اتفرج يا سلام بضائع الباعة الجائلين أحدث عروض مسارح الدولة!

اتفرج يا سلام بضائع الباعة الجائلين أحدث عروض مسارح الدولة!

العدد 621 صدر بتاريخ 22يوليو2019

وجود باعة جائلين في منطقة العتبة أمر ليس بجديد، فمنذ زمن بعيد وهم حاضرون بشكل عشوائي في هذه المنطقة الحيوية، ومؤخرا وصل الأمر إلى استغلال هؤلاء الباعة أسوار وجدران المسارح لعرض بضائعهم، الأمر الذي أثار غضب المسرحيين أكثر، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير أمام مسارح العتبة: المسرح القومي ومسرح الطليعة ومسرح القاهرة للعرائس. هذا فضلا عن اتخاذ كثيرين من سائقي الميكروباص هذه المنطقة موقفا لهم، في عدم احترام لقيمة المسرح والفن والجمال.

قال الفنان أحمد شاكر عبد اللطيف مدير عام المسرح القومي، إن الباعة الجائلين لهم تأثير سلبي وطارد على المسرح بصفه عامة وعلى المسرح القومي بصفة خاصة، وهو الذي سيصبح أثرًا العام القادم نظرًا لمرور مائة عام على إنشائه، وهو ما يجعله جديرا بأن نحترم هذا الحرم وتقديره وتهيئته ليكون مكانًا جاذبًا يسهم في استعادة قوة مصر الناعمة. أضاف أن المسارح أماكن لتقديم الجمال ويعمل على مواجهة ظروف الحياة الشاقة، ومن الظلم أن يرتبط كل ذلك بسوق ملابس وتجارة دون المستوى كما هو الحال في منطقة وسط البلد والعتبة التي تجمع كثيرًا من المسارح.
وأشار عبد اللطيف إلى أن المسارح المهمة في كل دول العالم تكون في وسط البلد ودائمًا تحرص الدولة على أن يصبح المسرح مكانًا جاذبًا للجماهير والضيوف والمارة، غير أننا هنا نفتقد لهذه الثقافة، والدولة المصرية تعمل جاهدة من حين لآخر على إزالة هؤلاء الباعة ولكنهم سرعان ما يعودون ويعود الوضع إلى ما كان، بسبب تقدير هؤلاء الباعة لأهمية الثقافة والفن وقيمة المسرح.
أضاف شاكر عبد اللطيف: من المهم أن نجد لهؤلاء الباعة أماكن بديلة على الفور، حتى وإن كانت أمام المسارح بشرط أن تنظم بشكل حضاري وبالتنسيق مع المسئولين، وعلينا أن نستفيد من خبرات الدول الأخرى التي تهتم بالأوبرا والمسارح القديمة. وأكد أن المسرح القومي يعد من أهم مسارح الشرق الأوسط ويمثل الروح المصرية.

خطر على المسارح
فيما قال المخرج إسلام إمام الذي يجري الآن بروفات العرض المسرحي «المتفائل» بطولة سامح حسين: لا يليق بالمسرح القومي ومسرح الطليعة ومسرح العرائس أن يحيط بهم الباعة والبضائع والميكروباصات، التي تقف أمام المسرح القومي فلا نجد مكانا لنسير فيه. أضاف: هذه الأماكن أصبحت غير آمنة، لذلك لا تجد أي فنانة تذهب إلى هذه المسارح، فهي لا تخلو يوميًا من المضايقات والتجاوزات وشريحة كبيرة من الجمهور أصابها الخوف من الدخول إلى منطقة العتبة بسبب هذه الأمور غير المسئولة. وأكد إمام أن الأمر لم يعد طاردًا فقط للجمهور إنما أصبح طاردًا للفنانات والفنانين وعلى المسئولين التدخل لإزالة هذه المعوقات.
وقال الفنان محمد شافعي مدير دار العرض في مسرح العرائس، إن الباعة موجودون أمام مجمع المسارح: القومي والطليعة والقاهرة للعرائس، وتشارك الدولة ببناء منفذ بيع خاص بها؛ مؤكدة أن الثقافة هي آخر ما يحتاج إلى حماية، وقد غاب عن عقول المسئولين أن الثقافة هي غذاء العقل والوجدان، هي المنهج الذي لو اتبعناه لظهرت مصر بأجمل صورة أمام العالم. أضاف: لم تكن منطقة العتبة بهذا الشكل إلا في القرن العشرين عندما غفلت الدولة عن أهمية الثقافة والفن واهتمت بالاستثمارات وبناء الكباري؛ فتمكن المرض اللعين واستولى على حرمة المسارح واستغل أسوارها لعرض بضائعه، مقابل دفع رسوم إيجار تبلغ أربعة آلاف جنيه في الشهر، كما يقوم بسرقة الكهرباء من الشارع، وكل هذا على مرأى ومسمع من موظفي الحي الذين لا يحركون ساكنا.
تابع: عندما أنشأت الدولة مولاً في المترو لماذا لم تسكن هؤلاء الباعة فيه، أو تنشئ لهم مكانًا آخر وتترك حرم المسارح للفنانين والمهمتين بالمسارح. للأسف وزارة الثقافة لا تستطيع حماية نفسها وقد تركت مسارحها مظلمة لا تستطيع جذب المتفرج من خلال إضاءة بسيطة تدل على أنها لا تزال تقدم عروضا ولم تغلق.
أما المخرج رضا حسنين مخرج عرض الأطفال «محطة مصر» الذي يعرض حاليا على خشبة مسرح القاهره للعرايس، فقال إن هذه المنطقة إذا خلت من الباعة فسيحدث طفرة في إيرادات المسارح واستعادة الجمهور الذي قرر مقاطعة المسرح بسبب هؤلاء الباعة. أضاف حسنين: وعلى الرغم من ذلك فإن مسرح القاهره للعرائس يتمتع بصحة جيدة تجذب جمهوره الكبير.

هل تشارك الدولة بالصمت؟
فيما أشار المخرج شادي الدالي مخرج عرض «شباك مكسور» الذي يعرض على مسرح الطليعة، إلى أن وضع الباعة الجائلين حول المسارح وضع غير مفهوم. أضاف: الشعب من حقه أن يشاهد العروض، ومنذ ما يقرب من العشر سنوات بدأ الباعة الجائلون يتوافدون إلى هذه المنطقة والدولة كانت تقوم بحملات لإزالتهم ثم يعودون وبكثرة، والآن أصبحت منطقة العتبة منطقتهم هم، وليست منطقة لأقدم وأعرق المسارح على مستوى العالم؛ هذا المكان الذي كان يضم مسارح ودار الأوبرا المصرية القديمة وحدائق الأزبكية وكان مكانًا ذا طابع أثرى عريق.
أضاف: المسارح لا تمتلك المساحة الكافية لوضع دعاية للعروض المقدمة عليها بأمر من المحافظة، المحافظة تمنع دعاية المسارح ولا تمنع الباعة والعشوائية؛ نحن لا نلقي التهمة على الباعة الجائلين فقط، إنما على أخلاق هذا الوحش المفترس للثقافة المصرية والدولة لها النصيب الأكبر في هذا، فنحن مع المواطنين في كسب رزقهم ولكن مع مراعاة حقوق الثقافة.
 


شيماء سعيد ومحمود عبد العزيز