تعليقا على الندوة العلمية بالمهرجان العربي.. عمرو دواره: من استخدموا كلمات المؤامرة وتزييف التاريخ

تعليقا على الندوة العلمية بالمهرجان العربي.. عمرو دواره: من استخدموا كلمات المؤامرة وتزييف التاريخ

العدد 605 صدر بتاريخ 1أبريل2019

عقدت مساء الخميس 21 مارس الحالي  بمركز “أوزوريس للإنتاج الفني والتدريب” ندوة مسرحية بعنوان  المسكوت عنه في حياتنا الثقافية والفنية ، وذلك بحضور عددا من هواة المسرح و نخبة من المتخصصين في مقدمتهم د.وفاء كمالو، د.حسام أبو العلا، عصام عبد الله، والكاتب والإعلامي أيمن الحكيم، والمؤلف العراقى أركان الزيدى والفنان التشكيلي نبيه الصادق، والمخرج المسرحي نور عفيفي.  
في الندوة أثار د.عمرو دوارة الكثير من القضايا الثقافية والفنية منها عدم اهتمام الدولة  بالفنون المسرحية بصفة خاصة وبالثقافة والفنون بصفة عامة، بالرغم من كثرة الشعارات من مثل “ قوتنا الناعمة”  التي تستطيع مواجهة التطرف والإرهاب وغيرها، وأشار إلى أن هناك غياب للمتخصصين في البرامج والفعاليات الفنية، وقد أصبح المثقف  وخاصة الناقد المتخصص  لا سعر له بجميع وسائل الإعلام، سواء بالبرامج الإذاعية والتليفزيونية أو حتى ببعض أنشطة وفعاليات وزارة الثقافة كمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث يستأثر الموظفون بالمكافآت فقط.
كما أشار د. دوراه إلى أن هناك غياب للصفحات المسرحية المتخصصة عن الصحف والمجلات الفنية، حيث سيطرة بعض صغار الصحفيين على تحرير بعض الصفحات الفنية، مع توقف عدد من الدوريات المهمة كمجلات المسرح، آفاق المسرح، تياترو، و الاكتفاء بالنسخة الإلكترونية من جريدة “مسرحنا” .
تحدث د. دوارة أيضا  عما اعتبره الاختيارات العشوائية للقيادات المسرحية والثقافية بصفة عامة، و أسلوب التكليف والإنتداب  دون التعيين طبقا للشروط الوظيفية، حيث قال “إن  هناك ضرورة كبيرة لاجتياز المسئولين الدورات التدريبية وتقديمهم مشروعات فنية للتطوير برؤى مستقبلية، ولكن للأسف يتكرر اختيار بعض الفنانين لإدارة المسارح لم يمارسوا الإدارة من قبل، بل ولم يقفوا على خشبات المسارح كممثلين سوى مرة أو مرتين على الأكثر، بالإضافة الى نجاح بعض أنصاف الموهوبين في الوصول للمناصب القيادية وسعيهم الدائم لمحاصرة وإبعاد كل الموهوبين، ذلك بخلاف حرصهم على الإنفراد بالقرارات وإلغاء المكاتب الفنية ولجان القراءة، مع غياب الخطط المستقبلية واعتمادهم فقط على القرارات الفردية والعشوائية.
كما أشار  د عمرو دوارة إلى  تعاظم عدد الإداريين بمسارح الدولة مقارنة بعدد الفنانين والفنيين فذكر أن  “في الوقت الذي كانت تدار فيه كبرى الفرق الفنية كفرقة “الفنانين المتحدين” و”مسرح الفن” بخمسة أفراد على أقصى تقدير لكل فرقة، أصبح عدد الموظفين بقطاع “البيت الفني للمسرح” سبعة عشر موظفا مقابل كل فنان!! بخلاف أن نسبة المشاركين من الفنانين بالعروض لا تزيد عن 25% على أعلى تقدير” و أشار إلى انتشار ظاهرة تنظيم عدد كبير جدا من الورش الفنية والدورات التدريبية بمبالغ كبيرة، استغلالا لطموحات الشباب من هواة المسرح في تحقيق أحلام الشهرة والنجومية. أضاف: للأسف فإن عدد كبير من القائمين بالتدريب بها يفتقدون للحد الأدنى من الثقافة والمعلومات الأساسية وكذلك لأبسط الأصول والقواعد المهنية والقدرة على التدريب العلمي.
كما شدد د. دوارة على ضرورة الاهتمام بالتوثيق لجميع أنشطتنا الفنية والمسرحية ليس فقط من اجل العودة للماضي وتكريم الرواد ولكن  للنظر للمستقبل والإستفادة من جميع الإنجازات التي قام بها الرواد. وفي هذا الصدد طالب كل من المركز “القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية”، والمركز “القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية” ومكتبة الإسكندرية” وباقي المراكز المتخصصة بالتنسيق فيما بينها لإنقاذ ذاكرتنا المسرحية .
وفيما يخص المهرجانات قال دوارة: “ أنا مؤمن بضرورة أن ندع جميع الزهور تتفتح ومن المفترض أن البقاء والاستمرارية ستكون للأفضل والأجود والأنفع، ولكنني أرى أيضا ضرورة التنسيق فيما بينها سواء على المستوى المحلي أو العربي وذلك ليس فقط بالنسبة لتداخل مواعيد تنظيمها ولكن أيضا في التشابه وتكرار العروض ، والحل الأمثل أن يكون لكل مهرجان هوية محددة يحافظ عليها، فلا داع مثلا أن يحاول المهرجان “القومي للمسرح المصري” أن يتشبه بمهرجان “المسرح العربي” ويقوم باستضافة عروض عربية، أو إهداء المهرجان لدولة أو إمارة وأعترف للأسف بوجود بعض الظواهر السلبية كتكرار الضيوف ببعض المهرجانات، ممن يطلق عليهم “كائنات مهرجانية”.
أضاف:  ولكني أثق أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن تلك الكائنات اللبلابية المتسلقة سوف تسقط فورا أو بعد فترة قصيرة.
وبالنسبة لقضية التأريخ وما أثير مؤخرا حول المهرجان العربي  قال :” أرى أنها أزمة مفتعلة، وكما يقال زوبعة في فنجان، لأن أحدا لا يستطيع أن يقوم بإلغاء تاريخ بدايات المسرح المصري خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. ولكن الخلاف كان فقط حول حقيقة إسهامات الرائد يعقوب صنوع” وهل هو مصري أم إيطالي؟. وبالتالي يكون الخلاف حول محاولات البعض إثبات أن بداية المسرح المصري كانت 1876 (بوصول فرقة سليم النقاش) وليس 1870 وبرغم اقتناعي بوجهة نظر أستاذنا العظيم الراحل د.محمد يوسف نجم بأن البداية الحقيقية كانت بمسرح “يعقوب صنوع” عام 1870، إلا أن هذا اختلاف علمي وارد ويجب أن يناقش بالحجة كما فعلت في مداخلتي (المسجلة على موقع المهرجان)، ولكن للأسف فإن بعض من ألقى الاتهامات جزافا واستخدموا كلمات المؤامرة وتزييف التاريخ وغيرها من الألفاظ !! ومن بينهم لجنة المسرح - لم يحضروا الجلسات ولم يقرأوا الأبحاث ولم يكلفوا أنفسهم مشقة مشاهدة التسجيلات.
وتابع:  أما اختيار فترة زمنية للدراسة فهذا متبع كمنهج بجميع الأبحاث العلمية والأكاديمية، والتوقف عند رأي نقدي لأحد الأعضاء بالقول أن بعض التجارب هي فقط الراسخة أو أن التجارب قبلها لا يطلق عليها صفة المصرية لأن القائمين بتقديمها (من الفنانين الشوام) فبرغم اختلافي معه فإنني أرى ضرورة تفنيد رأيه وبيان اختلاف وجهة نظرنا،  كما فعلت و بإتباع أسلوب موضوعي يليق بنا كباحثين حتى في حالة الاختلاف في وجهات النظر.
وبالنسبة لموسوعة المسرح المصري المصورة،فقال:  فضلت رغم كل الإغراءات طباعتها في “مصر” وبالفعل تعاقدت مع الهيئة المصرية العامة للكتاب” على طباعتها ورقيا وإلكترونيا منذ أكثر من ست سنوات، وحتى الآن لا أعلم سبب عدم طباعتها  برغم اعتراف المسرحيين والمتخصصين بأهميتها، وكذلك جميع المسئولين وفي مقدمتهم الوزيرة الفنانة إيناس عبد الدايم التي وعدت بنشرها في أسرع فرصة خلال هذا العام، وكذلك د.هيثم الحاج علي الذي وعد بظهورها في أفضل صورة وتعويض كل الوقت الضائع”
نجح د. عمرو دوارة في الربط بين عدد كبير من الموضوعات أو بمعنى أدق بين كثير من الهموم الثقافية والفنية بذكاء وحنكة ومهارة  ، ونجح بخبراته الكبيرة كمخرج وناقد ومؤرخ ومنشط ثقافي في الحفاظ على الإيقاع العام للندوة التي كانت فرصة رائعة لإثارة كثير من الأسئلة .
 

 


رنا رأفت