أعزائى البيض على المسرح بعد السينما والتليفزيون

أعزائى البيض على المسرح بعد السينما والتليفزيون

العدد 596 صدر بتاريخ 28يناير2019

بعد  النجاح الذى حققه فيلم “أعزائى البيض “عندما عرض فى السنيما، تحول الى مسلسل تليفزيونى عرض باسلوب كوميديا الموقف (سيت كوم ) فى حلقات تراوح زمنها بين 21 دقيقة الى 35 دقيقة. و حقق  المسلسل  نجاحا كبيرا ايضا داخل الولايات المتحدة وخارجها ويبدأ قريبا عرض موسمه الثالث.
والآن جاء دور المسرح ليقدم هذا العمل الناجح على خشبته  حيث يتم الإعداد لها حاليا .  ولن تقدم المسرحية  هذه المرة على مسارح برودواى او فى واحدة مراكز المسرح الكبرى فى الولايات المتحدة مثل شيكاغو ولوس انجلوس. سوف تقدم المسرحية فرقة “فرست ستيج”  بمدينة ميلواكى كبرى مدن ولاية ويسكونسن احدى ولايات الوسط الامريكى. وسوف تقدم المسرحية على مسرح مخصص اصلا لمسرحيات الاطفال  بعد اجراء تعديلات ليناسب العمل المسرحى للكبار.
المسرحية مأخوذة عن عمل ادبى بنفس الاسم للاديب الامريكى الاسمر  الشاب جاستين سيمين (36 سنة) وهو ايضا صاحب المعالجة التليفزيونية لقصته.  ويعتقد ايضا أنه سوف يكون صاحب المعالجة المسرحية  او مشاركا فيها على الاقل  لان الفرقة المسرحية التى ستقدمها تتكتم على استعداداتها للعمل المسرحى الذى يبدا تقديمه فى ابريل القادم.
علاقات عرقية
وتعالج القصة العلاقة بين العرقيات والاجناس فى الولايات المتحدة من خلال أربعة  من الطلبة السود فى جامعة  معظم طلبتها من البيض . ولوجود نسبة لابأس بها من المسلمين بين السود هناك تتضمن الشخصيات الاربع شخصية  مسلمة باسم رشيد بكر تم تقديمها للحق بشكل لائق لا يسئ للاسلام او المسلمين وظهر فى بعض المشاهد وهو يصلى. وتركز كل حلقة على احد الطلبة لكن المعالجة المسرحية سوف تأخذ اسلوبا اخر بالطبع.  
ويرى النقاد ان الحلقات التليفزيونية – والفيلم من قبلها- حققا معادلة صعبة وهى تناول قضية حساسة يهرب الكثيرون من مواجهتها باسلوب كوميدى جذاب.  وحاول البعض الهجوم على العمل فزعموا انه يسئ الى البيض ويتهمهم بالعنصرية ويقلل من شأنهم وهى انتقادات لم يلتفت احد اليها.  
وقد شارك فى العمل التليفزيونى عدد ممن شاركوا فى الفيلم السنيمائى . وامتد الامر الى المسرحية حيث سيقوم  ببطولتها جيريمى تاردى وهو نفس الممثل الذى جسد شخصية رشيد بكر فى الحلقات التليفزيونية. وساعد على ذلك انه من ابناء ويسكونسن ومن ابناء ميلواكى على وجه الخصوص.
ويقول تاردى انه اجاد فى شخصية رشيد بكر فى الحلقات التليفزيونية لانه نشأ فى اسرة متواضعة عاشت ظروفا صعبة كمعظم اسر السود فى الولايات المتحدة. وكانت اسرته تعجز احيانا عن سداد فاتورة الكهرباء فيقطع عنها التيار فى شتاء الولاية القارص. واختار  تاردى تجسيد شخصية رشيد بكر لانه يرتبط بعلاقة ودية  بعلاقة ودية مع العديد من اسر المسلمين السود فى ولايات امريكية عديدة ويعرف عاداتها جيدا  ويمكنه تجسيد الشخصية جيدا. كما انه قرا بعض الكتب عن الدين الاسلامى بما ساعده على تجسيد الشخصية. وسوف يجسد نفس الشخصية فى العمل المسرحى وان كان لا يستطيع تحديد ذلك فى الوقت الحالى. وهو عموما ليس جديدا على العمل المسرحى. فقد بدأ التمثيل مع ذات الفرقة المسرحية منذ كان طفلا فى الثانية عشرة من عمره وقدم معها حتى الان 15 عملا مسرحيا. وفاز بأول جائزة عن ادائه المسرحى فى سن 17 .
ويبلغ تاردى من العمر 29 عاما. وهو يمارس التمثيل منذ كان فى الثانية عشرة من عمره. كما يعتز بانه تدرب فى المدرسة التى تقيمها الفرقة. وتدرب فى هذه المدرسة على الاستفادة من صوته المعبر وعلى تمثيل الشخصيات التى لا يتفق معها بشكل حيادى.
ربع ساعة حدادا على بطلة هالو دولى
جسدت الشخصية حتى الرابعة والسبعين
فى وقت واحد اطفأت كل مسارح برودواى انوارها واوقفت عروضها لمدة ربع ساعة .وكان ذلك حدادا على نجمة المسرح الاميركى “كارول شاننج “ التى رحلت الى  العالم الاخر قبل ايام من اتمام عامها الثامن والتسعين ...وهو نفس السن الذى رحلت عنه والدتها   قبل 33 عاما.
كانت شاننج مغنية وراقصة وممثلة كوميدية لا يشق لها غبار ولها اعمال متعددة فى السنيما وفى التليفزيون وحتى فى الاذاعة حيث كانت معروفة بين الامريكيين بلهجتها “اللدغاء “ وقدرتها على تلوين صوتها  التى كانت تثير اعجاب عدد كبير من الامريكيين. وساعدها طول قامتها فى تجسيد العديد من الشخصيات. لكن بصمتها الحقيقية كانت فى عالم المسرح.
وكان من المفارقات ان يكون يوم وفاتها هو نفس اليوم الذى قدمت فيه قبل 55 عاما  العرض الاول اشهر مسرحياتها التى كانت فى الوقت نفسه من اشهر المسرحيات فى تاريخ المسرح الامريكى وهى “هالو دولى” التى تعد من انجح المسرحيات فى تاريخ المسرح الامريكى.
الاسم هو الحل
 والمسرحية من تأليف الكاتب والاديب المسرحى الامريكى ثورنتون وايلدر (1897 – 1975) والتى كتبها فى عام 1935 وتم تمثيلها بالفعل بإسمها الاصلى” تاجر يونكرز” ثم بعد ذلك باسم “الخاطبة” ولم تحقق المسرحية النجاح المأمول فى الحالتين .  وقدمتها شاننج التى كانت تظهر فى اعمالها دائما بباروكة ذات لون بلاتينى  تحت اسم “هالو دولى” فى معالجة مسرحية  موسيقية مبتكرة كتبها وكتب اغانيها ووضع موسيقاها جيرى هيرمان (88 سنة حاليا).  
وكان ذلك بداية لنجاح ساحق حققته المسرحية حتى ان شاننج نفسها قامت ببطولتها لمدة 4500 ليلة عرض  وفى تقديرات اخرى لاكثر من خمسة الاف ليلة.
وتدور المسرحية حول رجل اعمال  توفيت زوجته ويسعى الى الزواج ويكلف احدى الخاطبات –التى قامت بدورها شاننج –بالبحث عن عروس له . وبعد عدة محاولات فاشلة يتزوج الخاطبة نفسها بعد ان يتنبه الى مواطن الجمال الداخلية والخارجية فيها. وظلت شاننج تجسد الشخصية على فترات متقطعة حتى بعد ان تجاوزت الستين وبلغت الرابعة والسبعين . ولم يقلل تقدمها فى السن من الاقبال على مشاهدة عروض المسرحية حتى قال عنها احد النقاد انها سحرت جمهور المسرح. وقد فازت عنها بجائزة افضل ممثلة مسرحية فى مسرحية موسيقية فى جوائز تونى فى نفس العام. كما حصلت على جائزة تقدير خاصة من جوائز تونى عن مجمل اعمالها عامي 1968 و1995. وحصلت على جائزة تقدير اخرى فى ذكرى مرور خمسين عاما على بدء عرض المسرحية فى 2014 .وكان بعض خصومها يقولون انها تجذب المشاهدين بشعرها البلاتينى وما ترتديه من مجوهرات وثوبها القرمزى. لكنها اثبتت ان اداءها اروع من ذلك.
بعد النجاح
وادى نجاح المسرحي الى انتاجها فى عدد من المدن الامريكية وخارج الولايات المتحدة – ومنها مصر -  بواسطة فرق مسرحية مختلفة  .وتحولت الى فيلم عام 1969.
ولم تكن هالو دولى المسرحية الوحيدة التى اشتهرت بها شاننج بل تالقت فى مسرحيات اخرى لكنها لم تحقق نجاح هالو دولى جماهيريا او نقديا . ومن هذه المسرحيات “الرجال يفضلون الشقروات “ التى قدمتها عام 1949 ولعبت فيه دور الفتاة الحسناء لوريلى وغنت اغنيتها الشهيرة “المجوهرات افضل صديق للفتاة”. وظهرت ايضا فى مسرحيات عديدة مثل المدينة العجيبة ومصاص الدماء وفتاة الاستعراض.
وظلت تمثل بنفس النشاط والاجادة  دون ان يشعر احد بانها اصيبت بضعف بصرها. ووصفتها مجلة تايم بأنها من افضل الممثلات الكوميديات فى تاريخ المسرح الامريكى.   
وبالطبع لم يكن المسرح مجال ابداعها الوحيد حيث فازت بعدة جوائز عن ادوارها السنيمائية مثل دورها فى فيلم  أول بائعة متجولة(1956 ) وفيلم “ميلى المعاصرة “(1967 ) و”سكيدو “ فى العام التالى. وقد رشحت لعدة جوائز اوسكار لكنها لم تفز باى منها. وفازت بعدة جوائز عن اعمالها التليفزيونية مثل اليس فى بلاد العجائب.
وكانت تعتز بان امها من اب اسود وام بيضاء وبان اباها من اصل المانى. وتعتز ايضا بانها عملت فى اعمال عديدة منها عاملة فى مخبز للانفاق على دراستها ولم تعتمد على ابيها الذى كان صحفيا بارزا فى ولاية واشنطن. ومن الطرائف التى عرفت بها فى حياتها انها كانت ترفض تناول الطعام فى المطاعم. واذا دعيت الى مطعم كانت تأخذ طعامها معها.


ترجمة هشام عبد الرءوف