كلمات متقاطعة حينما ينتقد الطفل المجتمع

كلمات متقاطعة   حينما ينتقد الطفل المجتمع

العدد 523 صدر بتاريخ 4سبتمبر2017

فى إطار مشروع “ثقافة مدرستى” وهو نتيجة للتعاون المشترك بين فرع ثقافة الجيزة ومديرية التربية والتعليم بالجيزة، قدم العرض المسرحى “كلمات متقاطعة” فى مسرح قصر ثقافة الجيزة، العرض تأليف وإخراج “محمد أسامة”يعتمد العرض على تقنيات “المسرح داخل المسرح “حيث مجموعة من الأطفال ترغب فى الترفية خلال إجازة آخر العام الدراسى، وبدافع من الرغبة فى الترفيه واللعب، يقوم الأطفال بلعبة يمارسون فيها التمثيل عبر حل بعض الكلمات المتقاطعة، الموجودة فى جريدة ما، تبدأ اللعبة على هيئة فوازير، تطرحها واحدة من الأطفال، ثم تبدأ اللوحات التمثيلة عن “الشهادة الدراسية”، والإعلام، وغيرها من اللوحات... أما عن لوحة “الشهادة الدراسية” والتى فيها يتم التطرق إلى مجموعة من المشكلات التى تواجه هؤلاء الأطفال وغيرهم فى المدارس المختلفة، والرغبة المُلحة من قبل الأطفال فى مزاولة النشاط المدرسى،من مسرح وموسيقى، ورسم وغيره من الأنشطة الأخرى، فى مقابل ما يواجهه هؤلاء الأطفال من تعسف فى عدم الاهتمام بالنشاط، ورفض بعض المدرسين له والتهكم عليه، ونعته بالكثير من الصفات التى تنزع عنه السمو والترقى، فالأنشطة المدرسية كثيرا ما تواجه بالازدراء، على اعتبار أنها مضيعة للوقت، فى حين أن هؤلاء الأطفال يشيرون إلى فكرة أن المواد الدراسية ربما تجعل الطالب ينفر من التعليم، نظرا لعدم فهم بعض المدرسين كيفية التعامل مع الطالب وتقديم المحتوى التعليمى الجاذب له، أى أن المحتوى التعليمى مستغلق وغير مفيد أحيانا، ليست مشكلة المدرسين وفقط، بل إنها مشكلة بلد بأكمله يحتاج إلى تطوير التعليم فيه، يلقى المخرج بالضوء أيضا على فكرة الدروس الخصوصية وكيف أنها تستلب حرية الطفل وتعد عِبئًا ثقيلا على الأهل، فهدفها فى الأساس هو الربح لا تحسين المستوى التعليمى للطفل، وإنما تحسين دخل المدرس، قضية التعليم هذه تستحق المناقشة والدراسة، وتجد هؤلاء الأطفال على وعى ودراية بها، لوحة الشهادة الدراسية هذه يقدم فيها المخرج مشهدًا به الكثير من الكوميديا لكنها كوميديا سوداء، حيث يقدم نموذجًا للمتفوق دراسيًّا يهضم حقه،أمام مجتمع الوساطة فيصل إلى مرحلة الشيخوخة دون الحصول على حقه، فى مقابل الاحتفاء بأصحاب الوساطة، مشهد ربما يبدو صادمًا بعض الشيء خصوصا أنه يقدم من خلال مجموعة من الأطفال، نبغى زرع الأمل فى نفوسهم، إلا أنه فى بعض منه حقيقة واقعة علينا مواجهتها، ينتقل بنا المخرج  “محمد أسامة” إلى مشهد عبر فزورة أخرى “عن الميديا والإعلام” حيث يقارن ما بين الإسفاف والرقى، من خلال مجموعة من الأطفال بعضهم يغنى أغنية هادئة وراقية، والبعض الآخر يغنى أغانى المهرجانات، ومن اللافت للنظر هنا أن جمهور المتلقين لهذا العرض قد تفاعلوا مع موسيقى المهرجانات من خلال، التصفيق والاحتفاء بها، وكأن الأذن قد اعتادت سماع الإسفاف ولم تعد تألف الأغانى الراقية، يؤكد المخرج أن المجتمع ربما يتخلص من تلك السلبيات من خلال وحدته، فقد أشار فى النهاية إلى كلمة “وطن”، والتى تبدو مفتاح الهزيمة لكل تردٍّ، وأخيرا يرفع الأطفال بعض اللافتات مكتوبًا عليها أسماء برامج ومسلسلات هادفة من زمن مضى ولم يعد يقدم مثلها الآن، هذا العرض يقدم قضايا يلمسها الصغير والكبير، وأن تقدم من خلال أطفال يدركون ما يقدمون هذا يجعلنا ندرك أن طفل الآن لم يعد هذا الطفل المنغلق على ألعابه الطفولية وإنما أصبح يعى ماحوله، وقادر على انتقاده ولديه المقدرة على التعبير عن رغبته والتى تستحق التقدير، يبدو التعاون واضحًا ما بين الأطفال الممثلين فى هذا العرض، وانتقالهم من لوحة إلى أخرى أمام المتلقى فى سرعة، أكد أن هذا الانتقال لم يكن عسيرًا عليهم بل بسيط سهل التنفيذ، فقد وضح التدريب الجيد لهؤلاء الأطفال على تمثيل أدوارهم والتعاون فيما بينهم، وهذا من مميزات المسرح للأطفال، فهو المكان القادر على تنمية مهارات التواصل مع الآخر والثقة بالنفس، هذا إلى جوار روح التعاون التى بدت سائدة فيما بينهم، مجموعة الأطفال الممثلين فى هذا العرض هم “شادى إبراهيم، أشرف مجدى، مارك يعقوب، مهرائيل عادل، آية يوسف، رودينا محمد، رحمة جابر، شذى إبراهيم، سارة سيف الإسلام، أميرة حسين، ملك أحمد، وقد بدوا جميعا مواهب مُحبة للمسرح  تشع بهجة، العروض المسرحية التى يشارك فيها الأطفال تحتاج جهدًا خاصًّا وكان هذا الجهد بالتعاون ما بين فريق العمل: أ/أميمة إسماعيل، أ/ أسماء الدسوقى، أ/ولاء درويش، أ/مريم رجائى.
 عرض كلمات متقاطعة نموذج جيد لعروض الأطفال التى تحترم عقلية الطفل المُشارك فيها.     


داليا همام