جهود أحمد عبد الحليم في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت (4)

جهود أحمد عبد الحليم في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت (4)

العدد 629 صدر بتاريخ 16سبتمبر2019

كرنفال الأشباح
أول مسرحية – بعد المحاضرة السابقة – كانت (كرنفال الأشباح) تأليف الكاتب الفرنسي موريس دوكوبرا، وترجمة أحمد محمد رضا، وعرضها أحمد عبد الحليم مع طلابه في بداية شهر يونية 1985. وتدور أحداثها حول اجتماع لموتى المقبرة الفرنسية العامة، بعد ظهور دواء يُعيد الحياة مرة أخرى للأموات! وبالفعل يستعيد بعض الموتى حياتهم مرة أخرى، ويخرجون إلى الحياة. ومن هؤلاء كان شاب وفتاة انتحرا لعدم موافقة الأهل على زواجهما، وعندما عادا إلى الحياة وتزوجا انقلبت حياتهما إلى شجار دائم وعذاب مستمر، جعلهما يتمنيان الموت والاستمتاع بحبهما القديم قبل زواجهما! ومن الشخصيات أيضا ثري متعطش للحب وناقم على ثرائه؛ لأن النساء تنجذب إلى ماله، وليس إلى شخصه! وعندما يعود إلى الحياة مرة أخرى، يعود فقيرا – بناء على رغبته - حتى تنجذب النساء إليه فيفشل. ومن الشخصيات أيضا امرأة داعرة أصبحت تقية ورعة بعد عودتها إلى الحياة... وهكذا كان الأمر مع بقية شخصيات المسرحية، ومنها: المجنون، والبروفسور، وصاحب القصر.. إلخ
ومن خلال هذا الملخص، نلاحظ أن أحمد عبد الحليم عاد إلى اختيار الموضوعات الإنسانية، مبتعدا عن الموضوعات السياسية! أما الطلاب الذي أدوا هذا العرض، فهم: أحمد جوهر في دور المجنون مارك ليون، وجمال الصقر في دور حارس المقبرة ولورفيل مساعد الدكتور، وسلوى مهدي في دور الغانية، وأحمد مطلق في دور الجندي، وهدى سلطان في دور سيدة المجتمع، وسعاد علي حسين في دور الفتاة، ومحمد حميد في دور المليونير، وفالح فايز في دور صاحب القصر، ومحمد البلم في دور البروفسور ماراكس، وانتصار الشراح في دور أرملة مارك ليون، وعلى سلطان في دور الجنرال، وصادق الدبيس في دور الفتى.
وبعد هذا المشروع عاد أحمد عبد الحليم إلى مسرح الطفل – خارج المعهد – وأخرج مسرحية (محاكمة علي بابا) للشركة الخليجية للإنتاج الفني، تأليف السيد حافظ وإعداد محمد جابر، وعرضت بمسرح كيفان في 1/ 11/ 1985، وقام بتمثيلها: عبد الرحمن العقل، محمد جابر، هدى حمادة، جمال الردهان، أحمد جوهر، منى عيسى، عبد الناصر درويش، باسم عبد الأمير، عبد الأمير حبيب، خليل فرج، عادل اليحيى، محمد اللامي، سها العجمي، هيام العجمي، غدير العميري، شذى الدوسري، بشاير الدوسري، فجر الحلو، ناجي السليم.
مهاجر بريسبان
في العام التالي اختار أحمد عبد الحليم مسرحية (مهاجر بريسبان)، لتكون مشروع التخرج، وهي من تأليف جورج شحادة، ترجمة أدونيس. والمسرحية ذات موضوع إنساني، كما ذكر أحمد عبد الحليم في برنامجها، قائلا: «المسرحية تتوجه بمعالجتها لقضية إنسانية تتعرى فيها النفس البشرية بكل تناقضاتها». وتدور أحداثها في قرية صقلية، التي يزورها غريب مُسن، يموت قبل أن يتعرف عليه أحد. وبالبحث في متعلقاته نجد أدلة على أنه أنجب سفاحا ولدا في هذه القرية منذ عشرين سنة، من خلال علاقة غير شرعية بإحدى فتيات القرية. وبعد أن جمع ثروة كبيرة عاد إلى القرية؛ كي يعطيها إلى ولده هذا! هنا تقع القرية في إشكالية كبيرة، لأن كل فتاة منذ عشرين سنة هي الآن متزوجة ومعها أولاد، وكل أسرة في القرية متمسكة بالشرف والكرامة! وبالبحث تحوم الشبهات حول ثلاث نساء، ويبدأ الطمع يتغلغل في نفوس أزواجهن، فحاول أحد الأزواج إقناع زوجته بأن تعترف بأنها المقصودة من أجل الحصول على المال، فترفض وتهدده بفضح أمره فيقوم بقتلها. ويظن أهل القرية أنه قتلها دفاعا عن شرفه مع الإقرار بأن المال من نصيبه! فتحدث المفاجأة، ويعلم الجميع أن المهاجر صاحب الثروة أخطأ الطريق إلى القرية المقصودة، وجاء إلى قرية صقلية عن طريق الخطأ!
ومن الكتابات النقدية لهذه المسرحية، ما ذكرته جريدة (القبس) بتاريخ 26/ 5/ 1986، قائلة: «ركز أحمد عبد الحليم في إخراجه على أداء الطلبة، ونجح مع معظمهم، واستطاع أن يشير إلى موهبة اثنين منهم على الأقل، كما استخدم التشكيل بشكل جيد، خاصة في مشهد الحلم الذي تعيشه فتاة صغيرة مع المهاجر في شبابه، كما أحسن استخدام الديكور، البسيط والمعبر». وهذه العبارة تعكس لنا جهود الأستاذ في صناعة الممثل المحترف، وتُشير أيضا إلى اهتمامه بالمشاهد التعبيرية، التي صممها ودرّب الطلاب عليها الدكتور يحيى عبد التواب! وكأن مشروع (مهاجر بريسبان)، هو إعادة للتعاون السابق الذي تم بينهما في أوبريت (حياة فنان)! وأخيرا، نجد الإشارة إلى استخدام الديكور البسيط المعبر، وهو أمر يؤكد على اهتمام أحمد عبد الحليم بأسلوب التجريد في الإخراج.
عُرض هذا المشروع يوم 22/ 5/ 1986، وقام به طلاب البكالوريوس، وهم: صفوت عبد الوهاب الغشم، باسمة عيسى حمادة، محمد جاسم محمد، أحمد قائد شجاع الدين، مبارك شاهين الكواري، حسن محمد حسن رجب، سعيد يوسف بورشيد، فهيمة خزعل منصور، جمال عيسى الردهان، إيمان موسى الشقرة، علي سالم علي سبيت، أنور أحمد عبد الله، علي حسن علي حسين. والجدير بالذكر إن هذا المشروع عُرض – من قبل - في إطار احتفالات الكويت بمرور ربع قرن على استقلالها، وبالتعاون مع اللجنة العليا للاحتفال بالعيد الوطني، وتم العرض بمقر المعهد يوم 4/ 3/ 1986 مع ندوة بعنوان (مسيرة الحركة المسرحية في ربع قرن).
مأساة الحلاج
مع بداية العام الدراسي 86/ 1987 تولى عمادة المعهد د.حسن يعقوب العلي؛ بوصفه أول كويتي يتقلد هذا المنصب! وبالتالي بدأ المعهد مرحلة جديدة، تبعا لتغيير الفكر الأكاديمي! وشرح أحمد عبد الحليم – في كتيب المشروع؛ بوصفه رئيسا لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد – سياسة هذه المرحلة، قائلا: «يحرص قسم التمثيل والإخراج أن يرسم سياسته التعليمية لمادة التخصص في كل عام بما يحقق للطالب الفائدة المثلى، وقد ارتأى القسم هذا العام بأن يقدم عدة مشروعات تطبيقية: منها عرض مسرحي واحد يضم كل الدفعة في عمل جماعي ومكفول له إطار مادي».
هذا العمل الجماعي كان من نصيب أحمد عبد الحليم، وهو مسرحية (مأساة الحلاج) لصلاح عبد الصبور، الذي قُدّم على مسرح الدسمة يوم 19/ 5/ 1987، وقام بتمثيله طلبة البكالوريوس، وهم: حبيب غلوم في دور الحلاج، جمال مطر في دور الشبلي، بسام العثمان في أدوار إبراهيم والمتصوف وابن سريح القاضي، خليل فرج في دور السجان ودور ابن سليمان القاضي، وحيد عبد الصمد في أدوار الأحدب والسجين الأول ومبعوث وزير القصر، أحمد السلمان في أدوار الفقير والسجين الثاني والحاجب في المحكمة، على جمعة في دوري الأعرج وأبو عمر القاضي. بالإضافة إلى طلاب من سنوات النقل، وهم: إبراهيم سالم في دور الواعظ ودور الشرطي والأبرص، يوسف بوهلول في دور التاجر، طارق حمود، شكري عبد القوي، عبد الله عبد العزيز، حسن بخيت، هائل قائد، جواد دشتي، ياسر سيف، أحمد البلوشي، سمير سيف، عبد الله الفارسي، حمد السمكري، علي سالم، ناصر الحبسي، سعود الحبسي، إبراهيم زيد، عمر مكرم، مناضل توم، أحمد الجابري، محمد سالم.
ومن الملاحظ أن هذا العرض، كانت له خصوصية خاصة، بوصفه المشروع المتكامل الجامع لكل الطلاب، والذي يُعدّ التطبيق العملي لتطوير المناهج في ظل إدارة المعهد الجديدة. لذلك كتب نادر القنة – في مجلة «عالم الفن» بتاريخ 1/ 3/ 1987 - مقالة مطولة عن تدريبات العرض – قبل أن يُعرض بشهرين – أبان فيها أن المسرحية تتميز بالرموز والأفكار، وتحتاج إلى قدرات خاصة في طالب التمثيل، وهذه القدرات يستطيع أحمد عبد الحليم إبرازها في طلابه!
وبعد العرض، كتب سامي البأجوري مقالة – في جريدة «الرأي العام» بتاريخ 1/ 6/ 1987 - أشاد فيها بقدرات أحمد عبد الحليم الإخراجية، لا سيما ما قام به من حذف وإضافة بغية تدريب طلابه، وإظهار قدراتهم التمثيلية من جهة، ومن جهة أخرى إثبات أن العرض منسوب فقط لأحمد عبد الحليم بوصفه مخرج العرض، كما أن النص منسوب فقط لصلاح عبد الصبور بوصفه مؤلف النص! كما أشاد بفكرة قيام بعض الطلاب بأكثر من شخصية؛ لأن هذا التنوع أسهم في تفسير النص، كما أراده المخرج، ناهيك باستحسانه بقدرة المخرج في تحريك المجامع، التي وصلت إلى وقوف أكثر من عشرين طالبا على خشبة المسرح! ويُعلق على هذا الأمر، قائلا:
«كانت الحركة المسرحية الجماعية موفقة، وهذا ليس بجديد على أحمد عبد الحليم؛ حيث يعتبر واحدا من القلائل الذين يُشهد لهم بالقدرة على تحريك المجاميع على خشبة المسرح؛ حيث ظهر ذلك من قبل في عروض: سمك عسير الهضم، وسور الصين، ومهاجر بريسبان..... إن قدرة المخرج على تحريك المجاميع، كان مميزا في توظيف الإضاءة؛ حيث الإبقاء على إضاءة الموتيفة باللون الأحمر طوال فترة الصراع الفكري. مع وجود بقعة اللون الأحمر وسط المسرح عند ظهور الصراع المعتمد على قوة السلطة، في مواجهة الحلاج. لنجده يخفي اللون الأحمر عند صلب الحلاج وموته؛ كدليل على نهاية الصراع».
نجاح أحمد عبد الحليم في إشرافه على عرض (مأساة الحلاج)، ارتبط بنجاح الطالب حبيب غلوم، الذي أدى دور (الحلاج)! والذي نال استحسان النقاد، ومنهم عبد المحسن الشمري، الذي قال في جريدة السياسة يوم 24/ 5/ 1987: «اختيار شخصية الحلاج والتي لعبها الطالب الخريج حبيب غلوم نجاح يُضاف إلى نجاح المخرج الذي كشف عن قدرات هذا الشاب الفنية. وطوّعها خير تطويع........ أجاد الممثل الشاب حبيب غلوم في دور الحلاج وكان نجم العمل الأول». وقال عنه سعيد فرحات في جريدة الأنباء في اليوم التالي: «حبيب غلوم الذي لعب دور الحلاج، ووصل إلى قمة الأداء والتأثير....... لقد كان حبيب غلوم في أجل لحظات الاندماج والتألق في التعبير عن الثورة الروحية في الإسلام». وقالت عنه ليلى أحمد في جريدة الوطن في اليوم نفسه: «حبيب غلوم له حضور قوي ومؤثر، فهو مؤد يشبه كثيرا الفنان العالمي أنطوني كوين؛ إذ إن الشخصية لا تكون بعيدة عن حسه العالي، وانفعاله الصادق، وظل طوال فترة العرض محافظا على حيويته وتماسكه وقدرته على الإقناع فهو صاحب المبدأ الذي لا ينهزم».
بعد هذا المشروع مباشرة، أخرج أحمد عبد الحليم – خارج المعهد لمسرح الطفل – مسرحية (عنتر بن شداد) لفرقة المسرح الشعبي، تأليف السيد حافظ وإعداد سامي الفرج، وعُرضت على مسرح الدسمة في مايو 1987. وقام بتمثيلها: أحمد الصالح، إبراهيم الحربي، أحمد جوهر، استقلال أحمد، سمير القلاف، حسين المفيدي، محمد الفهد، سالم العطوان، بلال الشامي، نسيمة طعمة، مروان جوجو، رحاب الدخيل، هاشم بهمن، وليد سراب، عبير سعود، طلال الصالح، خالد جابر، محمد الفودري، أنور الشامي، انتصار ماهر.
باب الفتوح
في عام 1988 أشرف أحمد عبد الحليم على مشروع تخرج طلاب قسم التمثيل والإخراج من خلال مسرحية (باب الفتوح) لمحمود دياب، التي عرضت يوم 15/ 6/ 1988. وبرر أحمد عبد الحليم اختياره لهذه المسرحية؛ بسببين: الأول، مادته الثرية بالنسبة لفن الممثل! بمعنى أن المسرحية فيها مسرح داخل مسرح. والآخر، القضية التي تتبناها المسرحية فنيا، وهي قضية الساعة، أي انتفاضة الحجارة في فلسطين. ومن خلال هذه القضية يقول المؤلف – كما ذكر محمود مرسي في جريدة السياسة بتاريخ 20/ 4/ 1988 - إن صلاح الدين كان قائدا عسكريا بارزا مؤمنا بوطنه، وحقق انتصاراته بقوة السلاح وبحنكته وخبرته وعروبته؛ ولكن يظل السؤال مطروحا: هل سيستمر هذا الانتصار؟ هذه هي القضية المطروحة، التي تتلخص في هذه المقولة: لو أردنا لهذه الأمة أن تعود إلى عظمتها فلا بد أن تتمسك بالسيف وبالكتاب معا. والسيف هنا يرمز إلى القوة، والكتاب يرمز إلى مجموعة القيم التي تمثل دستور الأمة عبر تاريخها وتراثها وآمالها.
وبناء على ما سبق، نجد أحمد عبد الحليم، يعود إلى أعمال – كاتبة المفضل في مصر – محمود دياب لأول مرة في مشاريعه الطلابية في الكويت، ويحنّ – في الوقت نفسه - إلى التجريب المسرحي، حتى ولو في شكله البدائي من خلال (مسرح داخل مسرح)! مع اهتمامه بقضايا الساعة، والمقصود بها قضية (الانتفاضة الفلسطينية)!
وبعد عرض المسرحة، كتب محمود مرسي - في جريدة السياسة بتاريخ 14/ 6/ 1988 - مقالة، أبان فيها دور الطلاب الممثلين، قائلا: «شايع الشايع كشف من خلال دور العجوز أبو الفضل عن نجم واعد، حيث نجح في تلوين طبقات صوته ونبراته، وتحريك ملامح وجهه في براعة وطواعية. إبراهيم سالم نجح في أداء دور الشيخ العماد.. وكشف عن قدرات ساخرة وكوميدية واعدة. عبير الجندي برعت في دور سارة اليهودية، أكثر من براعتها في دور الفتاة في المجموعة المعاصرة. يوسف بوهلول لقى استحسان الجمهور حيث اتقن دور تاجر العبيد ومنح شخصيته بعدا كاريكاتيريا. عبد الله عبد العزيز صوته كان ملائما لدور أسامة بن يعقوب، وكذلك هيئته إلا أنه لم يكن طويل النفس، وبالتالي عمد إلى تقطيع بعض الجمل بصورة تشابهت فيها نبرة صوته، وكان الأجمل لو أنه غيّر جرس صوته من جملة إلى أخرى حسب المضمون النفسي للجملة. رولا الفرا دورها كان قصيرا، لكنها برعت أكثر في مشهد تحديها لسيف الدين سواء في الأداء الصوتي أو التمثيلي. عبد العزيز المسلم كان نموذجا جيدا لقائد الحرس حيث توافقت حركات أعضائه كلها مع طبيعة الدور في مختلف تحولاته. خالد الشطي تاجر الغلال، وصالح الباوي تاجر النفائس أدى كل منهما دوره في حدود ما هو متاح. طارق العلي أدى دور زياد بمستوى جيد، وما زالت لديه قدرات لم يستغلها بعد».
ومن الواضح أن القضية الفلسطينية، كانت مسيطره على عقلية أحمد عبد الحليم واختياراته الفنية! فبعد إخراجه مسرحية (باب الفتوح)، وجدناه يعود إلى الإخراج خارج المعهد، ويخرج مسرحية (موال الأرض) تأليف شهاب محمد، التي عُرضت في يناير 1989 على مسرح كيفان، لإحدى المؤسسات الإنتاجية الفلسطينية. وقام بتمثيلها: عايدة عبد العزيز في دور أم جهاد، ومحمد كنعان في دور الراوي، ومجموعة كبيرة أخرى من بينهم: محمد حسن، حسين أمين، زياد مكوك، هيفاء جورج، صابر يوسف، فلاح ياسين، رقية الخالدي.
الجدير بالذكر إن مسرحية (موال الأرض)، كانت من إنتاج واهتمام ورعاية منظمة التحرير الفلسطينية، التي اختارت أحمد عبد الحليم بالاسم؛ كي يقوم بإخراج هذا العمل! فتم عرض خطاب الترشيح على مجلس إدارة المعهد في جلسة 6/ 10/ 1988، فوافق المجلس، مع التوصية «بضرورة تقديم تقرير عن أي عمل يرغب أي عضو من أعضاء هيئة التدريس المشاركة به، للاطمئنان على المستوى العلمي والفني لهذا العمل، وذلك حرصا على المكانة الأكاديمية للمعهد»، كما ذكرت في كتابي «تاريخ المعهد المسرحي بدولة الكويت».
الفتى مهران
على مسرح الدسمة يوم 12/ 6/ 1989، عرض أحمد عبد الحليم مسرحية (الفتى مهران) تأليف عبد الرحمن الشرقاوي؛ بوصفها مشروع تخرج طلاب بكالوريوس قسم التمثيل والإخراج، الذين قاموا بتمثيله، وهم: جواد علي حسن دشتي، حسن بخيت مليط، خالد عباس علي الشطي، رلي أحمد محمد الفرا، شكري محمد عبد القوي، طارق حمود العلي، عبد الله عبد العزيز علي، محمد عطاس الجفري، هائل قائد الصلوي.
وتدور أحداث المسرحية حول شخصية الفتى مهران الثائر الذي يتزعم مجموعة الفلاحين الثوار المطالبين بالحرية والعدالة والكرامة، والذين يتخذون من تقاليد جماعات الفتوة العربية منهجا لمواجهة بطش الأمير وأعوانه الطغاة، ويأخذون على الأمير قراره بالتوجه لحرب السند والبلاد مهددة بأخطار الغزو، ويطرح المؤلف من خلال نصه هذا السؤال: ماذا يحدث للبطل الثوري إذا انحرف عن مسار الثورة؟ وذلك كنتيجة لتورط مهران في مساومة الأمير وتقديم بعض التنازلات اعتقادا منه بأنه يخدم قضية الشعب بذلك!
ويبرر أحمد عبد الحليم اختياره لهذه المسرحية – بصورة تدريبية تعليمية بحتة في كتيب المشروع - قائلا: «هذه المسرحية تتضمن في الحقيقة شخصيات كثيرة تعطي الفرصة لطلبة البكالوريوس، ولطلبة وطالبات سنوات النقل في الاشتراك عمليا في عرض مسرحي متكامل يؤهلهم للقدرة على مواجهة الجماهير. فضلا عن أن المسرحية تتمتع بلغة شعرية حرة، وتستوعب شخصيات غنية في بنائها الدرامي تساعد الطالب الفنان على تفجير إمكانياته الأدائية والتعبيرية على خشبة المسرح».
بعد مشروع (الفتى مهران)، عاد أحمد عبد الحليم إلى إخراج أحد أعمال مسرح الطفل – خارج المعهد – وهو الأوبريت الغنائي (الطفولة الواعدة) تأليف عبد الأمير عيسى وألحان سليمان الملا، لمهرجان الطفولة الخاص بوزارة التربية، وتم عرضه في يناير 1990.
رسول من قرية تميرة
يعود أحمد عبد الحليم إلى مؤلفات محمود دياب، ويختار منها مسرحية (رسول من قرية تميرة)، بوصفها مشروع تخرج طلاب البكالوريوس، الذين عرضوها يوم 16/ 6/ 1990، وهم: محمد الصلوي، رأفت سعيد عودة، عمر مكرم، حسين علي المفيدي، أحمد الجابري، ياسر سيف، عبد الله صالح، ناصر الحبسي، علي الشيخ. وفكرة المسرحية، تدور حول الحنين إلى الأرض والتمسك بها وبذل الغالي والنفيس في سبيلها! وهذه الفكرة يجب ألا نتعسف في تفسيرها؛ بأنها استشرافا لما سوف يحدث من غزو على الكويت!! بحجة أن العرض تم قبل الغزو بشهرين فقط! ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن مشروع التخرج يتم اختياره مع بداية العام الدراسي، أي في أكتوبر 1989! وهذه الفترة كانت خالية من أي إرهاص سياسي لما سوف يحدث في أغسطس 1990! أما التفسير المناسب لاختيار هذه المسرحية من قبل أحمد عبد الحليم، فيتمثل في قضية فلسطين؛ بوصفها الأرض العربية المحتلة، التي يحنّ إليها الجميع، مع وجوب التمسك بها، وبذل كل غالٍ ونفيس من أجل استعادتها!
يقول أحمد عبد الحليم في كتيب المشروع: «هذه المسرحية تتعامل في موضوعها مع الواقع المعاش.. وشخصياتها تعيش في قرية نائية، وتنبض بالأصالة التي لم تتلوث بغبار المدينة ودخانها وضجيجها.. كما أنها تعيش أزمة على مستويين: الأولى فيها خاصة بهم، والثانية عامة يعيشها الإنسان بشكل عام.. فبالنسبة للثانية لم يجدوا الجواب الشافي فيتفقوا على أن يرسلوا رسولا منهم إلى المدينة للاستفسار عما يدور واستجلاء الأمر. إذ إن الحرب اندلعت مع العدو وتوقفت بعد فترة زمنية قصيرة.. ثم يعود الرسول مرة ثانية إلى قريته حيث أهله وناسه، فهل عاد بالإجابة الشافية أم ماذا؟».

 


سيد علي إسماعيل