حسم أمر تبعية «مسرح بلدية طنطا»

حسم أمر تبعية «مسرح بلدية طنطا»

العدد 522 صدر بتاريخ 28أغسطس2017

ببيان الشاعر أشرف عامر رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الذي أشار فيه إلى أن مسرح طنطا يتبع الهيئة العامة لقصور الثقافة حُسمت قضية تبعية مسرح بلدية طنطا، وقد  نفت د. إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا - عبر تصريح بإحدى الصحف - تلقي أي خطاب رسمي بنقل تبعية مسرح طنطا للأوبرا.
كانت  قد أثيرت خلال الأسبوعين الماضيين قضية تبعية المسرح ، مما استتبع تضامن عدد كبير من المبدعين في شتى محافظات مصر ضد ما وصفوه بقرار نقل تبعية المسرح إلى دار الأوبرا المصرية، وتسميته أوبرا طنطا، خاصة مع تدشين صفحة بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت اسم أوبرا طنطا، الأمر الذي قابله الجميع بالرفض فأصدر رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بيانه، موضحا الموقف الرسمي، و توالت البيانات  الصحفية لمؤتمر أدباء مصر وأدباء الغربية وفرع اتحاد الكتاب بها كما تبنى الوقوف ضد القرار مسرحيو الهيئة العامة لقصور الثقافة،  إدارة ومبدعين.
لم يكد  المسرحيون يحتفلون  بعودة مسرح طنطا للعمل خلال ايام حسبما أعلن الشاعر اشرف عامر رئيس هيئة قصور الثقافة،  حتى تواترت انباء حول  قرار وزاري منتظر بتحويل تبعية المسرح لدار الأوبرا تحت اسم أوبرا طنطا، وكان مبدعو الثقافة الجماهيرية وجماهيرها لا يحظون بخدمة ثقافية لائقة بسبب اغلاق مسرح البلدية الذي شهد عمالقة الابداع المصري ورواده، يصولون ويجولون على خشبته، واحتلال جزء منه بواسطة نقابة المهندسين الفرعية وتحويله لكافيتريا، إضافة إلى دخول قصر طنطا في الترميم ناهيك عن كونه لا يسع الأنشطة ويلجا المسرحيون لقاعات افراح ومسارح مدرسية غير جيدة ولا تليق بالأعمال الفنية التي يقدمونها والتي يستحق جمهور المسرح بالغربية وطنطا أن يشاهدها على مسارح حقيقية.
وقد أثارت  تصريحات نُسبت لوزير الثقافة حول  مطالبة  أكثر من مائة مثقف  بنقل تبعية مسرح طنطا للأوبرا، حفيظة المسرحيين تحديدا،  خاصة وقد  تحولت مسارحهم في عدد من المحافظات لتبعية الأوبرا او صندوق التنمية،  من بينها مسرح الحرية بالإسكندرية بعدما عاش ومات شباب كثر يحلمون بافتتاحه واحتضان خشباته لإبداعاتهم.
لذلك فقد أعلن مسرحيو الثقافة الجماهيرية في بيان طرحوه للتوقيع،  صاغه الفنان حسين راشد، الوقوف ضد تحويل تبعية المسرح للأوبرا، وهو ما تضامن معه المئات،  مناشدين كل من السيد رئيس الجمهورية، و رئيس مجلس رئيس الوزراء، و وزير الثقافة، و السيد اللواء محافظ الغربية، و رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، و مدير عام ثقافة الغربية إلغاء قرار نقل تبعية مسرح طنطا للأوبرا ،  ووصف البيان هذه العملية إن تمت بأنها  تمثل “ تعدي على الموروث الثقافي والحضاري لما يمثله مسرح بلدية طنطا التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة ،  فضلا عن أنه المسرح الوحيد التابع للهيئة في مدينة طنطا عاصمة الغربية والذي يخدم كافة انشطة الثقافة من فرقة الموسيقى العربية و فرقة مسرح قصر ثقافة طنطا والفرقة القومية لمسرح طنطا والعديد من الانشطة التي لا تجد مكانا حقيقيا يجمعها بعدما تم اغلاق المسرح”
وقد تضامن مع ما جاء في البيان عدد كبير من المسرحيين المصريين، كما وقع على البيان   مدير فرع ثقافة الغربية جابر سركيس، وكذلك  مدير عام الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة  د. صبحي السيد معبرا  عن تضامن إرادة المبدعين وجهة الإدارة معاً.
كما عقب البيان حملة توقيعات كبيرة وبيانات  تضامن من جهات ثقافية  أخري، منها بيان   أمانة مؤتمر أدباء مصر  الذي جاء فيه  «تعلن أمانة مؤتمر أدباء مصر رفضها تحويل مسرح طنطا لدار الأوبرا، لما فى هذا القرار من محاولة لتدمير هوية هذا الصرح العظيم، وفيه تعد واضح على مكتسبات أدباء مصر، خاصة وإن هناك توصية من مؤتمر أدباء مصر الذي انعقد بأسيوط عام 2014 بإعادة المسرح الى الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقرار رفضنا هذا ناتج عن الشعور بالمسئولية تجاه أهمية رسالة المسرح الجماهيري الذي سيتم اغتياله بهذا القرار، وأن هذا يعد تعديًا على الموروث الثقافي والحضاري لمدينة طنطا، وأيضا لأن هذا المسرح اعتمد تجديده لحساب الهيئة العامة لقصور الثقافة وبأموال الهيئة التي هي أموال الشعب المصري، فلن نتنازل عن حق هذا الشعب في استمرار تبعية المسرح للثقافة الجماهيرية.”
كذلك  أصدر اتحاد الكتاب فرع وسط الدلتا، في اجتماع  طارئ حضره  الشاعر مختار عيسى نائب رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر وإيهاب الوردانى أمين صندوق الاتحاد والحسينى عبد العاطى رئيس اتحاد الكتاب بوسط الدلتا وعدد من الفنانين والكتاب المهتمين بالحركة الفنية والمسرحية بيانا جاء فيه رفض فرع الاتحاد  القاطع تحويل مسرح طنطا لدار الأوبرا كما جاء  بالبيان “ رفض المشاركون فى الاجتماع الطارئ فكرة تحويل تبعية مسرح طنطا للأوبرا مشيرين إلي خطورة هذا التوجه على الدور المنوط به فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف باعتبار أن الثقافة الجماهيرية والمسرح أحد أهم ركائزها تستوجب تكاتف كل عناصر القوى الناعمة لإنقاذ الوطن من براثن المخابئ والكهوف”.
وأوضح الشاعر سعد عبد الرحمن - رئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق ، عبر حسابه على   الفيس بوك أن المرحلة الأولى لإحلال وتجديد مسرح البلدية تمت عام 2013 -2014 بتكلفة 8 ملايين جنيه، وتكلفت بقية المراحل على مدار ثلاث سنوات ما يقرب من 30 مليون جنيه، واستنكر عبد الرحمن  إهداء المسرح لدار الأوبرا بعد تحمل الثقافة الجماهيرية لتلك الأعباء، وتساءل : أين كانت الأوبرا والمسرح شبه خرابة وتحتل نقابة المهندسين جزءا منه ؟ و هل تحويل المسرح إلى أوبرا سيخدم مختلف فئات المجتمع في محافظة الغربية كما سيكون في حالة استمرار تبعيته لهيئة قصور الثقافة ؟ أم أن فئات معينة هي التي ستستفيد من أنشطته كما في أوبرا دمنهور و الأوبرا الأم بالقاهرة ؟
وناشد الشاعر سعد عبد الرحمن صاحب القرار “بأن يفعل الصواب و يترك المسرح لأصحابه الذين جاهدوا و تعبوا في إعادة تأهيله و لجماهير طنطا خاصة و جماهير الغربية بعامة ، و أن يسعى من يريد أن يسعى لتخصيص قطعة أرض مناسبة لبناء دار أوبرا عليها فهذا هو المنطق و الصواب .”
وحول نشأة مسرح مدينة طنطا يقول السيد إبراهيم جاب الله : مسرح مدينة طنطا تم انشائه قبل 74 عاما وصممه مهندس ايطالي كنموذج مصغر لدار الأوبرا المصرية، و يعد تحفة معمارية نادرة حيث يتكون من ثلاثة طوابق بنظام البناوير وتتميز خشبة مسرحه بالاتساع والزخارف الرائعة وبه ستة مخارج للطوارئ بخلاف المدخل الرئيسي ومزود بوسائل تهوية واضاءة واجهزة انذار للتأمين ضد الحرائق بالإضافة الي شبكة كهرباء فريدة من نوعها قامت بتصميمها احدي الشركات الألمانية وظلت تعمل بكفاءة عالية حتي وقت قريب.
أشار أيضا إلى أن  مسرح طنطا شهد العديد من الأعمال المسرحية العظيمة لكبار الفنانين حيث تألق علي خشبته عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي وأمينة رزق وزكي طليمات وسميحة ايوب وعبد المنعم ابراهيم كما غنت عليه سيدة الغناء العربي ام كلثوم ومحمد فوزي واستضاف العديد من حفلات الموسيقي العربية وفرق الانشاد الديني والفنون الشعبية وكان مثار فخر لأبناء محافظة الغربية وساهم في اثراء الحركة الفنية بمدينة طنطا علي مدار أكثر من نصف قرن.
ولا يزال كثير من المثقفين عامة ، والمسرحيين خاصة ، غير مطمئنين ، يشعرون بأن ما تردد حول نقل تبعية مسرح طنطا إلى الأوبرا هو بالونة اختبار لرد فعل المسرحيين،  ربما تسبق إعصار نقل تبعية الهيئة العامة لقصور الثقافة كلها  للمحليات،  وهو ما يعد أشد فتكا  بالمشروع ، و الأشد خطرا من مجرد نقل تبعية المسرح  للأوبرا . كما يؤكد  المثقفون أن الثقافة الجماهيرية رغم كل مشكلاتها المزمنة تحتاج لجهد وتضامن وليس إلى سياسة البتر و التخلي ، التي ربما تلوح في الأفق .


روفيدة خليفة