كيف ينظر إليها المسرحيون معايير اختيار لجان مشاهدة وتحكيم المهرجانات المسرحية

كيف ينظر إليها المسرحيون معايير اختيار لجان مشاهدة وتحكيم المهرجانات المسرحية

العدد 601 صدر بتاريخ 4مارس2019

تقام كل عام الكثير من المهرجانات المسرحية، يختلف أو يُتفق على عروضها وسياسة اختياراتها، ويظل اختيار أعضاء لجنتي المشاهدة والتحكيم يشكل علامة استفهام للبعض، فبين مؤيد للاختيار ومعارض له، يتم استقبال الأمر كل مرة، هذا فضلا عن الاستعانة مؤخرا بأحد المنتجين ضمن لجان التحكيم.. ما هي المعايير التي يجب أن يتم على أساسها اختيار أعضاء لجان التحكيم والمشاهدة؟ حول ذلك سألت «مسرحنا» عددا من المسرحيين..
قال الفنان والمخرج سمير العصفوري:  
إذا كنا نُجمع على أن الحركة المسرحية فقيرة، وليس هناك توجه مسرحي وثقافي فسيكون الناتج الفعلي هو أننا نروج احتفالات بلا إنتاج، وبالتالي حين نقول إن الحركة النقدية فقيرة، فالحوار النقدي ضعيف، وبالتالي المعلومات قليلة والجدل غائب، وبناء عليه يجب ألا نسعد بكثرة المهرجانات وقد أصبح لدينا «أرتكارية مهرجانات»، والنتيجة أننا نتمهرج في كل المهرجانات بالوجوه نفسها!
وأضاف العصفوري: هناك غياب للعناصر الجديدة التي تعطينا جدلا وحوارا، فما هي القاعدة التي تُحكم بها لجان التحكيم، مع فقر الحركة النقدية سنجد أننا محدودون بعدد من الأسماء القادرة على التحكيم ونجد الوجوه نفسها على الموائد نفسها. والمعضلة أنهم ينظرون للمسرح أحيانا كمقاولة بين عناصره المختلفة والمفككة، ما بين الديكور والسينوغرافيا وما بين الميكانيزم أو الآلية، وما بين النص المسرحي باعتباره جسدا مجمدا، ثم الإخراج الذي صار شركة متعاونة يستعين فيها المخرج بكل أصدقائه، وبالتالي فإدارة المهرجان تحكم على عمل مفكك، فكل عنصر يحكم على الجزء الخاص به من ديكور أو تمثيل أو إخراج أو موسيقى، وتحصل المسرحية مثلا على أفضل ديكور ولا تحصل على أي جوائز أخرى، في حين أن ما تعلمناه ويتم التعامل به في العالم كله أن العرض المسرحي جسد متكامل ومن الصعب تفكيكه، ولا يمكن تقديم عمل لتتألق فيه الموسيقى وتسقط بقية المفردات.
وتابع: للأسف نحن مضطرون في لجان التحكيم على جمع زمرة من المتخصصين المتباعدين، كل منهم يدافع عن منصته، وبالتالي قد يُلعن عرض مسرحي لأن أحدهم يرى أن المسرح هو النص، وتلك وجهة نظر قديمة ومنتهية الصلاحية، وآخر يرى أن الموسيقى هي من صنعت العرض، وهذا نوع من المغالاة والتعصب، فإن أردنا تقييم الموضوع علينا التفكير في الإبداع، وحين يوجد الإبداع نحدد شكل العروض وحينها يمكننا التفكير في اللجان ونستعين بمن يعرف المسرح «بالجملة» وليس «بالحتة وتحتيت التحتيت»، فتفكيك المسرحية لعناصر يؤكد تعصب كل منهم لفهمه الشخصي للمسرح.

الأفكار الجديدة وأصحاب التجارب الراسخة!
فيما أكد د. حاتم حافظ أنه من الضروري والطبيعي أن يكون هناك تنوع في التخصصات وتنوع في الذائقة الفنية بالإضافة لتنوع الأجيال، وإن كان من الضروري تخفيض أعمار لجان التحكيم بشكل عام، لأنه ليس من اللائق قيام شيوخ المهنة بالتحكيم في مهرجان الأغلبية العظمى من صناع عروضه من الشباب! أوضح: هذا لا يقلل من أحد لكنه وضع تفرضه قوانين الطبيعة، فأينشتاين – الذي غير فهمنا للعالم قبل أن يُكمل عامه الثلاثين - قال ذات مرة «بعد الأربعين يكون من العسير قبول الأفكار الجديدة»، والعروض الجديدة صناعها من الشباب وبالضرورة هم أصحاب أفكار جديدة ولا يمكن استيعابها من شيوخ المهنة أصحاب التجارب الراسخة، إضافة إلى أني أرى ان السبب الحقيقي لتوقف المسرح المصري عن التجدد هو لجان التحكيم، لأن كل شاب عليه أن يكبح خياله لينال إعجاب لجان التحكيم، فعليه إذا رغب في الاعتراف به أن يصنع فنا يتوافق مع رؤى قديمة، أما لجان المشاهدة فيجب أن تكون على نفس مستوى لجنة التحكيم الفني فعملهما واحد تقريبا وهو اختيار الأفضل، أما فيما يخص مشاركة منتج سينمائي لجنة التحكيم فلا أرى ضرورة لذلك خاصة وأن لجان تحكيم السينما لن يشارك بها مسرحي! المسألة – والجميع يعرف ذلك - تتعلق باكتشاف مواهب جديدة ودفعها للسوق الدرامي، ومسألة كفاءة المُنتج المستعان به من عدمها تتوقف على الاسم نفسه، فهناك منتجون في الفن أفضل من الآخرين.

السائد هو الشللية
فيما استهل المخرج أحمد السيد مدير مسرح أوبرا ملك سابقا، حديثه قائلا:
إن المعايير التي يجب أن يتم بناء عليها اختيار لجان التحكيم أن يُحدد أولا ما هي الإفادة التي أطمح إلى الوصول إليها محليا ودوليا من المهرجان، ثم عنوان المهرجان وشخصيته، واستراتيجية المهرجان، فمثلا في المهرجان التجريبي نطمح للريادة في مجال المسرح التجريبي، وبالتالي نهتم بالمدارس الموجودة في العالم والمتطورة في مجال التجريب، فنستضيف الدول التي لديها ريادة في مجال التجريب، وهنا يصبح هناك استراتيجية للمهرجان يمكن بناء عليها اختيار لجان التحكيم، إذن معايير الاختيار ترتبط بتحقيق الريادة والهدف من المهرجان فأبحث عن المتخصصين للوصول لهدفي، وفي حالة غياب أي من هذه العناصر الثلاثة يتم الاستعانة بأي شلة ولن يحدث فارقا، ولنأخذ دليلا على ذلك ثلاثة مهرجانات أقيمت مؤخرا في القاهرة، وهي: المهرجان القومي للمسرح، والتجريبي، والمهرجان العربي.. فأي منهم لم يحقق الريادة، ولم يكن هناك معايير اختيار تتسق والعنوان غير الموجود من الأساس، وبالتالي نرى الأشخاص أنفسهم المرتبطين بالشلة والمصالح، فالمعايير في مصر والوطن العربي في اختيارات العروض أو لجان التحكيم والمشاهدة مرتبطة بالشللية إلى حد ما.
وأضاف السيد: أما فيما يخص تنوع العناصر أو الأجيال في لجان التحكيم، فطالما لا يوجد معيار فلن يكون هناك فرق، بالتأكيد إن كان الهدف هو تطوير المسرح فسيتم الاختيار من كل تخصص وسيكون ذلك جيدا، وإن كان هدفي إظهار الجديد والمختلف وتقديم أجيال مختلفة فسوف تتنوع الأجيال داخل اللجنة، المنهج الأساسي للاختيار غائب من الأساس، مثلا لدي أزمة في المسرح الراقص هنا تكون استرتيجيتي خلال الثلاث سنوات القادمة هي تطوير المسرح الراقص، وبالتالي تكون المعايير هي الاستعانة بأصحاب الريادة في هذا التخصص وليس أفضل العروض.
تابع: بالنسبة للجان المشاهدة فهي التي تصنع المهرجان ولا تختلف في معاييرها عن لجان التحكيم، لا بد أن تكون على علم باستراتيجية المهرجان، فمثلا إن كان يهتم بالمؤلفين الجدد ولدى اللجنة نص أجنبي ونص مصري جديد واختارت الأجنبي بحجة أنه هو الأفضل كعرض تكون قد خالفت المعيار ودمرت المهرجان لأننا لا نحتاج لعرض أفضل بل لمؤلف جديد.
استطرد: ما يحدث لدينا نوع من التخبط في الاختيارات، أما فكرة وجود مُنتج ضمن لجنة التحكيم فالهدف منه المصلحة بعيدا عن الريادة والاستراتيجية، ولكن يمكن الاستعانه به كنوع من محاولة إعادة الإنتاج المسرحي، هنا يصبح الأمر جيدا وذا هدف.

الاحتكاك بالواقع المسرحي
ويرى د. محمد سمير الخطيب أن من المعايير الأساسية التي يتم وفقها اختيار عضو لجنة التحكيم أن يتسم بالمصداقية، وأن يكون محتكا بأرض الواقع المسرحي بكافة تجاربه الجديدة، وممارسا للمهنة بشكلٍ حقيقي ومتابع لجميع الأنماط خصوصا أننا ببلد إنتاجها المسرحي غزير في شتى أنماط الإنتاج. وفيما يخص تنوع التخصصات داخل اللجنة، قال: بالتأكيد يجب أن تشمل شتى عناصر العمل المسرحي، بالإضافة لتنوع الأجيال لتبادل الخبرات وحتى يكون هناك جدل يساهم في انتعاش المسرح.
وأضاف الخطيب: في ما يتعلق بلجان المشاهدة فالفن لا يقاس بميزان حساس، هناك أذواق - قد تمنح اللجنة المركز الأول لعرض وأخرى تمنحه المركز الثاني - ولنتفق ان الجمال الفني لا يتفق عليه أحد، ولجان المشاهدة يجب ان تخضع لنفس معايير اختيار لجان التحكيم، هناك معيار فكري وأخر جمالي ويوجد من يفضل الجمالي على الفكري والعكس ولكن يجب مراعاة ارتباط المعيارين معا.
وتابع: لا يمكنني الحكم على صحة المعيار الذي اختيرت به اللجان خلال الفترة الماضية فلدينا 22 جامعة و200 جامعة خاصة، بالإضافة للمهرجانات الكبرى ومهرجانات الثقافة الجماهيري، ولكن في العموم البعض لديهم «ألتراس» وإن لم تصعد عروضهم يحدثون بلبلة وتحدث مشكلات، أنا كمحكم يجب ان أحرص على تاريخي ومراعاة ضميري حتى لا يضر الأمر بسمعتي الفنية، وفي النهاية فطالما ارتضيت المثول أمام لجنة فعليك تقبل أحكامها. أما أن تضم اللجنة أحد المنتجين فهو وسيلة جيدة لانتشار المواهب، لأن المسرح ليس له روابط مثل التلفزيون أو السينما ولا يشاهده الملايين ولكن «الشطارة» أن أجذبه لينتج مسرحا.

المصداقية والمتابعة الجيدة
الأمر نفسه ما رآه المخرج شادي الدالي الذي قال: أولا يجب أن يتسم المحكم بالمصداقية، وأن يكون صاحب خبرة كبيرة يعرفها معظم المشتغلين في المجال المسرحي في مصر، بالإضافة لشمول اللجنة على معظم عناصر العرض المسرحي - ديكور وإخراج وتمثيل وسينوغرافيا وموسيقى - بقدر الإمكان، وأن تضم اللجنة خبرات مختلفة من مختلف الأجيال حتى يكون هناك حياديه، بالإضافة لعدم ثبات التوجه بعدم تكرار نفس الأسماء، فهناك غيرهم، أيضا ضرورة البحث عن مالكي الخبرات المختلفة من الخارج سواء بالدراسة أو الثقافة من خلال متابعة المسرح خارج مصر بداية من مسرح الهواة مرورا بالمحترفين، لأن الفن في تطور مستمر وتختلف المناهج والمدارس، فمن يقدم تجربة شابية جديدة أمام لجنة أكاديمية فقد ترى أن أفكاره صادمة فتحكم عليها بمقاييس سلبية.
وأضاف الدالي: هناك استحالة لوضع معايير ثابتة لجميع اللجان، أما عن فكرة ان تضم اللجنة مُنتجا، فللأسف لا يوجد لدينا منتجين مسرح، والسؤال: هل هو منتج ممول أم مثقف ويحب المسرح مثل الأبياري أو بديع خيري أو الريحاني؟! قد يتحمس المنتجين إذا ما شاهدوا المسرح - للإنتاج المسرحي - هنا تصبح الفكرة مقبولة، وأيضا إن كان سيتحدث عن الإنتاج العام للمشروع، فالإنتاج أحد أهم عناصر العمل الفني بشكل عام.
وتابع: تؤدي لجان المشاهدة نفس الدور الذي تقوم به لجان التحكيم ويجب أن تتسم بنفس المعايير ولا تقل أهمية عنها، لكنها تحمل العبء الأكبر، حيث من المفروض أن تختار العروض الأفضل للمشاركة في المهرجان، فيما تختار لجنة التحكيم الأفضل من الأفضل.

تنوع الأجيال
فيما قالت المخرجة منار زين: إن أهم المعايير التي يجب مراعاتها عند اختيار لجان التحكيم هي التخصص بجانب الخبرة، أرى أن الفنانين العاملين بالمجال يمكنهم أن يصبحوا محكمين جيدين بحكم خبراتهم، التخصص هام جدا ومطلوب لكن لا يمكن الاعتماد عليه وحده فلا بد أن يكون متخصصا وممارسا ومحنك بالمجال حتى لايكون الحكم نظري فقط، ولهذا ففكرة أن تتنوع اللجنة بين مراحل عمرية وخبرات وتخصصات مختلفة أفضل شكل للجان التحكيم.
وأضافت زين: أن تضم لجنة التحكيم أحد المنتجين هو نوع من تسويق الممثلين وفتح فرص جديدة أمامهم، لكن ليس له علاقة بالمعايير الفنية التي من المفترض أن تتوفر قي لجان التحكيم، فالفكرة في حد ذاتها تجارية جدا، فعلى أي أساس سيحكم المنتج إلا إذا كان ممارسا للعملية الفنية أو دارسا بعيدا عن كونه منتجا فقط.
واستطردت: تفتقد مصر لمعايير اختيار لجان التحكيم والمشاهدة، وقد صدمت حين علمت بأسماء لجان مشاهدة المهرجان القومي للمسرح ولم أعلم ما المعيار الذي تم الاختيار بناء عليه، وبالتالي كانت النتيجة مشكلات كثيرة، وبالتأكيد لجان المشاهدة هامه جدا مثل لجان التحكيم، بل هي المرحلة الأصعب لأن المشاهدات لا يشاهدها الجميع وبالتالي لا بد من ان تحقق نفس التنوع والاختلاف والتخصص في لجان المشاهدة مثل لجان التحكيم.

تقليعة
فيما أكدت الفنانة والمخرجة المسرحية دعاء طعيمة أن المعايير تختلف باختلاف المهرجان وباختلاف البلد. أضافت: لا يوجد معايير إلا المواءمات.. كأن يرفض البعض إعطاء الجائزة لشخص لمجرد انه حصل عليها العام الماضي أو أنه ممثل دور ثاني فلا يمكن منحة جائزة التمثيل!.. إن مايتم هو الاستعانة بشخصيات مشهورة حتى وإن كانوا من غير المتخصصين، وقليل جدا أن يحدث عكس ذلك، بالإضافة إلى أن الأسماء الكبيرة لا تقبل المشاركة في كثير من الأحيان إلا من كانوا عشاقا للمسرح، أما في ما يتعلق بفكرة تنوع العناصر فمن الجيد أن تتنوع عناصر العمل المسرحي داخل اللجنة من ناقد وصحافي ومخرج وديكور وموسيقى، ولكن لا بد من أن نحرص على اختيار ناقد مسرحي متخصص ولديه الكثير من التجارب والخبرات، أيضا أؤيد أن تضم اللجنة اثنين من المخرجين، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون هناك متخصص في التعبير الحركي، وأن تتسم اللجنة ببعدها عن المجاملات وفكرة تشجيع وإرضاء الجميع، لأن من شجعته دون وجه حق سيعتقد أنه قدم أعظم شيء ويؤسس حياته الفنية على مأقدمه، وهنا أكون قد قضيت عليه.
واستطردت قائله: هناك حرص دائم على وجود كل العناصر ولكن في بعض الأحيان قد ينوب المخرج عن بعض العناصر، لما لديه من خبرة للحكم على كل العناصر.
وتابعت طعيمة: كذلك لا بد أن تضم اللجنة مختلف الأجيال لأنه في بعض الأحيان يقدم الشباب تجارب جديدة قد يصعب على الكبار تقبلها، بالتأكيد هم الأكثر خبرة لكنهم ليسو مطلعين على جديد الشباب، بينما من يقربهم في العمر سيكون على دراية وفهم بما يريدون إيصاله فيشكل حلقة الوصل داخل اللجنة بين الجيلين، واعتقد ان بعض اللجان يتم اختيار أعضاءها من الشباب. أيضا من الضروري الانتباه لعدم الاستعانة بالممثل كونه ممثلا فقط، فقد شاركت في الكثير من لجان التحكيم لمهرجانات داخل مصر وخارجها ومعظمهم يستعين بي لأني ممثلة والبعض لكوني مخرجة مسرح، لكنني في الأساس أحكم كمخرجة مسرح، فحتى يصلح الممثل للتحكيم فلا بد ان يمتلك ثقافة واسعة في شتى العناصر الفنية وألا يحكم بقانون من يشبه طريقته في التمثيل أي من منظوره الشخصي.
أضافت: أما عن فكرة الاستعانه بمنتج داخل اللجنة فقد أصبحت «تقليعه» وإن كان وجوده مفيدا لاكتشاف المواهب كما يفعل د.أشرف ذكي، فيساعد الحاصلين على الجوائز في الحصول على فرصة في السينما والتلفزيون، أما عن لجنة المشاهدة فهي المرحلة الأخطر، لأنها تحمل عبء اختيار العروض، فإما أن تقدم عروضا تليق، أو تخفق وتقدم عروضا تُلعن بسببها، وهي أيضا يجب أن تتسم بالمصداقية والبعد عن المجاملات وفكرة أرضاء الجميع بحجة أن يكون هناك مشارك من كل بلد بغض النظر عن جودة العرض من عدمه.

ابحث عن رؤساء المهرجانات
فيما قال الفنان وعضو اللجنة العليا للمهرجانات محمود الحديني، إنه من المعايير التي يجب الالتزام بها لاختيار عضو اللجان أن يكون لديه خبرة حياتيه فنية وأكاديمية، وأن يكون ملما بقواعد الدراما وحاصل على شهادة أكاديمية وخبرة ثقافية كبيرة بجميع الثقافات ليس المسرح فقط بل بجميع القضايا السياسية والاجتماعية والعلمية، فقد يُحكم لنص سياسي أو علمي، أما عن فكرة تنوع الأجيال داخل اللجنة فلست مؤيدا لها لأنه للأسف يجب أن يكون للشاب بصمات كافية لمنحه عضوية لجنة التحكيم، وتكسبه ثقة زملائه من نفس مرحلته العمرية ممن يشاركون بعروضهم، بحيث لا يكون هدفا للهجوم عليه، يكون قد أخرج عددا من العروض وحصل على جوائز بالإضافة لعدم انتمائه لفكرة الشللية إن توافرت تلك المقومات يكون من الجيد مشاركته.
واستطرد الحديني: إن شكلت اللجنة بأكثر من ثلاثة أعضاء فيفضل أن تضم عددا من عناصر العرض المسرحي من تمثيل وإخراج وسينوغرافيا وموسيقى وناقد مسرحي دارس بقسم النقد، أما إن كانت اللجنة مكونة من ثلاثة أعضاء فيلغي المخرج التمثيل والتأليف لأنه مسؤول عن جميع عناصر العرض وهو من أختارها، وناقد مسرحي وموسيقي أو سينوغرافي، وعليهم جميعا ان يكونوا ذوي خبرات فنية وأكاديمية وثقافة عامة، أما عن لجنة المشاهدات فنظرا لأهميتها فلا بد أن تنطبق عليها نفس المعايير لأنها قد تتسبب في استبعاد أعمالا جيدة.
وتابع: في اللجنة العليا للمهرجانات لا نفرض معايير محدده، ولكن حين تُقدم إلينا الطلبات لإقامة مهرجان ما فنتساءل هل نحن بحاجة لعنوان المهرجان أم هناك بديل له، وهل الحركة المسرحية في حاجة لهذا النوع ويدعم الحركة المسرحية المحلية أم لا؟.
وأخيرا - تابع الحديني - المنوط به اختيار اللجان مسئول أمامنا كفنانين مشاركين في الحركة المسرحية، وأمام الله سبحانه وتعالى، وعليه الابتعاد عن المجاملات والصداقات ووضع معايير محدده، واختيار من تنطبق عليهم تلك المعايير حتى وإن كان يختلف معهم، وفي ما يتعلق بلجان تحكيم الجامعات فيفترض من عميد الكلية أو رئيس الجامعة التواصل مع رئيس أكاديمية الفنون وطلب ترشيح بعض من الدارسين بعيدا عن الاختيارات الفردية – فالنفس البشرية لايمكن السيطرة عليها – وقد تدخل الميول الشخصية في نتيجة اللجان، أما المهرجانات الكبرى فيفترض أنه يتم اختيار رؤسائها بناء على معايير وهي نفسها التي يختارون بناء عليها لجان التحكيم.

معرفة بكل العناصر الأخرى
فيما قال الناقد أحمد خميس: في البداية لجان تحكيم المهرجانات يجب أن تكون من ذوي الخبرات المسرحية الكبيرة ممن مروا بكثير من المهرجانات والممارسات المسرحية الطويلة في مجال تخصصهم، بالإضافة لكون العضو حاصلا على مجموعة من الجوائز ولديه شهادة أكاديمية أو شهادات تدل على أنه مر بتجارب متعددة ومتخصصة، ما يؤكد ان هذا الشخص مؤهل ويستحق عضوية لجنة التحكيم، ويصمم المهرجان بطاقة وصف لكل عضو لضمان طمأنة المشاركين.
وأضاف خميس: من الضروري التنوع في عناصر العرض المسرحي داخل اللجان، فعلى سبيل المثال قد يكون هناك خلافٌ على نص ما أو تجربة مسرحية وهنا يحسمها المتخصص.
واستطرد: أما عن فكرة تنوع الأجيال فقد تناولناها بعد حجب جائزة التأليف في إحدى دورات المهرجان القومي للمسرح، لأن اللجنة لم تنجح في تقييم النصوص المقدمة، كونها تختلف عما ألفه أعضاؤها، فليسوا متابعين للأجيال الجديدة أو الكتابات الجديدة، وبناء عليه طالبنا بضرورة وجود صوت شبابي يدافع عن أفكار الشباب وأطروحاتهم وتلك مسألة هامه، والأهم أن يتم تكوين اللجنة بمنهجية حتى لايكون هناك تشكيك فيها.
وتابع: الاستعانة بمنتج داخل اللجنة، نعم ليس لديهم الخبرات الجمالية، ولكن لديهم خبرات التعامل في السوق، وأن يختار للموهوب الميديا التي تناسبه للحصول على فرص مناسبة في المستقبل.
فيما قال المخرج شاذلي فرح إن أي جهة تشكل لجنة تحكيم تعتمد على مستويين: الأكاديمي من الأساتذة المعنيين بالمسرح أو النقد - بالمعهد أو أقسام المسارح في الجامعات - ومستوى ذوي الخبرات من المخرجين والنقاد. أضاف: نحن نتساءل فقط عن معايير اختيار اللجان.. إنما ما هي معايير النقد نفسها؟ وهل هناك مشكلة في النقد؟
تابع: للأسف جميعنا يعلم أن لدينا مشكلة في النقد ولذلك لدينا أزمة في العروض، نتج عنها تراجع للحركة المسرحية.. من هم النقاد الذين يشار إليهم بأصابع اليد؟ لا يوجد ناقد نجم سوى ناقد واحد أو اثنين. فالناقد في المسرح مظلوم بالنسبة للناقد في أي من الإنتاج الفني المختلف من سينما أو شعر أو رواية، لأنها مصادر يمكن الرجوع إليها وتكرار رؤيتها وقراءتها، بينما المسرح على الهواء، بالإضافة إلى ميول الناقد نفسه.. فان أحضرنا خمسة نقاد فسيختلفون حول العرض، إذ ليس هناك أسس محدده متفق عليها لتقييم العرض.
وتابع: أنا مع تنوع الأجيال داخل اللجان ولكننا في مصر نعاني من صراع الكبار والصغار، فالكبار لن يتقبلوا الصغار والصغار يروا أنه على الكبار الجلوس أسفل الحائط ولا يحترم الصغار تجربة الكبار، ولا يرى الكبار أن الصغار لديهم مشاريع.
أما عن اختياري للجان تحكيم نوادي المسرح فيأتي بناء على متابعة الحركة المسرحية، من خلال المجلات والجرائد التي يكتبوا فيها أو تكتب عنهم، ومن خلال متابعة عملهم، ولا ننسى أن الثقافة الجماهيرية تظل هي المعلم الأول للنقاد لأنها تمنحهم الممارسة، فالبيت الفني لا يُخرج نقادا في حين أننا نفرد مساحة كبيرة للنقاد وعندما نستعين بهم كشباب فنجن نأمل فيهم الخير ونمنحهم الفرصة، ومن يحافظ عليها يستمر ويتطور، لكن يتم كل ذلك بناء على كونه من خريجي الأكاديمية أو الكليات المعنية بالمسرح.


روفيدة خليفة