«ثورة عزة» على مائدة بتانة الثقافية

«ثورة عزة» على مائدة بتانة الثقافية

العدد 523 صدر بتاريخ 4سبتمبر2017

أقيم السبت الماضى بدار بتانة للنشر ندوة حول مسرحية “ثورة عزة” للكاتبة ندى إمام فى أولى كتاباتها للمسرح وناقش النص الناقد محمد الروبي رئيس تحرير جريدة مسرحنا ود. مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبى بجامعة الزقازيق وأدار النقاش المخرج التلفزيونى وليد السباعى وبحضور الفنان والمخرج السورى جهاد سعد والمخرج عادل زكى والكاتب فتحى سليمان ومجموعة من الكتاب والصحفيين .
بدأت الندوة بترحيب المخرج وليد السباعى بالحضور وبالكاتبة ندا إمام فى أولى تجاربها وبدايتها التى وصفها بأنها بداية قوية للدخول إلى عالم المسرح متمنيا لها المزيد من الإبداعات التى تثرى الحركة المسرحية، وأوضح السباعي أن مسرحية ثورة عزة تدور حول جارية تدعى عزة والتى تباع فى أحد أسواق النخاسة وفي حوار بينها وبين إحدى رفيقاتها نتعرف إليها كشخصية حرة ترفض القيود وتحارب من أجل حريتها وكرامتها
وعلقت الكاتبة ندا إمام قائلة جاءتنى فكرة مسرحية ثورة عزة بعد قراءتى لمجموعة من المسرحيات للكاتب سعد الله ونوس وقد أحببت من خلال قراءتى العصور القديمة وانجذبت لفكرة تقديمها
ثم استهل الناقد محمد الروبى رئيس تحرير جريدة مسرحنا نقاشه حول مسرحية ثورة عزة قائلا: “شيء مبهج لى هو وجود مسرحية جديدة وما يزيد بهجتى هو وجود كاتب يكتب للمسرح لأول مرة والكاتبة ندا إمام لها عدد كبير من المحاولات وتجارب فى كتابة الشعر والرواية وباعتبارى رجل مسرح فالعمل الأول لى فى أى مجال إبداعى (مسرح أو سينما أو كتابة رواية) يستحق الاحتفاء
وأثار الروبي تساؤلا هامًّا عند التجربة الأولى وهو هل هذا المبدع الذى يكتب لأول مرة لديه ملامح الاستمرار فى هذا الوسيط الإبداعى ؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فعلى المبدع أن يعرف كيف يكمل وإذا كانت الإجابة بلا إذن فهذا ليس المجال المناسب له
وأكد الروبي أن الكاتبة ندا إمام مشروع لكاتبة مسرحية وتمنى أن لا تكف عن تقديم أعمال أخرى
وأضاف قائلا أرى أن دخول وسيط إبداعى لأول مرة يعد مغامرة على أكثر من مستوى، ومن خلال رواية عزة نرى أن الكاتبة تختار زمنا مختلفا ومغريا وهو عالم الجوارى، فهو أقرب إلى حكايات ألف ليلة وليلة ولكنه يمثل مأزقا كبيرا فى بعض الأحيان حيث يكون هناك تصور ثابت يتأثر به الكاتب وأضاف قائلا من عنوان المسرحية ثورة عزة يتضح لنا أن الشخصية الرئيسية هى عزة وهى جارية التى تباع فى سوق النخاسة، واسم ثورة عزة وكأنها المحرك لهذه الثورة، ومثلما قالت الكاتبة ندا إمام إن لديها لغة حوار وهذا ما لمسته من خلال كتاباتها للحوارت: أن من الممكن دخولها إلى عالم المسرح ولكن عالم المسرح له شروط بعكس الرواية فالرواية تتميز بمجالها المفتوح فهى تذهب لأجواء وتفاصيل بخلاف المسرح الذى عنوانه الرئيسى “التكثيف “، وهناك مقولة أقولها دائما لكتاب المسرح وهى شعار مهم للمسرح والصحافة وهو “ما يمكن الاستغناء عنه يجب الاستغناء عنه” وهو يعد الباب الملكي لدخول هذا العالم فغير مسموح فى المسرح بتقديم بتفاصيل كثيرة سوى التى ستدفع الحدث إلى الأمام، فقد كانت هناك تفاصيل وحوارات فى مسرحية ثورة عزة أطول مما يجب، فالمسرح صراع سواء كان هذا الصراع صراع شخصيات أو صراع شخصية وقدر أو صراع شخصية وشخصية أخرى “فعنوان المسرح هو الصراع” ولكن فى بداية المسرحية أدخلتنا الكاتبة ندا إمام مباشرة إلى الموضوع من خلال جارية فى سوق النخاسة يتضح لنا أنها قادمة من عالم مستقر إلى مجهول وهى جميلة تباع هى ورفيقاتها ثم يشتريها شاب وهو شخص يتصف بالطبع الطيب ويذهب إلى حرب ما وهى مجهلة وهى حرب تحريرية بينما تظهر فى الأحداث شخصية ابن العم العائد هو شخصية شريرة، إذن هناك عالم أخيار وأشرار والملاحظ بما أنه صراع فيجب أن يحدث توازن (جانب الأبيض والأسود أو جانب الخير والشر ) حتى ينتصر الخير والملمح الأساسى فى صراع مسرحية عزة هى جارية فى زمن رديء به فساد ومؤامرات وخيانات وهناك شخصيات تمثل جانب الخير مثل شخصية محب وعزة وشخصية تحمل طابع الشر مثل شخصية نائل ابن عم محب والحاكم الفاسد وحاشيته وهناك بعض الشخصيات التى لم توجد فى المسرحية وكان من الضرورى أن تتواجد هذه الشخصيات فكان يجب توضيح أن هناك مسألة شخصية وعلاقتها بمسألة أكثر عمومية، وقد أشارت إليها الكاتبة ولكنها كانت إشارات غير كافية، فحتى تقوم الثورات لا بد من صراعات وممهدات ومن أكثر الأشياء التى جذبتى فى مسرحية ثورة عزة أنها تحمل كما من المصادفات التى توصف بأنها ميلودراما وأخيرا أود أن أقول للكاتبة ندا إمام استمرى فى الكتابة لعالم المسرح فاتجاهك الحقيقى هو المسرح وخاصة أنكِ تمتلكين موهبة شعرية فقد جاءت الأشعار فى المسرحية بلغة بنت هذا الزمن وبصوت حديث فقد جعلت عزة تغنى بصوت بنت هذا الزمن وأخيرا اختتم الناقد محمد الروبى حديثه بنصيحة قدمها للكاتبة ندا إمام وهى الاستمرار فى الكتابة، فهى ستزيد من خبراتها عن طريق التراكم المعرفى
بينما عقب الناقد الدكتور مدحت الجيار موضحا بعض الملحوظات قائلا: الحقيقة أنى فوجئت بهذه المسرحية وبندا إمام ككاتبة مسرحية والحقيقة أن ندا إمام استطاعت الدخول إلى تقنية بين المسرح والشعر يطلق عليها “تقنية القناع “ ، كيف يجعل الكاتب أحداث المسرحية قناعا، وأرى أن الكاتبة لم تقصد ذلك فقد بدأت الكاتبة بعصر حددت خصائصة ولكن لم تحدد أين ومتى وهى ثغرة شديدة للغاية فقد كان من المهم تحديد زمان ومكان النص وأضاف قائلا: ظهر بطل المسرحية فى البداية ثم يختفى ويظهر فى نهاية المسرحية وهناك فارق بين خروجه وعودته سنوات طويلة ولكن لم يتم تحديد سبب اختفائة طول هذه السنوات هل كان معتقلا أم قبض عليه إلى أن عاد فى النهاية فكان لا بد من تحديد الزمان والمكان وأضاف هناك خبرات فى الكتابة لا تكتسب بالقراءة ولكنها تكتسب بالكتابة وبالتكرار تتحول نصوص المجربين إلى نصوص نموذجية وأقدم التحية للكاتبة ندا إمام لاستخدمها تقنية القناع ولو أنها حافظت على هذا القناع وقامت بتغذية التفاصيل ستكون مسرحية أخرى وهناك مسألة هامة يجب الالتفات إليها وهى ضرورة المحافظة على تسميات الزمان والمكان والمصطلحات الخاصة بكل زمن وهو كما ذكرت يرجع إلى عدم تحديد الزمان والمكان منذ بداية المسرحية
بينما عقب الفنان والمخرج السورى جهاد سعد معربا عن سعادته قائلا : أود أن أقول إن هذه المناقشة جعلتنى أسترجع فترة دراستى وما كان يحدث من ندوات ومناقشات واحتكاك، فأنا خريج المعهد العالى للفنون المسرحية بالقاهرة، وقد أخرجت ما يقرب من 20 عملا مسرحيا فى العديد من الدول، وأود أن أقول إنها تعد جرأة كبيرة فى هذا العصر اقتحام المسرح، فهناك تساؤل هام يجب أن نطرحه وهو ماذا نستطيع أن نكتب بعد ثورات وانتكسات؟ ماذا يستطيع المسرح أن يقول؟ فنحن نحتاج إلى مسرح جديد.. وأرجو أن يتم الاهتمام بالتجارب المسرحية الجديدة، وأن تلقى كثيرا من الاهتمام والعناية، فكلمة ثورة تعنى (إعادة النهضة) ومن خلال مناقشة مسرحية ثورة عزة نلاحظ أن شخصية الجارية تمثل صرخة للحرية وثورة ضد القيود، فهى جارية حرة فى فكرها وجسدها وهى تعبر عن الحرية، فكل التحية لوجود نص جديد وكاتبة جديدة
بينما عقب المخرج عادل زكى على مسرحية “ثورة عزة” فأوضح قائلا : أقدم التحية والتقدير للحضور ولصمود هذه المؤلفة، فشيء جيد أن تتطرق الكاتبة ندا إمام للمسرح وقد سعدت كثيرا بقراءتى لهذا النص قبل نشره بتسعة أشهر، فأنا سعيد بكتابتها للمسرح بعد أن استطاعت أن تثبت وجودها فى الشعر وحققت نجاحا كبيرا فى كتابة الرواية، فقد تم مناقشة أحد رواياتها فى مسابقة نادى القصة فى إحدى جلسات جامعة اليرموك وحققت نجاحا كبيرا، وما أسعدنى أنها طرقت المسرح فى هذا الوقت بموضوع هام، فهى تتحدث من خلالها مسرحيتها “ثورة عزة “عن الحرية وهو مطلب دائم للمسرح البحث عن الحرية والاستقلال والمطلوب منا كمخرجين أن نعبر عن اللحظة بالشكل الحقيقى، فلا بد أن يقول المسرح كلمته فالواقع المسرحى على مستوى الساحة العربية اعترى المسرحيين فتور كبير وأرى أنه لا يجب أن يكون الفنان سهل الرضا عن الواقع، ولكن يجب أن يغيره, وأرى أن الواقع المسرحى العربى يتطلب مثل هذه الكتابات والأطروحات التى تقدم بشكل مختلف من قبل المخرجين حتى نعبر عن هذه اللحظات الصعبة، وما يميز ندا إمام ككاتبة وأنها تهتم بالإنسان وشخصيته فهى تتمتع بالفهم الرائع لأغوار النفس البشرية وثورة عزة تخرج بثورة على الكتابة التقليدية، على كل ما هو راكد فى حياتنا الفكرية
وأخيرا وجهت الكاتبة ندا إمام الشكر لجميع الحضور متمنية أن تكون مسرحية ثورة عزة نالت إعجاب الحضور، وأن تقدم شيئا للمسرح المصرى


رنا رأفت