أشرف سند مخرج «أيام صفراء»: أفضل النصوص ذات الطابع العالمي لأنها تستقطب المشاهد في كل مكان

 أشرف سند مخرج «أيام صفراء»: أفضل النصوص ذات الطابع العالمي لأنها تستقطب المشاهد في كل مكان

العدد 603 صدر بتاريخ 18مارس2019

«أيام صفراء» عرض مسرحي قدم على خشبة مسرح الهناجر من إخراج أشرف سند.. يناقش العرض فكرة النزعة الطائفية وما تسببه من معاناة للمجتمعات. كتبته دانيلا يانيتش تجسيدا لواقع تجربتها ومعاناتها مع الحرب وهي طفلة رأت ما حدث من تقلبات في المجتمع اليوغسلافي.
مخرج العرض حاصل على ليسانس آداب عين شمس، بداياته كمخرج كانت في عرض «استريبتيز» من خلال مهرجان نوادي المسرح، وعرض «افعل شيئا يا مت» تأليف عزيز نسين، كما قدم عروضا للأطفال منها «أرض المعرفة». وقدم تجربة لمسرح الشارع بعنوان «تعالوا نحلم»، ومن أهم العروض التي قدمها عرض «ماكبت» ترجمة د هدى وصفي، تأليف يونيسكو إنتاج مسرح الهناجر، و»الخادم الأخرس» لهارولد بنتر إنتاج البيت الفني للمسرح، كما عمل مخرجا منفذا مع المخرج الراحل محمد أبو السعود في مجموعة من أعمالة المسرحية، وشارك في عدة مهرجانات مسرحية عربية ودولية.. حول تجربته الأخيرة «أيام صفراء».. كان لنا معه هذا الحوار.


 - نص «أيام صفراء» كتبته دانيلا يانيتش بين عامي 2005 و2006 لطرح ما عانته من الحرب في يوغسلافيا.. لماذا قدمت هذا النص في هذا التوقيت تحديدا؟
تقديمي للنص جاء بعد أن رشحتني المخرجة عبير علي لقراءة مسرحية بمهرجان المركز الثقافي السويسري، فقدت قراءة مسرحية للنص، وجذبتني فكرته لأنها تتحدث عن قضية مهمة تشغلني موجودة في مصر والوطن العربي والعالم، فقررت أن أعمل على النص بشكل احترافي وأجعله يتلاءم مع المناخ والثقافة المصرية والعربية.. فالموضوع لم يطرح من قبل.

 - «الفن ابن البيئة» وي مجتمعاتنا العربية الكثير من المشكلات والقضايا المهامة بخلاف المجتمعات الأجنبية.. فما رأيك في ذلك؟
من وجهة نظري أن الإبداع في أي مكان ينبع من الثقافة والوعي والقراءة الجيدة.. سواء كانت حالة المجتمع بها رفاهية أو مأساوية، فنحن كمصريين أو عرب نتأثر بالأحداث التي نعيشها وهو ما يعطينا الدافع لأن ننتج ونبدع، فالمعاناة اليومية مع توافر موهبة تحرك عند المبدع الكثير من الأفكار وهو ما يجعله يعبر عن نفسه وعن الآخرين، والمجتمعات في الخارج بها تقدم في السينما والمسرح والكتابة، إذن الأمر لا يتعلق بمكان بعينه أو مجتمع يعنيه ولكن كما سبق وأشرت أن الإبداع في كل مكان.

 - ما الرؤية التي أردت أن تطرحها من خلال العرض؟
دانيلا يانيتش مؤلفة عاصرت الحرب في يوغوسلافيا وعاشت التقلبات والصراعات التي حدثت في مجتمعها نتيجة الفكر الشيوعي.. وبدأت النزاعات بعد ذلك بين المسلمين والصرب بسبب الفتن الطائفية، وما جذنبي للنص هو أنني شعرت أن الكاتبة جزء من القصة. وقد قمت بحذف المسميات التي وضعتها المؤلفة وكانت الفكرة التي تعاملت معها بشكل رئيسي هو الاختلاف مع الآخر أيا كان عرقه أو دينه أو الآيديولوجية التي ينتمي إليها، أتحدث عن الاختلاف الذي يؤدي إلى الاشتباكات والحروب والدمار.

 - شاهدنا «مباراة تمثيلية رائعة» بين أبطال العرض رامي الطمباري ورباب طارق وعابد عناني.. ما السر في ذلك؟
بصفتي مخرجا أتعامل مع العمل المسرحي باعتباره عملا جماعيا، ولا أتعامل بديكتاتورية المخرج، والممثل كيان وجزء مهم في أي عرض مسرحي ولا يمكن تجاهله، وأنا أترك المساحة للممثل مع اتفاق ضمني ألا يخرج عن نطاق رؤيتي. ورامي الطمباري ممثل مهم، من أفضل أبناء جيله، ممثل مسرحي له خصوصيته وأنا سعيد بالعمل معه، وعندما فكرت في تقديم النص كان هو أول من فكرت فيه ليلعب دور الأخ، أما الفنانة رباب طارق فهي ممثلة ماهرة وتعد مفاجأة في هذا العرض، فهي تتمتع بالعزوبة وتمتلك إحساسا عاليا ولديها حضور كبير على خشبة المسرح.
أما عابد عناني فهو من الممثلين الجيدين وسعدت بالعمل معه، فهو لا يقدم عملا إلا إذا كان مقتنعا به وقد أضاف لشخصية الزوج، وهي شخصية صعبة استطاع عابد أداءها بشكل متميز. والحقيقة إن الثلاثة أبطال كانوا ركيزة أساسية في نجاح العرض ولديهم وعي كبير بأداء الشخصيات بمهارة كبيرة.
 - ما أبرز المشكلات التي واجهتها عند تقديمك للنص؟
على الرغم من أن دكتورة نرمين الفايق ترجمت النص من اللغة الألمانية إلى الفصحى كان لدى بعض الصعوبات في طرح النص كدراما، ولجأت لفكرة الإعداد الذي قام به الدكتور عمر توفيق، فقد قمت بتغيير الأسماء وتجريد النص وتبسيط اللغة، بالإضافة إلى ربط المشاهد والأحداث ببعضها البعض.

 - شاهدت كاتبة المسرحية دانيلا يانيتش المسرحية.. كيف كان انطباعها عنها؟
أعجبت بالتجربة وجذبتها عدة أشياء منها الجزء الخاص بالدراما الحركية والممثلين والراقصين الذين كانوا يعبرون عن حالة الحرب وحالة الجثث في المدينة بعد الحرب، وتجسيد حالة العنف عن طريق المباراة، وكذلك شخصية ملك الموت وقد شعرت بالحالة التي أحدثها العرض للجمهور وتواصله بشكل جيد. والحقيقة إن دانيلا على الرغم من صغر سنها فإن لديها إحساسا راقيا وحسا فنيا كبيرا.

 - اعتمد العرض على الصورة.. إلى أي مدى تؤثر الصورة على رؤية المخرج الفنية؟
الصورة المسرحية تعطي خيالا كبيرا، ومن المهم أن يكون لدى المخرج خيال في طرحه للنص، وهذا يعطي ثراء كبيرا للعرض المسرحي، وأنا أميل لفكرة العبث محاولا الخروج من الإطار التقليدي للعرض المسرحي، فعلى سبيل المثال كان لدي فكرة في طرح شخصية ملك الموت فهذه الشخصية تعطي عمقا لشخصية الزوجة كما أن لها معاني أخرى، فهي تعبر عن حالة الحرب والموت، ودائما الزوجة لديها استشعار بالحدث الذي سيقع.

 - ما الذي يميز النصوص التي تدور في اللازمان واللامكان؟ وكيف يساعد ذلك في طرح المخرج لرؤيته؟
أنا بوصفي مخرجا أهتم بالنصوص التي لا تنتمي لمكان أو زمان محددين لأن اللازمان واللامكان يوسع من رقعة جمهور العرض ويمنح العرض لغة عالمية ويساعد في استيعاب الطرح سواء كان المشاهد داخل مصر أو خارجها.

 - قدمت عرض «ماكبت» ليونيسكو وشاركت به في الكثير من المهرجانات.. حدثنا عن تلك التجربة؟
«ماكبت» تجربة مهمة وهي ترجمة الدكتورة هدى وصفي، وأنا ابن من أبنائها ولي الشرف أن أكون أحد تلاميذها. وقع اختياري على النص لأنه يتماشى مع الأحداث الخاصة بالثورة، فالعرض يناقش فكرة الديكتاتورية ممثلة في النظام القديم وكان لي الحظ في المشاركة في مهرجان قرطاج عام 2013 ولاقى العرض استحسان الجمهور التونسي، وكتب النقاد عن العمل بشكل جيد، وشاركت بالعرض في مهرجان فاس الدولي بالمغرب ورشحت لجائزة أفضل مخرج وحصل العمل على جائزة أفضل عمل جماعي.

قدمت عرض «الخادم الأخرس» من إنتاج البيت الفني للمسرح ولكنه لم يستمر سوى 15 يوما فما سبب ذلك؟
هذه التجربة تعد من التجارب المهمة وكنت أتمنى تقديم العرض لمدة أطول ولكن لم تستكمل ليالي العرض ولا أعلم ما السبب في ذلك.

 - ما رأيك في الحركة المسرحية في الفترة الأخيرة؟
هناك حالة نشاط واسعة وعدد كبير من العروض المهمة في البيت الفني للمسرح ومركز الهناجر للفنون ومركز الإبداع الفني، هناك حالة من النشاط والإبداع إضافة إلى عودة مسرح القطاع الخاص.
عرض «أيام صفراء» إنتاج مركز الهناجر للفنون، إشراف الفنان محمد دسوقي مدير المركز، بالتعاون مع المؤسسة الثقافية السويسرية بالقاهرة، بطولة رامي الطمباري، رباب طارق، عابد عناني، أدهم شكر، إنجي مراد، إيمان زهران، سارة إسماعيل، مارينا فيكتور, محمد أبو غيدة. ترجمة نفين فايق، سينوغرافيا فادي فوكيه، تصميم حركة محمد شفيق، تصميم إضاءة محمد عبد المحسن، رؤية موسيقية باهر جمال، أداء صوتي محمد الدسوقي، مخرج منفذ رمضان موسى وهيثم مفيد، مخرج مساعد محمد المنصوري.


رنا رأفت