،  فكان لنا معه هذا اللقاء

- حدثنا عن بداية ولوجك لعالم أبو الفنون وكيف  اتجهت  للإخراج المسرحي ؟
عندما كنت طالبًا بكلية الهندسة لجامعة عين شمس  اشتركت بفريق التمثيل وهناك  بدأت الطريق ممثلا لعدد من العروض وبعدها قدمت كمخرج أول عرض « بانجيا « بفريق الكلية، واستمريت ممثلا ومخرجا حتى تخرجت، ثم قمت  مع  مجموعة من زملائي بتكوين فرقتنا الخاصة وأسميناها « بانجيا « تيمناً بالعرض الذي قدمناه معًا من قبل، ونال نجاحًا وإعجابًا من الجمهور، بعد ذلك أقدمت على إخراج تجربة العرض المسرحي « حذاء مثقوب تحت المطر» لفريق الكلية بمهرجان الجامعة الكبير، وحصد العديد من الجوائز، ومن ثم تقدمنا للمشاركة به في مهرجان المسرح القومي .
- ماذا عن خطوات مسيرتك  المسرحية؟
كممثل كانت أهم العروض التي شاركت  بها « آخر رايات الأندلس»  تأليف وإخراج مصطفى سعيد، و«نهاية اللعبة  « تأليف صمويل بيكيت وإخراج يوسف مصطفى، و«هانيبال”  تأليف محمود جمال، وإخراج محمد جبر، و« الحضيض«  تاليف مكسيم جوركي إخراج محمد حسن، والأربعة عروض هذي قد  شاركت بمسابقة المهرجان القومي للمسرح المصري في الدورات السابقة، وأعدهم تجارب مهمة كثيرًا في مسيرتي المسرحية، أما عن آخر العروض التي شاركت فيها كممثل  هو  « 2ط نق  « تأليف وإخراج محمد عادل، كما شاركت في  « الآن يغنون ثانية « تأليف ماكس فريش إخراج كريم جعفر، وعرض « النقطة الزرقاء الباهتة «  تأليف محمد صبحي، وإخراج أشرف عبد الله  .
- عرفنا بتجاربك المسرحية كمخرج، وما أهم الجوائز التي  حصدتها هذه العروض؟
« بانجيا « كان بدايتي في الإخراج، و قدمته  لأول مرة في المهرجان الذاتي بالجامعة، وحصد  المركز الثاني لأفضل عرض وأفضل مخرج، كما قُدم بعد ذلك بمسرح الفلكي بالجامعة الأمريكية، ونال إقبالًا جماهيريا حينذاك، أما تجربتي الثانية فهي «حذاء مثقوب تحت المطر « وقد حصد العديد من جوائز مسابقة الشباب بالمهرجان القومي هي  جائزة أفضل دور ثانٍ نساء لغادة كمال  عن  دورها « المغنية «   وجائزة أفضل دور أول رجال مصطفى خطاب عن دوره « سامسا «وجائزة أفضل مؤلف لنص مسرحي مُعد عن جنس أدبي آخر لمحمد السوري مستوحى عن رواية المسخ  لفرانتس كافكا وثلاثية الإنسانية لروي أندرسن، وجائزة أفضل إخراج مناصفة وتوج بجائزة أفضل عرض مسرحي بالمسابقة.
حدثنا عن هذا العرض.. وما الذي دفعك لتقديم نص عن عمل أدبي؟
العرض يناقش هوية الإنسان المعاصر، وما يواجهه من تحديات، وأثر التطور على هذه الهوية، وعلى علاقة الإنسان  بالمجتمع والطبيعة، و معاناته الدائمة في مجتمع رأسمالي لا يأبه بشيء غير عجلة الإنتاج، كما يناقش  انعدام التواصل بين الأفراد، وهو ما يؤدي للعزلة التي تزيد الكآبة التي يعاني منها الإنسان، كان هذا هو سبب اختياري للنص،  ليبلور فكرة المعاناة التي أشعر أننا جميعًا  نعيشها حاليا  وأنا واحد ممن يشعرون بها  بصورة  كبيرة،  فوددت أن أعبر عن ما أحمله من شعور  في شكل فني، واختياري  للتأليف الجديد لأني رأيت أن  الفكرة كان لابد أن  تكون  لها حضور قوي  بنص مُجهز لها خصيصًا، وكانت رواية كافكا هي أكثر ما وجدته  قادرًا على أن يصف  هذه المعاناة بشكلٍ كبير إضافة لسلسلة أفلام  أندرسن التي تتناول  صور الفراغ الحقيقي بداخل الإنسان المعاصر .
- يعزف العديد من شباب المخرجين عن تقديم النصوص المحلية، ويلجأون إما للتأليف عن موضوعات من الأدب الغربي أو النصوص العالمية كيف ترى ذلك؟  
أرى أن النصوص المصرية القديمة تعكس وجهة نظر قديمة، في الزمن الماضي، ونحن بالآونة الأخيرة نعاني ندرة كبيرة في عدد المؤلفين الجدد، وهذه أزمة ملحوظة  مما قد يدفع  المخرج لتقديم نص أجنبي لأنه يجد أن النصوص الغربية  غنية بالأفكار  الإنسانية.
- ما المدرسة الإخراجية التي قدمت من خلالها عرضك المسرحي و رؤيتك التى أردت أن تبرزها من خلال النص؟
العرض ينتمي إلى حد كبيرٍ إلى السريالية والرمزية  وأكثر ما تمنيت طرحه وإبرازه هو أننا في احتياج  كبيرٍ وملح  لأن نسأل أنفسنا : من نحن في وسط هذا العالم ؟
- هل توقعت الفوز بالجائزة؟ وما شعورك بعد حصد المراكز الأولى ؟
لم أتوقع الفوز في الحقيقة؛ بينما كانت آراء النقاد ممن حضروا العرض بلا استثناء إيجابية بعد العرض بشكل واضح، كما لاحظنا تفاعلًا قويًا وكبيرًا من قبل  الجمهور وسعادة منه بالعرض، وهذا ما جعلني أشعر أني حصلت على  الجائزة حينذاك  بتحية وإشادة النقاد والجمهور معًا، وعندما توج كل هذا النجاح بالجوائز من قبل لجنة التحكيم  شعرت أن هذا أمر عظيم ومبهج جدًا  لنا  .
- ماذا مثلت لك الجائزة خاصة أنها المشاركة الأولى لك بالقومي كمخرج ؟
 جائزة المهرجان القومي مهمة جدًا لكونه أهم حدث مسرحي بمصر ويضم العروض المميزة بالعام، التنافس شيء مهم، وخاصة عند الحصول على  جائزة، إضافة إلى أن هذه أول تجربة إخراج لي  بالمهرجان لذا أعده نجاحا كبيرا لا تكفيه الكلمات، كما أعد أن نتائج المهرجان كلها تعبر عن نزاهة لجنة التحكيم ومتابعتهم الجيدة للعروض لأننا قدمنا العرض بأول يوم بالمهرجان وكان من الممكن أن  يُنسي، لكنهم اتسموا بوعي كبير ويقظة تامة بكل العروض من أول يوم لآخر يوم  بالمهرجان، وبمهنية عالية  وأمانة كبيرة لها كل التقدير و الاحترام  .
إقبال الجمهور.
- كيف ترى أهمية الجوائز بالنسبة للفنان وخاصة الشباب ؟
الفنان  الحقيقي يقدم  فنه، ولا ينتظر غير الحصاد وهو المتمثل في  إقبال الجمهور ليشاهد ما عكف على العمل عليه، وحاول جاهدًا أن يقدمه بصورة تليق بجمهوره، الجوائز لا تمثل أهمية كبيرة ؛ فالحلم  الكبير  للمسرحيين  أن تشاهد  عروضهم من  قبل جمهور كبير،  غير أن حصد الجوائز تزيد حماس الفنان، وتدفعه بقوة أن يستمر بحب ودأب لما هو مقبل عليه بينما  يجب ألا يصبح حصد الجوائز هدفه، وجعلها وثيقة الصلة  بما يسعى أن يقدم من  جديد،  فقد يحدث أن عدم حصول الفنان للجوائز  يدفعه إلى التقاعس، أو أن يسلك مسلك مضاد لقيمة الفن، أو أن يشعر باحتقار لشأنه ولفنه، وقد يصل به هذا أن  يفقد  ثقته بنفسه وإبداعه وبفنه .
- ما أبرز الصعوبات التي واجهتك بتجربتك منذ البداية وحتى المشاركة  بالقومي  وكيف تخطيتها؟
كان الأمر بالغ الأهمية  هو تدريب الممثلين على النهج المسرحي الذي أنشده،  فمن المفترض أن  العرض  يتسم  بإيقاع مغاير و شديد الحساسية للشخصيات الدرامية، يقدم بأداء باهت وخاص وبارد وفق الرؤية الإخراجية التي تبنيتها، وهذا كان  يتطلب توافر وقت كبير للتدريب الأمثل  لتقديم عرض جيد، إضافة إلى أن بروفاتنا لم يكن لها  مكان ثابت غالبية الوقت، مما كان يعطلنا بشكل كبير ويخلخل  الاستقرار،  ومن العقبات الأخرى عدم توافر ميزانية كافية دفع بنا أن نكمل الإنتاج من نفقاتنا  الشخصية حتى نقدم العرض على نحو أمثل، وتبعا  لجدول المهرجان قدم العرض بمسرح العرائس الذي اتسم بعدم جاهزيته بشكل كاف، فكان سببا لبذل جهدٍ كبير جدًا  حتى  نحافظ على جودة العرض .
- كيف يستطيع المخرجون الشباب تقديم عروض تتميز  بالجودة الفنية بميزانية إنتاج قليلة؟
نحن في احتياج كبير لفرص التدريب والاهتمام من قبل  مؤسسات الدولة المعنية بالفن والثقافة بمصر، ونأمل أن توجه أوجه الصرف إلى منح تدريبية وورش عمل فنية جادة  للشباب،  إضافة إلى إنتاج العروض وأن تعمل كل الاتجاهات  على عمل تدريبات لهؤلاء الشباب الموهوب حتى  يكتسبوا خبرات تطور من موهبتهم  وتدفع  بإبداعهم إلى الإمام،  ونحن أيضا في احتياج لتزويدنا بخبرات حتى نواكب التقدم التقني، والتطور الفني بمجالات الإبداع  بالعالم .
- كيف تخطط لتطوير أدواتك المسرحية ؟
أحاول عن طريق متابعة التدريب والتعلم باستمرار وهذا ما أعمل جاهدًا عليه،  فأنا طالب ومتدرب بمدرسة ناس  لفنون المسرح الدفعة الجديدة الرابعة، و أعهدها  مدرسة مهمة في التدريب على أنماط عديدة واتجاهات للمسرح  المعاصر، منها المسرح والجسدي والفقير والتفاعلي، بمدربين مصريين وأجانب، وهو ما يحقق الاستزادة الفنية خاصة لأعضاء الفرق المستقلة  بصورة كبيرة، كما أستعد للتقدم إلى المعهد العالي للفنون المسرحية لتطوير مهاراتي  وخبراتي كممثل ومخرج و أطالع بشغف تجارب المسرح العالمي المتعددة بالمشاهدة والمتابعة لأعي تطورات الحركة المسرحية المحلية والعالمية  لمواكبة هذا التطور والاستفادة منه .
- كيف ترى مكانة المسرح الجامعي بالحركة المسرحية المصرية  في الفترة الأخيرة؟
 الحركة المسرحية بالجامعات المصرية واعية ومتقدمة كثيرًا  ومبشرة بالتقدم والتطور، و تعد تجارب المسرح الجامعي من أهم تيارات المسرح المصري  في الآونة الأخيرة  وهذا  لما يتسم به  الشباب المشاركون في تقديم هذه التجارب  من الطاقة الكبيرة  والشغف  بالفن والمسرح خاصة، والبحث  في تقديم عمل جاد راقي، دون النظر لتحقيق أي نتائج غير إقبال الجمهور.
- كيف أفادتك مشاركاتك بالمسرح الجامعي  كمخرج شاب ؟
أنا ولدت مسرحيًا بين شباب المسرح الجامعي المصري و حصدت جائزة أفضل مخرج، وأفضل عرض بالمهرجان القومي ..  المسرح الجامعي مهم وموجود وله كيانه ومكانته القوية بالمسرح المصري.
- كيف ترى الحركة المسرحية المصرية في السنوات الأخيرة؟  
الحركة المسرحية المصرية  تعاني  ركود منذ فترة، وتطورها بطيء جدًا،  غير أن شباب المسرح  يبذل قصارى جهده ليشارك في تطور ودفع المسرح للأمام، فنحن جميعا نلحظ أن الاهتمام بفن المسرح  غير كبير من الدولة.
- كيف ترى أهمية إقامة المهرجانات؟ وما دورها  في إثراء الحركة المسرحية؟
المهرجانات مهمة كثيرًا ؛ فهي  تخلق أعراسا فنية مسرحية وتخلق حالة جيدة  من التنافس القوي  الذي يحفز على تقديم أعمالا فنية راقية.  
- ما رأيك في نظام التسابق بالمهرجان؟
أرى أن التسابق في مسابقة واحدة أفضل من التقسيم، حتى نقلل الفرق بين عمل المحترفين والهواة، وننأى عن  التمييز بينهم،  وللتأكيد أن ما يجمع بينهم هو الفن  ذاته، ولم أر  ضرورة لهذا التقسيم الذي عمل على تصنيف العروض المسرحية المشاركة ؛ فالتسابق يجب أن يكون للعمل نفسه من خلال المجال الإبداعي والقيمة الفنية التي يحملها .
- ما أهم مميزات وسلبيات  دورة المهرجان القومي؟
كل الشكر للجهود المبذولة من أجل تنظيم وتقديم دورة المهرجان، وأهم ما كنت أتمناه بالدورة هو عدم تغيير لائحة المهرجان و تقسيم العروض، وأرى أن دورة المهرجان وفقت في  تقديمها لعدد  كبير من العروض، التي امتازت بتنوعها  وهذا مهم و يجب أن نحتفي به حيث  مكن الجمهور من مشاهدة عدد كبير من العروض والتيارات المسرحية المتنوعة.
- ماذا تنوي أن تقدم لجمهورك ؟
أسعى لتطوير مهاراتي دائمًا وأن أقدم أعمال صادقة تعبر عني، وعن مجتمعي وكذلك عن العالم والإنسانية، وأهم القضايا التي تشغلني وأتمنى تقديمها من خلال عروضي بصدق هي أحوال الإنسان، وعلاقته بالآخر وبالعالم  موضحًا تأكيد سعيه الدائم من أجل إنصاف الإنسانية المطلقة، وكما أتمنى أن أقدم كل عروضي  في هذا الصدد  بسبل  جديدة، وصادقة للنهاية، مضيفًا للمشاهد والحركة المسرحية كل جديد .  
وماهي أمنياتك وطموحاتك  للمسرح؟
أأمل أن أجد  المسرح ببلادنا وبالعالم بالسنين القادمة  بمفهوم مختلف ومغاير عند الجمهور بتجاربي وتجارب الجميع، وأن يزدهر مسرحنا  من قبل مبدعيه، وصناعه،  وأن يصل أبو الفنون لتطور ملحوظ، وواضح  يثري الحركة الفنية والثقافية ويعلي من قيمة المجتمع .


همت مصطفى